|
سلطتنا .. و - شنينة ياس - !
امين يونس
الحوار المتمدن-العدد: 3854 - 2012 / 9 / 18 - 13:12
المحور:
كتابات ساخرة
قبل نصف قرن ، كان هنالك مقهى صغير في مدينة العمادية ، يمتلكه رجلٌ اسمه ياسين ، وينادونه إختصاراً " ياس " .. كان يبيع الشنينة الباردة الى الزبائن ، إضافةً الى الشاي .. إلا انه كانَ يُحّضِر الشنينة ، حسبَ نِسبٍ فيها الكثير من الخَلل .. حيث يضيف عشرة أجزاء من الماء الى جزءٍ من اللبن ! .. فتكون النتيجة ، شنينة بلا طعمٍ ولا نكهة .. فإشتهرتْ بهذهِ السمات السيئة ، وأصبح الناس ، عندما يصفون أمراُ غير مقبول أو بضاعة سيئة الصُنع .. يقولون : انها مثل " شنينة ياس " ! . ونظامنا السياسي اليوم وحكومتنا العتيدة وبرلماننا .. يشبه شنينة المرحوم ياس ! .. فالنظام قائمٌ إفتراضاً .. على " الديمقراطية " .. لكن ديمقراطيتنا عرجاء منذ البداية ، فقبل عشرين سنة ، كانتْ هنالك تعددية لابأس بها في الساحة السياسية ، وأحزاب وحركات عديدة تتقاسم النفوذ داخل المجتمع الكردستاني .. لكن الحزبَين الديمقراطي والإتحاد ، وإستناداً الى القوة المُسلحة التي أعادا تشكيلها بعد 1991 وإستحواذهما على معظم الموارد المالية الرئيسية في ذاك الوقت .. دفعاهما ، كُلٌ من جانبهِ .. الى إزاحة القوى الأخرى المُنافسة في مناطق نفوذهما ، وبأساليب بعيدة عن الديمقراطية والتحّضُر .. وتحجيم وتقزيم كافة الأحزاب الاخرى .. بحيث انه ومنذ ذلك الوقت .. خرجتْ أحزاب مهمة ، من " اللعبة " وباتتْ مراكز صنع القرار السياسي والأقتصادي والمالي والامني .. محصورة بيد الحزب الديمقراطي " في منطقة نفوذه " ، والإتحاد الوطني " في منطقة نفوذه " .. وصارتْ الأحزاب [ الحزب الشيوعي / حزب الشعب / الحزب الاشتراكي / حزب الكادحين وغيرها من الأحزاب ] التي كانتْ تلعب أدواراً مهمة وشاركتْ في النضال المسلح وقدمتْ تضحيات كبيرة طيلة الثمانينيات .. صارتْ بلا حولٍ ولا قوة ، وهُمِشتْ وتحولتْ الى مجرد " ديكور " لتجميل اللوحة السياسية والإدعاء بالتعددية ! . ومن مظاهر التشوه الخلقي ، في نظامنا السياسي .. هو تهميش المؤسسات التي من المُفترَض ان تُشرِع القوانين وتُراقب الحكومة وتحمي الدستور .. فالبرلمان يسير وفق آلية " الأغلبية " التي لاتُراعي موقف " الأقلية " ، ولا تعير إهتماماً للمعارضة ولا للصحافة ومنظمات المجتمع المدني .. ولايستطيع أعضاء البرلمان إتخاذ مواقف مستقلة ، بعيداً عن توجيهات قادة الكُتل .. فالبرلمان عموماً ، مُعّطَل عن واجباته الأساسية في الواقع .. وكذلك الحكومات المحلية ومجالس المحافظات .. وبالتالي فالحكومة ايضاً ، هي نتاج هذا النظام القائم أساساً على الإستحواذ وتقاسم النفوذ والثروات . أن إحتكار الحزبَين لكل السلطة الحقيقية ، هو بمثابة تحضير الشنينة .. فلا أحد ينكر ، بأن الهياكل موجودة : برلمان وحكومة ورئاسة أقليم ومجالس محافظات وقضاء ومحاكم .. وكل ذلك تحت يافطة الديمقراطية والإنتخابات وتداول السلطة .. لكن المشكلة ، بأن عدالة توزيع الثروة ، مفقودة .. والفساد بأنواعهِ مُنتشِر .. والتعبير عن الرأي مُبتَسَر .. والشفافية مجرد شعار .. والإحتكار في كل المجالات مُتفشي ..الخ . وبالمُجمَل .. ان " شنينة " السلطة عندنا .. تشبه كثيراً شنينة المرحوم ياس ! .
#امين_يونس (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
اللوحة الكئيبة
-
أعضاء مجلس النواب .. والزواج
-
في إنتظار الرئيس
-
بين العقل والعاطفة
-
المسطرة القصيرة
-
أشياء صغيرة .. -7-
-
التراشُق بالحجارة
-
المواطن العراقي الرخيص
-
أشياء صغيرة .. -6-
-
أشياء صغيرة .. -5-
-
أشياء صغيرة .. -4-
-
أشياء صغيرة .. -3-
-
أشياء صغيرة .. -2-
-
أشياء صغيرة .. -1-
-
مسؤولٌ كبير
-
حكومتنا .. وتسخين الماء
-
نفطُنا .. وتفسير الأحلام
-
لتذهب بغداد الى فخامة الرئيس
-
العراقيين .. والفوبيا
-
بين العَرَب والكُرد
المزيد.....
-
مايكل دوغلاس يطلب قتله في فيلم -الرجل النملة والدبور: كوانتم
...
-
تسارع وتيرة محاكمة ترمب في قضية -الممثلة الإباحية-
-
فيديو يحبس الأنفاس لفيل ضخم هارب من السيرك يتجول بشوارع إحدى
...
-
بعد تكذيب الرواية الإسرائيلية.. ماذا نعرف عن الطفلة الفلسطين
...
-
ترامب يثير جدلا بطلب غير عادى في قضية الممثلة الإباحية
-
فنان مصري مشهور ينفعل على شخص في عزاء شيرين سيف النصر
-
أفلام فلسطينية ومصرية ولبنانية تنافس في -نصف شهر المخرجين- ب
...
-
-يونيسكو-ضيفة شرف المعرض الدولي للنشر والكتاب بالرباط
-
-ليالي الفيلم السعودي-في دورتها الثانية تنطلق من المغرب وتتو
...
-
أصداء حرب إسرائيل على غزة في الشعرين الفارسي والأفغاني
المزيد.....
-
فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط
/ سامى لبيب
-
وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4)
...
/ غياث المرزوق
-
التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت
/ محمد فشفاشي
-
سَلَامُ ليَـــــالِيك
/ مزوار محمد سعيد
-
سور الأزبكية : مقامة أدبية
/ ماجد هاشم كيلاني
-
مقامات الكيلاني
/ ماجد هاشم كيلاني
-
االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب
/ سامي عبدالعال
-
تخاريف
/ أيمن زهري
-
البنطلون لأ
/ خالد ابوعليو
-
مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل
/ نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم
المزيد.....
|