أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - أفنان القاسم - ضد الدين وليس ضد الإسلام















المزيد.....

ضد الدين وليس ضد الإسلام


أفنان القاسم

الحوار المتمدن-العدد: 3881 - 2012 / 10 / 15 - 11:21
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


موقفي المعارض للدين لا يعني معارضتي لليهودية للمسيحية للإسلام للصابئية للزرادشتية للكونفوشيوسية للبوذية للتاوية... الدين كوعي لا ينتمي إلى حقل العقل شيء، والدين كاختيار لا يخص شخصًا آخر غير صاحبه شيء آخر. وككل اختيار، لهذا الاختيار أسبابه الخاصة والعامة التي يجدر التعامل معها بحيادية مطلقة، وعدم قطعية كاملة، فهي ليست ثابتة، وإنما متبدلة تبدل النظام الاجتماعي ذاته الذي تولد فيه. حقًا البنية هي مجموع العلاقات المعبرة عن تنظيم النظام، كما يقول كلود-ليفي ستراوس، ولكنها على عكس ما توصل إليه العالم البنيوي علاقات ليست سرمدية، ليست دائمة، وبالتالي أسباب الفرد فيها متوقفة عليها. وبما أن البنية بنية لواقع مدرك بالعقل لا بالحواس، كان الشكل المنطقي لهذا الواقع، في الحالة العربية، هو الإسلام. إذن أن يكون الإسلام من المذاهب الغير المنطقية شيء، ولكن أن يوجد بكل المنطق العلمي في مجتمعاتنا شيء آخر. إلا أن هذا الوجود يبقى متوقفًا على العلاقات التي ينتظم بها النظام، والتي هي في تغير دائم –بطيء أم سريع هذا شيء آخر، كمي أم كيفي شرحه، بوعي أم بدون وعي كمان- ومن منطق هذا التغير بين عناصر العلاقات ننظر إلى الإسلام (كلود-ليفي ستراوس ينظر إلى الأسطورة) في تحليلنا له من خلال تساوقه مع الواقع، وخاصة من خلال تحوله.

تحديث الإسلام بين القطع والتأويل
من خلال المنطق الدلالي السابق، الإسلام يمكن تحوله، كالمسيحية من قبله، وذلك عن طريق تحديث له. ليس الإسلام بحاجة إلى عصر أشبه بعصر الأنوار في نقده ليكون تحديثه كمؤسسة إكليركية وكمذهب عقائدي، لأن المعرفة وصلت من الكمال إلى درجة يستطيع المرء، أيًا كان، استعمال أدواتها. لكن المشكل يبقى، فيما يخص رجال الدين، رؤيتهم إلى العالم دنيوية أم سماوية، وفيما يخص المذهب، الرؤية إليه قطعية أم تأويلية. هنا في فرنسا تم حل المشكل الأول فيما يخص الأئمة عن طريق إنشاء مدرسة لاهوتية يدرسون فيها الإسلام تحت تصورات فلسفية مختلفة لتوسيع مداركهم ورؤيتهم للعالم، وتم حل المشكل الثاني فيما يخص الرؤية إلى الإسلام كإسلام معتدل متسامح غير قطعي متعايش مع باقي المذاهب، المذهب الإلحادي أحدها، في أحضان العَلمانية. ومع ذلك، بقي الإسلام على جموده، ولم يصل في تحديثه إلى ما أريده أنا شخصيًا كتأويل للعالم وقراءة جديدة له. وأعني بالقراءة الجديدة غير تلك المسلِّمة بكل شيء، المستسلمة لقدر الكلام بالمفهوم الألسني، للمقدس كمفهوم منزل غير منزل كان المعتزلة أهم من ناقش في مسألته حتى اليوم. ولأن الكلام الإلهي يبقى محوره الإنسان، وهذه هي المثولية (حالة كائن ماثل في كائن آخر)، يغدو التأويل كنظام مفتوح –عكس ما يقوله ستراوس- حاجة إنسانية، وأولوية حياتية. لهذا تجدني أرى عند قراءتي للقرآن الناحية البراغماتية فيه، بمعنى أن معيار صدق الآراء والأفكار في قيمة عواقبها العملية: الصلاة دون سُكْر ثم تحريم شرب الخمر مثلاً. علميًا هذا التعاقب ذو مفعول رجعي، مما يشكك في القطع، ومن باب التأويل ندخل إلى عالم الليونة في الحكم. مثل آخر فيما يخص الحجاب، في سورة النور هناك تحديد علمي واضح للخمار وليس للحجاب، وهو الشال في لغة اليوم، والجيب هو الصدر، وإلقاء الخمار على صدر المرأة يعني تغطيته، وهذا كل ما في الأمر بخصوص تحجيب المرأة. كما أن التأويل الثوري للذكر حق الأنثيين أوجزه في كون ما للذكر من نصف ما للأنثى، لهذا كان حقه حق أنثيين لا أنثى واحدة، وهكذا نضع المرأة على قدم وساق مع الرجل حسب تصور معاصر. لكن القرآن من قلب الحداثة يغدو شيئًا آخر من خلال "نظرة النظرة" إليه، النظرة الأولى للآيات المدنية على الخصوص فيها من العداء ما يزلزل العالم تحت أقدام المؤمنين وغير المؤمنين، هناك تهديد لا يصدق للأنا وللآخر في آن، ونفي للاثنين معًا، بينما النظرة الثانية للنظرة الأولى، النظرة إلى الرمز في الآيات، تجعل من جهنم التي يتوعد الله بها الكافرين كل ما هو جهنمي على الأرض، وعلى المرء العمل على تفادي ذلك بالإيمان، أو بغيره، بشيء يشبه الإيمان، وإذا بالآيات المدنية هذه ترقى إلى الكونية.

