أحمد حسنين الحسنية
الحوار المتمدن-العدد: 3891 - 2012 / 10 / 25 - 17:40
المحور:
اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم
في الأحوال الطبيعية من المفترض أن كل شخص ملزم أخلاقياً ، على الأقل ، بمد يد العون لأي إنسان يتعرض ، في حضوره ، لخطر داهم أو كان ضحية لأي شيء لازال يهدد حياته ؛ لكن في حقيقة الأمر فإن نظرة المجتمع تجاه ردود أفعال الأشخاص في هذه الظروف تختلف بإختلاف طبيعة الأفراد الحاضرين لتلك المواقف الصعبة ، فمثلاً لن يلوم المجتمع مجرم عتيد في الإجرام ، أو قاتل محترف ، لأنه لم يمد يد العون لضحايا حادثة فردية أو كارثة جماعية كان حاضرا لها ، و لكنه بالتأكيد سيسرف في لوم طبيب بشري لو إنه تجاهل أن يساعد ضحايا حادث مروري دامي صادفه أثناء ذهابه لمنزله عائدا من عمله .
ما ينطبق على الأفراد ، ينطبق بدرجة كبيرة ، و إن كانت ليست كاملة ، على الدول .
كل الدول ملزمة من الناحية الأخلاقية بمد يد العون لشعوب الدول الأخرى التي تتعرض للكوارث الطبيعية ، و مآسي الحروب ، و ما إلى ذلك ، و لكن الضمير العالمي لن يلوم نظام حكم يقمع حريات مواطنيه لأنه رفض أن بساند شعب دولة أخرى يكافح من أجل الديمقراطية .
لهذا لا يمكن أن نلوم أنظمة الحكم الديكتاتورية في دول مثل كوبا و كوريا الشمالية لأنها لم تساند ربيع العرب ، و لا داعي لأن نلوم الصين لأنها لم تقف مع الشعوب العربية في ربيعها ، فنظام الحكم القائم في الصين حاليا هو الذي سحق الهبة الشعبية الصينية التي طالبت بالديمقراطية في أواخر القرن الماضي ، و لازال يقمع الحريات ، و يضطهد النشطاء الذين يعملون من أجل الديمقراطية و حقوق الإنسان في الصين ، و بالتأكيد لا يمكن أن نلوم نظام مخابراتي يقمع أيضا الحركات الديمقراطية في بلاده ، و خير مثال لذلك هو نظام بوتين المخابراتي .
لكن بالتأكيد لنا أن نلوم أنظمة حكم ديمقراطية ، ترفع رايات الديمقراطية و حقوق الإنسان و العدالة الإجتماعية ، و سبق أن رفعت رايات النضال من أجل تلك القيم عندما كانت خارج الحكم ، لأنها لم تساند شعوب ربيع العرب .
أمريكا اللاتينية ، منطقة ثقافية حكمتها أنظمة عسكرية إستبدادية دموية فاسدة في الماضي ، و الآن تحكمها أحزاب يسارية تمثل تيارات سياسية - إجتماعية - إقتصادية رفعت رايات الديمقراطية و حقوق الإنسان و العدالة الإجتماعية في نضالها ضد الأنظمة الإستبدادية التي كانت تحكم دول أمريكا اللاتينية ، و لازالت تلك الأحزاب اليسارية الأمريكية اللاتينية الحاكمة ترفع نفس الرايات ، أو بالأحرى الشعارات ، لكنها فشلت في أن تنجح في إختبار ربيع العرب الذي تعرضت له .
عندما كان ربيع العرب يقتصر على تونس و مصر كانت تلك الأنظمة مساندة لربيع العرب ، و لكن عندما إتسعت رقعة ربيع العرب ، لتشمل دول تحكمها أنظمة إستبدادية ، لا تقل دموية و فساد عن نظام بن علي و مبارك ، و لكنها صديقة لها ، رأينا الوجه الحقيقي لتلك الأنظمة .
