أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ماجد الحيدر - قف للتفتيش - شعر مؤيد طيب - ترجمة ماجد الحيدر















المزيد.....

قف للتفتيش - شعر مؤيد طيب - ترجمة ماجد الحيدر


ماجد الحيدر
شاعر وقاص ومترجم

(Majid Alhydar)


الحوار المتمدن-العدد: 3975 - 2013 / 1 / 17 - 22:10
المحور: الادب والفن
    



لم يكن شتاءً (1)
لم يكن بالربيع أو الخريف
لم يكن فجراً
لم يكن عصراً
لم يكن بالغروب، ولا وضَح الصباح..
كانت ظهيرةً تموزية
والشمس نارٌ تتلظى
تكوي الطريقَ شبراً فشبرا..
ذاك الطريق الأسود
مثل فم بركان
أو كنهرٍ في الجحيم
يصبُّ شلاّلُه في قلبِ بحيرةٍ
من ذهبٍ أسود
وكفاحٍ قرمزي
وأحلام خضراء..
آهٍ .. هناك
في فم تلك البحيرة التي
تغلي من قهر
ثمةَ عمودٌ قصير
كقامةِ سلطانٍ قميء
يحمل كلمتين سوداوين
سلَّهما من معجم الحقد والفاشية :
" قف للتفتيش "

أمام ذاك العمود
خمساً وعشرين ساعةً في اليوم
ثمة جوقةٌ من كلاب..
كلابٌ إذا ما عوت
تتوقف القوافل..
أمام ذاك العمود
خمساً وعشرين ساعةً في اليوم
ثمة جوقةٌ من كلاب..
كلابٌ إذا ما عوت
لن تمرَّ حفنةٌ من سكّر أو شاي
لن تمر قبضةٌ من سمنةٍ أو دقيق
أمام ذاك العمود
خمساً وعشرين ساعةً في اليوم
ثمة جوقةٌ من كلاب..
كلابٌ إذا ما عوت
يترجل كل من لا يحمل وشما على الجبين
...
أمام ذاك العمود .. عوت الكلاب
وترجل راكبان
راكبان بجبينٍ وضيء
أسلما العنان وترجَّلا..
لا مِن حصانٍ كميت
لا من فرسٍ كحلاء
بل من عربة "جيب"

