أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سامر أبوالقاسم - توظيف المقدس الديني من موقع قيادة العمل الحكومي















المزيد.....

توظيف المقدس الديني من موقع قيادة العمل الحكومي


سامر أبوالقاسم

الحوار المتمدن-العدد: 3662 - 2012 / 3 / 9 - 02:01
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


غير مسموح اليوم لكل القوى الديمقراطية عدم الانتباه إلى معضلة غاية في الأهمية، تلك المرتبطة بالممارسات والسلوكات الفوقية الصادرة عن قيادة العمل الحكومي الحالي، المؤدية إلى شعور الفاعلات والفاعلين بالاستعلاء والاستقواء بمؤسسات الدولة العليا وإمكانياتها المادية والبشرية، خاصة فيما يتعلق بتوظيف المقدس الديني في حلبة التنافس السياسي بين الفرقاء ذوي المشارب الفكرية والسياسية المتنوعة.
إذ يكمن تجسيد المعاني البسيطة للمواطنة في الانطلاق من أهمية إدراك الإنسان ذاته كمواطن، ومن أهمية أن يضع الإنسان نصب عينيه شرطه السياسي الذي يمر منه، ومن أهمية أن يشارك الإنسان أمثاله بدل التعالي عليهم، وكذا من أهمية أن يؤهل ذاته للتفكير والمشاركة في صناعة حاضر ومستقبل بلده، أيا كان موقعه داخل المجتمع أو مؤسسات الدولة.
المناسبة هي وصف رئيس الحكومة المغربية لمجموعة من المواطنات والمواطنين بالعلمانيين المتحالفين مع الشيطان. وقد كان بالإمكان الاستنكاف عن الرد عليه، لجعله منطلقا لدرس في مفهوم تدبير الاختلاف بشكل ديمقراطي، لولا أن موقع صاحب التصريح اليوم على قدر كبير من الأهمية؛ من حيث الوقوع في محذور التسلط على المنافسين السياسيين وحرمانهم من الحق في العيش المشترك على قاعدة المواطنة الكاملة.
فالسياسة بقدر ما هي تعبير عن معنى الإنسان ذاته، بقدر ما هي بحث متواصل عن حضور مفهوم الحرية في عمق معنى السياسة نفسها، في ضوء الواقع الدستوري الجديد. لذلك، هل لا زال للسياسة من معنى بعد هذا الأداء؟ خاصة في ضوء التفكير المتجدد في أهداف العمل السياسي، سواء من حيث مدى إمكانية نجاعته السياسية، أو من حيث الظروف التي أصبحت توجه رؤية الإنسان المغربي للعالم وللآخر.
الرد على هذا التصريح غير اللائق هو من أجل الاستمرار في تحقيق هدف المساهمة في تخليق الحياة السياسية، فلا شيطنة الاختلاف، ولا الإصرار على الوقوع في الأخطاء السياسية من موقع قيادة العمل الحكومي، بإمكانه حجب الإشكالات السياسية الرئيسية التي نعيش داخل المغرب تحت ضغط انعكاساتها السلبية: مشاكل اندماج حزب العدالة والتنمية في المحيط السياسي بشكل عام، مدى نجاعة آليات اشتغاله السياسية/الدينية، مدى صلاحية أسلوب عدم اكتراث القوى الديمقراطية لهذا الحزب الذي كان "معارضا"، فأصبح اليوم بفعل خلط الدين بالسياسة "حاكما"...
فقيادة العمل الحكومي اليوم هي برئاسة أمين عام حزب العدالة والتنمية، الذي بدل أن يعتبر نفسه في موقع تمثيل جميع المغاربة، كما تقتضي أدبيات هذا المنصب الهام داخل أجهزة الدولة، عاد ليمتح من قاموس خطابه السياسي/الديني "المعارض".
وهو بذلك يكثف التعبير عن رؤية حزبه التي لا تتسع سوى للموقف السياسي المباشر، الذي يدخل ضمن ممارسة السياسية تحت يافطة الدين، ومباشرة الدعوة إلى إقامة الشريعة الإسلامية نظاما عاما للدولة والمجتمع، واعتبارها أساس الحياة العامة. فمن غير المستغرب ألا ينظر عبد الإله بنكيران إلى العلمانية إلا من زاوية تناقضها مع "المشروع الإسلامي"، وألا يرى فيها سوى "جملة من الموبقات" التي أتت بها "نخب مستغربة منفصلة" تماما عن شعوبها.
فالعلمانية والشيطان، حسب رئيس الحكومة الحالية، اسمان جامعان لكل معاني الشر، على اختلاف صوره في ذهن الإنسان، وعَلَمَان يَدُلان على ذَاتٍ تُعارِض الصفات الرحمانية والصفات الإنسية التي يرقى بها الإنسان في معارج الرشاد والكمال، وهما ذاتان ضِدِّيَتَان تنطويان على بُعْد ديني يحدد الفرق بين الحلال والحرام والطاعة والمعصية والإيمان والشك والتقوى والفجور، وبُعْد معرفي يبيّن نسبة الحقيقة والتباسها بالباطل، وبُعْد أخلاقي؛ يتجسد في سيرورة الكون والفساد التي يحتل فيها العلمانيون والشيطان موقع الضد القيمي للحق والخير والجمال المعارض للإنسان.
العلمانيون والشيطان قوة سالبة، حسب رئيس الحكومة دائما؛ أي قوة التعطيل والإفساد والتشويه، نقيض قوة الخلق والتكوين. فباسم العلمانية مثلا تمثل الاستجابة لـشهوات الجسد بلا قيود حرية، وفي عقيدة الإسلام هذه الاستجابة تعد قمة العبودية والسقوط الآدمي أمام جبروت وسلطان الشهوة المتجبرة.
