أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - جمال الدين أحمد عزام - الفنار














المزيد.....

الفنار


جمال الدين أحمد عزام

الحوار المتمدن-العدد: 3864 - 2012 / 9 / 28 - 16:16
المحور: الادب والفن
    


الفنار

بحر رمادي، سماء متشحة بالغمام، أشعة شمسية تختلس النظر إلى الصباح البارد، الرمال البيضاء تتقافز حباتها لهواء الشتاء. وجوه تناثرت على الشاطئ، تتخلل القسمات أمال بنهار محمل بالرزق، الأقدام تزيح الرمال بدبيبها الجاد نحو غايتها، الوجوه الجادة تبدو متشابهة، الخطوات متشابهة، بل و الملابس تكاد تكون واحدة.
يلوح الفنار القديم من بعيد، أسرع الخطو خلف السائرين بطول الشاطئ، و بينما يخرجون واحدا تلو الأخر من فتحة في سور الكورنيش إلى الطريق الرئيسي أكمل أنا نحو الفنار.
لا زلت مبكرا، بقيت ساعة على موعد العمل. أصل إلى الممشى الحجري المستعرض فأرتقيه، أصل إلى نهاية الممشى الخشبية حيث ينبثق الفنار من قاعدته الخرسانية المخضرة بالطحالب و الحشف البحري، أصعد السلم الحلزوني، تتعاظم رائحة اليود في بئر السلم، تهب النسمات الباردة من النوافذ المربعة الصغيرة في الجدار الأسطواني للفنار. أصل إلى الأعلى، المصباح الكبير مكسور تسيجه خيوط عنكبوتية. أقترب من إحدى النوافذ المتراصة بدوران الفنار. لم يعد هناك زجاج، مجرد أطر معدنية رفيعة صدئة.
أتذكر صياح أبى و أنا واقف أمام النافذة المفتوحة..ابتعد عن النافذة ستسقط. ما زالت ضحكاته و صديقه القائم على الفنار ترن في رأسي، كانا يتكلمان في أمور شتى مع رشفات الشاي الساخن. لا أتذكر شيئا من أحاديثهما، كانت مجرد كلمات تتناثر حول مسامعي فقد كنت إبانها ساهما في عالم آخر، عالم السحاب.
أمد بصري من فوق البحر إلى السحب و أتصورها حسبما أريد، جمال كبيرة، خراف ضخمة، مراكب صغيرة أو كبيرة متراصة. أقترب من الحافة أكثر و نظري معلق بالسحب فتأتي الزجرة من خلفي محذرة من السقوط.
لقد كان يخاف علي أبى كثيرا و يحبني أكثر من أي شيء، كان حبه يغلفني بقوة. و أنا أيضا بادلته حبا بحب، كنت أتحرى عدم مضايقته، أبادر بما يريده مني قبل أن يتحرك به لسانه، كنت شديد الحرص على إرضائه و تتبع خطاه و السير على نهجه، كانت نصائحه مقدسة بالنسبة لي، لا أتذكر أنني رفضت له طلبا أو تمردت عليه في شيء، ما كان يزعجه فقط هو تلك اللحظات التي أنطلق فيها إلى الأفق البعيد مع سحاباتي البيض.
يأتي النداء..هيا سنرحل، اقترب موعد مدرستك و موعد عملي، هيا! يودعنا صديق أبي مداعبا..مع السلامة يا حضرة المفتش، انتبه للترام جيدا.
أنصرف و عيني معلقتان بالسماء الرحبة، تطاوعني خطاي مرغمة، كما تطاوعني الآن و أصداء نداء أبي تتردد في جنبات الفنار. أنصرف بعدما رأيت خروفين و منزل صغير منقوشين بالسحاب، أنطلق عبر الممشى إلى الكورنيش، أضبط طاقيتي فوق رأسي، أتوجه إلى عملي كمفتش لمحطة الترام. تقابلني الوجوه في الطريق، الوجوه تبدو متشابهة.
تمت



#جمال_الدين_أحمد_عزام (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الثورة و الثورية و الثوار


المزيد.....




- هند صبري لـCNN: فخورة بالسينما التونسية وفيلم -صوت هند رجب-. ...
- وفاة الممثل والمخرج الأمريكي روبرت ريدفورد عن عمر ناهز 89 عا ...
- الدوحة.. متاحف قطر تختتم الأولمبياد الثقافي وتطلق برنامجا فن ...
- من قس إلى إمام.. سورة آل عمران غيرتني
- إطلاق متحف افتراضي في دمشق يوثّق ذاكرة السجون في سوريا
- رولا غانم: الكتابة عن فلسطين ليست استدعاء للذاكرة بل هي وجود ...
- -ثقافة أبوظبي- تطلق مبادرة لإنشاء مكتبة عربية رقمية
- -الكشاف: أو نحن والفلسفة- كتاب جديد لسري نسيبة
- -هنا رُفات من كتب اسمه بماء- .. تجليات المرض في الأدب الغربي ...
- اتحاد أدباء العراق يستذكر ويحتفي بعالم اللغة مهدي المخزومي


المزيد.....

- يوميات رجل متشائل رواية شعرية مكثفة. الجزء الثالث 2025 / السيد حافظ
- للجرح شكل الوتر / د. خالد زغريت
- الثريا في ليالينا نائمة / د. خالد زغريت
- حوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الأول / السيد حافظ
- يوميات رجل غير مهزوم. عما يشبه الشعر / السيد حافظ
- نقوش على الجدار الحزين / مأمون أحمد مصطفى زيدان
- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى
- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ
- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - جمال الدين أحمد عزام - الفنار