أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبدالله الداخل - الدين والجنون – 5 – المدينة - 3














المزيد.....

الدين والجنون – 5 – المدينة - 3


عبدالله الداخل

الحوار المتمدن-العدد: 3949 - 2012 / 12 / 22 - 23:50
المحور: الادب والفن
    


المدينة - 3

- "أمِنْ مدينة؟"

- "جنون! قلتُ عَشـْرَ مرّاتٍ:
ليس من مدينة!
أفي قِواكَ خطوة ٌأخرى؟"

- "الخـُطى تولـَدُ في النوايا
قبل الرأس والأقدام!"

- "دعنا بهذه البَيْدا، إذاً
لا نريد مدينة!
فإني لا أفهم شيئاً:
كيف لا تهتز هذه القارة
عندما يأتي المدينة َأوغاد
يُحيلون شوارعَها
ساحاتِها، ملاعبَها
معتقلاتْ؟
ألم يصدّروا الكبريتَ مجاناً
واستوردوا
حَمْضاً يذوِّبُنا؟
فكيف أتتهمْ قدرة ُاللهِ على اغتيال ٍ بحجم الأرض؟
وكيف تريد مدينة ًأخرى يحكمها
دينٌ أو جنون؟"

- كلاهما!"

- كلاهما؟ حَسَناً إذن! كلاهما!
فكيف بقصف المدينةِ كلـِّها ومن فيها وإحراق ِالبلاد؟
وكيف بتبرير حرق الأرض
ببحارها
في كتب الدين؟
تعالَ قل لي إذاً:

أيّـُهما وباءٌ
أيّـُهما الدفينْ؟

أيهما صنمٌ
أيهما الطين؟

أيهما الذبابُ
أيهما الطنين؟

أيهما ظنّ ٌمعلـَنٌ؟
وأيهما وهمٌ تشبّهَ باليقين؟

أيهما ضمىً وعَمىً
وأيهما جفافٌ يُصيبُ العيون؟

أيهما طوقٌ وحصارٌ ومذبحُ أطفال ٍ؟
وأيهما موتُ الرجال شباباً عند أسوار الحصون؟

وأيهما نراه مكتوباً على وَجَناتِ النساء خريفاً؟
وأيهما النديفُ المبكر في رؤوس ٍتشيّبُها السنون؟

فأيهما ذخيرة المنجنيق من جثث الموتى
وأيّـهما الطاعون؟

وأيّهما فخ ّ ٌكبيرٌ
وأيّهما كمين

فأيهما خائنٌ
إذاً، وأيهما
محتلـون؟

أحقا تريد
مدينة؟"


المدينة -1

-"ماذا ترى؟"

-"لا شيءَ سوى الأفق؛ ولكن: لا تمُتْ هنا الآن."

-"لستُ إلهاً."

-"مُتْ في المدينة!"

-"مَن يقدَر على التأجيل؟"

-"كنْ إلهاً، ولو لخطوةٍ أخرى."

-"أتعرف الآلهة ُالخـُطى؟"

-"ولكنْ أنت تعرفها!"

-"ماذا ترى الآن؟"

-"حتى الأفق يختفي."

-"غير معقول!"

-"وأي شيءٍ معقول؟"

-"لا بد من مدينة."

-"مدينة؟"

-"قرية، أي شيء!"

-"ليس سوى يباب."

-"يباب؟"

-"الحقََّ الحقََّ أقول لك: ليس جنونا
فالجميعُ بكامل ِعقلِهم بكل مكانٍ، من هنا وحتى كل أفـْق ٍمُختفٍ، لأنه تجنين!
فالمدينة ُابتعدت
وما زلنا سائرَيْن ِأو جالسَيْن ِهنا
بانتظار قدوم مدينةٍ أخرى لا تعود لنا لأنـّا لا نعودُ لها
فليس في عمر زمانها كثيرٌ من عمرنا
فلا شيءَ يعود لنا."


-"أقلتَ ابتعدت؟
لأني لم أرَ منها شيئاً قريبا،
كأني لم أكن فيها،
كأني ما غرقتُ في بحر آمالها،
كأني غريب."


-"كنا في سالفِ ذاكَ المزيج ِالنادر
من الموت والأمل
لأنّ الآمالَ، كالمكان وكالأشياء، تغيّر نفسَها
تراوغ بين ايدينا كأسماكٍ تعاندُ النزع َالأخيرَ من ضحل المياه
تجحظ في وجوه الجائعين،
كذلك الزمنُ الذي أخضعَنا
لآلهةٍ صغيرة
لأن كلَّ ما غير مقبول ٍلدى الصغار من كلا النوعين يكون جنوناً،
إنه حقاً لعُمرٌ قصيرٌ فكيف له أن يمرّ دون أن أشتمهم في قـُدْس أسرارِهم؟
أشتمهم لأني هنا، فوق الجدار،
فإني ما زلتُ أشم وإياهمُ ذاتَ الهواءَ الذي لوّثوه عند وجهي كلما مررتُ بقريتي
وطالما لوثوا عليّ قريتي
أشتمهم ألفَ مرةٍ
لأن ما سيبقى هنا من الكلام بعدي سوف لا يبقى،
سوى غضبتي.


