أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الصحة والسلامة الجسدية والنفسية - سامي الذيب - مسلسل جريمة الختان 82: الختان والتأثير المهني















المزيد.....

مسلسل جريمة الختان 82: الختان والتأثير المهني


سامي الذيب
(Sami Aldeeb)


الحوار المتمدن-العدد: 3873 - 2012 / 10 / 7 - 23:27
المحور: الصحة والسلامة الجسدية والنفسية
    


إكتسب الختان في بعض المجتمعات صفة العادة ليس فقط في الأوساط العامّة، بل أيضاً في الأوساط الطبّية. فمهنة الطب كغيرها من المهن تهتم ببقائها في الوجود، فتأخذ مواقف تتّفق والمجتمع وتتلوّن بثقافته وتدافع عن قيمه حتّى لا تفقد مصداقيّتها. فالطبيب يقوم بإجراء الختان دون حاجة لمبرّر أو يختلق المبرّرات التي لا تصمد أمام النقد، من بينها القول بأن الطفل لا يتألّم من الختان، وأن الغلفة والبظر عضو زائد لا فائدة فيه. وإذا ما نقصته الحجّة العقليّة، يلجأ إلى الإتّهامات بمعاداة الأديان والساميّة والخيانة القوميّة كما سنرى لاحقاً.
واللجوء إلى التبريرات الطبّية للإبقاء على الختان أصبح بحد ذاته وسيلة لإخفاء عدم إرتياح الناس لتلك العمليّة. فأشد المدافعين عن الختان هم الأطبّاء الذكور المختونين المتقدّمين في السن. فهؤلاء لا يمكنهم أخذ موقف معادٍ للختان دون خلق مشاكل داخليّة لأنفسهم لأن ذلك يعني إعتراف منهم بأنهم وقعوا ضحايا للختان، وأنهم يعانون من مشاكل جنسيّة نتيجة لذلك، وأنهم تعدّوا على كثير من الأطفال، وأنهم تصرّفوا بجهل مع مرضاهم، ناهيك عن الملاحقات القضائيّة التي قد يتعرّضون لها في حالة إعترافهم بغلطتهم. وأمام هذا الوضع غير المريح، يفضّل الطبيب التمادي في الباطل بدلاً من الرجوع إلى الحق.
واحد أسباب تمكّن عادة الختان بين الأطبّاء هو خوفهم من النتائج المغلوطة: ماذا لو لا أختن الأطفال؟ كيف يمكنني أن أحمي نفسي لو أن الطفل أصيب بمرض بسبب عدم ختانه؟ وكيف يمكنني أن أداوي طفل إذا أصيب بالتهاب في المجاري البوليّة؟ وبدلاً من مواجهة هذه الأسئلة، يفضّل الطبيب أن يقوم بالختان، عملاً بالمثل: «الباب إلّي بيجي منّو الريح سدّو واستريح». وإذا ما رفضت أم ختان إبنها، يلاحقها الطبيب ويشدّد الضغط عليها. والخوف من العواقب الطبّية تنتقل بسهولة من الطبيب إلى الأهل، فهو الذي يملك العلم في نظرهم وهو صاحب الكلمة العليا.
والرغبة في التشابه عند الأطبّاء تمليها الرغبة في رفع المسؤوليّة. فمن المعروف أن المعدوم يتم إطلاق الرصاص عليه من قِبَل فرد ضمن مجموعة لرفع المسؤوليّة عن الرامي وحمايته من الإنتقام. والطبيب الذي يقوم بالختان في مجتمع يمارس الختان يحس بنفسه أقل مسؤوليّة عن عمله. ويحجم عن أخذ موقف معارض لتلك العمليّة لأنه سوف يعرّضه لا محالة لمشاكل هو في غنى عنها.
ويشار إلى أن الطبيب الذي يجري الختان لأوّل مرّة يقوم بهذه العمليّة تحت إشراف طبيب مدرّب أكبر وأكثر خبرة منه. ولذا فهو يتخلّى عن مسـؤوليّة إتّخاذ القرار ذاتيّاً وينفّذ العمليّة طاعة لأوامر الطبيب المدرّب. ونادراً ما يرفض طبيب حديث التخرّج الرضوخ لمدرّبه. وبعد أن يقرّر الطبيب عمل العمليّة، يصعب عليه التراجع عن قراره لأن ذلك يعني أنه يستنكر ما قام به. فيوهم نفسه أنه لا يؤلم الطفل. فالذين شاركوا في إقتراف الفظائع في حرب فيتنام مثلاً أنكروا بعد ذلك أنهم إقترفوا تلك الفظائع. ويشير طبيب أمريكي أن كثير من زملائه يتخوّفون من معارضة الختان لأن ذلك يعني حرمانهم من ممارسة الطب. فلن يجدوا طبيباً متمرّساً يساندهم. وبعض الأطبّاء يفقدون عملهم فعلاً لأنهم يرفضون ممارسة الختان.
وقد خيّم الخوف من التصدّي للختان ليس فقط على الأطبّاء، بل أيضاً على الباحثين والهيئات المشرفة على الأبحاث الطبّية والتي تمولها غالباً الهيئات الحكوميّة والجمعيّات الخاصّة. فهذه الهيئات لا ترغب في تمويل بحث قد يثير الجدل أو المشاعر. ولهذا السبب لم يدرس موضوع أثر الختان على المدى البعيد. وقد أوضحت الدكتورة نوال السعداوي المشاكل التي واجهتها خلال بحثها في هذا الموضوع. كما أوضح طبيب إسرائيلي عدم تمكّنه من الحصول على المعلومات للقيام ببحث في هذا الخصوص. ويشير البعض إلى أن المجلاّت المتخصّصة ترفض نشر الأبحاث الطبّية الناقدة للختان والتي تفنّد علاقته بالسرطان مثلاً، كما أنها ترفض نشر ردود على مثل هذه الإدّعاءات.
وإن كان ما ذكرناه سابقاً عن العدوى المهنيّة ينطبق على كثير من الأطبّاء، إلاّ أن بعضهم كفّوا عن إختراع تبريرات مفتعلة مفضّلين الإعتراف بغلطهم بعدما أن أوقعوا كثيراً من الضحايا الأبرياء. ومن هؤلاء طبيب الأطفال الشهير «بنجامين سبوك» الذي صرّح في مقال صدر عام 1989 تحت عنوان «الختان ليس ضروريّاً»: «لو أن الحظ أسعفني ورزقت إبناً آخر، فإني سوف أفضل ترك قضيبه الصغير سليماً».
وهذا «أشلي مونتاجو» المتخصّص الكبير في علم الإنسان (الأنثروبولوجية) قد تراجع عن موقفه. ففي محاضرة ألقاها عام 1991 في المؤتمر العالمي الثاني للختان قال إن ختان الذكور والإناث هو أغرب عمليّات البتر التي يقترفها المرء، وأن لا مبرّر له البتّة في مجتمعنا المتحضّر. وفي مقدّمة لكتاب حول الختان يقول: «نحن في الولايات المتّحدة إختلقنا «أسباباً» لتحل محل الدين في تبرير الختان. والأساطير المصاحبة للختان أصبحت جزءاً مقبولاً من مجتمعنا. وهكذا صمدت قوّة العادة الإجتماعيّة القديمة أمام قوّة المعرفة والعقل والمنطق». وتجدر الإشارة إلى أن هذا العالم كان قد كتب مقالاً مؤيّداً لختان الذكور في «الموسوعة البريطانيّة»، طبعة 1960. وما زالت هذه الموسوعة تنشر نفس المقال - دون ذكر إسمه - رغم تحوّله عنه.
.
----------------------
سوف أتابع في مقالي القادم الجدل الإجتماعي فيما يخص ختان الذكور والإناث.
يمكنكم تحميل كتابي ختان الذكور والإناث عند اليهود والمسيحيّين والمسلمين
http://www.sami-aldeeb.com/articles/view.php?id=131&action=arabic
وطبعتي للقرآن بالتسلسل التاريخي مع المصادر اليهودية والمسيحية
http://www.sami-aldeeb.com/articles/view.php?id=315&action=arabic
اذا أردتم المناقشة أو وجدتم صعوبة في تحميل كتاب اكتبوا لي على عنواني التالي
[email protected]



