أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - ميسون نعيم الرومي - ما بَعدَ السكوتْ















المزيد.....

ما بَعدَ السكوتْ


ميسون نعيم الرومي

الحوار المتمدن-العدد: 3973 - 2013 / 1 / 15 - 00:31
المحور: المجتمع المدني
    


(الـتراجـيديا الكبرى ليست الاضطهاد والعـنف ، الـذي يـرتكبه الأشـْـرار، بل صـْـمت الأخيار على ذلك) .

السكوت كما هو متعارف عليه يأخذ مسارات شتى ، وطرائق متعددة ، ودروب مختلفة ، وتعريفات متنوعـّـة ، ففي بعض الأحيان قـد يكون مستحباً ، ومثاله السكوت عن انسان تافه أوعدم مجادلة الجاهل ، والأنتهازي ، والمغرور، وهنا يكون السكوت أبلغ تعبيراً في الأحتــــقار .

السكوت مقدس عندما يسكت الصامدون دفاعا عن مبدءٍ ، إيمانا منهم به ، ووفاءً منهم إليه ، وعن قيم ، وافكاربها يؤمنون ، وفي التأريخ امثلة كثيرة عن ابطال خالدين ، صعدوا المشانق يهتفون باسم مبادئهم ، وافكارهم التي بها يؤمنون ، قطعت أجـساد المناضلون الصامدون في سجون الطغاة ، وشفاههم لم تنبس بكلمـة واحدة ، حماية لأرواح رفاق لهم في المبدأ ، فخلــّد التأريخ اسماءهم باحرف من نور لتستـمر وتبقى تنير درب الشعوب ، والأجيال الصاعدة ، و( الجود بالنفس اسمى غاية الجود ) .

إن القوانين المدنية لاتعتبر السكوت عملا ايجابيا الا في بعض الحالات الأستثنائية ، والتي اعطته موقعـاً متميـّـزاً فيـه ، حيث تقول القاعدة القانونية : (لاينسب إلى ساكت قول ) ، ولكنهم قـالوا أيضـاً : ( السكوت في معرض الحاجة بيان ) ، أو( السكوت من علامات الرضا ) ، ومثالنا على ذلك ، ما هو متداول في أعـراف مجتمعاتنا العراقيـة والعربيـّـة ، وعند الزواج حيث اعتبر سكوت العروس (عـًرفـاً) دليل على موافقتها الأقتران بمن تقدم للزواج منها .

وكذلك من الناحية الصحية .. فقد اثبتت الأبحاث ان السكوت ، وعدم الكلام عن مايعانيه الإنسان ، يؤدي الى الأصابة بامراض خطيرة ، مثل الأكتئاب ، حيث أن كبت المشاعر يولـّـد التشاؤم ، والنظرة السوداوية للحياة ، والأنزواء ، والتطيـّـر، وبالتاي إلى الحزن الذي يؤدي الى التوتر ، والأصابة بأمراض مزمنة ، مثل ارتفاع ضغط الدم وامراض القلب ، وغيرها من امراض العصر .

ويعتبر السكوت احيانا تصرفا حكيما ، وذلك في حالة الغضب اذا كان البديل قولا سيئا ، فالسكوت هنا يكون لتجنب الأنزلاق فيما لا تحمد عقباه ، ويصبح السكوت منزلـقـاً خطيرا ونقمة تقود نحو منزلق مدمـّـر .. السكوت عن المعتدي ، وعدم ردعه ، وكبح جماح الشر داخله ، والتغاضي ، وعدم محاولة مساعدة المخطأ بالرجوع الى صوابه قبل استفحال المرض ليكون آفة خطيرة ، مدمرة تنعكس اثارها على المخطئ ، وتمتد احيانا لتخريب المجتمع بجميع مكـونـّاته ، ومن يغض الطرف عن الأخطاء الجسام ، التي تتجاوز الخطوط الحمراء ، والتي تكون اثارها السلبية عامة وتهرب من التدخل وآثر السكوت وهو في مستوى المسؤولية ، يكون قد ساهم ( حتماً ) في استفحال الأزمة ، لا بل يكون ركناً من اركان التخريب ، لذلك اما ان يكون جديرا بالمكان الذي يشغله ، او عليه التنحي ، واناطة
المسؤولية الى أيادي أَمينة قادرة قبل ان تتلقفها الأيادي التي ستقود المجموعة الى مصير مجهول ، والسكوت هنا رمح يصيب في مقتل .

وفي السكوت ينتعش الشر ، وتشتد شكيمته ، وطغيانه ، ويسود البطش ، والجور ، والتعسف ، والأستبداد ، والطغيان ، لذلك وُصف الساكت بالشيطان ‘ فقيل ( الساكت عن الحق شيطان اخرس ) ومن امن العقاب اساء الأدب .

الكثير منا يسكت عن قول الحق عندما يرى ان الحقيقة يجب ان تظهر ، بل لا يقوم بأي ردة فعل ، وكأنه أصيب بالصمم ، فيجف حبر قلمه تمسكا بالمثل الدارج : ( اذا كان الكلام من فضة فالسكوت من ذهب ) ، او عاميا ( نارهم تاكل حطبهم ) ، ناسيا بذلك من ان السكوت رمزا للضعف ، والمذلة ، والنفاق ، حيث ان الأغلبية الصامتة (ومن خلال صمتها) ، قد اعطت الفرصة للتلاعب بالقوانين ، والأنظمة ، واستشـراء الفساد .
وتفشي الجهل ، وضياع الطبقة المسحوقة من الشعب ، وتهميش دور المثقف ، مما يخـلق حالة من اليأس ، والجبن ، والأنزواء ، ويصبح الصمت لـغـةً ، والسكوت موقفا .

