أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - خليل فاضل - الأبعاد النفسية لحرب الشرق الأوسط السادسة















المزيد.....

الأبعاد النفسية لحرب الشرق الأوسط السادسة


خليل فاضل

الحوار المتمدن-العدد: 1648 - 2006 / 8 / 20 - 10:56
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


وردت صفة (النفسية) أكثر ما وردت في الحرب الأخيرة بين الكيان الصهيوني والمقاومة اللبنانية، نظراً لأنها المرة الأولى التي تتصدى فيها مقاومة عربية لمحور إسرائيل ـ أمريكا بهذا الوضوح والشفافية، وأيضاً بكل تلك البسالة. وهى حرب الشعوب التي انطلقت على أرض لبنان لتثأر (نفسياً) لعقود من المرارة وتجرع الذل؛ (فالموت أهون على الحر من حياة تجرعها غصص ذل وهوان). والأمر بين الكيان الصهيوني وحزب الله تحديداً أشبه بجلسة نفسية يستخدم فيها كل طرف كل الحيل النفسية كلها لكسب المعركة (إعلامياً ـ شعبياً وسياسياً)، هنا جاء الخطاب المقاوم هادئاً مبتسماً متواضعاً واثقاً ثابتاً وصادقاً، في حين بدا الخطاب المهاجم ملتبساً، معتمداً على أمريكا، مخفياً خسائر، محاولاً قدر الإمكان التشويش على أي انتصارات بإنزال خسائر أو بكسب معركة الأسري والمعتقلين.
هنا تقف إسرائيل بكل جبروتها وعنفوانها، عربدتها وتفوقها العسكري، عاجزة عن التحايل، فالمكتوم أصبح يذاع من خلال كل أجهزة الإعلام المرئية و المسموعة، وكذلك عبر الانترنت و الرسائل الخلوية (الموبايل). لجأت إسرائيل إلى كل شيئ (الترهيب، التخويف، التهجير، التدمير، الهزء من الآخر، التقليل من شأنه ومن حجمه، ومحاولة إحداث بلبلة أو شق للصفوف للحط من القدرة على الصمود وعلى المواجهة، لكن ما يحدث لم تتوقعه إطلاقاً، فبعد انسحاب إسرائيل الكامل من جنوب لبنان في مايو 2000 قسراً، ودون أية شروط إطلاقاً بدأت في العالم كله مجموعة من الأحداث وكأنها سيناريوهات دقيقة، ربما لم يكن بعضها مقصوداً فالحدث الأكبر كان في 11/9/2001 عندما هاجم تنظيم القاعدة (أمريكا)، وأياً كانت التأويلات والتفسيرات في هذا المجال، إلاّ أن ثمة نقطة تحول نفسية نالت من الهيبة الأمريكية الفظيعة.
ويمكن اختصار القول في تلك المسألة بذلك الولد مدمن الهيروين الذي جاء إلى طبيب نفسي بعد 11 سبتمبر، رقص وصاح، غنى وقفز، لمست يديه سقف الغرفة وقال (أمريكا بحالها اتضربت يا رجالة، هادوّر على طريقة أنخرط فيها في المقاومة في أي مكان على وجه الأرض ضد أمريكا وإسرائيل)، إذن فالحدث الجلل كان عامل شفاء لا يسجل في أكبر معاهد وأماكن علاج الإدمان في العالم، إنه التحول النفسي الأشدّ الذي يفجر في النفس طاقاتها ويطلق إبداعاتها. عودة إلى شكل الأحداث فمن حديث خجول عن (الشرق الأوسط الجديد)، مروراً بنكبة العراق منذ احتلاله، وفشل الإدارة الأمريكية علناً، كما فشلت وجرت أذيال الذل و العار في فيتنام و الصومال.
ثم بدأت (الفرَشة) باللعب على الأسلوب العتيق (فرق تسد)، إلى محاولة تخفيف ينابيع العنف السياسي وحسب قولهم (الإرهاب) بتغيير المناهج، بتشجيع كل أمور الإلهاء بل والتدمير الجسدي والمعنوي للأمة العربية من خلال شبابها (بالمخدرات)، إلى (حصان طراوادة) في مصر ثقافياً وشعبياً، (بحيث يتم إلغاء الناس بأكل العيش، وهو حل ويأكل كل الوقت ـ إلى الفن الرخيص واستشراء الفساد وانتشار كل المعوقات الاجتماعية، التى لا تسمح إلاّ بالسكون و السكوت، اذا خرج شيئ فهو صيحة وصرخة وألم دون أي تفعيل يمكن أن يضرّ بمصلحة الولايات المتحدة واسرائيل، انتقالاً إلى سوريا وتخويفها بقضية اغتيال (الحريري)، إلى اللعب على أوتار (عَدْوَنة) الآخر؛ فبعد (الاتحاد السوفيتي)، صار (صدام)، ثم الآن (إيران) والمدّ الشيعي ؟؟؟، إلى فلسطين والتنكر لديمقراطية انتخبت (حماس)، ثم تحييد بلدان مثل (اليمن، ليبيا والسودان بشكل مضحك تماماً)؛ إلى الامتداد بعد الفشل الواضح في العراق إلى أرض الشام، وسط كل هذا كانت المقاومة اللبنانية تحفظ الدرس وتتعلمه ولا تنتظر، لكن تكون على أهبة الاستعداد لمنازلة الخصم، ولا نزال كل الحق له بقتله وأسره و الصمود في وجهه.
