ميثاق الحقوق الاميركى - درس فى الحريات (2-2)

مجدى زكريا

الحوار المتمدن-العدد: 3845 - 2012 / 9 / 9 - 15:57
المحور: حقوق الانسان
    

حرية الدين :
من كل الحقوق التى تضمنها ميثاق الحقوق , الاكثر اهمية هو حرية الدين. يقول الجزء الاول نفسه من التعديل الاول : " لا يجب ان يسن الكونجرس قانونا يتعلق بتأسيس دين , او يحظر الممارسة الحرة لذلك , او يجرم من حرية الكلام. " لاحظوا ان هذا التعديل موجه الى الكونجرس , لا الى السلطة التشريعية للولاية , ولكن بتبنى التعديل الرابع عشر فى سنة 1868 , جعل التعديل الاول ملائما للولايات ايضا. انه يزود حماية دستورية قومية من انتهاك الولاية لحرية الفرد.
يمنع التعديل الاول الكونجرس من تقييد حرية الدين. ويحرم ايضا الكونجرس من انشاء كنيسة او سن قوانين تتعلق بكنيسة.
والبند الذى هو ضد تأسيس دين بالقانون , قصد به ان يقام , كما قال توماس جفرسون , " جدار فصل بين الكنيسة والدولة. "
ويضمن التعديل الاول حرية الرأى والتعبير , الدينية والدنيوية على السواء , وكان هذا التعديل سيصير قضية دستورية كبيرة فى المستقبل. وعرف المؤسسون الاولون ان حرية الدين تؤثر على نحو عميق فى الحريات المدنية والعكس بالعكس.
لماذا الدين اولا :
من الجدير بالملاحظة ان منشئ ميثاق الحقوق اختاروا ان يناقشوا الدين اولا. فبسبب قرون من النزاع الدينى فى اوطانهم , ترك اثر لا يمحى فى عقولهم وقلوبهم , وصمموا ان يحترزوا من تكرار هذه الصراعات المرة.
كانت حرية الدين ذات اهمية رئيسية لأن هؤلاء الناس اتوا من بلدان حيث كانت هنالك قوانين ضد الارتداد , الهرطقة , البابوية , التجدبف وحتى ضد الفشل فى دعم الكنيسة ماليا. وعقوبات الفشل فى اطاعة هذه القوانين كان يمكن ان يكون التعذيب , السجن , او الموت. لذلك التمس توماس جفرسون وجيمس ماديسون بحماسة فصل الكنيسة عن الدولة. فلا يكون هنالك بعد عطف حكومى على السلطات التسلسلية الكهنوتية او اضطهاد لأولئك الذين خالفوا.
ان بعض افكار ماديسون من اجل ابقاء الدين مستقلا عن الدولة مسجلة فى وثيقة بعنوان " ذكرى واحتجاح " لقد احتج ببلاغة ان الدين الحقيقى لا يحتاج الى دعم القانون , انه لا يجب ان يفرض على احد ضريبة لدعم اى دين , وان الاضطهاد هو نتيجة حتمية للدين الذى تؤسسه الحكومة. وحذر ماديسون ايضا ان مثل هذا التأسيس يعيق التبشير المسيحى. وافق جفرسون على ماذكره ماديسون وقال ان دعم الدولة يضعف الدين المسيحى : " ازدهرت المسيحية ثلاثمئة سنة دون تأسيس. وحالما جرى تأسيسها فى ظل حكم الامبراطور قسطنطين , انحرفت عن نقاؤها. - تحت الاله بواسطة جارى ويلز.
المحكمة العليا وحرية الدين :
مضت 221 سنة منذ اقرار ميثاق الحقوق. وضماناته لائمت الاهتمامات الاجتماعية والسياسية للقرن ال17 و ال18. فهل لائم ميثاق الحقوق هذا نفسه الحاجات المتغيرة للمواطنين خلال السنوات ال221 التالية ؟ نعم , لأنه يقال ان الدين " مبادئ ثابتة " يمكن ان تتكيف مع الازمات المتنوعة للشؤون البشرية.
وفى المحكمة العليا للولايات المتحدة يحدث ان المبادئ الاكثر اهمية " تتكيف مع الازمات المتنوعة للشؤون البشرية " وخصوصا تعريف الحريات المدنية. لقد عرفت المحكمة الحريات التى لا يجب ان تنتهكها الحكومة , وكما اشار احد المؤرخين , حققت المحكمة توازنا بين المجتمع المنظم وحق الفرد.
وفى السنوات ال70 الاخيرة , عرضت احد الطوائف المسيحية فى الولايات المتحدة عشرات القضايا المتعلقة بمسائل حرية الكلام وحرية العبادة على المحكمة العليا , وشملت هذه القضايا الحق فى نشر الاراء , حققت فيها انتصارات عظيمة , وكانت لهذه القرارات تأثير بالغ الاهمية فى قرارات المحاكم الاوروبية والعالمية , كسابقة تهتدى بها فى قضايا مماثلة.انتصارا لحرية الرأى والدين.
تقرر الاغلبية الانتخابات. ولكن الحريات الاساسية التى يضمنها ميثاق الحقوق تحمى الاقلية من طغيان الاكثرية وسلطة الدولة. كتبت القاضية ساندرا اكونور : " من وجهة نظرى , لقد وضع التعديل الاول بدقة ليحمى حقوق اولئك الذين لا تشترك الاغلبية فى ممارستهم الدينية والذين ينظر اليهم بعداء. " هذا على مايظهر هو الامر الذى اعتقده ايضا منشئو الدستور وميثاق الحقوق.
هل ستتبنى كل الامم دساتير ذات ميثاق حقوق ؟ معظمها لا يتبنى ذلك , واذا كان التاريخ دليلا , فان الكثير منها لن يتبنى ذلك. وهكذا فان الامل ان تضع كل الامم مواثيق لتزيل الظلم وتدافع عن حقوق الجميع سيؤدى الى الخيبة.
ان التوق العالمى الى الحرية , العدل , والمساواة . لن يتحقق ابدا على مايظن الا بتدخل الهى.

#مجدى_زكريا (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات