أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - فريد العليبي - بعد نصف ساعة نعود إلى فلسطين .














المزيد.....

بعد نصف ساعة نعود إلى فلسطين .


فريد العليبي

الحوار المتمدن-العدد: 3918 - 2012 / 11 / 21 - 00:50
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



قبل سنوات زرت مخيم اليرموك ، الواقع في الأطراف الجنوبية لمدينة دمشق ، و قد بدا وقتها كما لو كان ينظر بعين دامعة إلى شقيقه جبل قاسيون ، الواقف في أعالي الطرف الشمالي للمدينة ، فالشقيقان العربيان السوري و الفلسطيني لم يوحدهما تجار الوحدة و بيروقراطيوها ، بقدر ما وحدتهما المعاناة . تُرى ماذا كان يقول الجبل للمخيم و المخيم للجبل ؟
خاطب يوما مظفر النواب الذي يلقبه العراقيون بأبي عادل دمشق بلسان بغداد قائلا :
أعاتب يا دمشق بغض دمع حزين .....................
أتيتك و العراق دموع عيني ، لماذا تجعلين الدمع شامة
رفاق الأمس هل في الدوح أنتم ، أم الوطن الكبير غدا ظلاما
و قد كان العهد بنا إن دجت الليالي ، نهب إلي بنادقنا احتكاما
رفاق الأمس محال أن أفرط في الندامى .
كانت هناك وقتها مساحة للوم ، أما اليوم فلا مكان للملامة فالفاجعة موزعة بالعدل و القسطاس بين العرب كافة ، من الماء إلى الماء ، فماذا ستقول دمشق لبغداد أو غزة لسيدي بوزيد ؟
لم تكن تلك زيارتي الأولى لليرموك ، ففي كل مرة سافرت خلالها إلى سوريا إلا و يممت وجهي شطر المخيم ، ففيه شذى أرض البرتقال الحزين كما سماها غسان كنفاني ، و ذكريات سنوات خلت ، عندما أقمت في حي مساكن الزاهرة الذي يجاوره ، و درست في ثانوية العودة عددا من بناته و أبنائه ، و نسجت خيوط صداقات جميلة مع كثيرين ، طلبة و صحفيين، و فدائيين و باعة خضار، و أساتذة جامعات ، و التقيت مثقفين منهم الفلسطينيان ناجى علوش و أحمد نسيم برقاوى ، و العراقي هادى العلوي و السوري جاد كريم الجباعى ، بصحبة صديقي الصحفي و الكاتب الفلسطيني عبد الأسدي ، الذي لا أعرف عن أحواله شيئا ، في هذا الدمار الرهيب الذي تتعرض له سوريا الآن .
بعد اللقاء بعدد من الأصدقاء في أرجاء المخيم ، أثناء تلك الزيارة ، وقفت في ناصية الشارع بحثا عن سيارة أجرة ، لم يطل انتظاري فقد ظفرت بمبتغايا سريعا ، كان السائق كهلا فلسطينيا اقترب من الشيخوخة ، تبادلت معه التحية ثم كان لنا حوار عن هموم الحياة و مصائب العرب، حتى حط بنا رحال الحديث في أرض البرتقال إياها ، عند نقطة فاصلة من تاريخها ، أي في عام " نكبتها " .
قال محدثي أن من بين ما يتذكره عن عام 1948 ، قدوم ضابط عربي رفقة جنوده إلى الحي الذي كان يقطنه ، فطلبوا من ساكنيه مغادرته بسرعة لأن المعركة تقتضى التمترس فيه ، و اتخاذه نقطة ارتكاز للقضاء على عصابات الهاجانا و شتيرن الصهيونية المتحصنة قريبا من هناك، و تأكيدهم أن هذا لن يستغرق أكثر من نصف ساعة ، قبل عودة السكان إلى بيوتهم آمنين ، و هو ما صدقه الجميع ، و كيف لا يفعلون والأمر يتعلق بتقديم عون للجيوش العربية التي هبت لإنقاذهم .
ما حصل بعد ذلك معلوم للجميع ، فقد حاربت الجيوش العربية بأسلحة فاسدة و حكاما مهزومين ، و تحولت نصف الساعة تلك إلى ليل طويل و دهر مديد ، هو عمر الاحتلال الذي يمطر غزة الآن بقنابله ، مثلما أمطر قبل ذلك مدنا و قرى عربية كثيرة أخرى ، لا تزال جراحها نازفة إلى اليوم ، و لا شئ جديد في الزمهرير العربي ينبئ بانبلاج الفجر قريبا في أرض البرتقال الحزين ، بعد أن ألقت أمريكا و أخواتها و بناتها و خدمها و حشمـــــــــها القبض على العرب متلبسين بفعل الثورة ، فقررت إرجاعهم عنوة إلى عصر الحجارة و الحديد ، و لكن تحت الرماد اللهيب ، و من يبذر الشوك يجنى الجراح و يأكله العاصف المشتعل .
* أستاذ الفلسفة بالجامعة التونسية



#فريد_العليبي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ابن رشد و المرض في الدين
- ذبيح عيد الأضحى الجعد بن درهم .
- بتهمة الاعتداء على المقدسات صُلب الحلاج و أحرق حيا .
- برنارد هنري ليفي و السفير المقتول في بنغازي .
- سلفادور ألندي في ذكراه .
- الشيخ القابع وراء الأكمة .
- الديني و السياسي في الانتفاضة التونسية /الحلقة الثالثة .
- الديني و السياسي في الانتفاضة التونسية / الحلقة الثانية
- شيطان مصطفى بن جعفر وشبح زين العابدين بن على
- الديني و السياسي في الانتفاضة التونسية .
- أبو يعرب المرزوقي و ابن رشد و قشرة الموز
- الربيع العربي و زمهرير جهنم .
- عمران المقدمى زهرة تونس الحمراء العائدة من الجليل
- المرأة و الثورة
- المرأة العربية الآن
- هل انتصرت الثورة في تونس ؟
- جانفي شهر الانتفاضات التونسية
- القوى اليسارية والنقابات العمالية في الربيع العربي
- سيدي بوزيد التونسية : ماذا نملك ؟ لا شئ ، ماذا نريد ؟ كل شئ ...
- منير العوادي سلاما !


المزيد.....




- -الشيوخ- الأمريكي يحبط -محاولة ديمقراطية- لتقييد قدرة ترامب ...
- عراقجي: على ترامب التوقف عن استخدام لهجة غير لائقة تجاه المر ...
- مجلس الشيوخ يرفض تقييد صلاحيات ترامب في الحرب مع إيران
- مقتل مواطنين عراقيين في تركيا.. وتحرك عاجل للسلطات
- أول رد من إيران على تصريحات ترامب عن -إنقاذ خامنئي من موت مش ...
- تحقيق إسرائيلي يكشف عن أوامر بقتل فلسطينيين أثناء تلقيهم مسا ...
- 11 شهيدا معظمهم أطفال في غارة إسرائيلية غربي مدينة غزة
- ترامب: وقف إطلاق النار بغزة بات قريبا
- فستان أبيض وياقة عالية.. من صمّم إطلالة العروس لورين سانشيز ...
- ترامب يشكر قطر على دورها في اتفاق السلام بين رواندا والكونغو ...


المزيد.....

- كذبة الناسخ والمنسوخ _حبر الامة وبداية التحريف / اكرم طربوش
- كذبة الناسخ والمنسوخ / اكرم طربوش
- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - فريد العليبي - بعد نصف ساعة نعود إلى فلسطين .