أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عصام شكري - هل لديكم مقدسات اخرى لتكمموا افواهنا بها؟!















المزيد.....

هل لديكم مقدسات اخرى لتكمموا افواهنا بها؟!


عصام شكري

الحوار المتمدن-العدد: 3894 - 2012 / 10 / 28 - 23:40
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


قد تكون زيارتي لهذا الموضوع متأخرة ولكن ذلك لا يعني انها في غير وقتها. حديثي عن الفلم الذي اثار الهياج المخطط له قبل فترة وادى فيما اداه الى قتل السفير الامريكي في ليبيا والمظاهرات الاسلامية الحاشدة واعمال الحرق والتدمير التي قامت بها جماعات اسلامية في العديد من البلدان. غني عن القول ان هدفي هنا ليس استعراض نقدي للعمل ولا لقيمته الفنية بل لتوضيح موقفي ممن يدعون الدفاع عن حرية التعبير في "الايام الهادئة والمشمسة" ولكنهم ينقلون دفاعهم الى "المقدس" عندما تكون نفس حرية التعبير على المحك، والاجواء مشحونة بالخطر والتهديد.

وعدا ان معظم من كتب ناقدا ومهاجما لهذا العمل او للمخرج هم، في غالبيتهم، مستهلكين لميلودراميات تغرق "الشعب" يوميا بتفاهات الطبقة البرجوازية ومغامراتها العاطفية، فانهم وحين يتعلق الامر بما يسمى المقدس او التابو، فانك سرعان ما تجدهم يضعون معايير فنية غاية في الصرامة ويطالبوا باعلى قيم الابداع الفني، والا فانهم لن يمنحوا الكاتب او المخرج او الفنان او المسرحي بركتهم لانه اساء لمقدس الجماهير المتدينة (حيث بنظرهم الجماهير متدينية جينيا). حين يكون هؤلاء في حل من ادعاءهم بمطلب حرية التعبير غير المشروطة وغير المقيدة الذي الزموا نفسهم به سياسيا واخلاقيا، فان بامكانهم فورا تبرير التهجم على اي شخص لا يتفق رأيه او تعبيره مع مساطرهم الاعتذارية.

وهنا اود المرور السريع على اهم 3 مبررات تبرز منذ فترة طويلة وخاصة بعد الرسوم الكاريكاتورية التي نشرت في صحيفة هولندي ضد شخصية محمد (رسم العمامة - القنبلة ). صارت هذه المبررات اشبه بالفورمة الجاهزة. بامكانك فقط اخرجها من "مجر المكتب "، املأ الفراغات لاسم اي عمل "مسيئ" وادفع بها للطبع:

1) العمل مس بالمقدس، انتهاك للعرف الاجتماعي الجمعي، مسئ لمشاعر الجماهير المسلمة. استفزازي، مهين لرموز الشعب المقدسة، لقيم الجماهير الروحية، وهكذا. ولكن هذه مقدسات من بالظبط ؟ ان افترضنا ان هناك شئ اسمه مقدسات وليست هذه مسميات وهمية لا وجود لها؟ هل هي مفاهيم الجماهير، ام مفاهيم الطبقة الحاكمة والحركة الاسلامية التي تريد ان تعيش عليها؟ هل هي مقدسات الشباب والنساء والعمال ام مقدسات الشيوخ وقادة ميليشياتهم ؟!.

2) العمل يميني وليس يساري. رجعي وليس تقدمي. فوقي لا يخاطب العامل (يطلقه اليساريون عادة). غامض، مشوش او غير مفهوم وهكذا. ولكن ما قيمة حرية التعبير غير المشروط او المقيد اذن ان كانت هذه الحرية (مشروطة) بان تكون "تقدمية" و "يسارية" او تخاطب فئة معينة دون غيرها؟ ماذا ان قررت وزارة الاعلام في الدولة المعنية ان العمل الفني او التعبيري يخالف هذه المقاسات التقدمية او ان الرقيب على الاعمال قرر ان هذا العمل غير تقدمي ؟! ما مصير الكاتب او المخرج او الفنان او الشاعر او الموسيقار او اي كاتب او صحفي او اديب حين يدرج اسمه في القوائم السوداء؟!. ماذا نترك لستالين وتشاوتشيسكو وصدام والاسد والقذافي؟

