فاطمة ناعوت
الحوار المتمدن-العدد: 831 - 2004 / 5 / 11 - 06:59
المحور:
الادب والفن
كان يعلِّمُنا في الليلْ
المواقفَ ، والبكاءَ في حضرةِ الحاجةِ ،
و يفسِّرُ
كيف أنّ المخاطباتِ الداديّةَ
تفرِّغُ ساعةَ الرُّدهةِ من الأرقامْ ،
وتُحرِّضُ صبيَّ البوابِ
أن يدفعَ الجريدةَ تحتَ بابِ البيتِ ،
ويركضَ صوبَ الحديقةِ
ليلحقَ أباه الذي برَحَ موقعَه
كي يراقبَ الشرفةَ من زاويةٍ أفضلْ.
الشَّيخُ
الذي تعلَّمَ على ديكارتْ ،
أوقفَنا في الليلِ وقالْ:
الذي دمجَ الهندسةَ بالجبرِ كان مُغفّلاً
لأن الأتربةَ التي تتكونُ
في الفراغِ بين الفستانِ والجلدْ
تقدِّمُ برهانًا مقبولاً
على جوازِ الإدانةِ بأثرٍ رجعيّ
و تضعُ الفلاسفةَ في حَرَجٍ بالغْ
لأنهم عجزوا عن تفسيرِ دموعِ البنتِ
يومَ عُرسِها.
فمَرَّةً ،
كتبتِ البنتُ في ورقةِ الإجابةِ :
المسافةُ بين العُنُقِ والقدمين
نتوءاتٌ في النصِّ
لابدَّ من اختزالِها ما أمكن،
فمالت الأمُّ عليها
و تكلمتْ بإيجازٍ
عن الرَّجلِ الذي يغزلُ النولَ وراءَ البحرِ،
ثمَّ رمقتْ ساعتَها،
و مضتْ إلى " أحمد عكاشة "
حيثُ محاضرةٌ
عن " إلكترا والعُصابُ الفُصاميّ " ،
و مرَّةً ،
كان الشيخُ يأتي كلَّ شهرٍ
بمجموعةٍ شعريةِ وفتاةْ ،
ثم يؤكّدُ
أن اصطدامَ عالَميْن متناقضيْنِ
ينطوي على فلسفةٍ لا تخلو من متعةٍ
و أن لحظةَ الكَشْفِ
يهونُ أمامَها
اندثارُ البشريةْ .
لكنَّ البنتَ الطوباويةَ
- بعد أن عقرتْ عقاقيرُ الاكتئابِ ذاكرتَها -
قدمّت أطروحةً أخرى :
- لن أكونَ رقمًا
لأنني أكرهُ الإحصاءْ ,
- ولا عنزةً
لأنني لا أؤمنُ بالنشوءِ والتطور ،
- و لا صفحةً في كتاب
لأنني أسخرُ من فكرة التناسخْ .
الأنسبُ:
أكونُ لصًّا
لعشرِ سنينَ قادمةْ ،
وفي تمام الأربعينْ
أدفعُ بالرَّصاصةِ إلى سقفِ الحَلْقِ
بعد كتابةِ وصيّةٍ مؤثرةٍ
ورسمِ انطباعٍ دراماتيكيٍّ
على الوجه.
القاهرة / 23أبريل 2003
#فاطمة_ناعوت (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