أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - حمودة إسماعيلي - سيكولوجية الجيغولو أو دعارة الرجال














المزيد.....

سيكولوجية الجيغولو أو دعارة الرجال


حمودة إسماعيلي

الحوار المتمدن-العدد: 3994 - 2013 / 2 / 5 - 21:51
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


الرجل بمفهوم الإنسان العربي إشارة لقيم النبل والشهامة أكثر منها تعبير يحدد نوع جِنس بشري بالغ، فامتهان الرجل للبغاء وتحويل جسده لسلعة تُقدم لإمتاع الزبناء بمقابل مادي، معناه محو الصفات الرجولية عنه من طرف المجتمع الذي ينتمي إليه ويعيش ضمنه، وتصنيفه مع الشواذ الجنسيين أو بتعبير أصح المثليين، ضمن خانة أشباه الرجال.

الجيغولو هو "الرجل الشاب الذي يعشق امرأة تكبره سنا بغرض الإنفاق عليه"(1)، أي أن مايدفعه للقيام بذلك هو ضعف الدخل المادي أو انعدامه، فيبرز من ذلك أن أهم العوامل المسببة بعد العامل النفسي طبعا، هو العامل الاقتصادي، وغالبا ما يتعلق الأمر بالبطالة.

في ظل مجتمع استهلاكي يبارك الربح السريع، يجد بعض الرجال في امتهان البغاء أقرب وسيلة للتحقيق دخل مادي، تساعدهم في ذلك أيديولوجيات النظام الذكوري الذي ينظر لجسد المرأة نظرة مغايرة لجسد الرجل، فهذا الأخير هنا "لا يعيبه شيء" حسب المأثور الشعبي، فحرمة الجسد وشرفه أمور منفصلة عنه متعلقة بأقاربه من الإناث كامتداد سلطوي، ما يدفع كل ممتهن لتبرير تصرفه بفكرة "أنت الرجل، أتخاف على شرفك؟ أنت الرجل.. أتفهم مامعنى الرجل؟ لن يعيب عليك أحد، أنت تعطي المتعة وتستمتع بدورك، وتتقاضى أجرا لا يستهان به"(2)، كتعويض عن إحساسه بالمهانة والدونية، نظرا لإدراكه أن الثقافة العربية ترى أنه "يجدر بالرجل أن يحتفظ بهيبته وسلطانه، فإن الرجولة هي مهابة في المقام الأول"، ومن "قوام المهابة : أن لا تهون عند المرء نفسه.. ومتى فقدت المهابة فقدت الرجولة"(3)، الأمر الذي يعني أنه "فقد رجولته عند المرأة. وعندها لاتعود تقيم له اعتبارا"(4) ما يحوّله لمجرد أذات لتفريغ التوتر الجنسي عند نساء تملكيات يعانين من نقص عاطفي يحاولن الهروب من شبح الشيخوخة بشراء "علاقات تمنحهم الإحساس بنوع من الحيوية وتجديد الدماء" كأنها تقول لنفسها "مادام باستطاعتي ربط علاقة مع شاب فأنا شابة أيضا"(5)، وكحيلة دفاعية يسعون فيها للانتقام من الزوج بسبب اهماله العاطفي والجنسي، يتم توهيم الذات أنها لازالت محبوبة ومرغوبة، زيادة عن استغلال ماله بتبذيره على هذه الأمور.
ومادامت العلاقة هنا بين " شخصين منجذبين إلى بعضهما البعض على أسس جنسية خالصة، أي حيث يظل الجنس في حد ذاته هو الرابطة" فأن "الجنس أقل الأمور دواما، وأقل الأمور ربطا" لأن "ماله الثأثير الهائل إنما هو الرابطة العاطفية"(6) التي تلزم لتحقيق المتعة والإشباع، وقد سبق وبينا ذلك في موضوع سابق معنون ب"سيكولوجية المومس"، مايجعل هؤلاء النساء يدخلن في حلقة مفرغة بالبحث عن إشباع لملأ الفراغ العاطفي والتخلص من الاحساس بالاغتراب في كل رجل تتفوق عليه ماديا ومستعد لتقديم خدماته الجنسية بمقابل سخي هو الآخر، ومايفوتها هنا أنها تشتري أجهزتهم التناسلية لا مشاعرهم الإنسانية، فالرجل بدوره هنا ينتقم من المجتمع الذي لم يضمن له فرصة عمل محترم (حسب مفهومه)، بسلب أموال هؤلاء النسوة وتدنيس شرف أزواجهم الذين يُعتبرون في نظره المسببين لوضعه المعاش، طالما أنهم ينتمون للطبقة الراقية الممتلكة والمتحكمة في الأمور الاقتصادية، ومن خلال هذه الرؤية فإنه "يبرر سلوكه ويضع نفسه فوق النقد، فاللوم لا يقع عليه، ولكن هناك شخصا آخر قد أخطأ، وإذا لم يكن هذا الشخص الآخر قد أخطأ لكان من الممكن له أن يحقق إنجازات عظيمة"(7) تُرضي المجتمع عنه، لكنه "يتغافل عن حقيقة مهمة، ألا وهي : أنه لم يقم بأي مجهود إيجابي للتغلب على هذه الأخطاء وتجنب تكرارها"، واختار الطريقة الأسهل بالنسبة له والتي تدفع "أمثال هذا الفرد يفضل الواحد منهم أن يبقى في وضعه الحالي (يكرر الخطأ نفسه ويلوم الآخرين).. ويستمر في استخدامه للعذر نفسه المرة بعد الأخرى"(8)، بدل استغلال رأسماله الفكري أو العضلي في مجال يحقق له رِضى عن ذاته.

