أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - أحمد عفيفى - نكسة الحُديبية













المزيد.....

نكسة الحُديبية


أحمد عفيفى

الحوار المتمدن-العدد: 3976 - 2013 / 1 / 18 - 09:49
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


" ما شككت منذ أسلمت إلا الساعة "
عمر بن الخطاب – بعد صلح الحديبية

كان قد سألني الأستاذ حامد يوسف في معرض حديث سابق وقال " لماذا يا أحمد؛ لماذا تنبش بالماضي " ، والآن أنا أرد، لأنه بالماضي يا سيدي، يتشكل وعينا، وتنتقل إلينا قيمنا وخبراتنا، فجدي ووالدي كانا رجلين من خيار الناس، بنقائهما وورعهما ووعيهما، ذلك النقاء والورع والوعي الذي يكتسبه وينميه رجال الريف، الذين عاشوا وتربوا وتعودوا على الزراعة والعمل والاستقرار، عكس عصابات المسلمين البدو الذين جاءوا إلي مصر بكل شغفهم للغنيمة والغزو والقتل، تحت راية عقيدة فاسدة، وبزعامة تعليمات لأب روحي أفسد، أفسد الأرواح قبل أن يفسد في الأرض، وجعل من تابعية لصوص ومرتزقة، يتنقلون حيث وجد القمح والذهب والنساء، ولو أنه معلم وأنهم مريدين، لانتقلت رسالته الدموية بالحكمة والموعظة الحسنة، بدلا من السيف والقتل والحرب والرعب والترهيب والغزو والقهر والجزية والخراج وجبر الناس على الإسلام " أسلم تسلم " ، وجبر النساء بكل نطاعة ودناءة وحقارة لم تتواجد حتى في الجاهلية على الرق أو السبي أو النكاح.

وكارثية تلك التعاليم البدوية الدموية، أنها تنتقل في الجينات، لتجعل من مسلمي اليوم، خاصة غلاة السلفيين منهم، نفس المتحجرين الدمويين الذين لا يحبون الحياة ولا يحترمونها، ولا يحترمون المرأة ولا يحبونها، ولا يحبون الإنسانية أو يحترمونها، هم منغلقون كأهل الكهف عند مفاهيمهم البدوية الدموية الشكلية، التي لم ولن تتقدم بهم خطوة واحدة في سلم التطور، وستظل تجعلهم أتباع جهلة لرجل ميت، وجل وجودهم في الحياة أصبح مجرد فقر وجهل وموت مستمر لمجتمعاتهم ولمجتمعات العالم المتحضرة المسالمة، ممن تفترض فيهم الآدمية وتؤويهم عندها، حتى يعودوا سيرتهم الأولى وجهلهم الأول وبدويتهم وهمجيتهم الموروثة جينيا إسلاميا، ونفعيتهم وتناقضهم الموروث عن زعيمهم الروحي الداهية الراحل، تلك النفعية والتناقض اللذان يجعلهم يقاتلون بعضهم البعض في سوريا، ولا يقاتلون اليهود في الجولان.

الحديبية مكان يبعد عن مكة بتسعة أميال، وفيها انتهت – عُمرة الحديبية – التي يذكرها مؤرخي المسلمون بـ - غزوة الحديبية - ، والتي تمت بها توقيع – صلح الحديبية – بين محمد وقبيلته وعشيرته الأقربون – قريش – بعد أن كان قد استيقظ في يوم ليخبر عصابته من المهاجرين والأنصار أنه رأى رؤية في المنام – وليست وحياً – أنه يفتح مكة والتي عندما لم يفتحها بعد ذلك الصلح هرب كعادته أمام رجاله بقوله " أفقلت لكم من عامي هذا! " إي أنني لم أخبركم أنني سوف أفتح مكة ذلك العام الذي خرجوا فيه لفتحها بعد رؤيته المنامية وبالطبع صدقوه كعادتهم ليس لأنه الصادق ولكن لأنهم الأغبياء غير الحريصين على صدق أو شرف وجل حرصهم على غنيمة أو سبيه.

