أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مقابلات و حوارات - فاطمة ناعوت - مجلة -آخر ساعة- المصرية تحاور فاطمة ناعوت















المزيد.....

مجلة -آخر ساعة- المصرية تحاور فاطمة ناعوت


فاطمة ناعوت

الحوار المتمدن-العدد: 1145 - 2005 / 3 / 23 - 13:15
المحور: مقابلات و حوارات
    


أجرت الحوار: أمل فؤاد
صممتْ بيوتًا للجسد .. وشيّدت مرافئً للروح
الشاعرة فاطمة ناعوت: الشعر منظومة جمالية مثل فن العمارة

"لا شيء أكثر من ألم عظيم يجعلنا أعظم".. هكذا قال الشاعر الفرنسي الكبير ألفريد دي موسيه... وتطبيقا جاءت بعض قصائد ديوان الشاعرة فاطمة ناعوت الأخير كقطرات عطر شعري مشحون بعذابات ذاتية، هي الشرط المضني للأمومة... كتبت فاطمة قصائد لولديها مازن وعمر، وأفصحت عن محنة مرض التوحد " الأوتيزم" الذي لازم عمر، حتى أفردت قصيدة كاملة باسمه.
بدأت إنجازها الإنساني بالهندسة المعمارية، فرسمت بيوتًا حميمة للجسد، ثم انتقلت للإبداع، فشيدت بأبيات الشعر مرافئ للروح... هي الشاعرة والمترجمة والناقدة الأدبية الشابة فاطمة ناعوت، التي حققت تعريف الشاعر الألماني الأعظم جوته عن البيانات المعمارية المبهرة، التي وصفها بالمقطوعات الموسيقية المتجمدة! والشعر، بما يحويه من فيض في موسيقي، ذو ارتباط أكيد بالعمارة من هذا المنطلق البديع.
كتبت ناعوت أربعة دواوين شعرية كان أولها "نقرة إصبع" ثم ديوان "على بعد سنتيمتر واحد من الأرض" و "قطاع طولي في الذاكرة"، ثم صدر ديوانها الأخير عن وزارة الثقافة اليمنية بعنوان "فوق كفِّ امرأة" وذلك ضمن فعاليات الاحتفال بصنعاء عاصمة للثقافة العربية هذا العام 2004. كما ترجمت مجموعة من القصائد الإنجليزية والأمريكية المعاصرة التي صدرت عن سلسلة "آفاق عالمية" عن الهيئة المصرية لقصور الثقافة بعنوان كالصدمة هو "مشجوج بفأس".
" تكتب الشعر بالعربية والإنجليزية، فتخترق حواجز اللغات والثقافات كي تتواصل مع ذاتها في لحظات صدام حميم وموجع وتترجم رؤيتها إلى كلمات لم يسبق لها الدخول في قاموس الشعر من قبل"... هذه سطور مقتطعة من شهادة الناقد الكبير د. صلاح فضل عن شعر فاطمة ناعوت، وفي سياق آخر قال عنها الشاعر د. حسن فتح الباب، إنها "مسكونة بفن العربية الأول الذي جادت به موهبتها، وفن البناء الذي مارسته"، أما قصائدها برأيه، فهي نموذج مضيء لقصيدة النثر. وفي هذا الحوار إضاءات أخرى على عالمها الإبداعي عبر هذا الحوار.
***
• في دواوينك الأولى لم يظهر "مازن وعمر"، ابناك، في قصائدك، ثم ظهرت محنة الصغير "عمر" فجأة في ديوانك الأخير: "فوق كف امرأة" حدَّ أن أفردتِ قصيدة كاملة باسمه. حدثينا عن ذلك.

