أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - نوال السعداوي - حين تكون السياسة إبداعاً وليست لعبة كراسى














المزيد.....

حين تكون السياسة إبداعاً وليست لعبة كراسى


نوال السعداوي
(Nawal El Saadawi)


الحوار المتمدن-العدد: 3943 - 2012 / 12 / 16 - 10:24
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



متى ينتصر الإبداع على السياسة؟ متى تتشكل الحكومات من المبدعين والمبدعات بدلاً من محترفى اللعب السياسية والانتخابية والاستفتائية؟

الإبداع ليس سهلا، قد تدفع حياتك ثمن الإبداع، أى ثمن الصدق والحرية والعدل والكرامة.

تتشابه أهداف الإبداع مع أهداف الثورة العظيمة أو السياسة النظيفة التى لا تلعب ولا تتلاعب، وتتمسك فى دستورها بمبادئ العدل والحرية والكرامة والمساواة للجميع دون تمييز على أساس الجنس أو الطبقة أو الدين أو غيرها.

السياسة النظيفة مثل الإبداع بسيطة مباشرة واضحة لا تتسربل فى غموض الألفاظ وغياهب الشرائع وأدغال المراوغات، قد تدفع حياتك ثمن الإبداع كما تدفع حياتك فى الثورة ضد العبودية.

ليس سهلاً تحرير العبيد (نساء ورجالاً) من القهر الاقتصادى والجنسى الذى وقع عليهم منذ نشوء التاريخ المكتوب، رغم ثورات العبيد والنساء المتكررة عبر القرون وما حصلوا عليه من حقوق تتزايد مع تكرار حركات التحرير فى كل بلد، إلا أن جوهر العبودية لايزال قائماً حتى اليوم، فى البلد الذى خاض أعنف المعارك لتحرير العبيد، وهو الولايات المتحدة الأمريكية، إذ تشهد حركة تحريرية تتجسد اليوم فى انتفاضة الـ٩٩٪ من الشعب ضد طبقة الـ١٪ الذين يملكون كل شىء.

قرأت منذ سنين بعيدة عن حياة إبراهام لينكولن وكيف دفع حياته لوقوفه فى صف تحرير العبيد فى أمريكا خلال الستينيات من القرن التاسع عشر، لكنى لم أنتبه إلى المعركة العنيفة التى خاضها لينكولن والتى أودت بحياته إلا بعد أن شاهدت فيلماً منذ أيام بعنوان «لينكولن» أخرجه ستيفن سبيلبرج، وكتب السيناريو تونى كوشنر، وقام بدور «لينكولن» الممثل المبدع ديى ليويس.

أحياناً يتفوق إبداع الممثل على إبداع المخرج وكاتب السيناريو، تتجسد الأفكار عبر جسد الممثل وحركته وصوته وصمته، تصبح لحظة الصمت أكثر تعبيراً من الكلام، وحركة العين أو الجفن أو الأصبع أكثر وقعاً ونبضاً من خطبة سياسية طويلة.

هذا الفيلم المبدع أعاد إلى إبراهام لينكولن حقه التاريخى رائداً من رواد تحرير الزنوج فى أمريكا، يصنع الفيلم الجيد فى ساعة ونصف الساعة ما تعجز عنه عشرات الكتب والمجلدات من آلاف الصفحات.

القاعة فى ميشيجين كأنما لا نفس فيها، الأنفاس كلها توقفت فى استغراق عميق أشبه بالموت، نشهد الصراع الرهيب بين الفريقين، فريق لينكولن الذى يصوت لمساواة الزنوج بذوى البشرة البيضاء، فى التعديل الشهير ١٣ بالبرلمان الأمريكى، والفريق الآخر متصلب متشنج يتمسك بتطبيق شريعة الله، الذى خلق الناس طبقات ودرجات ولم يخلق البشر متساوين، والمدافعون عن العدل والمساواة فى نظرهم كفرة وملاحدة ويستحقون القتل؟

انطلقت الرصاصة فى صدر إبراهام لينكولن، الإنسان فارع القامة نبيل الأخلاق منخفض الصوت، يناقش بهدوء وعقل، يؤكد أن المساواة بين البشر تتغلب على التفرقة لأى سبب، وإن كان لون البشرة أو الجنس، اقتنع الطفل بهذه الفكرة البديهية البسيطة، لم يقتنع بها رجال كالبغال يقهرون زوجاتهم باسم الشرع ويتاجرون بالزنوج فى سوق العبودية.