إن حزب العدالة والتنمية لا يمكنه التفكير خارج مقياس الفصل بين العلماني/الشيطان والإسلامي/الملاك، المتمثل أساسا في الموقف من الشريعة الإسلامية كمرجعية عليا لتنظيم الشأن العام للدولة، لأن الحد الفاصل بين العلماني والإسلامي في نظر القيادة والقواعد هو الرفض أو القبول بالشريعة الإسلامية كمرجعية عليا لصياغة الدستور والقوانين الفرعية وتنظيم الشأن العام.
فهل يجوز لهذا "الحزب الحاكم" مقاربة العلمانية من زاوية التبسيط، الذي يجعل السؤال محصورا فيما إذا كانت تشكل كفرا وإلحادا وغزوا ثقافيا؟ وهل العلمنة هي إعلان العداء القاطع للدين والتجفيف النهائي لمنابع التدين، أم هي مجرد حركة لتغيير وإصلاح أحوال الإنسان بالطرق المادية، من غير التطرق لقضية الإيمان سواء بالرفض أو القبول؟
إذا كان حزب العدالة والتنمية لا زال في مثل هذه الوضعية من التخلف على مستوى الرؤية، ولا زال يكن البغض والكراهية لبعض المغاربة، فكم يلزمه من الوقت ليعي بأن العلمانية تهدف إلى أن تجعل الأخلاق لصالح البشر في الحياة الدنيا، وليستوعب أنها التفكير في النسبي بما هو نسبي وليس بما هو مطلق، وهي تنظيم للنشاط الإنساني بشكل عقلاني، وهي منهج وسلوك ومنطلق صالح للتجديد الديني نفسه، بما يتلاءم ومستجدات الحياة والواقع؟
"من يرفض الشريعة كمصدر أعلى للتشريع فهو علماني ولو كان يمارس أركان وفرائض الإسلام ليل نهار". وعلى أساس هذا الخلط بين العلمانية والكفر، يصبح العلماني من منظور هذا الحزب هو "الرافض للشريعة الإسلامية" و"المحارب لها"، و"اللاهث وراء حب الشهوات البهيمية"، و"عدو دولة الشريعة"، و"اللاغي للبعد الغيبي من كينونة الوجود"، و"النافي لعقيدة الخلق الإلهي للكون"، وهو بالضبط ما عبر عنه رئيس الحكومة.
فَهْمُ "الحزب الحاكم" للعلمانية متطرف، ويستبطن الخلط بين مطلب فصل الدين عن السياسة وعقيدة الإلحاد، وتصريح رئيس الحكومة بخصوص تحالف العلمانيين مع الشيطان يدخل في خانة العمل من موقع مؤسسات الدولة العليا، من أجل "عودة دولة الشريعة" بناء على "حق الأمة المسلمة" في "الحكم بشرع الله".
فـ"الدستور الرباني العادل المقدس"، و"شريعة الإسلام كـمرجعية للتنظيم وإدارة الدولة والمجتمع"، و"منظومة حقوق إنسان إلهية"، هي "مقومات الدولة" التي يهدف حزب العدالة والتنمية إلى تحقيقها، تحسبا للتحالفات التي يمكن أن تتعمق في اتجاه "حلف علماني ثلاثي" يضم "الدولة العلمانية" و"اليسار العلماني" و"أحزاب اليمين العلمانية". وخطورة هذا "التحالف الشيطاني" المفترض تكمن في احتمال توجيه قوته لضرب "الصحوة الإسلامية" وإيقاف زحفها على المجتمع والدولة.
والسؤال المطروح اليوم يتمحور حول علاقة هذا الفهم السياسي/الديني بالأسس المرجعية للمغاربة القائمة على قيم المواطنة والأصالة المغربية والانفتاح على قيم الحداثة وكل القيم الإنسانية الكونية الضامنة لحرية وكرامة الإنسان.
الأمر لا ينحصر في هذا البعد المرجعي فقط، بقدر ما هو أكثر ارتباطا بالعمل الحكومي الذي يوجد حزب العدالة والتنمية في موقع قيادته، وهو أشد ارتباطا بالرفع من مستوى النماء المجتمعي، ومباشرة الإصلاحات الداعمة لجهود التنمية المستدامة، والنهوض بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وتعزيز مكتسبات دولة الحق والقانون وتطوير أداء المؤسسات، في سياق بناء مغرب قوي بأصالته وبانفتاحه على العصر.
السيد رئيس الحكومة:
هذه الفقاعات الدينية ما عادت تجدي لدغدغة عواطف البسطاء، الذين ينتظرون منك في الموقع الذي تشرف من خلاله على السياسات العمومية أن تفي بالتزامات "برنامجك الحكومي" الذي اعتبرته يسعى إلى "الاستجابة للانتظارات الجوهرية والملحة للشعب المغربي بفئاته وشرائحه داخل الوطن وفي الخارج"، فهل تحتاج إلى تذكير بالمعضلات الاجتماعية التي عليك الاجتهاد في حلها، لتمكين المغاربة من شروط العيش الكريم، بدل التراشق بالمقدس الديني مع منافسيكم السياسيين؟
السيد أمين عام حزب التقدم والاشتراكية:
أية دلالات لتحالف حزبك مع حزب العدالة والتنمية في قيادة العمل الحكومي، خاصة بعد استمرار حليفك في التوظيف السيئ للمقدس الديني في حلبة التنافس السياسي؟ وهل تحتاج إلى تذكير بتلك الغزوة التي شنها حليفك الحالي على حزبك من خلال استهداف الوزير المقتدر في حكومة عبد الرحمن اليوسفي السيد سعيد السعدي المبادر إلى طرح مشروع الخطة الوطنية لإدماج المرأة في التنمية؟



