أحمد حسنين الحسنية
الحوار المتمدن-العدد: 3899 - 2012 / 11 / 2 - 16:14
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان
السذاجة الثورية ، أو لنطلق عليها مسمى آخر هو : الجهل الثوري ، هي أخطر شيء في فترة الثورة ، و هي تعني الجهل بالإجابات الصحيحة على الأسئلة الثلاثة التالية :
لماذا ثورة ؟
كيف تكون الثورة ؟
كيف يتم بناء نظام جديد تماما بعد الثورة ؟
أما في غير المرحلة الثورية ، و في حالة عدم تأسيس دولة ديمقراطية حقيقية ، تحترم حقوق الإنسان ، مع إنحسار المد الثوري داخل نفوس الشعب ، و مع وجود بصيص أمل ، أو شعاع واهي من الأمل ، في العمل السياسي الحر الذي يطور المجتمع ، فإن أخطر شيء - و حديثي ينطبق أكثر ما يكون على الحالة المصرية - فهو حسن النية ، ذلك لإننا نواجه نظام خبيث للغاية ، و أخطبوطي ، و متلون .
لا أعتقد إنه يوجد نظام حكم إستبدادي يضارع النظام الذي حكم به مبارك - و هو النظام الذي مازال يحكم مصر في الواقع - في الخبث ، سواء في منطقتنا ، أو في العالم .
لقد فرضت عليه الظروف أن يصبح خبيث ، فالإزدواجية التي أضطر أن يتبعها ، جعلته يلجأ للخبث لكي يستمر ، و تلك الإزدواجية هي طبيعته الإستبدادية التي لا يستطيع التخلي عنها ، مع تبني هيكل الكيان الديمقراطي و الإنفتاح النسبي ، و هو تبني نشء عن إختلاط رغبته في الظهور بمظهر الكيان الديمقراطي ، من أجل الخارج ، مع رغبته في الإستبداد و الطغيان إستجابة لطبيعة أصيلة فيه .
هيكل الكيان الديمقراطي ، و أهم ما فيه النظام البرلماني ، إضطره لأن يستمر في قبول وجود الأحزاب السياسية ، و الإنفتاح النسبي إضطره لأن يقبل بمبدأ وجود جمعيات و منظمات غير حكومية ، و أن يقبل بمبدأ السموات الإعلامية المفتوحة ، الذي أتاح لأفراد الشعب أن تكون لهم مصادر إعلامية تلفزيونية متعددة و متباينة في الإتجاهات و غير تابعة لسلطة النظام الحاكم ، و هي حرية دعمها ظهور الإنترنت في عهده و إنتشار إستعمالها .
تلك الظروف ، مع رغبته الشديدة في الإستبداد ، هي التي جعلته خبيث لكي يستمر ، إنه نوع من التطور لجأ إليه من أجل البقاء و الهيمنة .
الدليل على أن الظروف التي فرضت عليه هي التي حتمت عليه ذلك ، هو المقارنة بعصر عبد الناصر ، فعبد الناصر لم يرغب ، و لم يضغط عليه أحد ، لكي يكون ديمقراطي ، أو حتى أن يظهر بمظهر الديمقراطي ، لهذا لم يكن نظامه خبيث ، على الرغم من أن إستبداده يفوق إستبداد مبارك .
أهم مظاهر ذلك الخبث ، الذي إشتهر به نظام مبارك ، هو توفير البدائل للشعب .
في متجر السلطة السياسي سيقابل الداخل إليه بعد الإستفسار عن إنتماءه السياسي ، بواحد من العبارات التالية :
أنت لا تطيق السلطة ، لا بأس ، ستنضم لنا من خلال قناة أخرى ؛ و هي عبارة لا يسمعها المتعامل الجديد .
أنت ليبرالي ، حسنا ، لدينا مجموعة من الأحزاب الليبرالية ، يمكنك أن تصبح من البرادعيين ، و إن لم ترغب في أنت تكون برادعي ، فيمكن أن تصبح وفدي جديد إذا كنت ممن يعشقون الحفريات الحية ، أو أن تنضم لواحد من تلك الأحزاب الصغيرة التي أسسناها و التي لا نتذكر أسمائها .
أنت يساري ، لدينا خلطة معتبرة من الأحزاب اليسارية ، منها القديم ، منذ عصر السادات ، و منها الجديد ، و على العموم هم متحالفون مع بعضهم البعض .
