أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - حمودة إسماعيلي - المتأخرات زواجيا : لعنة اختيار أم حظ عاثر ؟















المزيد.....

المتأخرات زواجيا : لعنة اختيار أم حظ عاثر ؟


حمودة إسماعيلي

الحوار المتمدن-العدد: 3991 - 2013 / 2 / 2 - 17:47
المحور: حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
    


ضمن الدول الشرقية في غالبيتها عموما و الدول العربية خصوصا، إذا تجاوزت المرأة 35 سنة كحد أقصى دون زواج، يعتبر الأمر مشكلة يلزم حلها، حسب الأعراف السائدة والتقاليد التي تساهم في تشكيل ثقافة هذه المجتمعات .

تختلف نظرة هذه المجتمعات للمرأة المتأخرة زواجيا عن الرجل المشابه لها، ويعود الأمر في ذلك للنظام الذكوري الذي يتيح لهذا الأخير امتيازات لايتيحها للمرأة، فتأخر الرجل زواجيا لا يعيبه في شيء، بينما المرأة لا يمكن أن تفلت من نظرات الدونية والشفقة، وحتى لو اختارت هذه الأخيرة عدم الزواج لقناعاتها الخاصة، توصم مباشرة بالبغاء والانحراف أو يتم تشخيصها بمرض عقلي !!.
تُساعد على ذلك أيضا الأيديولوجية المترسخة في العقل العربي والتي تحدد وجود المرأة في الزواج والإنجاب، زيادة عن الدور السلبي الذي ترسمه لها وهو الجلوس وانتظار طلب الرجل، حتى تُكمل مهمتها بتقديم المتعة والسهر على خدمته، وإن حاولت هي المبادرة بطلب الزواج فالأمر يعتبر وقاحة تُخل بالنظام المجتمعي وتضرب بالقيم الأخلاقية أرضا، مع العلم أن أشهر شخصية عربية بل ومن أشهر الشخصيات التاريخية قامت بخطبته امرأة، بمعنى أنها هي من بادر بطلب الزواج، والشخصية هنا هو نبي الإسلام، زيادة على أنه المساهم في تجديد وتأسيس الكثير من الأمور المتعلقة بشرائع وقوانين المجتمع العربي، نقرأ على لسان ماحكته خادمة هذه السيدة : "كانت خديجة امرأة حازمة جلدة شريفة.. فأرسلتني دسيساً إلى محمد بعد أن رجع في عيرها من الشام، فقلت: يا محمد، ما يمنعك أن تتزوج؟ فقال: "ما بيدي ما أتزوج به"، قالت: فإن كفيت ذلك، ودعيت إلى المال، والجمال، والشرف، والكفاءة، ألا تجيب؟ قال: "فمن هي"؟ قالت: قلت: خديجة، قال: "وكيف لي بذلك"؟ قالت: قلت: علي، قال: "فأنا أفعل"، فأعلمت خديجة أهلها"(1)، نرى هنا مارأته الشاعرة أنه "ليس في الأمر انتقاص للرجولة، غير أن الرجل الشرقي لا يرضى بدورغير أدوار البطولة"(2).

رغم أن الكثير من العوامل الاجتماعية، والاقتصادية، والثقافية، والجينية، سواء متداخلة أو منفصلة تساهم في تأخير الزواج، نلاحظ أنه ضمن نفس الظروف، امرأة تتزوج وأخرى لا، ما يدل على أن العوامل النفسية تلعب الدور الأكبر في ذلك.

بحسب النظرة الشعبية تعتبر المرأة المتأخرة زواجيا، امرأة ناقصة، هي والعاقر والمطلقة نماذج عن زيجات فاشلة، الأمر الذي يولد ضغوطا نفسية، بالإخص للمتأخرات زواجيا اللاتي لم يعشن التجربة أصلا، ف"يحاولن التوافق في ظل الظروف الراهنة بأن يلجأن إلى الحيل الدفاعية كالتبرير" واللامبالاة أو "الظهور في الحفلات والمناسبات العائلية، وتكوين علاقات أو صداقات عائلية، أو محاولة الانتساب إلى إحدى الكليات للحصول على مؤهل عالٍ، أو عمل دراسات عليا، أو الاستغراق في البحث العلمي، أو محاولة الخروج إلى العمل، أو محاولة ارتداء ما يلفت انتباه الشباب إليهن، أو تعلم بعض اللغات الأجنبية في المراكز والمؤسسات الراقية؛ لمحاولة الاحتكاك بالشباب، فربما يجدن في هذا الاحتكاك تحقيقاً لهدفهن في الفوز بعريس.. أو محاولة الاهتمام بصحتهن، والبحث عن طرق للعلاج سواء لنقص الوزن أو زيادته، أو الذهاب إلى بعض أطباء التجميل لمحاولة إجراء بعض العمليات الجراحية، سواء بتصغير الأنف، أو الثدي أو العكس.. والاشتراك في بعض الأنشطة المجتمعية والدينية كالاشتراك في أحد الأحزاب أو النوادي أو الجمعيات الخيرية، أو محاولة السفر إلى بعض الدول في رحلات للتنزه مع أفراد الأسرة، وفي بعض الأحيان مع مجموعة صديقات"(3)، زيادة عن التنازل عن عدة شروط سابقة كانت متطلبة في الشريك المستقبلي، الأمور التي تعتبر سواء عن طريق الوعي أو اللاوعي، طرق لحل المعضلة بتوفير فرصة للحصول على زوج.