• ظهر مازن، ابني الأكبر، في ديواني الثاني "على بُعد سنتيمتر واحد من الأرض" بدون تصريح باسمه، ظهر مثل نقطة النور في قصيدة "ظلالٌ لم تحتوني". كان وقتها صغيرا مثل قطرةٍ من ضوء تسرّبت إلى حياتي فجأة وشكّلت لي معادلا موضوعيًا عن حُلمٍ لم يتحقق. حين كَبُر "مازن" وغدا صديقا جميلا لي بدأ يظهر في قصائدي الأخيرة باسمه. أما "عُمر" الصغير المتوحّد، فكان دومًا شوكةً نبيلةً في عنقي. هو من علّمني كيف يكون الحزنُ نبيلا وأنيقًا ودافعًا للحياة. لم تظهر محنة "عمر" في دواويني الأولى لأنني كنت في مركز دائرة الحزن حينئذ. أمضيت سبع سنوات كاملة أقرأ كتبا تناقش مرض التوحد (الأوتيزم) حتى توحدتُ مع المرض ولم أستطع رصد طاقة الشعر به آنذاك. كنت وقتها أعتبره سري الخاص المقدس الذي لا أُطلع عليه أحدًا. وحين خرجت من الدائرة الطباشيرية تلك ووصلت إلى إحدى الراحتيْن: اليأس من شفائه، انتبهت أن "عمر" الصامت دوما هو القصيدة الأهم والأجمل في حياتي. هذا الكائن الرفيع الذي يمضي وقته في بناء عوالمَ بيضاءَ لا حروب فيها ولا صراعات هو الوحيد فوق الأرض الذي فهم فكرة الوجود على النحو الصحيح. "عمر"، المعماريّ البارع ذي السنوات العشر، نجح في بناء مدينته الفاضلة التي لا نفط فيها ولا ذهب. علّمَ مخلوقاته درس المحبة الرائقة للحياة وللآخر. هل تصدقين أن "عمر" علّمنا، أنا وأباه، كثيرا من قيم الجمال في الحياة ؟ أما الكلمة على لسان "عمر"، تلك التي لم تجيء بعد، فهي الحُلم الذي أنتظر، وهي "ريم" التي ربما لن تعود، لو تكلم عمر لجاء الحُلم، وانتهت القصيدة.

• (الشَّجُّ) فعل وحشي " مشجوج بفأس"، جعلته عنوانا للقصائد المترجمة "مشجوج بفأس" وكررته في قصائدك الشخصية، فهل تؤدي المعرفة والوعي أثره في أصحاب النفوس المرهفة؟

• الشجُّ هو التطهّر الأرسطيّ النبيل. لكل بشريٍّ شجُّه الخاص المُكتسَب خلال رحلته مع الحياة. النفوس المتصدعّة خلال رحلتها السرمدية نحو مشارفة الحقيقة تؤوبُ بشجوج كثيرة في الرأس وفي اليقين. ويزيدها الألمُ إصرارًا على مواصلة الطريق كما سيزيف حامل الصخرة. شجُّ الرأس هو ردّة فعل الوجود تجاهنا نتيجة إلحاحنا وركضنا صوب الحقيقة، أو لنقل إنه ثأر الحياة. المعرفة تثقِل الوعي بفيضٍ من الهمِّ وتملأُ الجرّةَ بالسؤال والانكسار فتتكاثف دوائر الصواميل حول القدم وتصعُب الطريق، غير أنها تزداد متعةً ونبلا كلما ازدادت وعورةً. ويجب ألا ننسى أن ألم "سلفيا بلاث" هو الذي كتب ديوانها الأهم "آريل"، وألم فرجينيا وولف وخوفها من ويلات الحرب العالمية الثانية هو الذي كتب روايتها "بين فصول العرض".

• سلفيا بلاث الشاعرة الأمريكية الراحلة أطلقت عواصفها النفسية في الشعر حتى التحمت نبضات الشاعرة بأوجاع الأنثى فحسمت حياتها. هل يرهف الشعرُ صاحبه إلى حدِّ التداعي؟

• جيمس كوفمان، الباحث بجامعة كاليفورنيا، أعدَّ دراسة حول الشعراء في كافة العصور من الصين وأمريكا وتركيا وغيرها من أربعة أركان الأرض، وخّلُصَ إلى ما أسماه "ظاهرة عَرَض سلفيا بلاث". مفادها أن الشعراء يموتون مبكرًا مقارنةً بالفنانين التشكيليين والروائيين الخ، وأن الشاعرات هن الأكثر عرضةً للتداعي الذاتيّ. وأرجعَ السبب في ذلك إلى أن العذاب يدفع الشعراءَ إلى تدمير الذات من خلال لا وعيهم، ومن ثَم يحسمون حياتهم أو يموتون صغارا بغير انتحار. وبعيدًا عن نظرية كوفمان فأنا أرى الشعرَ، والفن بعامة، لونًا من التمرّد على واقعٍ مرفوض من قِبَل الذات الشاعرة. البشر المتسقون مع الوجود لا يكتبون الشعر، هم يمعنون في الحياة وحسب. ويبدأ الشعر حين ينتبه المرء إلى ما في الحياة من قبح وحين يفطن أنه غير قادر على الاتساق مع معطياته على النحو الكائن. لون من ألوان الرفض أو الفرار. حين يصطدم الإنسان بمدى قبح الوجود ويعجز عن التماهي معه يلجأ إلى أحد ثلاث طرق: التصفيّة الفيزيقية بالانتحار، التصفية الذهنية بالجنون، أو تصفية الوجود ذاته عن طريق خلق عالمٍ موازٍ يفرُّ إليه وهو الشِّعر في محاولة لرسم اقتراحٍ آخر للحياة تمناه ولم يصادفه. إذن كتابة الشعر لون إيجابي من حسم الوجود انتصارا للحياة.

• في دراستك حول " العمارة والشعر"، بنيتِ نظريتك على إشاراتٍ مقارنة بين العمارة والرواية وليس القصيدة، فهل تحمل الرواية مشابهاتٍ بنائيةً كالعمارة أكثر منها في الشعر؟

• العمارة، بوصفها فن الإنسان الأول فوق الأرض، تحملُ بين طياتها آليةَ عملِ ذهن الإنسان. فالبشريّ ينزعُ بفطرته الأولى إلى تكوين الكلِّ من جزئيات ومفردات أصغر. كسّر الجبالَ ثم بنى من الصخور الصغيرة مأوىً يجنبه قسوة الطبيعة. اخترع مقاطع صوتيةً صغيرة ثم ركبّها وكوّن منها مفردات للتواصل مع الآخر، وبعدئذ اخترع رموزا وحروفًا وشكّلَ منها كلماتٍ ودوالاًّ في رواية أو قصيدة أو في مقالةٍ عن الكيمياء. التركيب إذن هي لعبة الإنسان الأولى. المبنى المعماري هو اللوحة التشكيلية (الوحيدة) التي ندخلها ونصبح أحد مكوناتها العضوية، وهي القصيدة التي نخترقها لنغدو إحدى كلماتها الأساسية، من هنا كانت العمارة أم الفنون جميعا، لأنها الفن الذي احتضن كل الفنون البصرية وغير البصرية الأخرى. المعماري الناجح لابد أن يكون موسوعيًّا، يفهم في الموسيقى ليعي معنى الاتزان والتنافر و التناغم والتماثل والهارموني والإيقاع ( لاحظي أن الشعر يستخدم المفردات ذاتها). ولابد أن يفهم في السيكولوجي والأنثروبولجي والفلسفة والسوسيولجي وعلم الجمال والرياضيات والفيزياء والتشكيل إلخ... ليوظّف معارفه في بناء فراغٍ يحقق للإنسان اتزانا نفسيًا وجماليا ووظيفيًّا. المبنى الجميل هو قصيدة جميلة وفي مقالتي انتصرت للشعر في التقائه بالعمارة أكثر من كل الفنون الأخرى لأن الشعر منظومةٌ جماليةٌ وفكرية متكاملة تماما مثل فن العمارة.

• تطالبين بتغيير مسمى "الشعر الجاهلي" هكذا ذكرت في بحث بعنوان "ترجمة الشعر فعلُ إبداع" الذي قدمته مؤخرًا في مؤتمر "الترجمة والتفاعل الثقافي" الذي انعقد في المجلس الأعلى للثقافة قبل شهور، ما هي وجهة نظرك في هذا الشأن؟

• لطالما أزعجتني تلك العبارة لأنها تبدو وكأنها تكرّس حكما قيميًا يسم طبيعةَ شعرٍ كلنا يعلم مدى سموقه في تلك الحقبة. كنتُ أقوم بمراجعةٍ لأحد الكتب المنقولة من العربية إلى الإنجليزية ولاحظت أن المترجم قد ترجم عبارة "الشعر الجاهلي" بـ "“Rogue Poetry ، بما يعني "شعر الجهلاء أو المشردين أو الأوغاد " !!! وبعيدًا عن خطأ تلك الترجمة الحرفية، فقد انتبهتُ إلى ضرورة إلغاء تلك العبارة حتى من ثقافتنا العربية واستبدالها بدلالة زمانية أو وصفية على غرار "شعر ما قبل الإسلام"، أو "شعر الوثنيين". فالعصر الجاهلي سُميّ هكذا لاعتبارات دينية إسلامية محضة، باعتبار ذاك العصر مظلمًا خلوًا من نور الإسلام، لكن القارئ الأجنبي وقارئ الشعر العربيّ الراهن أيضًا في حلٍّ من أن نُحمّل له الشعر بذلك المحمّل الديني الخاص ومن ثم رفضتُ هذا التعريف حتى على المستوى العربي لأنه يسم فرائد الشعر العربيّ القديم بحكم قيميّ بعيدا عن التقسيم الجمالي للشعر. وأنتهز هذه الفرصة لأكرر المطالبة بتغيير هذا المصطلح ومحوه تماما من ذاكرتنا العربية.



#فاطمة_ناعوت (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نساء شكسبير للكاتب المصري الكبير رجاء النقّاش
- وهكذا أصبحت كائنًا مهذبًا جدًّا
- -زمنٌ للسجنِ، أزمةٌ للحرية- الشاعر -علي الدُميني- يُغنّي في ...
- اللّون
- -محكمـة !!-
- منْ وراءِ الحُجُرَاتْ
- البعيــد
- المرأة بين الكتابة والمجتمع
- كلُّ مكانٍ لا يُؤنّثُ، لا يُعوّلُ عليه
- ما وراء كتاب الشوباشي
- سوء الظن بالنفس وبالآخر
- لمن تُقرَع الأجراس في باريس ؟
- شيخُ الطريقةِ
- شيخُ الطريقةِ
- المُتْعَب
- ثقوبٌ تشكيليةٌ لا تُغْضِبُ المرآة
- المُتْعَب
- ثقوبٌ تشكيليةٌ لا تُغْضِبُ المرآة
- ماو تسي تونج
- صِفْرٌ أزرقْ


المزيد.....




- بعد مظاهرات.. كلية مرموقة في دبلن توافق على سحب استثماراتها ...
- تل أبيب.. اشتباكات بين الشرطة وأفراد عائلات الرهائن في غزة
- مقتل رقيب في الجيش الإسرائيلي بقصف نفذه -حزب الله- على الشما ...
- دراسة تكشف مدى سميّة السجائر الإلكترونية المنكهة
- خبير عسكري يكشف ميزات دبابة ?-90? المحدثة
- -الاستحقاق المنتظر-.. معمر داغستاني يمنح لقب بطل روسيا بعد ا ...
- روسيا.. فعالية -وشاح النصر الأزرق- الوطنية في مطار شيريميتيف ...
- اكتشاف سبب التبخر السريع للماء على كوكب الزهرة
- جنود روسيا يحققون مزيدا من النجاح في إفريقيا
- الأمور ستزداد سوءًا بالنسبة لأوكرانيا


المزيد.....

- قراءة في كتاب (ملاحظات حول المقاومة) لچومسكي / محمد الأزرقي
- حوار مع (بينيلوبي روزمونت)ريبيكا زوراش. / عبدالرؤوف بطيخ
- رزكار عقراوي في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: أبرز الأ ... / رزكار عقراوي
- ملف لهفة مداد تورق بين جنباته شعرًا مع الشاعر مكي النزال - ث ... / فاطمة الفلاحي
- كيف نفهم الصّراع في العالم العربيّ؟.. الباحث مجدي عبد الهادي ... / مجدى عبد الهادى
- حوار مع ميشال سير / الحسن علاج
- حسقيل قوجمان في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: يهود الع ... / حسقيل قوجمان
- المقدس متولي : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- «صفقة القرن» حل أميركي وإقليمي لتصفية القضية والحقوق الوطنية ... / نايف حواتمة
- الجماهير العربية تبحث عن بطل ديمقراطي / جلبير الأشقر


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مقابلات و حوارات - فاطمة ناعوت - مجلة -آخر ساعة- المصرية تحاور فاطمة ناعوت