أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - فريد العليبي - بتهمة الاعتداء على المقدسات صُلب الحلاج و أحرق حيا .














المزيد.....

بتهمة الاعتداء على المقدسات صُلب الحلاج و أحرق حيا .


فريد العليبي

الحوار المتمدن-العدد: 3902 - 2012 / 11 / 5 - 22:30
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    




عاش الحسين بن منصور الحلاج بين القرنين التاسع و العاشر الميلاديين ، و قد وُلد ببلدة فارسية ، و تُوفى صلبا و حرقا في عاصمة الخلافة العباسية بغداد ، و كان ضحية من بين كثيرين آخرين ، من ضمن المفكرين العرب ، للسلطان السياسي ، في اتجاره بالمقدسات الدينية لحراسة جبروته .
عُرف الرجل بورعه الديني ، حتى قيل أنه كان يُصلى في اليوم أربعمائة ركعة ، و ربما كان ذلك في صلة بتصوفه ، و قوله بوحدة الوجود و الحلول ، فالله يحل في الإنسان الذي خلقه في أحسن تقويم ، فكان على صورته ، و ينسب إليه في ذلك قوله :
أنا من أهوى و من أهوى أنا نحن روحان حللنا بدنا
فإذا أبصرتني أبصــــرته و إذا أبصرته أبصرتنا
لم يــــرض الحلاج بالسائد من الأفكار في زمانه ، حتى أنه لم يختلف فقط مع كبار المتكلمين و الفقهاء ذوى النفوذ الواسع ، و إنما مع غيره من المتصوفة أيضا ، فاختط لنفسه طريقا لم يسبقه إليه أحد ، فكان بذلك تميَزه و تفرَده ، و عُرف عنه حبه للمناظرة و الحجاج ، حتى أنه ناظر إبليس و فرعون ، و قد صنف كتبا كثيرة حسب ابن النديم ، الذي أحصى سبعة و أربـــعين منها ، و قد أُحرقت و أُتلفت ، و لم يبق منها غير كتاب وحيد هو الطواسين ، و رغم أن المعتزلة كفروه ، فقد كان الأقرب إليهم و إلى الفلاسفة ، فهو من نزه الله عن كل الصفات ، ومن قال " الحقيقة دقيقة، طرقها مضيقة، فيها نيران شهيقة، ودونها مفاوز عميقة " .
ينسُب إليه الرواة قوله : " ما تحت الجبة إلا الله " ، و هو ما أجاب به إعرابيا سأله : ما تحت جبتك يا حلاج ؟ ، مُعتبرين ذلك سبب نكبته ، فقد سُجن على مدى ثمانية سنوات عرف خلالها صنوفا من العذاب الشديد ، فجُلد ألف مرة ، و صُلب على أحد أبواب بغداد ، و قُطعت يداه و رجلاه ، ثم رمى به في النار الملتهبة لكي تلتهمه حيا ، و قد استمر طقس التعذيب هذا أياما ثلاثة بلياليها، و لكن هل كان ذلك هو السبب الحقيقي لمقتله ؟
قد تكون تلك التهمة مجرد ذريعة ، أستعملت للتخلص منه ، فالرواة يذكرون أيضا تجواله في بلدان كثيرة لنشر أفكاره ، فأصبح له مُريدين و أتباعا ، بل إن تأثيره وصل إلى مراكز القرار في دولة الخلافة نفسها ، مما أثار جزع القيمين على أمر الدولة ، التي نظرت إليه باعتباره صاحب دعوة سياسية ، متخفية تحت جلباب التصوف ، يقول عنه ابن النديم : " كان جسورا علي السلاطين ، مرتكبا للعظائم ، يروم انقلاب الدول " ، فأخذت قرارها بتصفيته ، و وجدت السبيل الأمثل في اتهامه بالاعتداء على المقدسات الإسلامية ، و الاشتغال بالسحر و الشعوذة ، و خدمة الجن و الشياطين ، و ادعاء النبوة ، و تأليه الإنسان و أنسنة الإله ، فنكلت به و قتلته شر قتلة ، و ما يُرجح اعتبار السبب السياسي هو ما يُفسر مأساته أن معاصره أبو بكر الرازي ، الفيلسوف و الطبيب المشهور ، كان في نفس الوقت يُنكر نبوة الأنبياء ، فلا تلتفت الدولة إليه ، بل تُكرمه بالإشراف على تأسيس أول مستشفياتها ( البيماريستان ).
كان الحلاج مُدركا أن ما يقوله سوف يكون له وقع الزلزال عليه ، و على الناس من حوله ، و لكنه كان يسير في طريقه غير ملتفت لمصيره ، و ينسب إليه قوله :
يا رب مكنون علم لو أبوح به لقيل لي أنت من يعبد الوثنا
و لاستحل رجال صالحون دمي يرون أقبح ما يأتونه حسنا
نسجت حول شخصيته أساطير كثيرة ، منها أنه لما قطع الجلاد يده يوم مقتله ، طلب منه طلاء وجهه بالدم حتى لا يبدو وجهه شاحبا فيشمت أعداؤه به ، و قيل أنه عندما احتشدت الجموع لتشهد مقتله خاطبهم بشموخ قائلا : معبودكم تحت قدمي ، و هو ما أثار سخط الجميع ، بما في ذلك بعض من كان حاضرا من مريديه ، و لكن آخرين رأوا في ذلك حكمة ، فأخذوا فأسا و حفروا في الموضع الذي كان يقف فيه ، فوجدوا كنزا ، فقد كان ينظر إلى الناس كعبدة لا لله ، بل للدرهم و الدينار .



#فريد_العليبي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- برنارد هنري ليفي و السفير المقتول في بنغازي .
- سلفادور ألندي في ذكراه .
- الشيخ القابع وراء الأكمة .
- الديني و السياسي في الانتفاضة التونسية /الحلقة الثالثة .
- الديني و السياسي في الانتفاضة التونسية / الحلقة الثانية
- شيطان مصطفى بن جعفر وشبح زين العابدين بن على
- الديني و السياسي في الانتفاضة التونسية .
- أبو يعرب المرزوقي و ابن رشد و قشرة الموز
- الربيع العربي و زمهرير جهنم .
- عمران المقدمى زهرة تونس الحمراء العائدة من الجليل
- المرأة و الثورة
- المرأة العربية الآن
- هل انتصرت الثورة في تونس ؟
- جانفي شهر الانتفاضات التونسية
- القوى اليسارية والنقابات العمالية في الربيع العربي
- سيدي بوزيد التونسية : ماذا نملك ؟ لا شئ ، ماذا نريد ؟ كل شئ ...
- منير العوادي سلاما !
- الانتفاضة التونسية : شيئان في بلدي خيبا أملي !
- مصر : الدم و الحرية أبناء عم !
- عرس الدم التونسي


المزيد.....




- الداخلية السورية: خلية جاءت من مخيم الهول وفجرت الكنيسة بدمش ...
- -سرايا أنصار السنّة- تتبنى الهجوم على الكنيسة في دمشق
- خبراء: فلسطين قضية محورية في تجديد الأمة الإسلامية
- مفتي القاعدة السابق يروي تفاصيل خلاف بن لادن والملا عمر
- تفجير الكنيسة يُفجع عائلة سورية.. ومناشدة للشرع
- “ماما جابت بيبي” استقبل دلوقتي تردد قناة طيور الجنة 2025 Toy ...
- أضبطها الآن تردد قناة طيور الجنة بيبي على نايل سات وعرب سات ...
- لليوم الـ12: الاحتلال يواصل إغلاق المسجد الأقصى وكنيسة القيا ...
- “سلي طفلك الأن” تردد قناة طيور الجنة الجديد عبر النايل سات و ...
- الأزهر: من مسجد الفاطميين إلى جامعة إسلامية عريقة


المزيد.....

- السلطة والاستغلال السياسى للدين / سعيد العليمى
- نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية / د. لبيب سلطان
- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - فريد العليبي - بتهمة الاعتداء على المقدسات صُلب الحلاج و أحرق حيا .