العَلمانية كطريق إلى الكونية
تحديث الإسلام يمضي بالحداثة والحداثة بالعَلمانية والعَلمانية بالكونية، ولنكرر هنا ما يعلمه الجميع: العَلمانية هي فصل الدين عن الدولة، ولكن ما لا يعلمه الجميع: العَلمانية هي حرية الرأي وحرية الاعتقاد، ولن ننسى إضافة عدم تدخل الكنيسة (المسجد) في الحياة العامة ولا في السياسة. منذ العام 1905 والعَلمانية تعمل في فرنسا على أكمل وجه، منذ أكثر من مائة عام، الديمقراطية والتعددية وكل العدالات في الدولة المدنية تعمل على أكمل وجه، مما أنهى التطرف الديني في بلد عانى طوال القرن السادس عشر من الحروب الدينية ما لم يعانه أي بلد آخر، ومما فتح الباب واسعًا للتطور، ولبناء الحضارة . لهذا مخطئ من يقول عن يأس في الماضي كان الدين، ولم يتغير شيء، ليتغير في الحاضر ما لم يتغير؟ وللعلم، منذ ذلك التاريخ البعيد للعَلمانية تم بناء عشرات آلاف الكنائس، ولم تقف الدولة حائلاَ دون ذلك، لكن التطور البنيوي للمجتمع على كافة الأصعدة، أي مجتمع، يترك آثاره في أفراد هذا المجتمع، سلبًا أو إيجابًا، في العلاقات بين الأفراد، في العقليات، في المعتقدات، لهذا كان من الكنائس ما عددها يتجاوز المائتين التي تقفل أو تهدم أو تباع سنويًا، وذلك من تلقاء ذاتها، و –أكرر- دون أي تدخل من طرف الدولة، حتى ولو أراد البعض تحويل كنيسة إلى مسجد، كما يحصل اليوم في مدينة فييرزون الفرنسية من منطقة الشير، والتي تريد شراءها إحدى الجمعيات الإسلامية. هذا وسأنهي مقالي عن أضخم جامع في فرنسا بله في أوروبا افتتحه وزير الداخلية في مدينة ستراسبورغ منذ يومين تنويهًا بالعَلمانية، وتثمينًا لها. أضف إلى ذلك، العلمانية ترمي إلى جانبٍ الجدلَ المصطنعَ حول الدين في صراعنا الإيديولوجي مع الغرب الذي عن عمد يثير الضغائن، ويعاضد الإسلاميين، ويلقي بنا في اللاجوهري، بينما الجوهري هو ثرواتنا التي تنهب، وقوانا التي تشتت، ومصائرنا التي يهددها أقل عصف للريح.



#أفنان_القاسم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تأملات في واقع الثورات العربية
- رسالة إلى العفيف الأخضر
- الحل الوحيد للمسألة السورية
- هنا العالم رواية الثورة الإعلامية
- مدينة الشيطان رواية الثورة الإسرائيلية
- الصلاة السادسة رواية الثورة التونسية
- قصر رغدان رواية الثورة الأردنية
- زرافة دمشق رواية الثورة السورية
- البحث عن أبولين دوفيل رواية الثورة المصرية
- نافذة على الحدث الأعمال الكاملة
- حوارات بالقوة أو بالفعل
- دمشق كروما فاشية فأينهم مقاتلو الظل؟
- الله وليس القرآن الأعمال الكاملة
- الجنس والله
- الكون لم يخلقه الله
- الإسلام دراسة أعراضية
- فولتير والمثقفون العرب
- ردًا على سامي أبي الذيب الله وليس القرآن
- شعراء الانحطاط الجميل
- البؤساء فكتور هيغو الجزء الأول


المزيد.....




- -بأول خطاب متلفز منذ 6 أسابيع-.. هذا ما قاله -أبو عبيدة- عن ...
- قرار تنظيم دخول وإقامة الأجانب في ليبيا يقلق مخالفي قوانين ا ...
- سوناك يعلن عزم بريطانيا نشر مقاتلاتها في بولندا عام 2025
- بعد حديثه عن -لقاءات بين الحين والآخر- مع الولايات المتحدة.. ...
- قمة تونس والجزائر وليبيا.. تعاون جديد يواجه الهجرة غير الشر ...
- مواجهة حزب البديل قانونيا.. مهام وصلاحيات مكتب حماية الدستور ...
- ستولتنبرغ: ليس لدى -الناتو- أي خطط لنشر أسلحة نووية إضافية ف ...
- رويترز: أمريكا تعد حزمة مساعدات عسكرية بقيمة مليار دولار لأو ...
- سوناك: لا يمكننا أن نغفل عن الوضع في أوكرانيا بسبب ما يجري ف ...
- -بلومبرغ-: الاتحاد الأوروبي يعتزم فرض عقوبات على 10 شركات تت ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - أفنان القاسم - ضد الدين وليس ضد الإسلام