لم يتم يتناول ظاهرة الرجل البغي بالمقدار الذي تناولت به الكتابات والدراسات المرأة البغي، نظرا لقلة عدد المشتغلين بالبغاء من الذكور مقارنة بالإناث، هذه الظواهر التي تدفعنا لإعادة صياغة المقولة المشهورة "الحب أعمى" بتعبير أصح : "الجنس الأعمى، أما الحب فمُبصر"، حتى لو كان "يرى بعينيه مالا تراه أعين الغرباء"(9) .

ـــــــــــــــــــــــــ

هوامش :

1 : Le Robert Micro - 3éme édition 1998, Dictionnaires le Robert _ p611
2 : فاتحة مرشيد - مخالب المتعة، المركز الثقافي العربي ط2، 2010م ـ ص17
3 : علي حرب - الحب والفناء، دار المناهل ط1، 1990م ـ ص30
4: علي حرب - المصدر السابق ـ ص38
5 : فاتحة مرشيد - المصدر السابق ـ ص30
6 : إريك فروم - فن الإصغاء، ترجمة محمود الهاشمي، منشورات اتحاد كتاب العرب، دمشق 2004م ـ ص129
7 : الفرد أدلر - الطبيعة البشرية، ترجمة عادل بشرى، المجلس الأعلى للثقافة ط1، 2005م ـ ص21 22
8 : الفرد أدلر - المصدر السابق ـ ص22
9 : صادق العظم - في الحب والحب العذري، المدى ط8، 2007م ـ ص13



#حمودة_إسماعيلي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المتأخرات زواجيا : لعنة اختيار أم حظ عاثر ؟
- سيكولوجية المومس


المزيد.....




- مباشر: ضربات إسرائيلية تستهدف طهران وغرب إيران
- مطرقة منتصف الليل: الضربة الأمريكية لحظة بلحظة
- لماذا اضطرت إيران إلى استخدام صاروخ خيبر ضد إسرائيل لأول مرة ...
- خبير: -إيران تُخفي النووي المخصب على الأرجح في منشآت تحت الج ...
- هل نتانياهو الفائز الأكبر من الضربة الأمريكية لإيران؟
- تضارب في تصريحات ترامب قبل الضربة لإيران وبعدها
- أبرز ردود الفعل الإيرانية بعد القصف الأميركي للمنشآت النووية ...
- أول تصريح لترامب عن إمكانية -تغيير- النظام الإيراني بعد الضر ...
- مقتل وإصابة 72 شخصاً بتفجير انتحاري بكنيسة في دمشق والداخلية ...
- مقتل 20 في تفجير انتحاري بكنيسة في دمشق


المزيد.....

- الآثار العامة للبطالة / حيدر جواد السهلاني
- سور القرآن الكريم تحليل سوسيولوجي / محمود محمد رياض عبدالعال
- -تحولات ظاهرة التضامن الاجتماعي بالمجتمع القروي: التويزة نمو ... / ياسين احمادون وفاطمة البكاري
- المتعقرط - أربعون يوماً من الخلوة / حسنين آل دايخ
- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ
- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه
- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - حمودة إسماعيلي - سيكولوجية الجيغولو أو دعارة الرجال