المدينة – 2

الحصانُ وراكبـُهُ
يهبطان من السماء
مسرعَيْن ِعلى جبل ٍ
يحملان الوصايا للمدينة
وليس من مدينة
فتهيّأوا للحظة ارتطامْ
تحتلّ ُتأريخَ الغبار والظلام!

دعوتُ الى فراش ٍدافئ ٍ
في فجر صيفٍ باردٍ
ملاكـَيْن ِعاريَيْن
رقصا على منضدة الليل
طولَ الليل،
لم يسمعاني
وعندما اتحدا
أزحتُ الستارة
كي يدفأ الجسدان ِ بنور الشمس
لكنهما إختفيا

قرى السماءِ والإلهِ والقـُباب
قرى الوحول ِوالدماءِ والذباب
تحثّ ُخـَطـْوي نحوَها
هَـبّة ٌ من النسيان
وعصْـفتان في ظهري، بريح ٍ
من طفولةٍ وشباب،
حملتـُها على رأسي
كملابسي
عابراً على مضض ٍ
فأترعَتـْني على الضفتين
من مرّ الشراب؛
وجدتـُها في متاحفهم هنا
حملـَتـْني على جناحين ِمن حَجَر ٍ
وأرجعتني للحليب
تخاطب كلََّ من بَنى أوطانـَه سهواً
من أجل أن يبقى،
تقول لكل ذي قرن ٍنما له بين عينيه
أسبابَ الخراب،
تسقيني سراباً فأسقيها
على البعد
قذفـتين، كالدماءِ، من قلمي
إلى رَحِم ِالكتاب

فكم توكـّأ الأغرابُ بها
على بريق ٍشاحبٍ ينحني خجلا ً
كعادة الضوء
في مقبض العصا وصفرةِ الخـَيزران
وكم تهتزّ ُ من العار أغصانٌ
عند زوايا الفأس
بما تنوء به تواريخ الأكفِّ
من المسامير في الراح
وأذرع الصلبان
وكم يُحمَـلُ جرمُ الله
كجذع ٍميتٍ
ملفوفاً في حرير براءتِه
يعبّئُ بالخطايا الثقال المكان
وكم كان تذمر الأشجار
تنفض أرؤسَها
بزرقة الله
محتجة ً
لثرثرة الرجال
إذ تملأ جنتـَهم هنا
وتملؤها في الخيال.

-"إذن متى نصل المدينة؟
أما من أمل ٍ؟"

-"أمل؟"

-"لن أموت قبل الوصول إليها."

-"قد نموتُ في الطريق، كما ماتوا."

_"ماذا ترى في الأفق؟"

-"قلتُ لم يعد من أفق ٍ."

-"إذن فقد وصلنا."



#عبدالله_الداخل (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حوارات من سِفْر التحدّي البدائي - 2
- ثلاث
- القرية - 79
- في اللغة – 4 – -المادة- و -المال- وأهون الشرين سياسياً
- في اللغة -3- ملاحظات للكتّاب العرب
- مندائيو المهجر – 2 – المفارقات ال-روحانية-
- مندائيو المهجر -1 - هل هم بحاجة الى مجلس -روحاني-؟
- عصر الرصاص 19-22
- المندائيون وقطيع دراور - 3
- العشب
- القرية – 78
- كبار منسيون -1- عبد وحواح
- القرية 77
- مظفر النواب - 1 - بدايات الفرار الدائم
- حوارات من سِفْر التحدّي -البدائي- - 1
- القرية - 76
- فتوى الشيخ عبدالله الداخل برجال الدين!
- كامل الشوك
- مقدمة جدية في تحليل جذور شخصية ابراهيم عرب - 2
- ملاحظات في اللغة - 2


المزيد.....




- الذاكرة السينما في رحاب السينما تظاهرة سينما في سيدي بلعباس
- “قصة الانتقام والشجاعة” رسمياً موعد عرض فيلم قاتل الشياطين D ...
- فنان يعيش في عالم الرسوم حتى الجنون ويجني الملايين
- -فتى الكاراتيه: الأساطير-.. مزيج من الفنون القتالية وتألُق ج ...
- مسرحية -أشلاء- صرخة من بشاعة الحرب وتأثيرها النفسي
- الجمعة.. انطلاق نادي السينمائيين الجدد في الرياض
- غدا.. اجتماع اللجنة الفنية للسياحة العربية بمقر الجامعة العر ...
- “مبروك لجميع الطلاب ” رابط نتيجة الدبلومات الفنية 2025 الدور ...
- مذكرة تفاهم رباعية لضمان التمثيل القانوني المبكر للأحداث بين ...
- ضحك طفلك طول اليوم.. تردد بطوط على القمر الصناعي لمتابعة الأ ...


المزيد.....

- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبدالله الداخل - الدين والجنون – 5 – المدينة - 3