أنت شاب ثوري ، و غير حزبي ، لدينا تشكيلة رائعة من التنظيمات و الإتحادات اليسارية و الليبرالية الثورية ، و بإمكانك أن تخرج معهم ، على فترات متقاربة ، للهتاف : ثورة ثورة ، و يسقط النظام ، و لكن لا تنس أن تدعو معهم لتمرير قانون الدية ، لإنه مهم جدا بالنسبة لنا .
أنت شاب ، معارض و غير حزبي ، و بلا لون سياسي محدد ، يمكنك إذا أن تنضم للإبريليين ، الذين وظيفتهم فقط الهتاف في كل ميدان و محفل ، و يؤيدون أي مرشح للسطلة ، أكان الليبرالي أو السلفي أو اليساري أو الإخواني ، حسبما تدعو الظروف ، و يتظاهرون أمام أي سفارة حسبما تصدر لهم الأوامر ، و يحجون للمحلة الكبرى بين حين و آخر لنفي أن جماعتهم أسسها الأمن من أجل خطف الأضواء من عمال المحلة الكبرى في إضرابهم الشهير .
أنت سلفي ، لن تخرج من متجرنا السياسي خالي الوفاض ، لدينا تشكيلة من الأحزاب السلفية ، منها المودرن الميسر ، و منها ذو النكهة العتيقة و المظهر المتشدد ، إذا كنت ممن يهتمون بالمظاهر .
أنت ناصري ، نحن أيضا ناصريين ، و الصنف الناصري ، أكبر صنف من الأصناف السياسية التي نتعامل فيها ، و لك مستقبل باهر معنا لو فهمت اللعبة السياسية التي نلعبها .
أنت وطني ، لدينا حزب جديد ، قوي و لو إسما ، قدم أوراق تأسيسه للتو ، و قد أسسناه بالتعاون من إخواننا في الإخوان المسلمين .
أنت إخواني ، إذا أنت حليف ، بل أخ ، لنا ، و كلنا شركاء في خداع الشعب ؛ يمكنك أن تقدم أوراق إلتحاقك لحزب الإخوان من خلالنا ، أو لهم مباشرة ، لا فارق .
أنت مؤيد لحزب كل مصر - حكم ، لا يوجد لدينا بديل له ، لكن لدينا من يهتف بشعارات مقتبسة من اسم الحزب بوسعك أن تنضم لهم بدلاً من إنضمامك لذلك الحزب .
لا تحب السياسة و ترغب في العمل الأهلي ، كما ترى كل الجمعيات الأهلية المسجلة تابعة لنا ، و لك أن تختار ميدان العمل الذي ترغبه ، و اسم الجمعية التي تريد الإشتراك فيها .
قبطي ، و مهتم بهموم الأقباط ، يمكنك أن تنضم للملياردير ، أو للكفاياتي اليساري ، أو لبعض النشطاء الشباب ، أو لغيرهم كثيرين في الداخل ، و في المهجر ، كلهم حبايبنا .
بالتأكيد يمكن أن نضيف لكل تلك التشكيلة السلطوية كل الصحف المملوكة للدولة ، و الصحف التابعة للأحزاب المشار إليها عالية ، و تلك المدعوة بالمستقلة ، و الإذاعات المرئية و المسموعة الرسمية و الخاصة ، و الفضائيات الرسمية و الخاصة المصرية .
إننا نعيش في جو سياسي و إعلامي زائف ، من قمة رأسه لأخمص قدميه ، و ما ذكرته هو نزر يسير لكل أشكال الخبث الذي تمارسه السلطة الحقيقية ، و نحن ، في حزب كل مصر - حكم ، نعرف ذلك الخبث ، و نحاول دائما كشفه للشعب ، كما فعلنا من قبل مع إحدى الصحف المستقلة الذائعة الصيت في عهد مبارك الأثيم ، و كما أشرنا لصاحب تشخيص متلازمة ستوكهولم ، الذي هو الآن أحد البرادعيين ، و كما أشرنا من قبل لحقيقة البرادعي و الإبريليين و الاتحادات الثورية الشبابية ؛ و في هذه المرحلة سنحاول الدخول لميدان العمل السياسي ، مع علمنا التام بأن السلطة ستعمل ما في وسعها لتغيير إتجاه ، أو لشل ، أو لتشويه ، حزب كل مصر - حكم ، كعادتها ، و لكننا نرى إننا يجب أن نحاول و الأهم أن نواجه .
