مقدمات لظهور حزب شيوعي جديد بروسيا

فالح الحمراني

الحوار المتمدن-العدد: 3899 - 2012 / 11 / 2 - 19:06
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

اليسار الروسي بعمومه يعاني من الازمات وغياب المنهج والاستراتيجية ورسم المهام الانية لذلك فان ناخبه متوزع ومشتت وكثيرا ما يذهب للاقتراع على مسمسيات ترفع الشعار اليساري ايضا.
وضمن هذا السياق يشهد الحزب الشيوعي الروسي الذي اعلن عن نفسه الوريث الشرعي للحزب الشيوعي السوفياتي جملة من الصراعات التي تعكس من دون الشك ازمة الخيار العقائدي والسياسي التي يبناها.
ولم تكن تلك المظاهر غير الصحية التي تطحن بالحزب الشيوعي الروسي وليدة الساعة او يمكن تحديدها بسبب واحد . فالحزب الشيوعي يعاني ازمة مفصلية وبنيوية وهذا ما يؤشر له بوضوح ابتعاده عن نصوص وروح الفكر الماركسي وتبنيه فكرا معلولا بروح الشعور بالتفوق القومي للامة الروسية وبناء الدولة العظمى والتغني بالماضي من دون الفرز بين السلبي والايجابي منه. هناك مؤشرات واضحة على ان الشيوعي بات يفقد منطلقاته الايديولوجية "التي ورثها" كما انه لم يطرح صيغا متطورة للفكر الماركسي من اجل استيعاب وفهم وتحليل الواقع الجديد الذي خلقته التطورات العاصفة بروسيا والعالم اجمع، وما زال يناقشها بوصفات جاهزة لا نرصد فيها روح الفهم المادي الديالكتيكي للتاريخ. انها ازمة فكرية وليدة مغازلة العملية السياسية للبقاء في اطارها ولو كقوة مهمشة وبقاء القيادة في كراسيها الدافئة.

وتجدر الاشارة الى ان الشيوعي الروسي جاء بالمرتبة التالية بعد حزب النظام "روسيا الموحدة" في الانتخابات البرلمانية نهاية العام الماضي ولكن بفارق كبير لم تمنحه القدرة على التاثير على صنع القرارات في البرلمان وتبنبها. ولكنه يبقى اكثر الاحزاب تنظيما في روسيا الاتحادية اعتمادا على التجربة التي كسبها من الحزب الشيوعي السوفياتي.

والسبب الاخر في الازمة في الشيوعي الروسي ربما يعود بالدرجة الاولى الى التاكتيك اليومي للشيوعي وتعاطيه مع النظام القائم والافرازات اليومية على الساحة الاقتصادية والسياسية، فرغم الخطاب النقدي لتلك السياسات الا انه على حسب تقدير منتقديه لم يتخذ الخطوات الحاسمة لمواجهة النظام وتفسر بعدم رغبة القيادة الحالية فقدان امتيازاتها التي تحصل عليها بوضعها الراهن، والتي يستفاد منها النظام لتاكيد شرعيته وطبيعته كنظام ديمقراطي تعددي.

ان الهيكل التنظيمي للحزب الشيوعي الروسي مازال يعتمد باغلبيته على الكوادر الحزبية التي كانت تشكل هيكل الحزب الشيوعي في الحقبة السوفياتية، ان هذه الشريحة كما يبدو ما تزال تعيش على سلوكيات الماضي واجواء عصر لم يعد له وجود كما ان تمسك جينادي زوغانوف بمنصب رئيس الحزب منذ التسعينات وحتى اليوم واحاطة نفسه بمجموعة من الموالين له وقيامه باعمال "تطهير" لكل المعارضين على سياسيته اثار ردود فعل من قبل العديد من اللجان الحزبية في عموم روسيا الاتحادية.

وكرد فعل على تلك السياسات قرر عدة آلاف من اعضاء الحزب الشيوعي الروسي من حوالي 50 لجنة اقليمية المطالبة خلال اجتماع يعقوده في كانون اول/ديسمبر المقبل مكرسا للمطالبة باجراء الحزب تغيرات على سياسته واقالة قيادته.

وسيطالب هؤلاء بانعقاد مؤتمر خاص دعا له نواب الكتلة الشيوعة في البرلمان سابقا وعلى راسهم عضوء المكتب السياسي للحزب الشيوعي السابق واحد اشد معارضي غورباتشوف ويلستين ايجور ليخاتشوف.

واوضح الداعون للمؤتمر لوسائل الاعلام بموسكو عن الهفوات الكبيرة برايهم للحزب الشيوعي وقيادته. ويجمع المراقبون على ان التحضير يجري للقيام بهجوم كاسح على زعيم الحزب الشيوعي جينادي زوغانوف بهدف عزله عن منصبه.

واعلن سكرتير الللجنة التنظيمية للمؤتمر المقبل يفجيني شابايف في مؤتمر صحفي بموسكو بان المؤتمر سيطالب بتغير قيادة الحزب واعادة العضوية لكافة الشيوعين الذين تم فصلهم سابقا بسبب معارضتهم سياسة الحزب. ويشار الى ان المبادرين الرئيسيين للفعالية هم من المندوبين الذين شاركوا قبل 20 عاما في الاجتماع التاسيسي للحزب الشيوعي الروسي الذين من بينهم ايجور ليخاتشوف وفلاديسلاف يورتشيك وفالنتين نيكيتين.

وتتمحور الاعتراضات الرئيسية على قيادة الحزب حول تراجع اعضاء الحزب في غضون 10 سنوات ب 400 ألف شخص. وعدم اتاحة المجال لتعددية الاراء وحصرها باراء القيادة، والزعم بان هناك عدد من نواب الدماء المحسوبين على التكتل الشيوعي البرلماني لايمتون بصلة للحزب الشيوعي الروسي.

وعلى حد معطيات شابايف فان الكثيرين تركوا الحزب بسبب عدم موافقتهم مع من وصفها "بالقيادة الديكتاتورية". موضحا بان رئيس اتحاد الضباط السوفيات يفجيني كوبيشف حاول ابداء ملاحضاتها على قيادة الحزب خلال الاجتماع الكامل للجنة المركزية للحزب الذي انعقد خلال ايام عطلة الاسوع الماضي.وافاد بان الاجتماع لم يتح المجال لكوبيشيف المضي بخطابه وان زوجانوف وصفه "بالمحرض" وأمر باخراجه من قاعة الاجتماع".

وحسب معطياته فان 32867 من اعضاء الحزب الشيوعي الروسي اعلنوا في رسالة خطية انهم سيطروحون اسئلة جدية على قيادة الحزب خلال المؤتمر.

من ناحيته يرى عضو سكرتير الحزب الشيوعي الروسي فاليري راشكين ان المبادرين لعقد المؤتمر هم من المفصولين من الحزب بسبب تصرفاتهم اللاحزبية.وعن سبب نقص اعضاء الحزب اشار الى ان اعادة تعداد فيه اظهرت ان هناك اعضاء وهميون بصفوفه، واكد طرد كوبيشيف من قاعة الاجتماع الكامل موضحا ان الاجتماع لم يرغب بالاستماع الى ما جاء في كلمته وان طرده من القاعة تم وفق الاليات الديمقراطية.وعلى حد قوله "ان عقد مؤتمر للحزب في كانون اول/ديسمبر المقبل سيخدم بالدرجة الاولى الكرملين واعداء روسيا".

ويرصد المراقبون التحضير لهجوم حاسم على زوجانوف عشية الاجتماع المقبل. والسؤال المشروع عما اذا ستنجم المواجهة الجديدة في صفوف الحركة الشيوعية عن ظهور حزب شيوعي جديد يعلن انه الوريث الشرعي للحزب السوفياتي المنحل؟.

#فالح_الحمراني (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل