أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حسين عبدالله الناصر - الأفكار لا تتقاطع














المزيد.....

الأفكار لا تتقاطع


حسين عبدالله الناصر

الحوار المتمدن-العدد: 3994 - 2013 / 2 / 5 - 08:42
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    




أعتقد أن كل المذاهب الفكرية والأيدلوجيات قد مرت بمرحلة عالية من الإنفتاح فى الخمسين عاماً الماضية ، وهذا الإنفتاح ربما يكون نتاج طبيعى لتطور وسائل نقل المعلومات والبشر ، حتى أن سهولة التعرف على الجوانب العامة لكل الأيدلوجيات جعلت الأشخاص أكثر تسامحاً فى قبول الآخر ، ونتجت طبقة من الأشخاص ذوى الأيدلوجيات الشخصية ، أى الذين لا يمكن تصنيفهم بشكل مطلق ، الأشخاص ذوى الفكر الليبرالى المختلط ببعض الملامح الإشتراكية مثلاً أصبحوا هم الفئة الغالبة بين الإشتراكيين والليبراليين ، ويمكنك أن تجد أشخاص يصنفون أنفسهم كـ اشتراكيين وتستنتج من كلماتهم الكثير من العلامات الأناركية "اللاسلطوية" .

لذالك ؛ يجب أن نُعيد النظر فى المعارك الفكرية التى تنشأ بين شباب المثقفين المصريين ، ونعيد وضع بعض الأسس التى ربما تحمينا من معارك فكرية طاحنة تنشأ من أجل اللاشئ وتنتهى إليه ، هناك قصة رائعة أود أن أوردها فى هذا السياق ، وهى تجربة أجراها أحد علماء الإجتماع البريطانيين . حيث جمع بعض الأطفال فى معسكر صيفى ، وقام بتقسيمهم إلى فريقين وأعطى كل فريق لون ملابس مميز ، الفريق الأحمر والفريق الأصفر مثلاً ، علماً بأن تقسيم الفريقين كان عشوائياً تماماً ولا يقوم على أى معيار ، ثم جعل الأطفال يكملون معسكرهم ، وبمرور الوقت لاحظ أن الأطفال الذين يرتدون نفس اللون يميلون إلى التجمع سوياً ، ثم أصبحوا لا يتجمعون إلا سوياً ، ويميلون إلى مساعدة بعضهم البعض ، ثم تصدى بعض الأطفال من ذوى الشخصية القوية لقيادة فريقهم موحد اللون ، وأصبحوا ينظرون بعدائية إلى الفريق الذى يرتدى لون آخر ، ثم بدأ كل فريق يعير الآخر بلونه ، وتكونت عداوة شديدة قائمة على أساس لون القميص ، وقبل نهاية المعسكر بقليل نشأت معركة طفولية قوية بين الأطفال ذوى القمصان الحمراء والآخرين ذوى اللون الأصفر . يمكنك أن تُسقط نفس التجربة على نقاشات المقاهى والميادين والإنترنت التى تحدث بين الشباب المصريين ، الشعور بالإنتماء لفريق مُعين فى ظل تعريف جامع مانع ربما يؤدى إلى كثير من العبث الفكرى .

راقب مثلاً "الخناقات" الكلامية بين الشيوعيين بعضهم البعض ، ستجد مآسى مُضحكة ، بعض الشيوعيين من أنصار تروتسكى يتهمون أنصار لينين بكذا وكذا ، الأمر يُشبه النزاع بين دولتين على إحتلال كوكب المشترى ، عبث . ومثل هذا نجد الخلافات الكثيرة التى تنشأ بين الليبراليين والإشتراكيين حول سلطة الدولة ومدى تقييد الإشتراكية لحقوق الفرد ، يجب أن نُدرك حقيقة أن فكرة الإتجاه السياسى فى حد ذاتها قد تغيرت بحيث أصبحت أكثر مرونة ، حتى أن الأمر أصبح يُصنف فى إطار الرأى الشخصى أكثر من التعريفات المُعجمية للأيدلوجية ، فليس من الضرورة أن كل إشتراكى يؤمن بكل مبادئ الإشتراكية الواردة فى دوائر المعارف وكتابات الرواد ، ولا مفر من وجود الكثير من اللمسات الشخصية ، وهذة اللمسات تتزايد كثيراً حتى أن الفكرة الأصلية تتحول لهامشية ، ويتكون لكل فرد مذهب فكرى خاص .

