أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - جمال الدين أحمد عزام - يقظة ذكرى














المزيد.....

يقظة ذكرى


جمال الدين أحمد عزام

الحوار المتمدن-العدد: 4004 - 2013 / 2 / 15 - 15:01
المحور: الادب والفن
    


يقظة ذكرى

أدرت المفتاح و دفعت الباب من مقبضه فأصدر قرقعته المعهودة متزامنة هذه المرة مع الجلبة الصادرة من داخل الشقة و قد تخللتها ضحكات صغيرة متقطعة..تعالي إلى هنا أيتها المجرمة! كانت رحمة تجري وراء أمل لسبب لا أعرفه..سأريك أيتها الشقية. انتبهت أخيرا إلى مجيئي..كرم! حمدا لله على سلامتك. تطبع قبلة على رأسي..لا تقلق، سأعد لك الغداء فور انتهائي من قص شعر أمل. تركض الصغيرة ناحيتي..بابا جه! بابا جه!..أمسكتكِ أخيرا. تحملها من تحت إبطيها و تتجهان إلى الغرفة في آخر الصالة و صوتهما يتباعد..هيا، لنكمل يا حلوتي. أنظر إلى أرضية الصالة العارية و إلى الشعر الناعم الطويل المتناثر عليها...الشعر المتناثر...الصرخات...محكمة!...الشعر الطويل الناعم...
ويلي! انطلقت ناحية الباب، صفعته خلفي و نهبت السلم نزولا...الشعر المبعثر على الأرضية بجنون...القفص...القاضي...العنق البارد...الصرخات...الارتطام...لا حول و لا قوة إلا بالله!...مسكين...محكمة!...محكمة!...
قفزت داخل السيارة، أدرت المحرك و انطلقت مخلفا صريرا مزعجا كصريرها في أذني، الزجاج الأمامي لا أرى من خلاله شيئا غير الشعر المجنون...الشعر الممزق...الدماء تسيل من الفم...يهرب من أمامي...العنق البارد...الوجه الملائكي...الخفق المنتهي...القفص...
كبحت السيارة فجأة و لعنات المارة ترتطم بأذني...ترتطم بالحائط...الجسد الرقيق...الجلد الأبيض الناعم...العين المتورمة...الثغر الدامي...محكمة!...الوجه الصبوح...الحكايات...قبلة الصباح...اللهو بالشعر الناعم الطويل...أزيحه كالستار فيتبدى الوجه الباسم...يتمزق الشعر و يسقط على الأرض...الشعر مبعثر على الأرضية و الصراخ ينبعث من الداخل ...ألقي بحقيبة المدرسة...أصرخ...يدفعني و هو ينطلق هاربا...ملقاة هي على الأرض...
انطلقت بالسيارة مرة أخرى مخلفا سحابة من الدخان الأسود...الشعر الأسود الفاحم...القسمات الحانية...اللعب بعد القيلولة...محكمة!...واقف في القفص...أنظر إليه متألما...لقد فقدت الاثنين...يتوسل إلي بنظراته...نظرتها الأخيرة ما زالت ماثلة في عيني...ممسكا إياها من شعرها...يدفعها نحو الحائط...لم تكفي سرعتي للحاق بها قبل الارتطام...يدفعني و ينطلق عبر الصالة إلى الباب...ملقاة على الأرض بجوار السرير تنظر إلي متألمة...أرتمي بجسدي الصغير على صدرها...أتلمس منه آخر بثاته الدافئة...أمسح الدم النازف من فمها...أدفن رأسي في صدرها...تربت بيدها على ظهري...تحاول أن تتكلم...لا يطاوعها لسانها...تمسح دموعي الساقطة على عنقها...تنظر إلي النظرة الأخيرة...أمسح بخدي و جبهتي العنق البارد...أزيح الشعر عن الوجه الملائكي النائم...أبكي بحرقة...أصرخ، ماما! ماما!...
لم أعد أرى الطريق أمامي، كدت أصدم أحد المارة، دموعي تسيل بلا إرادة مني، كل شيء ماثل على الزجاج أمامي كأنها البارحة...قل يا صغيري...احكي لي ما حدث...لا تخشى شيئا...أقص و نظراتي لا تنقطع عن إبصار وجهه المفزوع خلف القضبان...محكمة!...حكمت المحكمة حضوريا على المتهم بـ...مسكين، نام على صدرها...لينتقم الله من الظالم...ماذا فعلت لتستحق هذا؟!...إنه هو، الظالم المفتري...إنها ليست أول مرة...يد أحد الجيران توقظني..كلا! اتركوني، ماما!، ماما!...لا حول و لا قوة إلا بالله...
لا أعلم كيف عدت إلى البيت؛ خرجت من السيارة أعدو هربا من مطاردتها، نهبت السلم نهبا، دلفت إلى الشقة، لا أثر للشعر..ما الذي حدث يا كرم؟! أين ذهبت؟! ما بالك واقفا هكذا و وجهك مصفرا؟! كنت على وشك الإنهيار و العالم من حولي يتراقص، جذبتها، عانقتها بقوة باكيا..أنقذيني يا رحمة! لا تريد أن تتركني! ربتت على ظهري و قد اختلطت مشاعرها بين الاستغراب و المواساة..ما بالك اليوم؟! اهدأ! قلت بصوت خفيض مرهق..عديني ألا تقصيه..لا أقص ماذا؟!..شعر أمل.
تمت



#جمال_الدين_أحمد_عزام (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العقاب
- كان لي صديق
- رائحة الليل
- المأوى
- تي
- الجلاد
- فستان الزفاف
- العصفور الأحمر
- ثورة يناير و نظرية الفوضى 1
- ثورة يناير و نظرية الفوضى 2
- وفاء
- رؤية
- زاد الرحلة
- الفنار
- الثورة و الثورية و الثوار


المزيد.....




- فادي جودة شاعر فلسطيني أمريكي يفوز بجائزة جاكسون الشعرية لهذ ...
- انتهى قبل أن يبدأ.. كوينتن تارانتينو يتخلى عن فيلم -الناقد ا ...
- صورة فلسطينية تحتضن جثمان قريبتها في غزة تفوز بجائزة -مؤسسة ...
- الجزيرة للدراسات يخصص تقريره السنوي لرصد وتحليل تداعيات -طوف ...
- حصريا.. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 المبارك وجميع القنوات ال ...
- الجامعة الأمريكية بالقاهرة تطلق مهرجانها الثقافي الأول
- الأسبوع المقبل.. الجامعة العربية تستضيف الجلسة الافتتاحية لم ...
- الأربعاء الأحمر -عودة الروح وبث الحياة
- أرقامًا قياسية.. فيلم شباب البومب يحقق أقوى إفتتاحية لـ فيلم ...
- -جوابي متوقع-.. -المنتدى- يسأل جمال سليمان رأيه في اللهجة ال ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - جمال الدين أحمد عزام - يقظة ذكرى