ماذا يتعلم الثوار من الحسين بن علي بن أبي طالب وأصحابه عليهم السلام؟

رعد عباس ديبس
(Raad Abaas Daybis)

الحوار المتمدن-العدد: 3920 - 2012 / 11 / 23 - 20:14
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

ماذا يتعلم الثوار من الحسين بن علي بن ابي طالب وأصحابه عليهم السلام ؟
هنالك مبادئ عديدة دينية وأخلاقية وثورية سطرتها ثورة الحسين (ع) منذ أن بدأت في المدينة الى أن انتهت باستشهاده مع أهل بيته وأصحابه (ع) في كربلاء. سوف لن اتطرق في هذا المقال الى الجوانب الدينينة وانما اتطرق الى الجوانب الاخرى. فالحسين (ع) بدأ بثورة مسببه بعد ان بلغ الظلم والجور والطغيان ببني أمية الى حد لايطاق فهو لم يثر لطلب السلطان وانما لطلب الاصلاح كما جاء في وصيته لاخيه محمد المعروف بابن الحبفية, فلو كان لطلب السلطان لثار حال استلامه الامامة بعد استشهاد أخيه الحسن(ع) قبل تسعة سنين من بداية ثورته, كما ان ثورته كانت في بدايتها سلمية حيث قال( اني لم اخرج أشرا ولا بطرا ولا مفسدا ولا ظالما, وانما خرجت لطلب الاصلاح في أمة جدي صلى الله عليه وآله...فمن قبلني بقبول الحق فالله أولى بالحق, ومن رد علي هذا, أصبر حتى يقضي الله بيني وبين القوم بالحق, وهو خبر الحاكمين) وهذا يفسر وصية الامام الحسين(ع) لاصحابه يوم الطف بأن لا يكونوا البادئين بالقتال. وهنا سن الحسين(ع) مبدأين اساسيين هما مقارعة الظلم والظالم و البداية السلمية للتورة وهذا ما استفاد منه هوشي منه قائد الثورة الفيتنامية عندما قال( الثورة تبدأ بعريضة وتنتهي بكفاح مسلح), المبدأ الآخر هو الثبات على العقيدة في مقابل الاغراءات المادية فقد حاول الاعداء اغراء الامام الحسين (ع) وأصحابة بشتى الوعود بالمال والجاه ولكن هذا لم يثنيهم عن عقيدتهم, وكذلك لم يثنهم الموت المحقق الذي سيلاقونه مع قلة عددهم وكثرة عدوهم, وهذا ما أشار اليه الزعيم الالماني هتلر وهو يخاطب جنده حيث قال لهم( اثبتوا في القتال كما ثبت الحسين بن علي سبط محمد وأصحابه في كربلاء في العراق, وهم نفر قليل بين ألوف تفوقهم فنالوا بذلك المجد الخالد), وكذلك مضى على مبدئه كاسترو وجيفارا عندما بدئوا ثورتهم بثلة من الثوار. مبدأ الوفاء لعب دور كبيرا في صمود أصحاب الحسين عليه وعليهم السلام, وكان هذا الوفاء عن وعي وادراك للعقيدة فالجميع شيخهم وكهلهم وشابهم وفتاهم على بينة من أمرهم ومؤمنين ايمان تام بما يعملوا, ولذلك عندما جمعهم الامام الحسين(ع) ليلة العاشر من محرم وقال لهم ( انتم في حل من بيعتي وهذا الليل فاتخذوه جملا) رفضوا جميعا وقالوا لو قتلنا معك سبعين مرة ما فارقناك وهذا ما أشار اليه الشاعر اللبناني جورج جرداق في حديثه عن الحسين وانصاره عليه وعليهم السلام. مبدأ آخر ثبته الحسين واصحابه(ع) وهو أن الاهل والعيال لاتثني الثائر عن طلب الحق والثبات على العقيدة مع تأكده المسبق مما سوف يعانونه من ويلات. والمبدأ الأهم الذي تركه الحسين وأصحابه(ع) هو ايمانهم بان العقيدة لاتموت بموتهم لا بل تحيى بهذا الموت, وهذا ما حدث فعلا فحينما لم يقم مع الحسين(ع) سوى سبعين شخص, قام التوابون بعد مقتل الحسين(ع) بثورة قوامها حوالي أربعين ألف شخص على مبدأ الحسين(ع) ومطالبين بثأره, وهذا ما أشار اليه المستشرق الالماني كارل بروكلمان في كتابه( تاريخ الشعوب الاسلامية) حيث قال( الحق ان ميتة الشهداء التي ماتها الحسين بن علي قد عجلت في التطور الديني لحزب علي, وجعلت من ضريح الحسين في كربلاء أقدس محجة).
لقد فهم الثوار في جميع انحاء العالم وعلى اختلاف مبادئهم المبادئ الحسينية وعملوا بها فهذا غاندي محرر الهند يقول( لقد طالعت بدقة حياة الامام الحسين, شهيد الاسلام الكبير, ودققت النظر في صفحات كربلاء واتضح لي ان الهند اذا أرادت احراز النصر, فلا بد لها من اقتفاء سيرة الحسين) كذلك يقول في موضع آخر( تعلمت من الحسين كيف أكون مظلوما فأنتصر), وهذا ماوتسي تونغ زعيم الثورة الصينية يخاطب الرئيس ياسر عرفات في حديث بينهم( عندكم تجربة ثورية قائدها الحسين وهي تجربة انسانية فذة وتأتون الينا لتأخذوا التجارب), وحتى الزعماء الامبرياليين يحسبون لتجربة الحسين(ع) حساب, فالزعيم البريطاني ونستون تشرشل يقول( مادام للمسلمين قرآن يتلى وكعبة تقصد وحسين يذكر لا يمكن لاحد أن يسيطر عليهم).
فلنتعلم من هذه المسيرة الثورية عدم الخضوع والخنوع للظلم والظلمة وأن نجعل مسيرة الامام الحسين(ع) وأصحابه الميامين نبراسا من أجل تحرير الانسان وصون كرامته وتحقيق العدل الاجتماعي.
د. رعد عباس ديبس

#رعد_عباس_ديبس (هاشتاغ)       Raad_Abaas_Daybis#          

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل