أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - خليل فاضل - عصفور البدرشين














المزيد.....

عصفور البدرشين


خليل فاضل

الحوار المتمدن-العدد: 3975 - 2013 / 1 / 17 - 01:06
المحور: الادب والفن
    


بعد مرور القطار من محطة البدرشين (مدينة تقع على أطراف العاصمة المصرية القاهرة وتبعد عنها بحوالي 17كيلو مترا ناحية الجنوب، ويوجد بها أقدم ـ كوبري المرازيق ـ وهو أكبر كوبري علوي على النيل، لعبور السيارات والقطارات)، فوجئوا بحركة اهتزاز شديدة بعد سماع صوت ارتطام قوى في العربة الأخير، أصوات رعب وصرخات سيطرت على المجندين، وأشلاء تتطاير ومجندون يقفزون من عربة القطار على القضبان، وشريط السكة الحديد، لمسافة كيلومتر تحولت المنطقة التي وقع بها الحادث إلى «منطقة موت» تفوح منها رائحة الدم من كل مكان لتحول عربات القطار إلى كتلة من الصفيح، بعد انفصال العجلات عنه، وقد انقلبت العربة الأخيرة ودخل المجندون في حالة ذعر وحزن على زملائهم. وتحولت منطقة كوبري أبوربع إلى ساحة أحزان ... المصري اليوم في 15 يناير 2013 مصر و


"ذهَبَ الليلُ
طلعَ الفجرُ
والعصفور صوْصو صاو"
...
خرجَ الجنُّ، من عباءته
افترش الأرض وصرخ الآه
دخل الجنّى من ننّي العين
فجّرَّ عربة .. دمّر قطار
"صوصو صاو "
........
البدرشين
آه يا ليل .. آه يا عين
...
تمدّدَت الجثث لمرمى البصَر
امتدَّ النحيبُ لتجويفِ الأذنين
نعق غراب البيْن
رفرف عصفور
مذبوحًا من الوريد
مفقوء العينين
آه يا ليل .. آه يا عين
البدرشين .. حبّةُ عين
قطار الزمن الماضي
تفتت أجزاء
أولاد الثورة .. صاروا أشلاء
تبحث عن كفن
...
البدرشين
حبة عين
قطار الزمن السحيق
تناثر أجزاء
شعبٌ من عصر الثورة
تبعثر أشلاء
لا كفن يسع الوطن
ولا كيس دم .. ولا قطرة ماء
تبلل شفتي المُحتضِر
ولا إناء
يحمل فيه معدته وقلبه
ولا ألف باء
نبدأ بها لغة الدم
ولا كبرياء
لا تابوت يسعُ الملايين
....
البدرشين
بحرُ دماء
صرخةُ أمٍ في أسيوط
وجهُ أب في انكفاء
فوق الطين
في الإسكندرية والبدرشين
حديدُ المركبة الصدئ
في عنقِ رئيس الوزراء
ليلنا مُدلَهِّم
نهارنا ضنين
لا تشفيه زيارة أو تصريح
أو مباركة وتمسحٌ في ضريح
...
لا يشفيه إلا الدّم
على النصلِ وفوق السكّين
....
البدرشين
جُند الأمن المشحونين
قطيع ماشيةٍ عند الأعيان
كالخرفان
تنتظر الذبح
تجيد الطاعة والسمع
...
كالمسئولين
كالعُقمِ الفاجر يطلٌّ من أعينهم في التلفاز
كالصُبح
كالكذبِ كالتبرير
...
البدرشين
محطة سكة حديد
في جوف الأرض
تأتي بعد الفجر
من أسيوط
...
تبتلُّ بدمع العين
تـُكوى بماءِ النار
تتعفرُّ بالزفت
تتعطرُّ بالأسفلت
بالزيت
بالمحولات بالفلنكات
بعظام الصدر.. والرئتين
.....
البدرشين
حلقة عُهر في سلسلة الفشل المُمتدّ
من رأس التين
للمقطم، للاتحادية والدستورية
ميدان النهضة
وصوت الجعرانِ الأجوف
فحيح الأفعى والخصيان
والمجذومين
...
سفينة الحمقى ارتحلت إليكِ
يا قاهرة المُعزّ
حطـّت على باب الفتوح
فوضعت لمصر الجنين
دميمًا مُلطخًا بالدم المخلوط بالزيت
بالسَفهِ والحُمق والعفن
بالوجه المنبعج ناحية اليسار
وناحية اليمين
...
آه يا بدرشين
عجلات قطارك انفجرت غيظًا
وبؤسًا وعطنا
فأكلت أحشاء البنين
...
تبعثرت الجثث كبقايا الطعام
كلعبِ الأطفال
في الروضة، في غرفِ الدرْس
في المكانِ الأمين
كصور الخُطبة والزفاف
وكتب الكتاب
وما ملكت اليمين
"إلا بما يرضى الله"
السميع العليم
تمضي كعلبِ الحلوى والكشري
في شاحنات الليل البهيم
ترفع من قسوة النهار
إلى السيارات البطيئة
والتكاتك ..
تتوهج على الأرصفة قهرًا
تفرد أجنحة الموت
وطواطًا يُمزق الأحشاء والمبيضين
تومض في رمل الصحراء ذهبًا
مسروقًـًا
طاقية على رأس مُجنّد
كوفية تتعطر بالروحِ المضطربة
غـُصة في حلوق لصوص الحياة
مُغتصبي الوطن
سارقي الأمن وراحة البال
والخبز المغموس بالدم الذي لا يجف
على قضيب القطار الذي لا يقف
عند رأس تحتمس
وإخناتون
عند قبر سيد المرسلين
...
آه يا بدرشين
تكوّمنا عند خاصرتك
فلا تبكي لأن الحلق جفّ
واشتعل
حريقًا يسري في الهشيم
...
قامت الأقزامُ من جحورها
واختفى العمالقة
خلف سور المدينة
فنادى المنادي في الصباح المشدود
على الرصيف
...
بارتفاع المشانقِ في المساء
فتأبى السماء أن تحفر قبورًا
للناس بعظامهم
كما خلقها الله ..
بأنسجتهم كما ولدتهم أمهاتهم ..
تلفـُهم بالقش وزهر الليمون
بالنرجس والزنابق والياسمين
...
آه يا بدرشين
خاصرتك لم تزل حُبلى
ويونس لم يخرج من بطن الحوت
لم يخرج أحمد وعلي وياسين
من شق الثعبان
لم يخرج أحد، لم يخرج غير المسخ
يطل بعينٍ واحدة
تنظر شزرًا إلى الوطن
راقدٌ على ظهره
بارد القدمين
أزرق الشفتين
مُعفر الجبين
...
آه يا بدرشين
لا نامت أعين الجبناء
ولا توقف الأنين
خليل فاضل
القاهرة ظهر 16/1/2013



