أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد البوعيادي - رَمادُ مُعتقَلْ...














المزيد.....

رَمادُ مُعتقَلْ...


محمد البوعيادي

الحوار المتمدن-العدد: 3986 - 2013 / 1 / 28 - 11:21
المحور: الادب والفن
    


ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

بعدَ عشرينَ عامٍ من الموتِ البَطِيءْ...
تنزل من القطار منهكا كقارورة عطر تندفقْ
المساء أحمر بعض الشيء...حزينْ
كلب مسعورٌ في الطريق و نوارس البحر تحوم حول جيفهْ
الشمس متعبة تريد أن تغمض جفنيها و تستكينْ
وأنت في ثيابك المخرومة كالقلب الطَّعِينْ
تستهلك آخر سيجارة في جيب سترتك المُمَرَّغهْ
أزرار قميصك مخلوعة و لونك هاربٌ كالفقاعات الطائرة في الهواء
في الجيب لاشيء غير ورق ميت وقصيدتينْ
قلبٌ مهروش في كفك ومحفظة و تذكرتينْ
المساء حلّ في صدرِكَ المسجوع بالطعنات، فإلى أينْ؟
تلتقيهم... رفاقَ الحرائِقِ موتَى في ابتسامات من جليد
يرقعون وجهك بما تبقى من الماضي ضاحِكينْ
اغتَصَبَ المَدَى أحلامَهُم..في غيابِكَ..
تنساب وحدك في اجتراح المستقبل، أنت للريحِ
و الريحُ لمن يبيعُ قلبهُ بلا ألم أو أنينْ...
يهطل من جفنيكَ مطر من الكريستالِ المالِحْ
و أنت تقف أمام سائق الطاكسي مذلولا بلا نقود
تطئطئ رأسك كثمثال صدئ من النحاس، تسعلُ، غصّة مبحوحةٌ
ترميك المدينة في شوارع الساهرينْ
آخر ما تبقى من دخان الأعقابْ التي جمعتها من الطريق
تستدين جرعة خمر من رجل أهملتْهُ الدُّنيا وطعنته السنينْ
تبصق عن يسارك و الجوع يرقص في رأسك الدائخ في سرادب الماضي
أنت حر في الحياة فاركض كما حلمت في حقولِ الياسَمِينْ...
بعد أن أخذوا منك اللازوردَ بين جدارين وعُتْمَتينْ..
تركب قاطرة بتذكرة مرمية على الأرض و تختبئ في المرحاض
يأتِي المراقبُ كما أتاكَ الحُزنُ يوماً ..
- التذكرة مثقوبة
- مرة سيدي
- بل مرتينْ
بصقَةٌ في وجْهِكَ و صفْعَتينْ
تلمُّ أشلاَءَكَ التي انثترثْ على أرضِ القاطِرَةِ و تبكِي طَيَّ الضلوعِ
كيْ لا يبينَ الدَّمْعُ للرّاكِبينْ...
و ها أنت وحيد مع جسدك المنثور على الطريق كظل يتخاتل في الظلامْ
رقم هاتف لصديق...
-مرحبا
- أنا الحسِينْ
أغلقَ الهاتف و انطوى سفر الأمل... خُضِ البَحْرَ بلا سَفِينْ
كربُلاءُ ضمَّكَ رملُها مرّتينْ
أنفكَ راعفٌ و صدركٌ مضَمّخٌ بالإهانةِ و الشماتهْ
طويل يا رفيق هو الطريق، بعض الأماني في الأماني لا تكونْ
تنامُ على نفسك و تلتحف الندف التي رمتها الحبيبة في كفك يوما
تحلمُ بامرأة ومقطوعة موسيقى ودفء و طفلتينِ صغيرتينْ
تغمض جفنك المجروح بالبرد و يأتيك الصدى من عمق عمقك كالرّدى
طفلتان كاللوز المقشر ضاعتا....و أنت نائم، تراهما، تبسم لحظتينْ
في الفجْرِ ينوحُ اللّهُ على الصّومعاتِ المجروحة بالتاريخِ
تنكفئ على وجْهِكِ المبلولِ بالنَّدَى..تتوضأُ بالجُوعِ و البردِ و العَطَشِ
ترْكَعُ مَذْلولاً لتؤدِّي فرائِضَ الحقيقةِ..في مِحْرابِ التّائِهينْ
أنتَ وحْدَكَ فِي مهبّ الحياةْ ..ترمُقُ ظلَّ القُيودِ في معصميكْ
أكلَ الحَدِيدُ من لحمكِ و أرْشَأتْ ظلمة الزِّنْزانَةِ مَنْكِبَيكْ
و استَلْقَى فيكَ الهمُّ بحراً من دِماءِ الهارِبينْ
تضمُّ يَدَيْكَ إلى وجْهِكَ، تستشعرُ الوجهَ المُجَعّدَ بالأَسى و الحُلمْ
من أجلِ ماذا كان كل هذا السرابْ؟...من أجلِ من كانَ كلّ هذا الألمْ؟
تَصْرُخُ مَذْعُوراً حين تنكَسِرُ الحقيقة في وجَهِكَ و يصْخَبُ رأسكُ بالطَّنِينْ
تركُضُ في الشوارِعِ باكياً مثل الوليدِ..إذا سلكَ الهواءُ رئتيهِ
سلكَتْ جَمْرَةُ الحَقِيقَةِ في رِئَتيكَ كالأُوكْسِجِينْ...
الوُجوهُ لا تَزالُ واجِمَةً..تبحَثُ عنْ إكْسيرٍ يطفئ العَطَشَ الأزلِيّ للحياةْ
المدائنُ مهزومةٌ في الشوارعِ المُطفأةِ و شَظاياَ الوَاجِهاتْ
و أنتَ مَكْسُورُ الأَجْنِحَةِ..عشرونَ عاماً لم يبقَ فيكُ غيرُ الرُّفاثْ
و على شَفَتيْكِ نَشيدٌ للشمسِ الغارِقةِ في بحْرِ الظلامْ وَدَمْعٌ سَخِينْ...
تسيرُ وحيداً نحو البحرِ ...
ظلكُ يسبِقُكُ و الشمسُ تموتْ
مخْذُولاَ كأي طائرٍ سقطَ في الماءِ فابتلَّ عُمرُهُ
يُراقِبُ السماءَ..يرْثِي جَناحَيهِ..و للمَدَى يُمزِّقُهُ الحَنِينْ....
عشرون مثلَ صُبْحٍ لنْ يَعُودْ...و مدينةٌ فقدتْ بكارتها قبلَ حِينْ
تسيرُ إلى البحرِ عارياً من الماضي و من أناكَ
تَغُوصُ في الماءِ قدَماكْ
تتوغل في الموج نحوِ موتٍ في السُّدى...
البحرُ أرحم من ذاكرة لا تلينْ....

