أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - التربية والتعليم والبحث العلمي - سامر أبوالقاسم - البرنامج الاستعجالي: مقاربة للتعرف على العلاقة بين المنطلقات والأثر الإصلاحي (1)















المزيد.....

البرنامج الاستعجالي: مقاربة للتعرف على العلاقة بين المنطلقات والأثر الإصلاحي (1)


سامر أبوالقاسم

الحوار المتمدن-العدد: 3848 - 2012 / 9 / 12 - 22:35
المحور: التربية والتعليم والبحث العلمي
    


إن المبدأ الذي كان يوجه البرنامج الاستعجالي وأهدافه الرئيسية ـ حسب واضعيه ـ هو جعل المتعلم في قلب منظومة التربية والتكوين، وجعل الدعامات الأخرى في خدمته، وذلك بتوفير تعلمات ترتكز على المعارف والكفايات الأساسية التي تتيح للتلميذ إمكانيات التفتح الذاتي، وتوفير مدرسات ومدرسين على إلمام بالطرق والأدوات البيداغوجية اللازمة لممارسة مهامهم، ويعملون في ظروف مواتية، وتوفير مؤسسات ذات جودة تمكن التلميذ والتلميذة من ظروف عمل مناسبة لتحقيق التعلم.
لذلك، وانسجاما مع توجيهات الميثاق الوطني للتربية والتكوين، واعتمادا على التوجهات التي حددها تقرير 2008 للمجلس الأعلى للتعليم، اقترح البرنامج الاستعجالي خطة عمل تتوخى تحقيق أربعة أهداف أساسية تمثل مجالات التدخل ذات الأولوية:
• التحقيق الفعلي لإلزامية التمدرس إلى غاية سن 15 سنة، مع ربط ذلك بتعميم التعليم الأولي.
• حفز روح المبادرة والتفوق في المؤسسة الثانوية وفي الجامعة.
• مواجهة الإشكالات الأفقية للمنظومة التربوية، وإيجاد الحلول الناجعة لها من أجل إنجاح الإصلاح.
• اعتماد سياسة مضبوطة تروم ترشيد الموارد المالية مع العمل على توفيرها بشكل مستدام.
وقد اعتُبر نجاح إنجاز البرنامج الاستعجالي رهين توفر شرطين أساسيين: التغيير العميق لأساليب التدبير عبر اعتماد مقاربة المشروع، ووضع عدة متينة لقيادة مراحل إنجاز مقتضيات البرنامج الاستعجالي تمكن نظام القيادة من الوسائل التي تضمن له سبل النجاح.
وتم الإلحاح على أنه بالموازاة مع مشاريع البرنامج، التي تنشد تسريع وتيرة تطبيق الإصلاح، ستنكب الوزارة بتعاون مع الهيئة الوطنية للتقويم التابعة للمجلس الأعلى للتعليم على إنجاز تقويم معمق لتطبيق الميثاق انطلاقا من سنة 2009، وذلك بوضع حصيلة كاملة لما تم إنجازه منذ سنة 2000، بالارتكاز على مؤشرات ملائمة، بواسطة سيرورة مضبوطة، ومعطيات موضوعية وذات مصداقية أكيدة.
وأخيرا تمحور البرنامج الاستعجالي حول المجالات الأربعة السالفة الذكر، والتي اعتبرها تقرير المجلس الأعلى للتعليم سنة 2008 ذات أولوية حاسمة، حيث كان يهدف إلى ترجمتها عمليا على أرض الواقع. وسعيا وراء تحقيق فعالية قصوى لهذا العمل، تم الإعلان عن تبني منهجية جديدة تعتمد على خمسة مكونات أساسية هي:
1. تحديد برنامج طموح ومضبوط في أدق تفاصيله: مجالات التدخل، المشاريع، مخططات العمل، الجدولة الزمنية، الموارد التي يتعين تعبئتها.
2. اعتماد رؤية تشاركية ترتكز على إشراك مجموع الفاعلين الأساسيين داخل منظومة التربية والتكوين، في تطبيق البرنامج الاستعجالي.
3. الانخراط القوي للفاعلين في الميدان لضمان تطبيق الإجراءات المحددة بصورة تعتمد مبدأ القرب، بغاية إعطائها بعدا عمليا وملموسا.
4. وضع عدة للتتبع عن قرب تسمح بالتحكم الكامل في عملية تطبيق البرنامج الاستعجالي.
5. وضع أرضية لتدبير التغيير والتواصل من شأنها ضمان انخراط الجميع، وكذا بث روح التغيير في كل مستويات المنظومة.
فهل كان واضعو ومهندسو ومنفذو البرنامج الاستعجالي أوفياء لما أعلنوا عنه في المنطلق؟ وهل كانت النتائج تعكس بشكل فعلي ما كان متوقعا للبرنامج أن يحدثه من أثر إصلاحي؟
لا يمكن لأي متتبع للشأن الإصلاحي على المستوى التربوي، ولو في غياب حصيلة مدققة، ألا يقف عند بعض التراكمات الإيجابية الخاصة بتطوير مفهوم جديد للتعليم الأولي، لكن دون التمكن من إرسائه وتوسيعه، كما لا يمكنه تجاوز ما تم تحقيقه على مستوى توسيع العرض التربوي للتعليم الإلزامي، لكن دون التمكن من تجاوز المشاكل التي ارتبطت به من قبيل نسب التكرار وضعف القدرة على التحصيل والتمكن من معدلات الانتقال من مستوى دراسي إلى آخر، ونفس الأمر فيما يتعلق بالتقدم الحاصل على مستوى تأهيل المؤسسات التعليمية، لكن دون التمكن من التجهيز والترميم والصيانة بشكل شامل.