3) العمل تافه وهابط فنيا. العمل لا قيمة له. عمل من الدرجة الثالثة. هذا الكاتب/المخرج/ الكاريكاتورست/ الصحفي تافه وانتهازي وربما يكون مأجور ومرتبط بجهة مشبوهة. ولكن مهلا. من يحكم على القيمة الفنية للعمل بالظبط ؟ ما هي هذه القيمة وكيف نحددها ؟ من يحددها ؟. السؤال الذي يخطر ببالي هنا هو: ماذا لو كان العمل مبدع جدا ومن الطراز الاول ؟ ماذا لو انه نال جوائز عالمية ؟ هل يمكن حينها قبول مسه بالمقدس الديني ؟ هل يمكن الدفاع عن الحرية التعبير - بشرط - ان يكون العمل مبدع والا سيتم التنكيل بالكاتب والاصطفاف مع المهددين بقتله وتبرير "هياجهم" المدروس ؟. هذا المبرر اسوأ من مبرر طلب ان يكون العمل تقدمي.

هنا يكفيني استرجاع نتف بسيطة من تأريخ "المس بالمقدس" التي جرت خلال العشرين سنة الماضية في المنطقة التي خضعت للاسلام السياسي لنعرف في اي واقع نضع مسألة حرية التعبير وعن ماذا نتحدث.

في اوائل الثمانينات من القرن الماضي صدرت رواية بعنوان ايات شيطانية، اثارت لغطا شديدا، اصدر الامام الخميني باثرها فتوى بهدر دم الكاتب سلمان رشدي وخصصت الحكومة الاسلامية الايرانية مكافأة مالية للقاتل في تنافس مع الجماعات الاسلامية السنية الممولة من السعودية والباكستان. اختفى الاخير ل 10 سنوات هربا من قاتل غادر. واثناء صعود حركة الاسلام السياسي بعيد وصول الخميني للسلطة، وبعد تمويل المخابرات الامريكية لحركة المجاهدين العرب المقاتلة للاحتلال السوفييتي لافغانستان فان الهجوم على الكتاب والصحفيين والاعلاميين والمثقفين والشيوعيين قد زاد بشكل لا مثيل له. سقط مئات من هؤلاء قتلى على يد الحركة الاسلامية وملاليها وشيوخها.

في لبنان قتلت عناصر من حزب الله في الثمانينات المؤرخ الماركسي حسين مروة. كما قتل الكاتب والمناضل الشيوعي مهدي عامل. وفي مصر قتل الاسلاميون الكاتب المصري فرج فودة بعد مناظرة تلفزيونية مع احد شيوخ الاسلام عام 1992. كما تم بعدها بفترة الاعتداء على الكاتب نجيب محفوظ بطعنه بسكين اثناء ترجله من سيارته عام 1994. وفي نفس السياق هاجم الاسلاميون اغنية غناها محمد عبد الوهاب في اواخر حياته وحاولوا الانتقام. وفي التسعينات فتى الاسلاميون بقتل مارسيل خليفة بسبب تلحينه لقصيدة للشاعر الفلسطيني المعروف محمود درويش مستلة من التأريخ الاسلامي. كما افتى احد الشيوخ بقتل الكاتبة والطبيبة المساواتية نوال السعداوي بتهمة التهجم على الاسلام وتحريض النساء على التمرد على القوانين الاسلامية. كما صدرت فتوى اسلامية ضد نصر حامد ابو زيد بعد صدور احد كتبه اظطرته للهرب وايضا تعرض الكاتب العلماني سيد القمني بالتهديد بقتله. ومؤخرا هدد الممثل عادل امام لانه سخر من الاسلاميين في اعماله الفنية.