والمذهل في أمر محمد، نبي الإسلام، أنه فعل تماماً فعل قريش الجاهلية عند الخروج لمكة، فدعا إلى عُمره، ومارس نفس شعائر قريش، فساق أمامه البُدُن – البعير المساقة للذبح – وسار أمام رجاله يلبي فيلبون، وهي تظاهرة دينية واضحة الرسالة لقريش – قبيلته بالأول والآخر – رغم كل شعاراته عن الأممية ونبذ القبلية والعشائرية، ذلك النبذ الذي فرّق بين الأخ وأخيه والابن وأبيه، تظاهرة دينية شعائرية بنفس الطقوس تُبلغ قريش انه جاء محترما لمشاعرها وشعائرها وطقوسها، وحينما لم تنطلي تلك المداهنة وذلك التملق على قريش، أعدت العدة لملاقاته على الطريق، وحين علم جَبُن وأرتد إلى عصابته يسألهم الرأي والمشورة وهو من هو، وهو من يوحى إليه، أو هكذا كان يزعم " أشيروا علّى، أترون أن نميل على ذراري – ذرية – هؤلاء الذين أعانوهم، فنصيبهم، فإن قعدوا، قعدوا موتورين محرومين، وإن نجوا تكن عنقا قطعها الله؟ أم ترون أن نؤم البيت فمن صدنا عنه قاتلناه؟ " منطق زعيم عصابة مائة بالمائة، بل وزعيم عصابة موتور وسادي، حين لا يقوى على مواجهة الأقوياء من الرجال، يتجه فورا دون شرف أو وازع من ضمير للتفكير بقتل أبناءهم العزل في بيوتهم ومأمنهم وهم صغار بمفردهم، وإما أن يقتل من يمنعه من أجل أن يعتمر بطقوس وشعائر الجاهلية وإلى أين؟ إلى البيت الحرام!

والمذهل أيضا، أن راحلته بركت قبل مكة في الحديبية وعلى ثنية تشرف على غائط القوم أي على مكان يجاور المكان الذي يأتي له القوم لقضاء حاجتهم، فقال من معه " خلأت القصواء " والقصواء هي راحلته أو ناقته، فقال " ما خلأت لكن حبسها حابس الفيل " نبي الإسلام يقول عن دابته أنه منعها من بلوغ مكة ما منع فيل أبرهة من بلوغها! ثم يُكمل كلامه " أما والله لا يسألوني اليوم – يقصد قريش – خطة فيها تعظيم حرمة الله، إلا أعطيتهم إياها " وفي ذلك عودة أخري لحب القبيلة الأم، وعدم الرغبة في قتالها، تلك الرغبة التي خرجت للنور كفعل فاضح في التاريخ العام، عندما ترك قريش وأهلها طلقاء، وهو من أباد قريظة اليهودية عن بكرة أبيها في يثرب، بعد أن أعانوه بالأدوات والمعدات ليحفر الخندق في وقعة الأحزاب، وضد من، ضد قريش التي حفظ عليها حياتها! وتراجع عن قتال قريش، التي خرج لها بألف وستمائة مُعتمر مدججين بالسلاح والدروع والحديد! والتي وافق على صلحها المخزي الذي ثار له عمر وهو عمر وزيره وأحد العمرين وقال " ما شككت منذ أسلمت إلا الساعة " فقط ليُرضى قريش، وترضى عنه قريش، قبيلته وعشيرته، التي أهانته وكذبته وطردته!

ويأتي سهيل بن عمرو رجل المفاوضات القرشي المحنك ليضع شروطا للصلح تضمن كرامة قريش أمام الأعراب بهدنة مدتها عشر سنوات لا يتعرض فيها احد للآخر لضمان عودة الأمان لطريق الإيلاف التجاري ويوافق محمد
وأن من أحب أن يحالف قريشا من العرب حالفها ومن أحب محالفة محمد حالفه – دون ذكر أو اعتراف أو إشارة لصفته كرسول لله، بل فقط محمد - ويوافق أيضا محمد
وترتفع المطالب المكية تدريجيا برضوخه المستمر، أن من أتى محمداً بغير أذن وليه رده إليهم ويوافق محمد
ثم تتعالى نبرة التشدد أكثر فيقول سهيل: وأنه من أتى قريش من أصحاب محمد لم يردوه إليه ويستمر محمد في الموافقة والرضوخ
ويستمر سهيل في الضغط: ويعود محمد برجاله عن مكة هذا العام ليعودوا في العام المقبل دون سلاح أو حديد إلا سلاح الراكب المسافر العادي، حيث يتركها أهلها لهم ثلاثة أيام، يعتمر بها ثم يتركها مغادراً ويوافق أيضا محمد

وعندما تبدأ كتابة الصلح الرسمي، بدأ محمد يُملي علي بن أبي طالب الكتاب قائلا: " اكتب: بسم الله الرحمن الرحيم " ، رد سهيل على الفور: " أما الرحمن فما أدري والله ما هو؟ " " اكتب باسمك اللهم كما كنت تكتب "، فيقول محمد لعلي ولا يعترض: " اكتب باسمك اللهم؛ هذا ما قاضى عليه محمد رسول الله سهيل بن عمرو " لكن سهيل يعترض: " لو كنا نعلم أنك رسول الله ما قاتلناك، لكن اكتب اسمك واسم أبيك " ، فيأمر محمد علي أن يمحو " رسول الله " ويرفض علي، فيمسك محمد الصحيفة ويمحو " رسول الله " ويكتب بخط يده محمد بن عبد الله.