الأموال تصيب العقول والقلوب بالعمى والجهل؟ كل لحظة فى الفيلم شعرنا فيها بأن هذا الإنسان طويل القامة محنى الظهر، من شدة الألم أو شدة التواضع، يتحرك مثل خيال، ليس له لحم، روح هائمة فى سماء الإبداع والعدل والحرية، يمشى الليل وحده دون حرس، مفكراً حزيناً، كل خطوة نتوقع اغتياله.. وتم اغتياله غدراً، كما يحدث للعظماء فى التاريخ، الذين اعتبروا السياسة إبداعا للعدل والحرية والكرامة، وليس لعبة لتبادل الكراسى.



#نوال_السعداوي (هاشتاغ)       Nawal_El_Saadawi#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- زيف التوافق والانتخابات والاستفتاءات
- الثورة المصرية مستمرة وتلهم العالم
- الترابط بين دماء الأمس واليوم
- عطب الجنس فى قمة النظام
- المساواة الدستورية فى المسؤولية الأخلاقية بين الجنسين
- مص دم الأطفال بالفم
- مصارعة الثيران وغياب الحقيقة
- ماذا يحدث للنساء تحت اسم الإسلام؟
- غياب العدالة فى المؤتمرات الدولية
- في ظلم اليمين واليسار للمرأة المصرية
- التبادل الفكرى مع القارئات والقراء
- الانتخابات الرئاسية الأمريكية والمرأة
- مسيرة الحركة النسائية المصرية
- التوازن بين مطالب الجسد والروح
- الهوس الدينى يواكب الهوس الرأسمالى
- حركة الإبداع الحر فى مصر والعالم
- امرأة ليس لها رأس
- الدستور المأكول وقلادات النيل
- سقوط الأب ونزاهة القاضى
- اغضبى وثورى ولا تستكينى


المزيد.....




- إيلون ماسك يقارن نفسه بـ-بوذا- خلال لقاء مع إعلاميين
- 5 قصّات جينز مريحة تسيطر على إطلالات النجمات هذا الموسم
- CIA تنشر فيديو جديد يهدف لاستدراج مسؤولين صينيين للتجسس لصال ...
- وزارة الداخلية الألمانية تصنف حزب البديل من أجل ألمانيا -كيا ...
- تركيب مدخنة كنيسة السيستينا إيذانا بانطلاق العد التنازلي لاخ ...
- الخارجية اللبنانية تعد بتعيين سفير جديد في سوريا
- حادثة الطعن داخل مسجد بجنوب فرنسا: دعوات للتعامل مع الجريمة ...
- الحوثيون يعلنون استهداف قاعدة عسكرية قرب حيفا بصاروخ باليستي ...
- انطلاق التصويت في الانتخابات الرئاسية الرومانية 
- مقتل 15 شخصا في قصف إسرائيلي على قطاع غزة


المزيد.....

- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة
- فهم حضارة العالم المعاصر / د. لبيب سلطان
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 1/3 / عبد الرحمان النوضة
- سلطة غير شرعية مواجهة تحديات عصرنا- / نعوم تشومسكي
- العولمة المتوحشة / فلاح أمين الرهيمي
- أمريكا وأوروبا: ملامح علاقات جديدة في عالم متحوّل (النص الكا ... / جيلاني الهمامي
- قراءة جديدة للتاريخ المبكر للاسلام / شريف عبد الرزاق
- الفاشية الجديدة وصعود اليمين المتطرف / هاشم نعمة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - نوال السعداوي - حين تكون السياسة إبداعاً وليست لعبة كراسى