أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عزالدين عناية - حركة النهضة والإخوان: لكم دينكم ولي دين















المزيد.....

حركة النهضة والإخوان: لكم دينكم ولي دين


عزالدين عناية

الحوار المتمدن-العدد: 3858 - 2012 / 9 / 22 - 20:32
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


بمنأى عن التفسير "الباطني" في نشأة الحركات الإسلامية، الذي راج أو رُوّج بشأن حالتي مصر وتونس، باختزال ظاهرة بالغة التعقيد وردّها إلى أفاعيل نظامي السادات وبورقيبة، قصد صدّ التيارات اليسارية؛ ثمة بنية اجتماعية وفكرية جامعة انبثقت منها جلّ الحركات الإسلامية السنّية، في مشرق البلاد العربية ومغربها. مثلت فيها حركة الإخوان المسلمين في مصر وامتداداتها في بلاد الشام، الإطار النظري والأنموذج العملي المحتذى من قبل العديد من الحركات الفرعية. حيث يلوح ظهور تلك الحركات بمثابة ردّ فعل على مستجدات مفصلية داهمت الحواضر العربية مع مطلع القرن الفائت، على غرار: الوهن الذي دبّ في مؤسسة الخلافة وفي أطرافها، وزحْف الأنموذج الغربي على نمط الحياة وتهديده للسائد والمتوارث من الأعراف والعوائد، وافتقاد رؤية سياسية للإسلام الحديث في أوطان غدت رهن مشيئة الاستعمار.
من هذا الزخم، أطلّت مع ثلّة من الفتية هزتهم قارعة التحولات والتحديات (راشد الغنوشي، وحميدة النيفر، وعبدالفتاح مورو، وصالح بن عبدالله) الحركة الإسلامية في تونس -أو بالأصح "الجماعة الإسلامية" التي ستغدو لاحقا "حركة الاتجاه الإسلامي" ثم ستتحول إلى "حركة النهضة". متحت تلك الثلّة تصوراتها الدينية والسياسية من معين الشرق، فكان منشأ الجماعة على مسافة من مؤسسة الزيتونة، وإن عاضدها بعض الشيوخ عبر مسيرتها، مثل الشيخ محمد صالح النيفر والشيخ عبد القادر سلامة والشيخ محمد الإخوة. لكن الحركة التونسية بقيت طيلة عهدها الأول نبتة مشرقية، من حيث مضامينها الفكرية والعقائدية وتراتبية هيكلها، ولم تتَتوْنَس إلا في مرحلة الثمانينيات الحاسمة، حين بدأت الحركة تؤصل لكيانها في واقع البلاد وفي إرث الزيتونة.
حصل في منتصف السبعينيات التشكّل الحقيقي للجماعة بعد تجاوز مرحلة الثلّة، فكان استقطاب الأنصار، ذكورا وإناثا، من المساجد والثانويات والجامعة، مع الحرص على إقناع الفتيات بارتداء الخمار (الزي الإسلامي). وقد مثلت هند شلبي حينها أول فتاة تونسية ترتدي الخمار، فكانت العملية صفعة للسفور الذي رعاه بورقيبة. وفي مطلع التسعينيات حين خاضت السلطة صراعا ضاريا مع "النهضة" شرعت في التنفيذ الفعلي للمنشور 108 الصادر منذ سنة 1981 والذي يقضي بمنع اللباس الشرعي. أُكرهت هند شلبي، التي غدت أستاذة علم التفسير في جامعة الزيتونة، على نزع الخمار لما يحمله من دلالة سياسية، لكنها أصرت واستعاضت عنه بـ"السِّفْسَاري" (الزيّ التقليدي التونسي).
ففي ظل تلك الأجواء المبكرة غلب التأطير السياسي الإخواني بين ذلك الجيل، على أساس خماسية "الله غايتنا والرسول قدوتنا والقرآن دستورنا والجهاد رايتنا والموت في سبيل الله أسمى أمانينا"، مستلهما مقولات حسن البنا ونصوص سيد قطب ومحمد قطب وأدبيات أخرى مفعمة بالدرامية مثل "أيام من حياتي" لزينب الغزالي و"رسالة في ليلة التنفيذ" لهاشم الرفاعي، وأُردِف ذلك برصيد جديد من الكتّاب مثل: محمد الغزالي ويوسف القرضاوي وفتحي يكن وسعيد حوّى وآخرين. لم تكن قراءة أعمال هؤلاء قراءة تمعن بل قراءة كلف، افتقرت إلى التفكيك والتحليل. الأمر الذي أبقى الولاء شبه تام لمقولات الإخوان ولنظرتهم للعالم وللدولة، المتلخصة في مقولة الحاكمية وثنائية الجاهلية والكفر وشعار الإسلام هو الحل. حيث قلة قليلة من ذلك الرعيل ضاقت ذرعا بتلك الطروحات، ونبذت رؤى الحركة باتجاه منزع نقدي تحليلي للميراث الديني عُرف بـ"اليسار الإسلامي"، التفّ حول حميدة النيفر وصلاح الدين الجورشي.
وما إن أطلّت عشرية الثمانينيات حتى دبت تحولات هائلة في الحركة الإسلامية في تونس، في الوعي بذاتها وفي النظر إلى من حولها. مثّل التملّص من العبء الإخواني والعودة إلى فقه مالك ودرب الجنيد السالك تحوّلا فارقا شطر الواقع التونسي. دبّت مصالحة، وفي الآن اكتشاف للتراث الزيتوني، سواء مع الثعالبي، أو مع العاشوريْن الطاهر والفاضل، أو مع من سبقهم مثل محمد الخضر حسين وغيرهم كثير. بعد أن كان الموقف من ذلك التراث مشوبا بالظنون، على اعتبار أنه تعوزه الروح الجهادية. فقد ساهم بورقيبة، باستحواذه على ذلك التراث وتوظيفه لصالحه، في تنفير الإسلاميين منه في مرحلة أولى.
بعد تلك التطورات، وعقب انعقاد المؤتمر التأسيسي لـ"الاتجاه الإسلامي" سنة 1981 أمست الحركة تتحدث عن مرجعية مزدوجة، زيتونية وإخوانية، وإن حاولت تطعيم رؤاها ببعض المصادر الإسلامية الأخرى، على غرار التنبه للفكر الشيعي الإيراني والعراقي، والحديث عن الصراع الاجتماعي والسياسي في العالم من خلال مقولتي الاستضعاف والاستكبار. فبات الإسلاميون في تونس يقرأون قوله تعالى: "ونريد أن نمنّ على الذين استضعفوا في الأرض ونجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين" بنكهة أخرى لم يعهدوها، وتحولت البسملة إلى "بسم الله قاصم الجبارين وناصر المستضعفين". حينها لاقت كتابات علي شريعتي ومرتضى مطهري رواجا منقطع النظير، حتى أحدثت شرخا -وإن كان طفيفا- بين أنصار النهضة في الجامعة، عُرف بـ"خطّ الإمام"، فضلا عما رافق ذلك الانفتاح على التشيّع من مساع لتأصيل الاقتصاد الإسلامي، بالاستعانة بمؤلّفي "اقتصادنا" و"البنك اللاربوي في الإسلام" لباقر الصدر. لكن قيادة "حركة الاتجاه الإسلامي" بقيت تنظر بعين الريبة إلى كافة المقولات الشيعية، إلى أن دبّ فتور عقبه جفاء، مع سنوات الابتلاء النهضوي، حين أبدى نظام بن علي تقاربا مع النظام الإيراني.
أملى الواقعُ السيرَ باتجاه مقاربات جديدة رُوجعت معها المقولات والتراتيب الإخوانية المعهودة:
- ففي ما يتعلق بالمرأة بدأت "حركة الاتجاه الإسلامي"، التي غدت "النهضة"، الحديثَ عن "مجلة الأحوال الشخصية" أنها من صُنع الزواتنة (الزيتونيين) قبل أن تكون من إنتاج بورقيبة، وتم غضّ الطرف عن المسائل الإشكالية التي أباحتها مثل التبني، أو التي منعتها مثل تعدد الزوجات.
- وبعد أن كانت الحركة غافلة عن النقابات العمالية أضحت تولي هذا القطاع شأنا، لدوره المصيري في أي تحرك اجتماعي. وبدأ التخلّي عن الصراع غير المبرر مع اليسار، بصفة أهداف الإسلام الأساسية إقامة العدل في العالم، فكيف التورط في معارضة الذين يكافحون لأجل مصالح الفقراء والمستضعفين حتى لو كانوا يساريين؟ على حد قول الشيخ راشد الغنوشي في مؤلفه "من تجربة الحركة الإسلامية في تونس" (ص: 60-61).
- مراجعة المواقف السلبية الإخوانية المتوراثَة تجاه الحساسيات السياسية والعائلات الفكرية: القومية واليسارية والليبرالية والعلمانية، واعتبار ضرها أكثر من نفعها لحركة النهضة، بصفتها غير واقعية في التعامل مع الفضاء التونسي. فلِمَ استيراد الخلاف القومي الإسلامي، المصري والمشرقي؟ ولِم اتخاذ مواقف عقائدية من العلمانيين واليساريين والحال أن هناك قواسم مشتركة؟
كانت هذه العناصر حاسمة في الدفع باتجاه التحرر من هيمنة البراديغمات المستورَدة، وشكلت بالفعل بداية الخروج من عباءة الإخوان العملية والنظرية. ففي أعقاب هذا الاجتراح تكثف الحديث عن التعددية، وعن التداول السلمي على السلطة، وعن الحل الديمقراطي والإقرار بالانتخابات وبنتائجها، بما لم يكن مسبوقا في خطاب الحركات الموالية للإخوان، أو في حركة الإخوان ذاتها.
يورد الغنوشي في كتابه السالف الذكر: "ظل هناك نوع من الحساسية والشعور بأن ثمة زعامة تونسية تنافس الزعامة المركزية [الإخوان المسلمون في مصر]، وأن هذا الفرع من الحركة الإسلامية ليس منسجما انسجاما مطلقا مع الأصل، على افتراض أنه ينبغي أن ينبعث التطور من الأصل إلى الفروع. لكن الذي حصل هو انبعاث التطور من الأطراف إلى المراكز المشرقية" (ص: 65-66).
أستاذ تونسي بجامعة لاسابيينسا في روما
[email protected]