رأينا نظام حكم يساري ، يمثل جبهة ناضلت في الماضي ضد إستبداد أسرة جمهورية حاكمة في أمريكا الوسطى ، عرض أن يوفر منفى آمن للقذافي ، تماما كما عرضت المستشارة الألمانية منفى آمن لمبارك في ألمانيا ، و نظام شافيز أيضا لم يقتصد في إظهار تأييده لنظام القذافي ، و موقفه من الثورة السورية مشين هو الآخر ؛ و إذا إنتقلنا لدول آخرى تحكمها أنظمة يسارية معتدلة ، غير ميكروفونية ، مثل النظامين الحاكمين في كل من البرازيل و الأرجنتين ، فإننا نرى مواقف سياسية تتراوح بين المخزية و الباهتة .
قد يعتبر البعض أن تلك الأنظمة الحاكمة وجدت أن التيارات التي تقود الثورة في كل من ليبيا و سوريا لا تتماشى مع نهجها السياسي ؛ و لكن هذا الرأي التبريري له ما نرد به عليه :
أولا : الغرب لم يكن يعرف طبيعة الثورة الليبية ، و لهذا عمل على التعرف على الثورة الليبية عن قرب ، و كلنا نعلم أن بريطانيا أرسلت بعثة سرية إلى بنغازي لمقابلة قادة الثورة ، و التعرف على توجهاتهم السياسية ؛ فلماذا لم تفعل الأنظمة الأمريكية اللاتينية اليسارية مثل ذلك ؟
لماذا لم ترسل مبعوثين للتعرف على الثورتين ، الليبية و السورية ، و أنا لا أشك في إنها كانت ستجد هناك من يتماثل معها في الفكر السياسي ، فالثورتين ثورتين شعبيتين ، و ليستا من الثورات التي يقودها تيار سياسي محدد ؟؟؟
لماذا لم تعمل الأنظمة اليسارية في دول أمريكا اللاتينية على إيجاد و تقوية تلك التيارات المتماشية معها فكريا ، بدلاً من ترك العملية كلها في يد أنظمة حكم تختلف معها سياسيا ، كما رأينا في ليبيا ، و كما نرى حاليا في سوريا حيث النظام التركي الأردوغاني أصبح الراعي الأساسي للثورة السورية ، و بالتالي أصبحت التيارات المتوافقة مع النظام الأردوغاني لها اليد العليا في الثورة ؟؟؟
إذا كان البعض سيتحدث عن خسارة المصالح الإقتصادية التي تسبب فيها ربيع العرب في سوريا و ليبيا لبعض دول أمريكا اللاتينية التي تحكمها أنظمة يسارية ، فإن الرد هو أن الغرب أيضا كانت له مصالح إقتصادية في كل من تونس و مصر قبل ربيع العرب ، بل و في ليبيا في زمن القذافي ، و لكنه أدرك بذكاء أن من الخطأ الوقوف ضد رغبات الشعوب ، و غير مواقفة ، و لهذا لم يخسر ؛ بالمثل كان بإمكان الأنظمة اليسارية التي تحكم الآن أمريكا اللاتينية أن تفعل الشيء ذاته ، و ليس في ذلك ما يشينها .
لقد فشل اليسار الذي يحكم أمريكا اللاتينية في إختبار ربيع العرب الذي تعرض له ؛ و سيخسر جراء ذلك بالتأكيد في الميدان الإقتصادي على المدى المتوسط و البعيد ، لكني لا أكتب اليوم ، صباح الخميس الخامس و العشرين من أكتوبر 2012 ، من أجل فقط أن ألقي الضوء على الموقف المخزي الذي وقفه اليسار الحاكم في أمريكا اللاتينية من ربيع العرب ، بل أيضا من أجل أن أوضح للشعب المصري حقيقة النظام الحاكم الحالي في مصر ، ذلك النظام الحاكم القائم على تحالف الإخوان مع المباركيين .