#سامي_الذيب (هاشتاغ)       Sami_Aldeeb#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مسلسل جريمة الختان 81: الختان والتأثير الإجتماعي
- لمن تكتب يا سامي؟
- الختان: سؤال للقراء
- مسلسل جريمة الختان 80: الختان والتأثير العائلي
- مسلسل جريمة الختان 79: تحوّل الشذوذ الفردي إلى تصرّف جماعي ث ...
- مسلسل جريمة الختان 78: وسائل معالجة بتر الذات الشاذّة
- مسلسل جريمة الختان 77: لماذا يبتر الناس أنفسهم ولماذا ختن اب ...
- مسلسل جريمة الختان 76: لماذا يبتر الناس أنفسهم (1)
- مسلسل جريمة الختان 75: المعالجة الطبّية لآثار ختان الإناث
- مسلسل جريمة الختان 74: آراء حول استعادة الغلفة
- مسلسل جريمة الختان 73: كيف تستعيد غلفتك
- مسلسل جريمة الختان 72: استرجاع الغلفة في التاريخ
- مسلسل جريمة الختان 71: الختان وعلاج إلتهاب الحشفة والغلفة
- براءة الأطفال أهم من سخافة الأنبياء وأتباعهم
- جرموا تشويه الأديان!
- مسلسل جريمة الختان 70: الختان والتهاب المسالك البوليّة
- مسلسل جريمة الختان 69: الختان وضيق الغلفة
- مسلسل جريمة الختان 68: الختان والإيدز (المصادر الغربية)
- مسلسل جريمة الختان 67: الختان والإيدز (المصادر العربية)
- مسلسل جريمة الختان 66: الختان والإيدز (تجربة شخصية)


المزيد.....




- فيديو صادم التقط في شوارع نيويورك.. شاهد تعرض نساء للكم والص ...
- حرب غزة: أكثر من 34 ألف قتيل فلسطيني و77 ألف جريح ومسؤول في ...
- سموتريتش يرد على المقترح المصري: استسلام كامل لإسرائيل
- مُحاكمة -مليئة بالتساؤلات-، وخيارات متاحة بشأن حصانة ترامب ف ...
- والدا رهينة إسرائيلي-أمريكي يناشدان للتوصل لصفقة إطلاق سراح ...
- بكين تستدعي السفيرة الألمانية لديها بسبب اتهامات للصين بالتج ...
- صور: -غريندايزر- يلتقي بعشاقه في باريس
- خوفا من -السلوك الإدماني-.. تيك توك تعلق ميزة المكافآت في تط ...
- لبيد: إسرائيل ليس لديها ما يكفي من الجنود وعلى نتنياهو الاست ...
- اختبار صعب للإعلام.. محاكمات ستنطلق ضد إسرائيل في كل مكان با ...


المزيد.....

- الجِنْس خَارج الزَّواج (2/2) / عبد الرحمان النوضة
- الجِنْس خَارج الزَّواج (1/2) / عبد الرحمان النوضة
- دفتر النشاط الخاص بمتلازمة داون / محمد عبد الكريم يوسف
- الحكمة اليهودية لنجاح الأعمال (مقدمة) مقدمة الكتاب / محمد عبد الكريم يوسف
- الحكمة اليهودية لنجاح الأعمال (3) ، الطريق المتواضع و إخراج ... / محمد عبد الكريم يوسف
- ثمانون عاما بلا دواءٍ أو علاج / توفيق أبو شومر
- كأس من عصير الأيام ، الجزء الثالث / محمد عبد الكريم يوسف
- كأس من عصير الأيام الجزء الثاني / محمد عبد الكريم يوسف
- ثلاث مقاربات حول الرأسمالية والصحة النفسية / سعيد العليمى
- الشجرة الارجوانيّة / بتول الفارس


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الصحة والسلامة الجسدية والنفسية - سامي الذيب - مسلسل جريمة الختان 82: الختان والتأثير المهني