#خليل_فاضل (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الحُسَيْني أبو ضَيْف
- الشخصية المصرية إبّان ثورة 25 يناير وما بعْدها
- التحليل النفسي للحالة المصرية الآن
- قُبَّعة الخواجة
- سيكولوجية الدم فى مصر الآن
- الفسيفساء في مواجهة الخفافيش ملامح الشخصية المصرية .. في ثور ...
- القلق المستَبِدّ وضراوة الإشاعة
- سيكولوجية رجل الأمن فى جمهورية الخوف (مصر سابقاً)
- مظاهر الاكتئاب في المجتمع العربى
- سيكولوجية المرأة العربية....
- كَرْبْ ما بَعْدْ الصَدْمَة تداعيات ما بَعْدْ الحرب مصر ولبن ...
- الأبعاد السيكولوجية لعقوبة الإعدام
- بعض الآثار النفسية لانتشار المدارسة الأمريكية في مصر
- سيكولوجية أمناء الشرطة في مصر
- محاولة لفهم المعادلة الحكومية المصرية الصعبة
- أحمد نظيف ما بين تضاد اللغة ونضوب الموهبة
- الأبعاد النفسية لحرب الشرق الأوسط السادسة
- ملامح الشخصية المصرية ..... في صِحَّتِّها وعلّتِها
- شادي عبد الموجود
- عمياء تمشط شعر مجنونة


المزيد.....




- الشَّاعرُ - علاَّل الحجَّام- فِي ديوان - السَّاعَةِ العاشِق ...
- محمد الغزالي.. الداعية الشاعر
- تحقيق المخطوطات العربية.. بين إحجام العالم وإقدام الجاهل
- رواية -نيران وادي عيزر- لمحمد ساري.. سيمفونية النضال تعزفها ...
- فنانة تشكيلية إسرائيلية تنشر تفاصيل حوار خطير عن غزة دار بين ...
- مغني راب أمريكي يرتدي بيانو بحفل -ميت غالا- ويروج لموسيقى جد ...
- فنانو أوبرا لبنانيون يغنون أناشيد النصر
- 72 فنانا يطالبون باستبعاد إسرائيل من -يوروفيجن 2025- بسبب جر ...
- أسرار المدن السينمائية التي تفضلها هوليود
- في مئوية -الرواية العظيمة-.. الحلم الأميركي بين الموت والحيا ...


المزيد.....

- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت
- أحلام تانيا / ترجمة إحسان الملائكة
- تحت الركام / الشهبي أحمد
- رواية: -النباتية-. لهان كانغ - الفصل الأول - ت: من اليابانية ... / أكد الجبوري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - خليل فاضل - عصفور البدرشين