الزيارات الخارجية التي قام بها مرسي في بداية حكمة توضح الكثير ، و أعني زيارته لآل سعود الذين وقفوا ضد الثورتين ، التونسية و المصرية ، ثم زيارته لكل من الصين و إيران ، و اللتان تقفان ضد الثورة السورية ، و الآن نسمع و نقرأ الكثير عن التعاون مع دول أمريكا اللاتينية .
إنهم يهللون للتعاون مع أمريكا اللاتينية لأن الأنظمة اليسارية الحاكمة هناك تقف ايضا ضد ربيع العرب ، و لها علاقات سياسية و إقتصادية قوية مع النظام الإيراني ، و بالنظام البعثي الدموي في سوريا .
نظام مرسي الإخواني المباركي لا يدخر أي جهد في دعم التعاون مع الأنظمة التي تعارض ربيع العرب .
أكرر ، و سأكرر ، بإذن لله : أن كل من يعتقد ، أو يظن ، بأن هناك خلافات حقيقية بين الإخوان و المباركيين هو أبله ، أو ساذج فكرياً .
رسالة لأعضاء و مؤيدي حزب كل مصر - حكم : سنعلن قريبا ، بإذن الله ، كيفية الإشتراك في الحزب ، لإستكمال العدد المطلوب للتسجيل ؛ كذلك نعلن إنه قد تم إنشاء حساب جديد للحزب في تويتر ، هدفه التواصل مع الإعلام العالمي و الشخصيات العالمية الإعلامية و السياسية و الإقتصادية ، و الحساب لازال في بدايته ، و ذلك في جهد لكسر الحصار الإعلامي المضروب حول حزب كل مصر - حكم ، و تماشيا مع السياسة التي أعلناها سابقا في 2009 ، و هي عدم ترك الساحة الخارجية للطغاة بالتواصل مباشرة مع العالم لتوضيح سياساتنا و أفكارنا في الميادين المختلفة ، حتى تصل لمن قد يهمه الأمر بالخارج بشكل صائب و سليم ، و لهذا لا تعبر قائمة المتابعة في ذلك الحساب معبرة عن أي توجهات سياسية أو إقتصادية أو إجتماعية أو دينية أو ثقافية ... إلخ لحزب كل مصر - حكم ، و هي أي القائمة ، غير نهائية ، و قابلة للتعديل عند الضرورة ، و هي متنوعة ، فهي تحوي حسابات من توجهات سياسية و إقتصادية متنوعة و متباينة ، و سنحافظ ، بإذن الله ، بإستمرار على هذا التنوع ، و عنوان الحساب هو :
@EgyptianPolicy
سأكتب العنوان بالحروف العربية منعا لأي لبس : إيجيبشن بوليسي ، و بدون أي فاصل بين الكلمتين ، و أكرر العنوان ثانية بالإنجليزية :
@EgyptianPolicy
الحساب أيضا مفتوح للجميع لمتابعته ، فقد قررنا عدم تقييد متابعته ، و بالتالي لسنا مسئولين عن قائمة المتابعين له ، و بالتأكيد ستكون بها حسابات زائفة تخص الجهات الأمنية المباركية .
ملحوظة : لم ننشأ أي صفحة لنفس الغرض في فيسبوك ، لأن - في رأيي الشخصي - فيسبوك كموقع عالمي للتواصل الإجتماعي ، في نزول ، على الأقل حاليا .
سؤال للشعب المصري ، يعد جزء من المقال : لماذا قررت الحكومة القنديلية المباركية مؤخراً إستيراد الغاز الطبيعي من الجزائر الشقيقة بينما مصر تصدر الغاز ، و سبق أن صدرته ، و ربما للآن ، بسعر التراب ؟؟؟
أحمد محمد عبد المنعم إبراهيم حسنين الحسني
حزب كل مصر - حكم ، شعار الحزب : تراث - ضمير - حرية - رفاهية - تقدم - إستعيدوا مصر
الخميس ، الخامس و العشرين من أكتوبر 2012
#أحمد_حسنين_الحسنية (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