أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم - سامر أبوالقاسم - الحرية وأكذوبة التمييع














المزيد.....

الحرية وأكذوبة التمييع


سامر أبوالقاسم

الحوار المتمدن-العدد: 3806 - 2012 / 8 / 1 - 17:03
المحور: اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم
    


تم الخوض مؤخرا في موضوع الحرية كثيرا، لكن النقاش الذي دار كان محشوا بالكثير من دَسَم البوليميك السياسي. حتى إن الأمر اختلط على الناس، ولم يعد الواحد منا مدركا لهذا اللغط الذي لا مستند له سواء في المرجعيات القديمة أو الحديثة، الدينية أو اللادينية...
لم يعد الواحد منا يدرك ما إذا كان التشبث بالمنظومة القيمية داخل المجتمع يعني بالضرورة الدخول في معمعان محاكمة الناس بنوايا ما سيقدمون عليه من خير أو شر الأفعال، وإنشاء شرطة للأخلاق ومحاكم للتفتيش، بغرض متابعة الناس ومراقبتهم والدخول في تفاصيل خصوصيات حياتهم الشخصية. والمؤكد أن في هذا تضييق على الناس وإحراج لهم سواء في الفضاءات العمومية أو الخاصة، وسلب خطير لحريتهم، وتعطيل كلي لإرادتهم، وحَجْر على الناس وذويهم، بحيث لا يستقيم الفهم على أن تكون مثل هذه المصادرة لحريات الناس صادرة عن عاقل فبالأحرى عن إله.
أمر النقاش حول الحرية لا يمكنه أن يستقيم باستمرار الأحزاب الدينية في تصديق الكذبة التي افتعلتها هي ذاتها، في وقت من الأوقات، بتواطؤ مع أنظمة حكم استبدادية، في العديد من أقطار الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، من أجل محاربة ما كانت تسميه "المد الشيوعي" آنذاك، وهي الكذبة التي انبنت على أن التيار الاشتراكي خصوصا، يدعو إلى كل ما من شأنه تمييع العلاقات الاجتماعية بين الناس، بحكم استلابهم من طرف الغرب وفكره وعاداته وأعرافه وممارساته.
فالنقاش حول الحرية، لم يكن في يوم من الأيام، نقاشا تنطلق فيه الأحزاب الدينية من تأصيل للمفهوم في عمق الرؤية التي يمكنها أن تصدر عن خلاصات واستنتاجات هامة لحجاج طويل وعريض متصل برواد الفكر الإسلامي فيما يخص إشكالية الجبر والاختيار، أو فيما يتعلق بإشكالية التعارض أو التكامل بين المشيئتين الإلهية والإنسانية...
بل كانت تنطلق دائما من المعادلة المبنية على أساس أنها كأحزاب دينية موقعها "الطبيعي" أو "العادي" هو دار الإسلام، في مقابل الموقع "الطبيعي" و "العادي" لتيار الحداثة والديمقراطية الذي هو دار الكفر، ولا يمكن أن تستقيم أية مواجهة إلا بكافة أسلحة الحرب المشروعة منها وغير المشروعة.
والجدير بالملاحظة، هو أن حبل الكذب قصير، فإن كانت مثل هذه الأكذوبات التاريخية قد فعلت فعلها في الناس البسطاء، وجعلتهم ينشغلون عن القضايا الجوهرية والمصيرية، على اعتبار أنهم تعاملوا مع الأحزاب الدينية وكأنها واسطة فيما بينهم وبين الإله، فإن تموقع بعض هذه الأحزاب في قلب التسيير الحكومي، وإخفاقها المرتقب على الاستمرار في الكذب، سيجعل الناس يعيدوا النظر في مثل هذه التفاهات التي كان يقصد بها إلهاء الناس من أجل بلوغ السلطة، وسيدركون بأن تديين السياسة أو تسييس الدين ليس هو الكفيل بحل المعضلات السياسية والاقتصادية والقانونية والمؤسساتية التي نتخبط فيها كمجتمع مغربي.
وهنا أتذكر بالتحديد أزهى الفترات التاريخية التي عشناها، وهي مرحلة الجامعة، كنا حينها طلبة بالجامعة المغربية، وخير ما زالت الذاكرة تحتفظ به ـ وقد تنفع أولي الألباب من هذه الأحزاب الدينية المتواجدة اليوم، والتي كانت مهمتها محاربتنا آنذاك إلى جانب السلطة بكافة أشكالها وأنواعها ـ هو أننا كنا، في تلك المرحلة العمرية والنفسية والعقلية، نعمل على فرز لجان لليقظة داخل الأحياء الجامعية، ومن بين أهم وظائفها كانت وظيفة محاربة الميوعة والدفاع عن الحرم الجامعي.
لذلك، وبدون مزايدات، ولمن يعتبر إن كان فعلا مدركا لمفهوم الاعتبار، الحرية كقيمة إنسانية، هي التعبير الأمثل عن تمكن الفرد من إمكانية اتخاذ قرار أو تحديد خيار من عدة إمكانيات موجودة، دون أي جبر أو ضغط خارجي، وهذا بالضبط ما يهمنا الدفاع والاستماتة في الدفاع عنه مُذْ كُنّا إلى الآن وإلى أن نعبد الطريق أمام أبنائنا ليتمثلوا هذا الفهم للحرية، الذي يعجز منتصرو الأحزاب الدينية على فهمه واستيعابه وتمثله في ممارساتهم وتصرفاتهم وسلوكاتهم اليومية، فيتحولوا بذلك إلى قنابل جنسية موقوتة، لا ترى في الحرية إلا مدلول المشاعة الجنسية.
ومفهوم الحرية يحيل بشكل عام على شرط التحكم الذاتي في معالجة موضوع أو قضية ما، وهو ما يتنافى كليا مع منطق الوصاية التي تعتزم الأحزاب الدينية فرضها على المجتمعات التي تحتل فيها مواقع التدبير والتسيير الحكومي، وهو ما سنكون له بالمرصاد، ولن يثنينا في ذلك أي تخويف أو ترهيب، بل على هؤلاء أن يدركوا أن حجم التضحيات التي يمكن أن نقدمه اليوم هو أكبر بكثير مما قدمناه في السابق في إطار محاربة الاستبداد.
والحرية بهذا المعنى، هي حالة التحرر من القيود التي تكبل طاقات الإنسان وإنتاجه، سواء كانت هذه القيود مادية أو معنوية، أو كانت تسلطا استبداديا أو تسلطا دينيا. فالحرية بالنسبة لنا تشمل التخلص من العبودية أو التبعية المقيدة لشخص أو جماعة ما، كما تفيد التخلص من الضغوط المفروضة على شخص ما لتنفيذ غرض، أو التخلص من الإجبار والفرض بشكل عام.
لذلك، فنحن نتجه مع المجتمع الدولي، بهدف الحفاظ على هذه القيمة، إلى تكريس الحق في مجموعة من الحريات على أساس المساواة، وكذلك حماية الحياة الخاصة للإنسان. وسيدرك من كان أو لا يزال غافلا أن لقيمة الحرية مجموعة من المؤشرات الدالة عليها؛ من قبيل حرية التفكير والتعبير، وحرية المعتقد، وحرية الاجتماع والانتماء، وحرية الاختيار، وحرية التنقل، وحرية الزواج وتأسيس أسرة، وحريات أخرى...



