أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - سيدة عشتار بن علي - من جنون نيرون الى فلسفة ميكيافيلي















المزيد.....

من جنون نيرون الى فلسفة ميكيافيلي


سيدة عشتار بن علي

الحوار المتمدن-العدد: 3844 - 2012 / 9 / 8 - 12:56
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


هي كلمة ذات جذوريونانية رافقت المجتمعات البشرية منذ تأسيسها
ومعناها ثقافة الرأي الواحد التي لا تحتمل ان يقف بإزاءها ثقافة أخرى فالانفراد بالحكم المطلق والاستبداد بالرأي مع الرفض القاطع للرأي المخالف هو ابلغ تعريف لهذه الكلمة الموغلة في التاريخية بعمق قرون فمن منا لم يسمع عن طغيان أباطرة الرومان ونيرون آخر سلالتهم الحاكمة الذي وصل به جنون التسلط والجبروت إلى قتل أمه وإعدام زوجته ومعلمه ثم انتهى إلى إحراق روما ثم جلس على ربوة يتمتع بمراقبة النار وهي تلتهم البلاد والأجساد فالسلطة المطلقة قد تصل بمالكها إلى حد الجنون الذي يجرده من إنسانيته ليتحول إلى وحش مثبتا بذلك فلسفة هوبز القائلة بان الإنسان ذئب لأخيه الإنسان وهذا النزعة المتوحشة لا تنطبق على عرق او مجتمع دون آخر بل إنها امتدت في كل أصقاع الأرض وعبر سيرورة التاريخ
فهذا معاوية بن أبي سفيان يقف في الناس متحديا بأنه ما تولى الخلافة لا ليطبق تعاليم الدين والشريعة بل تولاها ليأتمر عليهم ويتمتع بلذة السلطة والإحساس بأنه ارفع من الإبل التي يسوقها تحت اسم الرعية
وهاهو الحجاج بن يوسف يقف شامخا يلقي خطبه الشهيرة بين الناس معلنا انه يرى رؤوسا قد أينعت وحان قطافها متوعدا من يخالفه الرأي بأنه سيسقي سيفه من دمه غير متردد في ضرب عنقه
فهذه أمثلة قليلة لنموذج الحاكم الدكتاتوري صاحب المقام العالي والسلطة المطلقة التي لا يتورع مالكها عن سفك دم كل من خالفه الرأي
ومع تطور المجتمعات ورقيها الفكري ونضجها السياسي أضحت نزعة الملك والحكم الفردي لا تلقى قبولا في هذه المجتمعات وبذلك انتقل زمام إدارتها إلى أيدي المؤسسات والمنظمات الدولية وبذلك تلبست الدكتاتورية بلباس يتوافق مع التوجهات المعاصرة للمجتمع والتي تجلت من خلال العديد من الأنظمة الدكتاتورية التي توارد ذكرها عبرا لتاريخ وبذلك يمكننا استخلاص شكلين متتاليين للدكتاتورية
قديم وهو دكتاتورية الأفراد المعلنة التي تمارس فيها سياسة الاستبداد والقوة التي انتهجها الملوك والطغاة في العصور السحيقة-1-
وهو دكتاتورية المنظمات المعاصرة ونفوذها واسع والقضاء عليها أمر صعب لأنها لا تتجسد في أشخاص بل هي متشعبة الفروع-2-
وهو الشكل الذي عانت منه مجتمعات إنسانية متتالية ونعاني منه نحن اليوم حتى انها أصبحت فكرا وفلسفة كرسها عدد لا يستهان به من الفلاسفة والمنظرين الذين يعتبر الايطالي ميكيافيلي أهمهم حيث يذهب الكثيرون إلى أن له دور كبير في تطور الفكر السياسي الأوروبي في القرون الوسطى وله مؤلفات عديدة أهمها على الإطلاق كتابه الأمير الذي تحول إلى مرجعية فكرية بالنسبة لسياسيي الغرب وعني فيه ميكيافيلي بالكشف عن كيفية الوصول الى السلطة وكيفية المحافظة عليها فقد دعا الى إنشاء سلطة مركزية دكتاتورية مطلقة مع العلم أن ميكيافيلي كان في البداية يعتبر النظام الجمهوري
نظاما أمثل للحكم لكن انقسام ايطاليا إلى خمس دويلات تتناحر فيما بينها جعله يخلص بعد الملاحظة والتحليل الى ان الدكتاتورية هي الحل فمصلحة البلاد تعلو على كل الاعتبارات الدينية والدنيوية والأخلاقية وبذلك عد ميكيافيلي المعلم الأول للدكتاتوريات التي اعتبرته مرجعيتها الفكرية التي منها تتزود بالدروس السياسية حتى قيل ان هتلر لم يكن يستطيع النوم الا وكتاب الأمير تحت وسادته وكذلك الأمر بالنسبة لموسوليني الذي كثيرا ما نهل من هذا المرجع وهو ما يفسر لنا صلابة تلك الأنظمة وانتصاراتها المتتالية رغم سقوطها فيما بعد فقد كانت تسير وفق خطة فكرية محكمة صاحبها ذو اطّلاع وفهم لنفسيّة الشعوب إضافة إلى خبرته بالمعمعان السياسي
ورغم تجاوز المجتمع الأوروبي للنموذج الميكيافيلي للحكم الا ان هذا النموذج ظل على رواجه في العديد من الأصقاع خاصة منها التي خضعت للسيطرة الأوروبية بعد الحرب العالمية الثانية خاصة منها الدول العربية التي مازال حكامها من المحيط إلى الخليج يتمسكون بالنموذج الميكيافلي في الحكم ويتجلى ذلك من خلال ممارستها السياسية القائمة على الفصل بين الأخلاقي والسياسي وهو أول ما أكد عليه ميكيافيلي صاحب فكرة الغاية تبرر الوسيلة وهذا ما يفسر العفن السياسي الذي يسيطر على الساحة العربية فالمراوغة والخداع والنكث بالعهود هي ميزة السياسي الناجح الذي يخول لنفسه كل الوسائل مهما كان انحطاطها في سبيل الحفاظ على منصبه باسم المصلحة العليا للبلاد حتى انه يلجا إلى القوة والقتل وسفك الدماء تارة والى استخدام المقدس تارة أخرى من ذلك استخدام الساسة للدين عملا بنصيحة ميكيافيلي التي تعتبر مقولته الشهيرة بان الدين ضروري للحكومة لا لخدمة الفضيلة ولكن للاستعانة به على قمع الإبل الشاردة اي المعارضة وإخضاعها لان السلطة الدينية قادرة على اعطاء شرعية للمواقف السياسية الخاطئة باعتبار ان سلطة الدين سلطة سماوية منزلة لا مجال فيها للمعارضة او النقاش وبذلك نستطيع ان نفهم إصرار السلفيين في مجتمعنا العربي على تأكيد فكرة الاقتران بين طاعة الله ورسوله وطاعة أولي الأمر أي طاعة الحكام حتى أن بعضهم انتهى إلى أن الثورة تعتبر من المحرمات في الشرع