وكان اعتراف محمد لقريش بقواعد التعامل مع البيت المكي الحرام، وبالعُمرة، وبالنسق الديني الجاهلي المتعلق بالكعبة، بلاغا واضح المعاني والمعالم بخطواته التوفيقية الجديدة، والتخلص من يهود يثرب بالقتل أو الاغتيال أو الطرد، فقط لأنهم أصحاب كتاب من ذات المصدر السماوي الذي يأتي منه الكلم القرآني، وكان مفترضاً أن يكونوا مصدقين لما أتى محمد من آي الكتاب القرآني، لكنهم إطلاقا لم يعترفوا له مطلقا بهذه الصلة مع السماء، فتمت إزاحتهم وإزاحة رموزهم الدينية إلي الوراء، لتحل محلها الكعبة المكية محل أورشليم، وعاد محمد إلى تمجيد المعبد الذي قدسه الجاهليون طوال عصورهم الجاهلية، وهي العودة التي صحبت باحترام ذلك البناء المكي المتواضع هندسيا ومعماريا، وإلقائه في رحم تاريخ أقدم يعود به إلى زمن آدم ثم إبراهيم فإسماعيل، ليتحول تماماً مع صلح الحديبية إلى المشاعر العربية القرشية المكية، فيهل بالمناسك الأولى التي هي مناسكهم وأعرافهم التي تواضعوا عليها.

أي بهيمة، لو كانت حضرت الحديبية، كانت بالقطع سوف تشك في صدق الرجل، وفي صدق دعوته، ولن تشك في حبه لقومه وقبيلته ورغبته في الصلح معها والرجوع إليها إياً كانت الشروط والضغوط، وهو الذي خرج لغزوهم بألف وستمائة مقاتل مدرعين، ولم يفعلها في غزوه لباقي القبائل العربية منها قبل اليهودية، وكل كلامه عن أممية الإسلام وعالمية الدعوة وحق المساواة، كان محض تحفيز للمستضعفين والمغامرين والمقامرين، الذين كان يميز بعضهم ويسترق بعضهم، من أجل أن تخرج الدعوة وتكتمل وتستمر في البيت الهاشمي القرشي، ومن مكة بلدته وجلدته وعشيرته، ومكان بيته العتيق المتواضع، والأمر برمته دعوة محلية ضلت طريقها للعالمية كما تفضل وذكر أستاذ هشام حتاته في معرض حديث شخصي له، تلقتها عقول بدوية بدائية تبنت فقه الغزو والجهل منذ محمد بن عبد الله مروراً بـ محمد بن عبد الوهاب وصولا إلي أجهل وأغبى وأحط أمة على وجه الأرض الآن.

المصدر – حروب دولة الرسول – سيد القِمَني



#أحمد_عفيفى (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حقيقة الخُدعة
- كتاب الفوضى السماوي
- الرب كافر
- الله و الحب
- أحسن تقويم
- شرّ الله
- اللوح البلورى
- متلازمة الدين والسلطة
- أم الملحدين
- ماهية الدين
- أسباب النزول
- التجليات لابن عفيفي
- غير الموجود
- العدل الإلهى
- هكذا تكلم عفيفي
- أسئلة بريئة
- لصوص ولكن أحبار
- الناسخ و الممسوخ
- نواضر الأيك
- الإسلام المازوخى


المزيد.....




- أول مرة في التاريخ.. رفع الأذان في بيت هذا الوزير!
- أول مرة في تاريخ الـ-بوت هاوس-.. رفع الأذان في بيت الوزير ال ...
- قصة تعود إلى 2015.. علاقة -داعش- و-الإخوان- بهجوم موسكو
- صلاة الجمعة الثالثة من شهر رمضان.. الاحتلال يعيق وصول المواط ...
- السعودية.. الأمن العام يوجه دعوة للمواطنين والمقيمين بشأن ال ...
- صلاة راهبة مسيحية في لبنان من أجل مقاتلي حزب الله تٌثير ضجة ...
- الإفتاء المصرية تحسم الجدل حول فيديو إمام مسجد يتفحّص هاتفه ...
- كيف يؤثر التهديد الإرهابي المتزايد لتنظيم الدولة الإسلامية ع ...
- دولة إسلامية تفتتح مسجدا للمتحولين جنسيا
- فيديو البابا فرانسيس يغسل أقدام سيدات فقط ويكسر تقاليد طقوس ...


المزيد.....

- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود
- فصول من فصلات التاريخ : الدول العلمانية والدين والإرهاب. / يوسف هشام محمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - أحمد عفيفى - نكسة الحُديبية