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ



#محمد_البوعيادي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- فالسُ الرّحيلْ...
- ڨالسُ الرّحيلْ (اللقاء الأخيرْ)
- طعنة الخيانة...
- عُتمة الزوايا (2) - لعبة الذكريات
- سعيد...رفيقي
- عُتمة الزوايا (1)
- كورنيشُ الأحزانْ...
- .أَرقٌ وَ شكْ.
- خرف
- المثقف المغربي والخذلان.
- زَطْلَةٌ نَازِيّةٌ
- بُصاقُ اللامعنى
- سَفَالةٌ
- رَشْمٌ خائِف
- الّليْلُ و الكَأْسُ
- شفرة قديمة
- شهقة جسد
- جمرتانِ
- زرهون يا معشوقتي
- خريف الجسد


المزيد.....




- الناقد ليث الرواجفة: كيف تعيد -شعرية النسق الدميم- تشكيل الج ...
- تقنيات المستقبل تغزو صناعات السيارات والسينما واللياقة البدن ...
- اتحاد الأدباء ووزارة الثقافة يحتفيان بالشاعر والمترجم الكبير ...
- كيف كانت رائحة روما القديمة؟ رحلة عبر تاريخ الحواس
- منع إيما واتسون نجمة سلسلة أفلام -هاري بوتر- من القيادة لـ6 ...
- بعد اعتزالها الغناء وارتدائها الحجاب…مدحت العدل يثير جدلا بت ...
- ترشيح المخرج رون هوارد لجائزة -إيمي- لأول مرة في فئة التمثيل ...
- توم هولاند -متحمس للغاية- لفيلم -Spider-Man 4-.. إليكم السبب ...
- 100 فيلم لا تُنسى.. اختيارات نيويورك تايمز لسينما الألفية ال ...
- الحكم على ثلاثة بالسجن لمساعدتهم في جريمة قتل مغني الراب سي ...


المزيد.....

- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ
- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد البوعيادي - رَمادُ مُعتقَلْ...