عودة إلى السلام النفسي؛ فإسرائيل لا تعامل حسن نصر الله كما عاملت صدام أو بن لادن، أو حتى الظواهري (تصريحات بوش الأخيرة تعقيباً على كلام الظواهري المتلفز كان فيه استخفاف بذلك الكلام المكرر)، فحسن نصر الله كشخص وكزعيم، كقائد ومفاوض يمتلك كل الإمكانيات النفسية و الشخصية التي تؤهله لأن يكون نداً لإسرائيل، بكل ترسانتها العفية ولأمريكا بكل غطرستها الرهيبة؛ فهو يعرف أصول اللعبة، ولا يبدأ بالحد الأدنى لكن يرتفع بهامته بسقف الشروط إلى حدّها الأقصى (إطلاق سراح جميع الأسري العرب، كشف مصير كل المفقودين العرب أو إعطاء معلومات عنهم وكذلك إعطاء معلومات عنهم وكذلك إعطاء خرائط عن مواقع الألغام التي زرعها الإسرائيليون وميلشيا لحد).
وعندما وجه نصر الله رسالته الأخيرة المنمقة ذات المنهج المرتب المتسلسل لم يقل كما قال غيره (سنضرب تل أبيب)، لكنه قال (مرحلة ما بعد حيفا، وبعدئذ أردف (وفي الزمان المناسب)، (مرحلة ما بعد، بعد حيفا)؛ إذن فهو لم يهلل ولم يحدد وترك عدوه في حيرة شديدة وارتباك وخوف حقيقي (لأنه وعد وصدق في كل ما سبق ووعد به)، وهو رغم خطاباته السابقة لم يلجأ إلى (الكلمات الحماسية)، أو (علوّ الصوت)، إحتراماً للشهداء، ومالحق ببلده وأهله من ناحية ومن ناحية أخرى ليطيح بكل تصورات الغرب عن أنه (إرهابي فظيع متعطش للدماء).
إذن فهو قد بدا متحضراً (جداً)، ذكياً (للغاية)، وقادراً على الوصول إلى القلوب ربما لبعض أعدائه قبل مناصريه في كل العالم.
في الإطار العام لكل ذلك، دائماً ما يحتفظ هو بورقة (فذلك أيضاً أسلوب إسرائيل): (ورقة الطيار الإسرائيلي المفقود في لبنان 1986 رون أراد والتي ربطتها إسرائيل لأسباب داخلية بورقة الإخراج عن سمير القنطار عميد الأسري في سجون العدو).
هذا من ناحية، من ناحية أخرى تسبب نصر الله في هزّ، بل وتشويه صورة إسرائيل أمام نفسها وتهشمها أمام شعبها. إن قوة سماحة السيد حسن نصر الله تكمن في حنكته وخبرته ودرايته الشديدة بالاسرائيلين؛ فهو (الشاطر حسن) الذي يبهر حبيبته (الأمة العربية) ويأتى بالمهر اللازم لفك أسري الأسرى، وهو ـ بالقطع ـ يفاجئنا ويفاجئ العدو باستراتيجية لي الذراع، عض الأصابع، من يصرخ أولاً، من يصرخ أكثر... أو من لا يصرخ إطلاقاً ... على الرغم من القسوة الشديدة والإيلام العنيف الذى يقع عليه بسبب تفوق عدوه عليه عسكرياً، إلا أنه قادر على أن يوجعه بضرب (البارجة) و(بالصمود)، وأيضاً بضرب هذا العدو في عقر داره.
إن المسألة برمّتها مركبة (نفسية ـ سياسية ـ اجتماعية بالأساس وهنا فإن مفهوم الفضاء النفسي Psychological Space) للمقاومة اللبنانية، للعدو الإسرائيلي، لأمريكا، لكونداليزارايس، للسيد حسن نصر الله، لأولمريت، يعنى تلك البيئة المحيطة التي تتغذى من كل ما حولها ومن معطياتها الأمنية والسياسية وأيضاً الشخصية، وهنا فإن لكل من هؤلاء تفرده، فـ (جورج بوش)، حتماً غير أي رئيس أمريكي آخر (على الرغم من الإدارة الأمريكية واحدة في سياستها)، وأحمدي نجاد غير رامسنجاتى (حتماً)، على الرغم من أن السياسة الإيرانية واحدة، حتى في توجهها الإقليمي (منذ عهد الشاه)، كل تلك التفردات تخلق فرصاً للتفاوض أو تعدمها، تبادل الأسرى والمعلومات ؟؟ (كيف) وما هو معنى (التفاوض غير المباشر)، الذي هو (مباشر) مع أطراف و(غير مباشر) مع أخرى، وحتى تفسيرات ما يجرى يلخصها أحد الاسرائيلين بقوله (الجيش الإسرائيلي قوى جداً ـ لكننا لم نتوقع من حزب الله كل ذلك ـ لقاء مع قناة الجزيرة).
خلاصة الحرب النفسية تلك الدائرة أو غيرها عبر الأزمنة تكاد تتلخص في (إدارة العمليات بكل أبعادها ـ اختراق العدو بكافة السبل للتأثير على معنوياته ـ مراعاة تأثير الصورة والكلمة على جميع الناس ـ الاعتماد على الموروثات الشعبية والدينية وغيرها مثل إعطاء معلومات مغلوطة، خلق وسط محلي وعالمي مساند في المواجهة، تطويع الأجور السيئة لصالح القضية، البروباجاندا بمعناها الأوسع، والقدرة على التحكم في الأزمات، وحلّها ثم يأتي دور (الابتزاز) مباشرة وعن بعد عن طريق تحوير الأمور، وكذلك استغلال نقط الضعف لدى العدو. وأعتقد أن المقاومة ككل، وحزب الله تحديداً، والسيد حسن نصر الله، ونحن، داخل هذه الأطر حتى الآن لا مناص من اتساع الأمور، كما تزدان الجموع العربية بشرفها الذي طالما مرغته إسرائيل في الوحل.




