|
الشيوعي الأخير .. قي محنته
عادل سعيد
الحوار المتمدن-العدد: 3994 - 2013 / 2 / 5 - 00:10
المحور:
الادب والفن
انها عاصفة حقا تلك التي تخفت ثم تشتد في الدوريات العراقية والعربية و في الفيسبوك وفي التويتر ، وكذلك في المحافل الثقافية حول شخصية ثقافية و ادبية وسياسية كان لها في مسيرة الشعر العراقي و العربي شأن كبير اقترب من ان يكون ظاهرة شغلت النقاد و المتتبعين والدارسين .. انه سعدي يوسف اهم و ابرز الأصوات الشعرية بعد جيل الرواد الى جانب اصوات اخرى مثل ادونيس و محمود درويش ويوسف الصائغ و حسب الشيخ جعفر و غيرهم. و العاصفة المثارة هنا لا تتناول شعره، وانما تتناول مواقفه السياسية بعد التغيرات الحاسمة عقب 2003 .سعدي يوسف الذي ارتبط حياة و شعرا بمسيرة الشيوعية في العراق ، فكافح و اعتقل ونفي في فترات مختلفة و عاش الإغتراب ( بعيدا عن سمائه الأولى ) فكان للتغيرات المذكورة اثر صادم في تقديره للمجريات و احكامه من الإحتلال و القوى الصاعدة بعد هذه التغيرات و العملية السياسية التي انشئت جراءها و اثرها ، فكان ان اعلن ( اضرابه ) عن زيارة العراق حتى انتهاء الإحتلال و زوال ( عملائه ) الذين تسنموا امور الحكم و اداروا شؤونه حتى الراهن الحاضر . مبدئيا نقول ان من حق سعدي ( ككائن شعري سياسي ) ان يكون له موقفه مما يجري داخل العراق او خارج العراق . من حقه ان يبني تصوره و رؤيته لما هو حاصل و يحصل ، و يعبر عن ذلك نثرا و شعرا . غير ان السماء بدأت تتلبد والزوابع بدأت تثور بعد احداث الفلوجة خصوصا ، و حديثه عن ( فلوجتنا ) و ( المقاومة الشريفة ) في خضم اعمال القاعدة و شنائعها و ( الوهابية ) و موبقاتها و اشتباك حطوط الداخل و الخارج ( اللدود ) ، تلتها اشعاره ( المرتبكة و الباهتة ) و تصريحاته المثيرة التي شمّ فيها بعضهم روائح ( العروبية ) و ( الطائفية ) ، خصوصا بعد ان شن ( هجومارجيما ) و لاذعا على شخصية دينية شيعية كبيرة في العراق متهما اياها ( بالفجور ) و مساوقة الإحتلال .... الخ . و تصريحات سعدي و شعره الذي نشر اغلبه في صحيفة ( عبد الباري عطوان ) معروف و لا حاجة لتكراره . اذن فرياح الإحتجاج ضربت صواري سعدي من جميع الإتجاهات ، بما فيها احتجاجات ( رفاقه ) القدماء ، فهو لم يوفر حزبهم في انتقاده ، طارحا نفسه ( كشيوعي اخير ) . هذا النبر العالي ( موقفا ) و الواطئ ( شعرا ) بتطلب منا التريث و التخفيف من سورة الإنفعال ، فسهام التخوين و الدعوة للرجم قد توالت و تتالت على سعدي ، حتى ان هناك من يدعو الى صلبه بماضيه و حاضره و شعره . و تحضر هنا حالات مشابهة في تاريخنا القريب مع اختلاف المواقف و مبررات ( الإدانه ) تتعلق بشخصيات ادبية من الوزن الثقيل اعتبرت مدانة ومنحرفة عن خطها الأيجابي او الوطني ، بل واعتبرت خائنة ، و طولب بحرقها جملة و تفصيلا ، و نتذكر هنا نجيب محفوظ و صلاح جاهين بسبب موقفهما المؤيد لكامب ديفد ، فدعا بعثية العراق الى حرق نجيب محفوظ بكل كتبه و ابداعه ، واتذكر ان الدكتورة سلوى زكّو كتبت بما يفيد بأننا يمكن نقف من محفوظ موقف الإدانة ، ولكن انتاجه الذي كتبه قبل اعلانه موقفه المدان ، ملك للشعب وذاكرة الإبداع و لا يمكن حرقه . كما ان الشاعر الفلسطيني معين بسيسو قال عن صلاح جاهين قولته المعروفة ( ان صلاح جاهين القديم اطلق الرصاص على صلاح جاهين الجديد ) بما يعني الحفاظ على ابداع و تاريخ جاهين ما قبل الموقف المدان . وهنا نأتي الى الموقف الذي ينبغي اتخاذه من الشاعر الكبير حقا سعدي يوسف .. فهل ينبغي حرق الرجل بكل تاريخه نضالا و ابداعا؟ و هل لسعدي الذي لم يرتكب ( خيانة عظمى ) الحق في الدفاع عن نفسه و مواقفه و ( عراقه ) الذي يحلم به ؟ وهل سعدي ( الشيوعي ) السابق قد اطلق الرصاص على سعدي ( الشيوعي الأخير ) ؟ اثير هذه الإسئلة وانا واحد من الذين آلمتهم مواقف سعدي الأخيرة ،والذي بدا فاقدا لبوصلته ، ولكن ليس كل ما طرحه الرجل مدانا فيه ، فهو يرى ان بغداد الحالية ذليلة و مهانة تحت اقدام الطارئين و اللصوص و قادة مسيرة الرماد و العتمة في الحكومة و البرلمان ، اضافة الى عمائم الدين السياسي و سوءاته ، وهذا من حقه كعراقي و شاعر متألم مما يجري في وطنه من مهازل ومآسي و اهوال ، فموقفه من الطالباني الذي سماه ( قربة الفساء ) معرو ف هذه القربة ( بطلة مجازر بشتاشان ) التي قضت نصف مدة توليها الرئاسة بين مستسشفيات المانيا و امريكا من اجل اصلاح ثقوبها و ترميم عيوبها بأموال الشعب العراقي المهدورة ، هذه القربة وصفها بعض المنتفعين من العملية السياسية بصمام الأمان !! وما اكثر من وصفوا بهذا الوصف من شخصيات دينية و سياسية ، وكأن في عراق المآسي اليوم امانا يخشى زوال صماماته!؟ اخبرا ونحن نتحدث عن سعدي الممتحن بالوطن الذي في ضميره ، وصوته الشعري الذي يذوي في قلبه ، كأني بكل غزاة التاريخ و اوبئته و نكباته و جوائحه تجتاح العراق و تعدو في مبفاصله ،بعد ان استيقظ جراد الطائفية و قوارض البعث في حقوله ... أكل هذا الذي يجري لأننا لم نسقط جلادينا بأيدينا!!؟
#عادل_سعيد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
سفارات
-
نوافذ
-
شعراء
-
العائد الذي لم يجد
-
بقعتا ضوء
-
الشاعر الكواز
-
آلهة
-
دلشاد مريواني
-
تقاطيع
-
احلام
-
جرأة
-
ما دار في المدينة
-
هبوط
-
نظرة
-
توق الأسئلة
-
تسلية
-
محال
-
استحالات
-
قطرة ضوء
-
فرات
المزيد.....
-
سامسونج تقدّم معرض -التوازن المستحدث- ضمن فعاليات أسبوع ميلا
...
-
جعجع يتحدث عن اللاجئين السوريين و-مسرحية وحدة الساحات-
-
“العيال هتطير من الفرحة” .. تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024
...
-
مسابقة جديدة للسينما التجريبية بمهرجان كان في دورته الـ77
-
المخرج الفلسطيني رشيد مشهراوي: إسرائيل تعامل الفنانين كإرهاب
...
-
نيويورك: الممثل الأمريكي أليك بالدوين يضرب الهاتف من يد ناشط
...
-
تواصل فعاليات مهرجان بريكس للأفلام
-
السعودية تتصدر جوائز مهرجان هوليوود للفيلم العربي
-
فنانون أيرلنديون يطالبون مواطنتهم بمقاطعة -يوروفيجن- والوقوف
...
-
بلدية باريس تطلق اسم أيقونة الأغنية الأمازيغية الفنان الجزائ
...
المزيد.....
-
صغار لكن..
/ سليمان جبران
-
لا ميّةُ العراق
/ نزار ماضي
-
تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي
/ لمى محمد
-
علي السوري -الحب بالأزرق-
/ لمى محمد
-
صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ
...
/ عبد الحسين شعبان
-
غابة ـ قصص قصيرة جدا
/ حسين جداونه
-
اسبوع الآلام "عشر روايات قصار
/ محمود شاهين
-
أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي
/ بدري حسون فريد
-
أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية
/ علي ماجد شبو
المزيد.....
|