الطين والوحل والحمل الثقيل
برى الظهرين .. أحناهما
والثلج والمطر والشمس
أنهك منهما العظام
آهٍ .. من تلك "الجيب"
ترجل الشقيقان و...
أنتَ أولاً .. يا أخي الكبير !
كان شتلةَ حورٍ جبلية
ثماني عشرة ربيعا أخضر
لوحت شموسها
ذلك الوجه المشرق المليح
كل ما فوق جلده :
طاقيةٌ وقميصٌ وسروالٌ مرقع
ما من بندقية "برنو" على كتفه
ما من صَفَّي رصاص خلف ظهره
ما من خنجر في حزامه
ما من "رمانة" تحت القميص
لا .. لا..
في إصبع يده اليمنى
حلقةٌ رفيعة من ذهب
في قلبه
جميلةٌ سمراء
وحديقة خضراء
وصفٌّ من الجبال الثلجية..
...
وعوت الكلاب
فجأة ..
لسعت صدغه فوهة مسدس
وعوت الكلاب
والأعين السود .. شبَّ فيها الخوف
لكنها لم تلذ بالفرار
وعوت الكلاب
"قل أنا بريء من الجبال
قل أنا بريء من الثلج
قل لقد فرَّ بارزاني (2)
قل فليعش سلطانُ بغداد!! "
...
صارت الشمس صفيحةً سوداء
ولاذت بغيمةٍ أشد سواداً
صار التراب بركاناً .. زلزالاً
رقصت فوق رأسه الوحوش والسعالي
وتلك الحلقة الذهبية الرفيعة
بترت إصبعه وفرت
وتلك الجميلة السمراء
تلك العروس التي تدخل غرفة عرسها
طرحت إزارها في التراب
وسودت زينة وجهها
والحديقة الخضراء
شب فيها اللهيب..
ولاذ المسافر بعَرض الجبال
تلك الجبال التي
لم تزل شماء
ولم يزل الثلج .. والدم السخين
يلون منها القمم .. بالحمرة والبياض
ولم تزل راسخات..
الخوف ولّى
صار المسافر حنجرةً ليس غير
وصارت الحنجرة ناراً تتقد
وصاحت :
"لو تنكر الفجر للشمس..
سيجثم كالليل
لو أنكر البحر ماءه
لن يعود غير بعضِ الزَبَد
لو أنكر الثلج بياضه
يستحيلُ سخاماً
ولو تنكرتُ للجبال
للثلج وبارزاني
لو أحنيت رأسي لسلطان بغداد
ليشد فيه اللجام
سأظل حتى موتي
عبداً خَنوعاً
لا .. لا..
فلتعش الجبال
فليعش الثلج .. وبارزاني
وليمت سلطانُ بغداد ! "
...
وهاجت الكلاب
وتطاير الشرر
من ظمئها للدماء
...
وأشبع المسافر –شتلة الحور الفارعة-
ناظريه من مشهد الثلج والجبال
أشبع صدره من نسيم المصائف
أشبع قلبه بالشهادة
وضحك مليّاً .. من الموت
ثم هوى
وأحنى سيد الجبال رأسه
ومن عينه الثلجية
أرسل شلالا من دموع
***
لم يكن شتاءً
لم يكن بالربيع أو الخريف
لم يكن فجراً
لم يكن عصراً
لم يكن بالغروب، ولا وضَح الصباح..
كانت ظهيرةً تموزية
وفي فم تلك البحيرة
من الذهبٍ الأسود
والكفاح القرمزي
والأحلام الخضراء..
ثمةَ عمودٌ
عمود قصير
كحظّ سلطانٍ قميء
يحمل كلمتين
سلهما من معجم الفاشية والحقد
"قف للتفتيش!"
قبالة ذاك العمود .. في تلك الظهيرة
شهدت أعين النجوم
ونادت الشمس للصلاة
وسجدوا جميعا
للدم الأحمر
قبالة ذاك العمود .. في تلك الظهيرة
شهدت أعين النجوم
وإذا ذلك الإسفلت الأسود
يزهر فجأةً
يصير جنينةً .. روضةً زاهية !
وانحنى القمر للقطاف
وملأ أحضانه بالورود !
...
وعوت الكلاب
عوت من جديد
ومدت مخالبها
مخالبها المنقوعةٌ بالدماء
للمسافر الصغير
للبرعم الغافي
المغمور بالندى
للريحانة الغضة الطالعة :
رهبةُ الجريمة العظيمة
صمّتهُ وأخرسته
ما من بندقية "برنو" على كتفه
ما من صَفَّي رصاص خلف ظهره
ما من خنجر في حزامه
ما من "رمانة" في عبّه
لم ينبت له شاربان
لم يهب قلبه لسمراء
لم يضع في إصبعه خاتماً من ذهب
لا .. لا..
كل زينته.. كل ثيابه.. كل سلاحه
حجاب أخضر تحت القميص
وحفنةٌ من بذور زهرة الشمس
في جيبه الأيسر
وعشر حبات من حلوى
عشرٌ كسنيّ عمره
في جيبه الأيمن!
لم يعتلِ الجبالَ يوماً
لم يذق ثلوج القمم
لم يرَ الكهوف والخنادق
لم يكلم مقاتلَ بيشمركةٍ يوماً
لم يعرف بارزاني
ولم يدرِ من يكونُ .. سلطانً بغداد!
لكن قلبه كان يتلو الشهادة
وتلك الكلمات التي كانت "الكلاب"
تأمره كي يعيدها
كانت كفراً عظيماً
لو تلفظ به
لن يرى الجنة يوماً !
...
المسافر الصغير
ذلك الذي أخرسته الجريمة
فجأةً .. صار بلبلاً
وفي قلب تلك الروضة الزاهية
صدح بأغنيةِ أخيه
" فلتعش الجبال
فليعش الثلج .. وبارزاني
وليمت سلطانُ بغداد ! "

