أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - نضال نعيسة - مصر: ملهاة مرسي العياط














المزيد.....

مصر: ملهاة مرسي العياط


نضال نعيسة
كاتب وإعلامي سوري ومقدم برامج سابق خارج سوريا(سوريا ممنوع من العمل)..

(Nedal Naisseh)


الحوار المتمدن-العدد: 3933 - 2012 / 12 / 6 - 10:24
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان
    


إذا كان المصريون قد انتظروا ثلاثين عاماً، بالتمام والكمال، 1981- 2011، ومنذ حادثة المنصة الشهيرة بالضبط، وصبروا، وصابروا، وإن الله مع الصابرين، على حكم الرئيس محمد حسني مبارك، لثلاثة عقود بكل وعورتها وتموّجها وتقلباتها، حتى ثاروا وانتفضوا عليه وخلعوه في ليلة ليلاء أمام العدسات والكاميرات والأفواه المفغورة، والعيون الشاخصة التي كانت تراقب بوجل ترجل الفرعون الأكبر مشدوهة وغير مصدّقة، ، فإنه، من الظاهر، ومع كل الأسف، بأن ذاك الشعب "الصابر" لم يحتمل، ولم يطق وجود الرئيس "المنتخب" الجديد الدكتور محمد مرسي العياط، وعلى مضض، لأكثر من خمسة أشهر، على رأس السلطة في مصر، التي كانت ذات يوم أكبر قوة إقليمية في المنطقة، وصانعة السياسات، وواضعة الاستراتيجيات فيها. فلقد انتفض شعب مصر عن بكرة "أمـّه" وأبيه، واشتعلت شوارع القاهرة والمدن المصرية، وعلت الهتافات الحماسية الصاخبة، مطالبة بسقوط، أو بإسقاط "الديكتاتور" و"الفرعون"، بكل ما في الكلمة من تضمينات وإيحاءات ورسائل "ميثيولوجية" مرّة، ومهينة، ومقصودة وذات مغزى موجع، لتنسف معها الركائز الإيديولوجية لـ"الريـّس" التي بنى عليها شرعيته من خلال انتمائه لجماعة الإخوان المسلمين الدولية، وتطالب، بالتوازي مع ذلك، بسقوط حكم "المرشد"، كما ورد في الكثير من الهتافات والشعارات واللافتات، التي رفعتها شرائح غير محددة من المصرين، ومن مختلف الأعمار، والمشارب، والتوجهات السياسية، والحزبية.

وبذا أصيب النظام، ورئيسه، الذي لم يكد ينهي إجراءات التنصيب الدستورية الاحتفالية وكرنفالياتها المعروفة، بحرج كبير، وصدمة شديدة هزّت عرشه، وأخلـّت بتوازن نظامه، وهو الذي ما صار له في "القصر إلا من مبارح العصر"، كما تقول الأمثال الشعبية، والأشد مفارقة، أنه كان حتى الأمس القريب، يوزع العظات، والمحاضرات، والدروس الديمقراطية على دول المنطقة، وشعوبها، ويعطي الشرعية لهذا، ويسحبها من ذاك، ويفكـّر في إصلاح وتغيير أنظمة مجاورة، كال لها ذات الاتهامات التي تصم آذانه اليوم في الشوارع، ويصح فيه القول: "يداوي الناس وهو عليل"، غير أن ذاك الزحف الجماهيري الحاشد والهائل من كل حدب وصوب، وهو يهتف بصوت واحد: "لا لحكم المرشد"، "لتسقط جماعة الإخوان"، "ليسقط الفرعون"، "الشعب يريد إسقاط النظام"، كلها وضعت الرئيس، ونظام حكمه في ورطة، و"حيص بيص"، لا يحسد عليهما، أفقداه شرعية اعتقد هو بأنه استمدها بقوة من الأرض، عبر انتخابات مشكوك بأمرها وغير حاسمة،(51%) أو من السماء عبر انتمائه لتنظيم ديني، وبذا خـُيـّل له بأنه قد جمع المجد السلطوي، وعلى سنة ملوك أوروبا في العصور الوسطى، من الأرض والسماء على حد سواء. كما ناله، جراء هذا الرفض الجماهيري لباكورة محاولاته في الإطباق على مصر، من أطرافها الأربع، حرج كبير، وتحديداً، أمام أصدقائه المصدومين بسرعة سقوطه، ما جعل هيبته تتآكل، وهو يستمع، مع "أصدقائه" لذات الشعارات والهتافات، وربما بنبرة أقوى وأكثر تصميماً، هذه المرة، التي كان يطلقها متظاهرو ميدان التحرير ضد الرئيس السابق حسني مبارك.

وإذا كان الإعلان الدستوري الذي أعطى مرسي نفسه، من خلاله، حقوقاً استثنائية، حصـّن بموجبها قراراته ضد الرقابة القضائية، وحصـّن، أيضاً، معه الجمعية التأسيسية لوضع الدستور ومجلس الشوري اللذين يهيمن عليهما الإسلاميون من أي قرار قضائي محتمل بحلهما، لتجعل منه أكثر من قيصر متوج ومطلق الصلاحية، هي الشرارة التي فجرت الاحتجاجات، وجعلت الشعب يحس بأنه قد خدع، وانتقل من تحت "دلف" مبارك ونظامه العسكري الأمني المخابراتي المستبد، إلى تحت "مزراب" الفرعون الأسطوري الأشد سطوة والحاكم بأمر الله، الذي لا يجب أن يسـال عما يفعل، أو يخضع لأي قانون وسلطان، فإن خطأه الأكبر والقاتل هو أنه تعمد، وعن سابق قصد وتصميم، إعادة إنتاج سياسة اسلافه من الاستبداديين العرب الذين أطاح بهم ما يسمى بالربيع العربي، حين حاول الاستئثار بكافة السلطات متجاوزاً كافة القوى والأحزاب والمؤسسات الدستورية، ليأخذ الصراع شكلاً آخر بين قوى الحداثة وقوى الماضوية هذه المرة ومع شعب لم يستفق، بعد، من هول وآلام ومخاضات استبداد طويل، ولكن هذه المرة على نحو أشد مراساً، وعناداً، وتحدياً، وازدراءً، وتطويعاً لإرادة الشعب، وطموحاته المشروعة، بالعدالة والحرية والكرامة والمساواة، ناسياً، أو متناسياً، الحكمة الشهيرة القائلة: "لو دامت لغيرك لما وصلت إليك"، فقد بدا حكم مبارك ذات يوم بأنه قوي ومتماسك ومن الصعب جداً الإطاحة به، وأقوى من أن تهزه رياح وزلازل التغيير، وهو صديق الغرب المفضل الأثير، غير أنه تهاوى، على حين غفلة، كبيت العنكبوت، وكوخ من الكرتون.

إنها، إذن، ذات الرواية، وذات القصة و"الحتوتة" والحكاية، ويبدو أن أحداً لا يريد أن يتعلم ويتعظ، فها هو التاريخ، كما قال ماركس، يعيد نفسه في كل مرة، واحدة على شكل مأساة، والثانية على شكل ملهاة. وأية ملهاة كملهاة مرسي ابن العياط؟


--



#نضال_نعيسة (هاشتاغ)       Nedal_Naisseh#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- زين الهاربين بن مرسي
- إسرائيل نمر من ورق ولكن أنتم أمة النعاج
- إلى كهنة آل سعود: لماذا لا تحارب الملائكة في غزة؟
- طوبى للشبيحة
- النعاج
- ربيع العرب: صراع الهمجيات الأصولية
- حصة ثقافة قومية: غزوة بلاد الشام
- خواطر متمردة
- بالسكتة الكلينتونية: وفاة مجلس الكرازايات السوري
- تركيا: الحمق الاستراتيجي وصفر مكاسب
- هل يستحق وسام الحسن كل هذا الرثاء؟
- سياسات سورية كارثية
- وسام الحسن: جاييكم الدور
- سوريا: كيماوي وعنقودي
- تعقيباً على مقال ابي حسن: الاحتلال الأعلامي اللبناني
- إلى من يهمه الأمر: توضيحات لا بد منها
- الاخوان المسلمون: يا فرحة ما تمت
- ماذا وراء التصعيد التركي؟
- اعترافات ميشيل كيلو
- خيبة الإخوان


المزيد.....




- قائد الجيش الأمريكي في أوروبا: مناورات -الناتو- موجهة عمليا ...
- أوكرانيا منطقة منزوعة السلاح.. مستشار سابق في البنتاغون يتوق ...
- الولايات المتحدة تنفي إصابة أي سفن جراء هجوم الحوثيين في خلي ...
- موقع عبري: سجن عسكري إسرائيلي أرسل صورا للقبة الحديدية ومواق ...
- الرئاسة الفلسطينية تحمل الإدارة الأمريكية مسؤولية أي اقتحام ...
- السفير الروسي لدى واشنطن: وعود كييف بعدم استخدام صواريخ ATAC ...
- بعد جولة على الكورنيش.. ملك مصر السابق فؤاد الثاني يزور مقهى ...
- كوريا الشمالية: العقوبات الأمريكية تحولت إلى حبل المشنقة حول ...
- واشنطن تطالب إسرائيل بـ-إجابات- بشأن -المقابر الجماعية- في غ ...
- البيت الأبيض: يجب على الصين السماح ببيع تطبيق تيك توك


المزيد.....

- كراسات التحالف الشعبي الاشتراكي (11) التعليم بين مطرقة التسل ... / حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
- ثورات منسية.. الصورة الأخرى لتاريخ السودان / سيد صديق
- تساؤلات حول فلسفة العلم و دوره في ثورة الوعي - السودان أنموذ ... / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- المثقف العضوي و الثورة / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- الناصرية فى الثورة المضادة / عادل العمري
- العوامل المباشرة لهزيمة مصر في 1967 / عادل العمري
- المراكز التجارية، الثقافة الاستهلاكية وإعادة صياغة الفضاء ال ... / منى أباظة
- لماذا لم تسقط بعد؟ مراجعة لدروس الثورة السودانية / مزن النّيل
- عن أصول الوضع الراهن وآفاق الحراك الثوري في مصر / مجموعة النداء بالتغيير
- قرار رفع أسعار الكهرباء في مصر ( 2 ) ابحث عن الديون وشروط ال ... / إلهامي الميرغني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - نضال نعيسة - مصر: ملهاة مرسي العياط