ولا يخفى على الجميع ما تم القيام به من جهد في إطار تكافؤ فرص ولوج التعليم الإلزامي، عبر دعم التمدرس وتقديم مساعدات مادية، لكن دون أن تجيب عن الحاجات والانتظارات القائمة بشكل كلي، ودون أن تشكل قاعدة ارتكاز للقضاء الكلي على ظواهر عدم الالتحاق والتكرار والانقطاع عن الدراسة، وهو الشيء الذي يدعونا إلى التساؤل عن مدى ما تحقق على مستوى التدابير الخاصة بإحداث جهاز للتتبع الفردي للتلاميذ وجهاز الدعم البيداغوجي لفائدة التلاميذ المتعثرين والدورات التأهيلية لمحاربة ظاهرة التكرار، كما تم الإعلان عنه في البرنامج الاستعجالي ذاته.
أما على مستوى تطوير العدة البيداغوجية، فيمكن استخلاص أنه بالإضافة إلى سلبية عدم تركيز البرنامج الاستعجالي على الاهتمام بالاستمرار في تعزيز عملية تجديد المناهج والبرامج والكتب المدرسية، بما يمكنه من تثبيت المكتسبات الإصلاحية المحصل عليها من خلال تجربة الميثاق الوطني للتربية والتكوين، هناك مشكل أساسي فيما يخص إتمام تطبيق مقاربة التدريس بالكفايات من خلال تجريب آليات التدريس ببيداغوجيا الإدماج، والملاءمة بين البحث والتجديد التربوي وحاجيات المنظومة، فقد لاحظ الجميع كيف استنزف هذا المشروع جزءا كبيرا من الميزانية المخصصة للبرنامج دون أن يكون لها أي انعكاس على مستوى تحقيق الغاية منه، إذ لم تكتمل العملية لا في شقها المرتبط بالتجريب ولا في الشق ذي الصلة بالتعميم، وبالتالي كان هذا المشروع عرضة لقرار الإلغاء من طرف القيادة الجديدة لقطاع التربية الوطنية، دون القيام بأية عملية تقييمية لهذا المشروع.
وفيما يخص أمر تحسين جودة الحياة المدرسية، عبر أجرأة كيفيات تنظيم وتدبير المؤسسات التعليمية وتدبير الوقت المدرسي وتطوير الأنشطة الفنية والتفتح وإرساء قيم المواطنة، فإن واقع حال مؤسساتنا التعليمية ينطق بما يفيد أن دار لقمان لا زالت على حالها، اللهم إذا تعلق الأمر ببعض الإجراءات المعزولة وغير المؤثرة، والسيل العارم من المذكرات التي لا ترى طريقها على الإنجاز على مستوى الواقع الميداني للمؤسسات التعليمية. إلى درجة أن المعنيين بقطاع التربية الوطنية قد يتعرفون على الإصلاح من خلال الوثائق ولا يلمسونه في واقع الحياة المدرسية داخل المؤسسات التعليمية.
ونفس الأمر ينطبق على مشاريع من قبيل تشجيع التميز عبر إحداث ثانويات مرجعية وثانويات التميز وحفز التفوق، التي بالرغم مما بذل في إطارها من جهد فقد طالها قرار الإلغاء من طرف القيادة السياسية الحالية للقطاع دون أي تقييم، وهكذا بالنسبة لتعزيز كفاءات الأطر التربوية عبر التكوين الأساسي وتحديد شروط ولوج مهن التربية وتعزيز التكوين المستمر، إذ باستثناء التكوينات التي طالت المعنيين ببيداغوجيا الإدماج تأطيرا وتأليفا مركزيا وجهويا، لا تكاد تذكر أية مجهودات إضافية في هذا السياق، ونفس الأمر بالنسبة لتعزيز آليات التأطير والتفتيش بالتعليم المدرسي.
لقد مكن الإصلاح، عبر الميثاق والبرنامج الاستعجالي، من إرساء لبنات نموذج بيداغوجي جديد، وأبانت المنظومة، عن قدرة حقيقية على تعبئة إمكانات هامة للمضي قدما في ورش الإصلاح، وتعزيز البنيات التحتية التربوية، ووضع هياكل مؤسساتية وتنظيمية واعدة في مسار تحديث المدرسة.
وعلى الرغم من هذه المكتسبات الأكيدة، فلا أحد يمكنه اليوم أن يتجاهل اختلالات منظومتنا التربوية، فكثير من الأطفال ما زال يغادر المدرسة دون مؤهلات، وتبقى ظاهرة التكرار، التي تغذي صفوف المنقطعين عن الدراسة، مصير العديد من التلاميذ، أما الأمية فما تزال نسبها مرتفعة، وتحول دون استفادة اقتصادنا ومجتمعنا من طاقات هي في أمس الحاجة إلى اكتشافها، ويبقى أمر إرساء وتعميم التعليم الأولي معلقا بالرغم من الجهود المبذولة، وتظل جودة عرض التربية ما قبل المدرسية حكرا، في الغالب، على بعض الأسر، والحقيقة أن مدرستنا لم ترق بعد إلى أن تصبح مؤسسة للاندماج بفرص متكافئة.
وما تزال عدة نقائص بيداغوجية وتنظيمية قائمة؛ فجودة التعلمات الأساسية، )القراءة، الكتابة، الحساب، والتحكم اللغوي(، وطرائق التدريس، والمعينات الديداكتيكية تظل محدودة بالنسبة للتلاميذ الذين يتمكنون من البقاء في المنظومة. وبالنسبة لمدرسينا وأساتذتنا، فإنهم لا يحظون بالتكوين والدعم الكافيين، للقيام بالمهام المنوطة بهم على الوجه الأمثل.