#خليل_فاضل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ملامح الشخصية المصرية ..... في صِحَّتِّها وعلّتِها
- شادي عبد الموجود
- عمياء تمشط شعر مجنونة
- البغل والعربجي والعربة الكارو
- رقبة عبد الفتاح المائلة
- كائنــات خاليـــة من الضــــــوء
- سيكولوجية المنافق، الضلالي.. والبلطجي
- نظيف، نحن، وسيكولوجية الديموقراطية
- مفهوم الشخصية العربية


المزيد.....




- في اليابان.. قطارات بمقصورات خاصة بدءًا من عام 2026
- وانغ يي: لا يوجد علاج معجزة لحل الأزمة الأوكرانية
- مدينة سياحية شهيرة تفرض رسوم دخول للحد من أعداد السياح!
- أيهما أفضل، كثرة الاستحمام، أم التقليل منه؟
- قصف إسرائيلي جوي ومدفعي يؤدي إلى مقتل 9 فلسطينيين في غزة
- عبور أول سفينة شحن بعد انهيار جسر بالتيمور في الولايات المتح ...
- بلغاريا: القضاء يعيد النظر في ملف معارض سعودي مهدد بالترحيل ...
- غضب في لبنان بعد فيديو ضرب وسحل محامية أمام المحكمة
- لوحة كانت مفقودة للرسام غوستاف كليمت تُباع بـ32 مليون دولار ...
- حب بين الغيوم.. طيار يتقدم للزواج من مضيفة طيران أمام الركاب ...


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - خليل فاضل - الأبعاد النفسية لحرب الشرق الأوسط السادسة