وفي السعودية تعرضت الكاتبة الصحفية سمر المقرن للتهديد لانها نقدت احد مشايخ الاسلام وتصدت للتمييز ضد المرأة السعودية والعربية. وفي ركن اخر بعيد في شمال اوربا وتحديدا في هولندا قتل اسلامي من اصل مغربي المخرج السينمائي الهولندي ثيو فان كوخ في العام 2004 بعد ان اخرج الاخير فيلما عن معاناة المرأة في الاسلام اسماه "خضوع" .وفي بنغلادش تعرضت الكاتبة الصحفية تسليمة نسرين عام 1994 الى التهديد بالقتل من قبل الاسلاميين بسبب مقالاتها حول سوء معاملة الاسلام للمرأة. كما واجهت ايان هيرسي علي في هولندا ايضا التهديد بالقتل نتيجة لنقدها الاسلام. واخيرا وليس اخر تم تهديد حياة الناشطة الشيوعية العمالية مينا احدي بعد ان اعلنت تركها للاسلام وتشكيلها لمنظمة "اكس مسلم". واثناء الثورة المصرية قامت الشابة المصرية علياء المهدي بنشر صورتها العارية على الفيسبوك في صرخة احتجاج ضد الاسلاميين استلمت على اثرها التهديدات بالتصفية والاهانة والتحرش. ولا ينسى احد كيف هدد رسام الكاريكاتور الهولندي بعد ان نشره كاريكاتوره عن شخصية محمد. هذه هي مجرد نبذة قصيرة عما جرى في عشرين سنة مخضبة بالدم والرعب والتهديدات والتفجيرات. نبذة سريعة جدا.

وبعد، فهل يمكن نسيان هذا التأريخ او انكاره ؟ هل ننسى اهدار كرامة البشر وتمريغها بالوحل كل هذه السنين ؟ اليست كرامة البشر مقدسة بما يكفي ؟ هل ننسى كيف كسروا رأس الشابة بعمر 17 سنة دعاء اسود بالحجارة عام 2007 لانها احبت شاب بعمرها ؟ هل ننسى الاف حالات قتل الشرف وغسل العار ضد النساء ؟ هل ننسى كيف حولوا حياة الشباب الى جحيم وحرموا الاطفال من طفولتهم وعسكروا المجتمع ودمروا سنين من نضال البشر من اجل الحقوق والمساواة ؟ هل ننسى سردشت عثمان ؟ هادي المهدي ؟ هل هذا هو رد الفعل "ألتقدمي" على من يمس رموزهم ؟.

ان كنا نحمل وزر هذا التأريخ المخضب بدماء مئات الالاف من البشر على اكتافنا، هلا نمتلك ذرة من جرأة لنقول الحقيقة كما هي؟ ام انه "مقدس جماهير" اخر نختفي خلفه ؟!



#عصام_شكري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سيكولار، حاجة الى الحرية !
- شبح ثورة جماهير سوريا يحوم فوق رؤوس ساسة البرجوازية العراقية ...
- فقدان الجمهورية الاسلامية لنفوذها سيسدل الستار على كل حركة ا ...
- المارد الجماهيري واسلاميو الكاميرات
- مسرحية وجمهور
- البرجوازية وآفاق ثورتها المضادة
- اليسار العمالي؛ السلطة السياسية ومستلزمات العمل المشترك
- الارض واحدة، والانسان واحد
- ديمقراطية ال 1 %
- حول نفوذ منصور حكمت على الشيوعية والشيوعيين في العراق
- يغرقون المجتمع بالدم والحرمان والتخلف ثم يعقدون مؤتمرات ”وطن ...
- التعددية الثقافية والمسوجني *
- حكومة علمانية لا شراكة طائفية
- رسالة الى مصر 8
- رسالة الى مصر 7
- رسالة الى مصر 6
- حول الوضع الخطير في ديالى - الدولة العلمانية هي الجواب
- رسالة الى مصر - 5
- رسالة الى مصر - 4
- رسالة الى مصر - 3


المزيد.....




- قوى عسكرية وأمنية واجتماعية بمدينة الزنتان تدعم ترشح سيف الإ ...
- أول رد من سيف الإسلام القذافي على بيان الزنتان حول ترشحه لرئ ...
- قوى عسكرية وأمنية واجتماعية بمدينة الزنتان تدعم ترشح سيف الإ ...
- صالة رياضية -وفق الشريعة- في بريطانيا.. القصة الحقيقية
- تمهيدا لبناء الهيكل المزعوم.. خطة إسرائيلية لتغيير الواقع با ...
- السلطات الفرنسية تتعهد بالتصدي للحروب الدينية في المدارس
- -الإسلام انتشر في روسيا بجهود الصحابة-.. معرض روسي مصري في د ...
- منظمة يهودية تستخدم تصنيف -معاداة السامية- للضغط على الجامعا ...
- بسبب التحيز لإسرائيل.. محرر يهودي يستقيل من عمله في الإذاعة ...
- بسبب التحيز لإسرائيل.. محرر يهودي يستقيل من عمله في الإذاعة ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عصام شكري - هل لديكم مقدسات اخرى لتكمموا افواهنا بها؟!