#سامر_أبوالقاسم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هكذا.. وإلا فالأمور مرشحة للمزيد من التراجع
- بعض معيقات الاطمئنان على المسار الديمقراطي بالمغرب
- خلاصات تقرير المجلس الأعلى للتعليم 2008 (2)
- تقرير المجلس الأعلى للتعليم لسنة 2008 (5)
- تقرير المجلس الأعلى للتعليم لسنة 2008 (6)
- تقرير المجلس الأعلى للتعليم لسنة 2008 (4)
- خلاصات تقرير المجلس الأعلى للتعليم لسنة 2008 (3)
- خلاصات تقرير المجلس الأعلى للتعليم لسنة 2008 (1)
- على النخبة السياسية المغربية السلام
- شيء ما على غير العادة
- الكرامة مفهوم إنساني
- أسباب ومظاهر قصور المنظومة التربوية حسب تقرير الخمسينية
- الكرامة ليست شعارا ولا مطية ولا قضية للمزايدة
- المزيد من إضعاف المدرسة العمومية
- المغاربة وتحدي الحد من إضعاف المدرسة العمومية
- الحرية وأكذوبة التمييع
- المؤسسات التمثيلية وإشكال الديمقراطية
- ضرورة ارتباط الزواج بسن الرشد أو سن الترشيد
- اختلال التوازن وفقدان الثقة وقود تجدر حكومة الإسلاميين
- المرأة وفقدان مقوم تقدير الذات واحترامها (الطفلة أمينة نموذج ...


المزيد.....




- -ضربه بالشاكوش حتى الموت في العراق-.. مقطع فيديو لجريمة مروع ...
- آلاف الأردنيين يواصلون احتجاجاتهم قرب سفارة إسرائيل في عمان ...
- نتانياهو يوافق على إرسال وفدين إلى مصر وقطر لإجراء محادثات ح ...
- الإسباني تشابي ألونسو يعلن استمراره في تدريب نادي ليفركوزن
- لأول مرة.. غضب كبير في مصر لعدم بث قرآن يوم الجمعة
- القيادة المركزية الأمريكية تعلن تدمير 4 مسيّرات للحوثيين فوق ...
- صاحب شركة روسية مصنعة لنظام التشغيل Astra Linux OS يدخل قائم ...
- رئيسا الموساد والشاباك يتوجهان إلى الدوحة والقاهرة لاستكمال ...
- مصر.. فتاة تنتحر بعد مقتل خطيبها بطريقة مروعة
- علاء مبارك يسخر من مجلس الأمن


المزيد.....

- اللغة والطبقة والانتماء الاجتماعي: رؤية نقديَّة في طروحات با ... / علي أسعد وطفة
- خطوات البحث العلمى / د/ سامح سعيد عبد العزيز
- إصلاح وتطوير وزارة التربية خطوة للارتقاء بمستوى التعليم في ا ... / سوسن شاكر مجيد
- بصدد مسألة مراحل النمو الذهني للطفل / مالك ابوعليا
- التوثيق فى البحث العلمى / د/ سامح سعيد عبد العزيز
- الصعوبات النمطية التعليمية في استيعاب المواد التاريخية والمو ... / مالك ابوعليا
- وسائل دراسة وتشكيل العلاقات الشخصية بين الطلاب / مالك ابوعليا
- مفهوم النشاط التعليمي لأطفال المدارس / مالك ابوعليا
- خصائص المنهجية التقليدية في تشكيل مفهوم الطفل حول العدد / مالك ابوعليا
- مدخل إلى الديدكتيك / محمد الفهري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - التربية والتعليم والبحث العلمي - سامر أبوالقاسم - البرنامج الاستعجالي: مقاربة للتعرف على العلاقة بين المنطلقات والأثر الإصلاحي (1)