كما أن الكلام يتحول إلى نقاشات تافهة ، ويقود إلى النقد الواهي الهدام ، والتجريح ، والأفتراء ، وخلـق الأكاذيب ، وبــث السموم المخجلة .. ليفـرز بالتالي صوراً مشوهـّـة من صور الرفض ، والأحتجاج ، وافرازات اخرى مثل الحزن ، والـبكاء ، والندب ، واللطم ، والعويـل .. الخ .

السكوت يصنع الأنتهازيه المقيتة ( الياخذ امي يصير عمي ) ، و باستطاعة الأنتهازي كما هو معروف ، تغيير جلده ، ولونه ، حسب المتطلبات والأهواء الجديدة ، ومحاولة اغتنام الفرص ، وتوظيفها لتحقيق مكاسب شخصية ، ونزوات نفسيـة ، على حـسـاب كل القيم والمبادئ الأخلاقية ، مجتهداً لتطويعها لمصلحتـه حسب الهدف المراد الوصول اليه ( الغاية تبرر الوسيلة )-

السكوت اداة هدم لكل المبادئ ، والقيم الأنسانية ، فلولا السكوت لما ولدت الدكتاتوريات التي تسرق الأوطان ، وتتوارثها ، بما فيها وتمعن في إذلال الشعوب ، التي تتمحور حول الخوف من الأنظمة المتسلطة ، التي تسلب الحريات ، والحقوق ، وتعيث في الأرض فسادا وقمعا وتجويعا وتقتيلا وتهميشا ، في كل المجالات الإجتماعية ، والإقتصادية ، والسياسية ، ومن خلال ذلك يتحول السكوت الى آفة مدمرة ، يصاحبه الخوف ، ويحيـطـه الرعب ، ويتوجـه الخنوع ، ويحتظنه الأستسلام ، وتتبناه اللامبالاة ، ليفسح المجال لهضم الحقوق ، وقتل الجرأة ، وعدم التعبير عن الغضب ، والأستياء والصمت في احرج واشد الظروف ، حتى لو قتل النظام المستبد الآف الناس ، على حساب موت القيم الأنسانية ، فتحل الكوارث التي تدمر الوطن ، بما فيه وما عليه ، وهنا يجترالساكت بصمت !!! اليأس والمرارة والذل والمهانة .

اما سكوت أصحـاب القـرار ، وصمت المثقفين ، فهو يعني بالتالي التنحي عن موقع القيادة ، واتخاذ القرار ، وابـداء الرأي ، فتسقط (دفة القيادة) بيد من لايصلح للقيادة أصلاً ، ليعيثون في الأرض فـساداً ، وتخريبا ، وتدميرا ، وهذا يعني أنهم ( اصحاب القرار والمثقفين ) شركاء مساهمين في التخريب ، والفرقة ، وتشجيع الأنقسامات المدمرة ، والتكتل المقيت ، وبصمتهم وسكوتهم هذا قد تحقق اغتيال الحاضر وقتل المستقبل .
الآن أَدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح



#ميسون_نعيم_الرومي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أَضغاث أََحلام
- الحوار
- شهادة الزور
- إلى اينَ المَسير
- كَفكِف دموعَك يا قلَم
- خمارالخَريف
- وا ويلتي .. يا وَيلَتي
- حبيبي...بلدي
- خُلاصَة الروح
- السَرابْ
- يا صاحبَ المَطرَقة العَتيد
- الدارمي
- مَتى تَنْهَض يا عِراق
- وَردَة فالنتاين
- رياح الغضَب
- لوحةالاهية مقدسة
- تُرى..هَلْ تَسْمَعْينْ.. ؟
- مساء.. النور
- حَبيب.. أبيْ
- ثَورَةٌ...مُحاصَرةٌ...صامِدَةٌ


المزيد.....




- ما مدى خطورة ملف الأقليات على استقرار سوريا؟
- شبكة -سي أن أن- تعدل تقريرها.. الخارجية الأمريكية ومسؤول ليب ...
- ترامب يعين والتز -المقال- سفيرا لدى الأمم المتحدة
- موظفون أمميون يتظاهرون بجنيف ضد اقتطاعات التمويل
- ترامب يُعين والتز سفيرا لدى الأمم المتحدة ويختار خليفته لمنص ...
- لقطة جوية لرمز الاستغاثة “SOS” شكلها معتقلون بأجسادهم من داخ ...
- برنامج الأغذية العالمي يعلن خواء مخازنه في غزة
- حماس تدين الموقف الأمريكي الداعم لحظر عمل -الأونروا-
- صحة غزة تطالب بتحرك دولي عاجل لإنقاذ القطاع من المجاعة والأم ...
- الأونروا: قطاع غزة لم يتلقَ أي إمدادات إنسانية أو تجارية منذ ...


المزيد.....

- أسئلة خيارات متعددة في الاستراتيجية / محمد عبد الكريم يوسف
- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - ميسون نعيم الرومي - ما بَعدَ السكوتْ