وأعتقد أن الأحزاب السياسية وكثير من التجمعات الفكرية تُساهم بشكل ما فى زيادة هذا الإستقطاب ، عن طريق التحديد الدقيق لأفكار الأشخاص المُنتمين للكيان ، فمثلاً "حزب التحالف الشعبى الإشتراكى" ؛ وضع تعريف "الإشتراكى" فى اسم الحزب يُشبه تماماً منح الأطفال ألوان ملابس مُختلفة ، خلق شعور بالإختلاف ، لكنى لا أقصد بالتأكيد الميوعة الفكرية وعدم تحديد الخط الفكرى لأى كيان ، لكن أن نكون أكثر مرونة ؛ وربما تكون تقسيمات "مدنى ـ عسكرى ـ ملكى ـ دينى" أكثر مرونةً من تعريفات "إشتراكى ـ ليبرالى ـ أناركى" ، حيث أن "مدنى" هى تعريف واسع يُمكن أن يشمل عدد لا متناهى من الأفكار العامة والتصورات الشخصية .

فى فترة ما كان الإتهام بالتحول للفكر البروتستانتى فى بعض دول أوربا يُعاقب بالإعدام ، والإستعانة بخادم بروتستانتى تستحق عقوبة مالية وربما الحبس ، ثم أصبحت الأمور أكثر مرونة حتى أنه قلما تجد من يُصنف نفسه كبروتستانتى أو كاثوليكي فى أوروبا اليوم ، واصبح كل مسيحى ينظر لدينه على أنها مسألة شخصية بحتة ، وفى أمريكا كان الإنتماء للشيوعية جريمة تُحاكم عليها ، وألمانيا النازية كانت تُطلق نيرانها على كل مواطن ألمانى يرفض الفكر النازى ، وكذالك روسيا الشيوعية ، لقد تخطى العالم هذة المرحلة من تاريخه ، حتى أن مُصطلحات كـ شيوعى ونازى وإشتراكى قد تغيرت كثيراً عن ما كانت عليه عند رواد الفكر الأوائل ، بعض البُلدان الشيوعية أصبحت تُطبق سياسات رأسمالية لتحفيز الإقتصاد ، لو كُنا سنطلق على القرن الواحد والعشرين اسماً سنُسميه "تواصل" ؛ حيث تتواصل كل الأفكار وتتكامل ولا ينقض بعضها بعضاً .



#حسين_عبدالله_الناصر (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بين ميكى ماوس و جان جاك روسو
- من هيام إلى الشعب المصرى
- علياء المهدى ~ معركة فى صراع القبيلة
- صندوق ورنيش ميّت .. حدثت بالفعل
- حمدين صباحى وحملة التشويه
- من كان منكم بلا خطيئة فليرمها بحجر قصة قصيرة
- الفقر فى سبيل الله
- هل قامت الحضارة الإسلامية على أكتاف الملحدين ؟
- ليسَت إسرائِيل ؛ إنّها فلسطين المُحتلّة
- أهل الخليج لم يعودوا بدواً
- الخلافة الإسلامية ومستقبل البحث العلمى
- الحبيب بورقيبة | طاح الباى !!
- العلاقة بين الثورتين السوريَّة والبحرينية
- العلاقة بين الليبرالية والدين
- أزمة العنصرية فى سوريا ما بعد بشار الأسد
- كلمة السر علياء المهدى
- توقّف لحظة !
- المثقفين يخدعونكم
- لماذا أرفض مادة -الإسلام دين الدولة- ؟


المزيد.....




- مشهد مؤلم.. طفل في السابعة محاصر في غزة بعد غارة جوية إسرائي ...
- -رويترز-: مايك والتز أجبر على ترك منصبه
- -حادثة خطيرة- في غزة والجيش الإسرائيلي ينوي استخلاص الدروس م ...
- زاخاروفا تعلق على احتجاز مراسل RT في رومانيا وترد على شائعات ...
- تقارير إعلامية تفضح -كذب- نتنياهو بخصوص حرائق القدس
- أوكرانيا: نارٌ ودمار وإجلاءٌ للمدنيين إثر غارات روسية على مد ...
- حكمت الهجري يطالب بحماية دولية بعد اشتباكات صحنايا وريف السو ...
- المرصد يتحدث عن عشرات القتلى في اشتباكات -طائفية- بسوريا.. و ...
- إيران تعلن تأجيل جولة المفاوضات المقبلة بشأن برنامجها النووي ...
- في عيد العمال.. اشتباكات في إسطنبول ومغربيات يطالبن بالمساوا ...


المزيد.....

- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة
- فهم حضارة العالم المعاصر / د. لبيب سلطان
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 1/3 / عبد الرحمان النوضة
- سلطة غير شرعية مواجهة تحديات عصرنا- / نعوم تشومسكي
- العولمة المتوحشة / فلاح أمين الرهيمي
- أمريكا وأوروبا: ملامح علاقات جديدة في عالم متحوّل (النص الكا ... / جيلاني الهمامي
- قراءة جديدة للتاريخ المبكر للاسلام / شريف عبد الرزاق
- الفاشية الجديدة وصعود اليمين المتطرف / هاشم نعمة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حسين عبدالله الناصر - الأفكار لا تتقاطع