أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حسين عبدالله الناصر - بين ميكى ماوس و جان جاك روسو














المزيد.....

بين ميكى ماوس و جان جاك روسو


حسين عبدالله الناصر

الحوار المتمدن-العدد: 3976 - 2013 / 1 / 18 - 10:48
المحور: الادب والفن
    


توقفت أمام بائع الكتب بجوار محطة قطار بنى سويف ، أحاول أن أختار ما قد يساعدنى على تخطى أربع ساعات من السفر بالقطار ، وفى النهاية اخترت كتاب "رسالة فى العلوم والفنون" لـ جان جاك روسو ، ومجلة العربى الكويتية وكتاب آخر عن الثقافة العربية فى المهجر ، وبعد أن ابتعدت بخطوات قليلة تذكرت وعدى لأختى الصغرى بشراء مجلات أطفال لها ، عدت لأجد مجلة ميكى أمامى فالتقطتها بعفوية ولا مبالاة .

وفى القطار بدأت أقرأ لـ روسو وأشعر بالدوار من فرط رفضى لكل ما يدور حوله الكتاب ، وإن كنت لا تعلم فإن رسالة روسو فى العلوم والفنون هو بحث يحاول من خلاله أن يثبت دور العلوم والفنون فى تراجع الأخلاق [ ! ] . بعد حوالى ساعة تركت الكتاب وبدأت أتصفح مجلة ميكى ، مجلة رسوم مصورة للأطفال ، وإن كانت رسالة روسو قد أذهلتنى فإن مجلة ميكى قد أرهبتنى . لا تأخذ الأمر بشكل كوميدى فهو لم يكن لى كذالك ، فى أول صفحة من المجلة هناك لغز بسيط موجه للأطفال ، حاولت لنصف ساعة التركيز فيه كى أجد حل له لكنى لم أوفق ، استشطت غضباً وأخذت أناقش فى عقلى مدى تفاهة هذة المجلات وعدم جدواها للأطفال ؛ وضعت المجلة جانباً و استغرقت فى قراءة ما تبقى من رسالة روسو كى أعود للعالم الطبيعى .

لكن عندما بدأت أختى الصغرى فى تصفح "ميكى" بسعادة طفولية ، عادت لى المشاعر المضطربة ؛ جلست بجوارها محاولاً أن أبدو أكبر سناً وأنا أنظر للشخصيات الكارتونية ، وعندما بدأت الطفلة فى الضحك بدأت أنا فى الدهشة ، ألم أكُن طفلاً ؟! . لماذا لا أستطيع حتى أن أفهم ماذا تدور حوله هذة المجلة ؟
بدأت أقلب الصفحات وأنا لا أفهم شيئاً ؛ كالذى هرب من القرن الثانى الميلادى ليجد نفسه أمام شاشة كمبيوتر ، تذكرت سنواتى العشر الأولى فى الحياة عندما كنت أذهب مع أخى الأكبر إلى مكتبة المدرسة الثانوية ، حيث لا مجلات أطفال ولا قصص كارتونية ، حتى أن العُمر مضى دون أن أستطيع فك شفرة أى عمل موجه للطفل ، بدأ الطفل الذى بالداخل يهدأ ويصيبه برود الموت حتى انتهى .

قصة قصيرة تدور أحداثها حول شخصية بطوط الذى يُحضر أبناءه قطّه إلى المنزل ويتطور الأمر إلى عدد كبير من القطط يحاول بطوط التخلص منها بشكل كوميدى وفى النهاية يُفاجأ بفاتورة طعام القطط غالى الثمن ، أختى الصغرى تضحك وأنا لا أجد ما يُضحكنى ، كنت أتمنى لو أضحك حتى أستلقى بدلاً من أن أقول لها "استفدتى إيه من القصة دى؟" ؛ نَظَرت لى بعتاب مُبتسم قائلةً "ضحّكتنى يا عُمر" .

ألهذة الدرجة وصلت حالة البرود داخلى ؟
هل مات الطفل حقاً ؟
ألم يعد الضحك إحدى أولوياتى ، وأنا الذى أحاول دوماً قلب كل المواقف إلى كوميديا سوداء ، ألا يجب أن أجرب الضحك بدون هدف قليلاً كما الأطفال ؟ ، الضحك بلا وعى أو تقدير للفائدة ، الضحك بلا تفكير.

أبحثوا عن الأطفال الذين بداخلكم ، هؤلاء الذين أُصيبوا بالإرهاق من الدراسة فى الصغر ، ومن طرق التربية الراديكالية التى تجعلك ـ فى أفضل الأحوال ـ تبحث عن الثقافة فى الوقت الذى يجب فيه أن تعيش طفولتك ، لا يجب أن يقرأ الطفل حول تاريخ أوروبا الحديث وهو فى العاشرة من عمره لأنه يمكن أن يقرأه عندما يكبر ، لكن يجب أن يعيش طفولته التى لن يستطيع استرجاعها أبداً ، تخطى المراحل العُمرية يؤدى غالباً إلى كارثة كبرى تتمثل فى ضياع مرحلة مُهمة ، ضياع قاعدة النفس البشرية ، يموت الطفل ولا يُمكن استرجاعه .



#حسين_عبدالله_الناصر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- من هيام إلى الشعب المصرى
- علياء المهدى ~ معركة فى صراع القبيلة
- صندوق ورنيش ميّت .. حدثت بالفعل
- حمدين صباحى وحملة التشويه
- من كان منكم بلا خطيئة فليرمها بحجر قصة قصيرة
- الفقر فى سبيل الله
- هل قامت الحضارة الإسلامية على أكتاف الملحدين ؟
- ليسَت إسرائِيل ؛ إنّها فلسطين المُحتلّة
- أهل الخليج لم يعودوا بدواً
- الخلافة الإسلامية ومستقبل البحث العلمى
- الحبيب بورقيبة | طاح الباى !!
- العلاقة بين الثورتين السوريَّة والبحرينية
- العلاقة بين الليبرالية والدين
- أزمة العنصرية فى سوريا ما بعد بشار الأسد
- كلمة السر علياء المهدى
- توقّف لحظة !
- المثقفين يخدعونكم
- لماذا أرفض مادة -الإسلام دين الدولة- ؟


المزيد.....




- أحمد عز ومحمد إمام.. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 وأفضل الأعم ...
- تيلور سويفت تفاجئ الجمهور بألبومها الجديد
- هتستمتع بمسلسلات و أفلام و برامج هتخليك تنبسط من أول ما تشوف ...
- وفاة الفنان المصري المعروف صلاح السعدني عن عمر ناهز 81 عاما ...
- تعدد الروايات حول ما حدث في أصفهان
- انطلاق الدورة الـ38 لمعرض تونس الدولي للكتاب
- الثقافة الفلسطينية: 32 مؤسسة ثقافية تضررت جزئيا أو كليا في ح ...
- في وداع صلاح السعدني.. فنانون ينعون عمدة الدراما المصرية
- وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز ...
- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حسين عبدالله الناصر - بين ميكى ماوس و جان جاك روسو