#سامر_أبوالقاسم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المؤسسات التمثيلية وإشكال الديمقراطية
- ضرورة ارتباط الزواج بسن الرشد أو سن الترشيد
- اختلال التوازن وفقدان الثقة وقود تجدر حكومة الإسلاميين
- المرأة وفقدان مقوم تقدير الذات واحترامها (الطفلة أمينة نموذج ...
- توظيف المقدس الديني من موقع قيادة العمل الحكومي
- هل يقبل حزب العدالة والتنمية الاحتكام للقواعد الديمقراطية؟
- هل لحزب العدالة والتنمية رغبة في بناء مغرب ديمقراطي متنوع وم ...
- واجهة التعاطف الإنساني مع مسلك النبل في الأداء السياسي
- حزب التقدم والاشتراكية والسلوكات الانتهازية واللاديمقراطية
- منظور حزب الأصالة والمعاصرة للتغيير
- دسائس حزب التقدم والاشتراكية ما عادت تنطلي على مكونات المشهد ...
- العدالة والتنمية ومعاداة كل الأحزاب السياسية
- شرط التواجد السياسي وتنامي الاهتمام بالبعد الإنساني
- عن حزب العدالة والتنمية والابتزاز والتعنيف السياسي وأشياء أخ ...
- العدالة والتنمية في رئاسة الحكومة المقبلة؟؟؟
- العدالة والتنمية: الحزب السياسي الديني المتهافت
- فشل المبتغى السياسوي الضيق لحزب العدالة والتنمية
- الانتخابات التشريعية القادمة والسباق المحموم لحزبي الاستقلال ...
- حزبا الاستقلال والعدالة والتنمية: الابتزاز السياسي قبيل الاس ...
- دور حزب الاستقلال في إفساد مسار التنمية والدمقرطة والتحديث


المزيد.....




- الناطق باسم نتنياهو يرد على تصريحات نائب قطري: لا تصدر عن وس ...
- تقرير: مصر تتعهد بالكف عن الاقتراض المباشر
- القضاء الفرنسي يصدر حكمه على رئيس حكومة سابق لتورطه في فضيحة ...
- بتكليف من بوتين.. مسؤولة روسية في الدوحة بعد حديث عن مفاوضات ...
- هروب خيول عسكرية في جميع أنحاء لندن
- العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز يدخل المستشفى التخص ...
- شاهد: نائب وزير الدفاع الروسي يمثل أمام المحكمة بتهمة الرشوة ...
- مقتل عائلة أوكرانية ونجاة طفل في السادسة من عمره بأعجوبة في ...
- الرئيس الألماني يختتم زيارته لتركيا بلقاء أردوغان
- شويغو: هذا العام لدينا ثلاث عمليات إطلاق جديدة لصاروخ -أنغار ...


المزيد.....

- الديمقراطية الغربية من الداخل / دلير زنكنة
- يسار 2023 .. مواجهة اليمين المتطرف والتضامن مع نضال الشعب ال ... / رشيد غويلب
- من الأوروشيوعية إلى المشاركة في الحكومات البرجوازية / دلير زنكنة
- تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت ... / دلير زنكنة
- تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت ... / دلير زنكنة
- عَمَّا يسمى -المنصة العالمية المناهضة للإمبريالية- و تموضعها ... / الحزب الشيوعي اليوناني
- الازمة المتعددة والتحديات التي تواجه اليسار * / رشيد غويلب
- سلافوي جيجيك، مهرج بلاط الرأسمالية / دلير زنكنة
- أبناء -ناصر- يلقنون البروفيسور الصهيوني درسا في جامعة ادنبره / سمير الأمير
- فريدريك إنجلس والعلوم الحديثة / دلير زنكنة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم - سامر أبوالقاسم - الحرية وأكذوبة التمييع