#عزالدين_عناية (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الكنيسة وحركة النهضة: شقاق يعقبه عناق
- الإسلام في تونس وضرورة التعلّم من الكنائس الغربية
- تونس والحاجة إلى خطاب ديني تنويري
- جامعة الزيتونة: العقل الديني التونسي العليل
- الثقافة في تونس بين عهدين
- حركة النهضة.. في مهبّ ريح الثورة
- علم الاجتماع الديني ووقائع الإسلام المعاصر
- تونس واغتراب الوعي الثوري
- الترجمة من الإيطالية إلى العربية في الراهن الحالي
- المسيحيّة العربية تتطهّر من أدران التاريخ
- المؤسّسة الدينية في تونس
- حول علاقة المثقف بالسلطة في تونس
- ”مشروع كلمة” والترجمة من الإيطاليّة
- النهضة في السلطة: قلبٌ لمعهود السياسة العربية
- حركة النهضة ومستقبل تونس السياسي
- الثورات وهويّة المسيحية العربية المصادَرة
- ما كان المسيح للطاغين ظهيرا
- المسيحية العربية تكتشف لاهوت الثورة
- الكنائس والحراك الثوري في سوريا


المزيد.....




- نزل قناة mbc3 الجديدة 2024 على النايل سات وعرب سات واستمتع ب ...
- “محتوى إسلامي هادف لأطفالك” إليكم تردد قنوات الأطفال الإسلام ...
- سلي طفلك مع قناة طيور الجنة إليك تردد القناة الجديد على الأق ...
- “ماما جابت بيبي” تردد قناة طيور الجنة الجديد 2024 على النايل ...
- مسجد وكنيسة ومعبد يهودي بمنطقة واحدة..رحلة روحية محملة بعبق ...
- الاحتلال يقتحم المغير شرق رام الله ويعتقل شابا شمال سلفيت
- قوى عسكرية وأمنية واجتماعية بمدينة الزنتان تدعم ترشح سيف الإ ...
- أول رد من سيف الإسلام القذافي على بيان الزنتان حول ترشحه لرئ ...
- قوى عسكرية وأمنية واجتماعية بمدينة الزنتان تدعم ترشح سيف الإ ...
- صالة رياضية -وفق الشريعة- في بريطانيا.. القصة الحقيقية


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عزالدين عناية - حركة النهضة والإخوان: لكم دينكم ولي دين