#سامر_أبوالقاسم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هل يقبل حزب العدالة والتنمية الاحتكام للقواعد الديمقراطية؟
- هل لحزب العدالة والتنمية رغبة في بناء مغرب ديمقراطي متنوع وم ...
- واجهة التعاطف الإنساني مع مسلك النبل في الأداء السياسي
- حزب التقدم والاشتراكية والسلوكات الانتهازية واللاديمقراطية
- منظور حزب الأصالة والمعاصرة للتغيير
- دسائس حزب التقدم والاشتراكية ما عادت تنطلي على مكونات المشهد ...
- العدالة والتنمية ومعاداة كل الأحزاب السياسية
- شرط التواجد السياسي وتنامي الاهتمام بالبعد الإنساني
- عن حزب العدالة والتنمية والابتزاز والتعنيف السياسي وأشياء أخ ...
- العدالة والتنمية في رئاسة الحكومة المقبلة؟؟؟
- العدالة والتنمية: الحزب السياسي الديني المتهافت
- فشل المبتغى السياسوي الضيق لحزب العدالة والتنمية
- الانتخابات التشريعية القادمة والسباق المحموم لحزبي الاستقلال ...
- حزبا الاستقلال والعدالة والتنمية: الابتزاز السياسي قبيل الاس ...
- دور حزب الاستقلال في إفساد مسار التنمية والدمقرطة والتحديث
- عطب التأهيل الذاتي للأحزاب عرقلة لمسار الإصلاحات السياسية ال ...
- حتى لا تتحول بعض الدوائر الإعلامية إلى أحزاب منافسة
- أحداث العيون بين منطق: الضغط المصالحي، والمزايدة السياسية، و ...
- أحداث العيون بين منطق: الضغط المصالحي، والمزايدة السياسية، و ...
- العدالة والتنمية وتوظيف مقدسات البلاد


المزيد.....




- شاهد: دروس خاصة للتلاميذ الأمريكيين تحضيراً لاستقبال كسوف ال ...
- خان يونس تحت نيران القوات الإسرائيلية مجددا
- انطلاق شفق قطبي مبهر بسبب أقوى عاصفة شمسية تضرب الأرض منذ 20 ...
- صحيفة تكشف سبب قطع العلاقة بين توم كروز وعارضة أزياء روسية
- الصين.. تطوير بطارية قابلة للزرع يعاد شحنها بواسطة الجسم
- بيع هاتف آيفون من الجيل الأول بأكثر من 130 ألف دولار!
- وزير خارجية الهند: سنواصل التشجيع على إيجاد حل سلمي للصراع ف ...
- الهند.. قرار قضائي جديد بحق أحد كبار زعماء المعارضة على خلفي ...
- ملك شعب الماوري يطلب من نيوزيلندا منح الحيتان نفس حقوق البشر ...
- بالأسماء والصور.. ولي العهد السعودي يستقبل 13 أميرا على مناط ...


المزيد.....

- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل
- شئ ما عن ألأخلاق / علي عبد الواحد محمد
- تحرير المرأة من منظور علم الثورة البروليتاريّة العالميّة : ا ... / شادي الشماوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سامر أبوالقاسم - توظيف المقدس الديني من موقع قيادة العمل الحكومي