أعلنها اليوم ، الجمعة الثاني من نوفمبر 2012 ، إننا لن ننسحب ، مهما كانت العقبات ، و مهما كان خبث المكائد ، بل سنناضل بثبات و صبر و جلد ، ليكون هناك كيان حزبي حقيقي لحزب كل مصر - حكم .
ما سيبقي حزب كل مصر - حكم قويا ، في مواجهة خبث السلطة ، و مكائدها ، هو روحنا النضالية ، و أيضا لإننا قررنا أنه محظور على الأعضاء القدامى الذين شاركوا في تأسيس الحزب ، و على هؤلاء الذين إنضموا للحزب قبل و أثناء ثورة 2011 ، أي قبل الإعلان عن سقوط مبارك ، الإنضمام لحزب كل مصر - حكم الذي سيتم تسجيله ، و لهذا قلت مرارا : العقلاء سيتفهمون ، و الحكماء سينفذون ؛ و بالتأكيد لا علاقة للحكماء هنا بلجنة الحكماء التي من ضمنها كارتر ، أو بمجموعة حكماء أفريقيا ، التي تكونت من رؤساء أفارقة سابقين .
قوتنا ستكون في إننا سنسير في طريقيين متوازيين ، و كلاهما سلميان تماما ، فنحن ضد أي شكل و درجة ، من أشكال و درجات العنف ، و هدفنا واحد هو تأسيس دولة ديمقراطية حقيقية تحترم حقوق الإنسان كما قررتها الأمم المتحدة ، كما هو مذكور في الوثيقة الأساسية للحزب ، و التي خرجت من السر إلى العلن منذ أكثر من خمسة أعوام ، و تحديدا في أكتوبر 2007 ، و يمكن الإطلاع عليها تحت عنوان : هذا هو حزب كل مصر ، و توجد كتسجيل صوتي في أحد قناتي حزب كل مصر - حكم في يوتيوب ، تحت عنوان : حزب كل مصر ، و عنوان القناة :
ppslv .
سنناضل من أجل أن نقدم للشعب كيان حقيقي أصيل ، بدلا من الزيف الذي تتشبع به الحياة السياسية المصرية الآن .
سنناضل من أجل مصر ديمقراطية حقيقية تحترم حقوق كل إنسان يعيش فيها .
ملحوظة تعد جزء من المقال : في المقال السابق مباشرة على هذا المقال ، و أعني مقال : أهدافهم و أساليبهم خمينية ، و الذي كتبته و نشرته أول أمس ، الحادي و الثلاثين من أكتوبر 2012 ، وردت العبارة التالية : إنه الرغبة الشديدة في إسقاط أوباما ، حتى يتسنى للمباركيين الإجهاز على النذر اليسير الذي حققته ثورة 2011 المصرية ، و هي رغبة يلتقي فيها الإخوان مع المباركيين مع آل سعود .
و صوابها : إنه الرغبة الشديدة في إسقاط أوباما ، حتى يتسنى للمباركيين الإجهاز على النزر اليسير الذي حققته ثورة 2011 المصرية ، و هي رغبة يلتقي فيها الإخوان مع المباركيين مع آل سعود .
الخطأ هو في كلمة النزر ، و التي وردت ، عن غير رغبة مني ، النذر ؛ و هو خطأ لا أعتذر عنه .
تعليق : منعا للي الحقائق و الكلمات ، فكما هو واضح في المقال المشار إليه ، فإن أوباما لم يكن هو السبب في وجود ذلك النزر اليسير من الإنجازات السياسية التي تحققت في مصر بعد الثورة ، نحن نريد فوز أوباما لأن وجوده لن يوفر ذريعة للسلطة و الإخوان للجوء للغوغائية ، فالهدوء على الساحة الخارجية مهم للتطور الديمقراطي في مصر - في حالة عدم وجود ثورة حقيقية - و هذا الهدوء إحتمال كبير ألا يتحقق مع رومني .
الهدوء يحرج الإخوان و المباركيين .
أحمد محمد عبد المنعم إبراهيم حسنين الحسني
حزب كل مصر - حكم ، شعار الحزب ، تراث - ضمير - حرية - رفاهية - تقدم - إستعيدوا مصر
02-11-2012
#أحمد_حسنين_الحسنية (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