(1) القصيدة قائمة على واقعة حقيقية حدثت في تموز 1963 قرب كركوك أبان حكم الفاشست انقلابيي 8 شباط الأسود.
(2) المقصود هو الملا مصطفي البارزاني (1903-1979) أبرز قادة الحركة التحررية الكردية في القرن العشرين. وكان بعض أفراد السيطرات الفاشية يطلبون من المسافرين الكرد شتمه كشرط للسماح لهم بالعبور، إمعاناً في إذلالهم.



#ماجد_الحيدر (هاشتاغ)       Majid_Alhydar#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أيها المصور .. يا مصور الحانة العجوز
- بيرسي بيش شيللي-قناع الفوضى
- المهود للشاعر الفرنسي رينيه سوللي برودوم
- فرط الحساسية الناتجة عن استخدامات الهواتف النقالة
- شيللي - حارس الغاب والعندليب
- كيف تصبح ناقداً حداثوياً في ثلاثة أيام بدون معلم
- عوع.. آني أرجع للعراق ؟!
- شخير أوديسيوس - شعر
- لا.. لستُ هو! - شعر
- أمة أضحكت الأمم - مو انته مثقف وتفتهم
- ترنيمة جنائزية للسنة - شيللي
- حديث مع مستشار
- اركض يا بابا - شعر
- أغنية الراعي البراغماتي الفصيح
- أحذية - قصة قصيرة جدا
- هي.. وهي - قصة قصيرة جداً
- يوم قتل الخليفة-قصة قصيرة جداً
- رسالة الى صديق
- أغنية الوكيل الأمني-شعر
- أغنية الزنديق الأثيني-شعر


المزيد.....




- رواية -الحرّاني- تعيد إحياء مدينة حرّان بجدلها الفلسفي والدي ...
- ضجة في إسرائيل بعد فوز فيلم عن طفل فلسطيني بجائزة كبيرة.. و ...
- كيت بلانشيت ضيفة شرف الدورة الـ8 من مهرجان الجونة السينمائي ...
- رائحة الزينكو.. شهادة إنسانية عن حياة المخيمات الفلسطينية
- لحظة انتصار على السردية الصهيونية في السينما: فيلم صوت هند ر ...
- -أتذوق، اسمع، أرى- كتاب جديد لعبد الصمد الكباص حول فلسفة الح ...
- “انثى فرس النبي- للسورية مناهل السهوي تفوز بجائزة “خالد خليف ...
- وفاة الممثل والمخرج الأمريكي روبرت ريدفورد عن عمر ناهز 89 عا ...
- الشلوخ في مجتمعات جنوب السودان.. طقوس جمالية تواجه الاندثار ...
- سوريا.. فوز -أنثى فرس النبي- بجائزة خالد خليفة للرواية في دو ...


المزيد.....

- هبنّقة / كمال التاغوتي
- يوميات رجل متشائل رواية شعرية مكثفة. الجزء الثالث 2025 / السيد حافظ
- للجرح شكل الوتر / د. خالد زغريت
- الثريا في ليالينا نائمة / د. خالد زغريت
- حوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الأول / السيد حافظ
- يوميات رجل غير مهزوم. عما يشبه الشعر / السيد حافظ
- نقوش على الجدار الحزين / مأمون أحمد مصطفى زيدان
- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى
- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ
- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ماجد الحيدر - قف للتفتيش - شعر مؤيد طيب - ترجمة ماجد الحيدر