قد يتم تفسير سبب تأخر الزواج بنسبة لبعض النساء بالحظ العاثر أو بالسحر والعمل الشيطاني، ما يدفعهن لطرق أبواب المشعودين والعطارين لطرد اللعنة، أو لطلب تدخّل قوى خارقة لحل المشكل، الأمر الذي يكشف عن عجز شديد لتغيير الواقع، لكن "القدر الذي يشكون منه ومجرى الحياة الواحد منهم ـ في الجانب الأكبر منه ـ لم ترسمه الأحداث الخارجية بقدر مارسموه هم لأنفسهم"(4)، أو بتعبير أوضح "أن ما نسميه قدرا، يخرج من الانسان ولا يداهمه من الخارج"(5) .

لن تُعالَج مسألة المتأخرات زواجيا بتقديم حلول اقتصادية كما يشير البعض، بل بتغيير نظرة المجتمع السلبية للمرأة وإعادة تشكيل مفاهيم ثقافية تلائم العصر، فهناك "أشياء كثيرة لم تتغير في الثقافة العربية منذ الجاهلية إلى اليوم، تشكل في مجموعها ثوابت هذه الثقافة وتؤسس بالتالي بنية العقل الذي ينتمي إليها : العقل العربي"(6). كي لا تظل المعنية بالامر تردد في نفسها :

متى يأتي ترى بطلي لقد خبأت في صدري له ، زوجا من الحجل

وقد خبأت في ثغري له ، كوزا من العسل متى يأتي على فرس له ، مجدولة الخصل

ليخطفني ليكسر باب معتقلي فمنذ طفولتي وأنا أمد على شبابيكي حبال الشوق والأمل

واجدل شعري الذهبي كي يصعد على خصلاته .. بطلي

يروعني .. شحوب شقيقتي الكبرى هي الأخرى تعاني ما أعانيه تعيش الساعة الصفرا

تعاني عقده سوداء تعصر قلبها عصرا قطار الحسن مر بها ولم يترك سوى الذكرى

ولم يترك من النهدين إلا الليف والقشرا لقد بدأت سفينتها تغوص .. وتلمس القعرا

أراقبها وقد جلست بركن ، تصلح الشعرا تصففه .. وتخربه وترسل زفرة حرى

تلوب .. تلوب .. في الردهات مثل ذبابة حيرى وتقبح في محارتها كنهر .. لم يجد مجرى

سأكتب عن صديقاتي فقصه كل واحده أرى فيها .. أرى ذاتي ومأساة كمأساتي(7)
ـــــــــــــــــــــــــــ
هوامش :

1 : محمد أبو شهبة - السيرة النبوية في ضوء القرآن والسنة ج1، دار القلم دمشق ـ ص220
2 : سعاد الصباح - قصيدة كن صديقي : ديوان فتافيت امرأة، دار سعاد الصباح للنشر والتوزيع الكويت ط2 ـ 1989م
3 : دراسة منشورة عن الضغوط النفسية لدى الفتيات المتأخرات زواجياً في البيئة السعودية و البيئة المصرية، صباح الرفاعي و شاهين رسلان 2007م
4 : فرويد - ما فوق مبدأ اللذة، ترجمة إسحاق رمزي، دار المعارف ط5 ـ ص45
5 : راينر ماريا ريلكه - رسالة الى شاعر شاب 4/11/1904م، ترجمة شهاب بوهاني ـ موقع المسيرة الإلكتروني
6 : محمد عابد الجابري - نقد العقل العربي(1) : تكوين العقل العربي، مركز دراسات الوحدة العربية بيروت ط10 ـ ص39
7 : نزار قباني - قصيدة يوميات امرأة ـ موقع أدب.. الموسوعية العالمية للشعر



#حمودة_إسماعيلي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سيكولوجية المومس


المزيد.....




- السعودية.. امرأة تظهر بفيديو -ذي مضامين جنسية- والأمن العام ...
- شركة “نستلة” تتعمّد تسميم أطفال الدول الفقيرة
- عداد جرائم قتل النساء والفتيات من 13 إلى 19 نيسان/ أبريل
- “مشروع نور”.. النظام الإيراني يجدد حملات القمع الذكورية
- وناسه رجعت من تاني.. تردد قناة وناسه الجديد 2024 بجودة عالية ...
- الاحتلال يعتقل النسوية والأكاديمية الفلسطينية نادرة شلهوب كي ...
- ريموند دو لاروش امرأة حطمت الحواجز في عالم الطيران
- انضموا لمريم في رحلتها لاكتشاف المتعة، شوفوا الفيديو كامل عل ...
- حوار مع الرفيق أنور ياسين مسؤول ملف الأسرى باللجنة المركزية ...
- ملكة جمال الذكاء الاصطناعي…أول مسابقة للجمال من صنع الكمبيوت ...


المزيد.....

- بعد عقدين من التغيير.. المرأة أسيرة السلطة ألذكورية / حنان سالم
- قرنٌ على ميلاد النسوية في العراق: وكأننا في أول الطريق / بلسم مصطفى
- مشاركة النساء والفتيات في الشأن العام دراسة إستطلاعية / رابطة المرأة العراقية
- اضطهاد النساء مقاربة نقدية / رضا الظاهر
- تأثير جائحة كورونا في الواقع الاقتصادي والاجتماعي والنفسي لل ... / رابطة المرأة العراقية
- وضع النساء في منطقتنا وآفاق التحرر، المنظور الماركسي ضد المن ... / أنس رحيمي
- الطريق الطويل نحو التحرّر: الأرشفة وصناعة التاريخ ومكانة الم ... / سلمى وجيران
- المخيال النسوي المعادي للاستعمار: نضالات الماضي ومآلات المست ... / ألينا ساجد
- اوضاع النساء والحراك النسوي العراقي من 2003-2019 / طيبة علي
- الانتفاضات العربية من رؤية جندرية[1] / إلهام مانع


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - حمودة إسماعيلي - المتأخرات زواجيا : لعنة اختيار أم حظ عاثر ؟