ومع آن الديمقراطية الأوروبية تمكنت من الإطاحة بالكثير من التعاليم الميكيافيلية إلا آن ذلك لم يتوفر بعد في البلدان العربية لان الدكتاتورية مدعومة بدرجة أولى من العقلية العربية للأغلبية من الشعوب التي لم تتخلص بعد من فكرة آن السياسي الأكثر كفاءة والأفضل هو ذلك الذي يتمتع بقدر اكبر من الخبث والدهاء والذي لا يخلط بين ما يسمى بالفضائل والأخلاق وبين كيفية تسيير شؤون الرعية وهذا يعود بنا الى ما رآه ميكيافيلي من ان أكثر الحكام لم يكونو شرعيين ومع ذلك يصلون إلى الحكم ويحافظون عليه بخلاف الحكام الشرعيين الذين التزموا بالمبادئ والأخلاق فان اغلبه م انتهى إلى الفشل بسبب تمسكهم بالثوابت الأخلاقية التي يصعب صمودها أمام ما يحاك حولها من المؤامرات والدسائس وبسبب استهانة العقلية العربية الغير معلنة بفكرة الحاكم الطيب وهذا يعني انه مازال يلزمنا الكثير من المراحل لنصل إلى ما وصل إليه الغرب من النضج الفكري والسياسي اليوم



#سيدة_عشتار_بن_علي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حديث في الحداثة والتّحديث
- حديث في الاحباط الجماهيري بعد الثورات
- حديث في الذّكاء الوجداني
- هذيان
- حين يتحوّل الحبيب الى غريب
- الصّراع ودوره في التّحوّل الاجتماعي
- عادل امام بين براثن سياسة الأمر بالمعروف والنّهي عن المنكر
- يوم الرّعب والدّم في استاد بورسعيد
- حديث ومواجهة في أسباب تفوّق اليهود وتخلّف المسلمين
- انتحار شمعة
- سعاد عبد الرحيم:المراة التي نطقت وقالت(لا لحقوق المراة)
- محنة الام العازبة بين غدر الامومة وقسوة المجتمع
- رسالة الى ابي(حديث في الحجاب والنقاب)
- الربيع العربي ام الربيع الغربي??????
- نوال السعداوي اكبر من جائزة نوبل
- كشف المستور(2):قراءة في الحب الفيسبوكي والجنس الافتراضي
- كشف المستور(حديث في الحب الفيسبوكي والجنس الافتراضي)
- الفساد السياسي:اغتيال للديمقراطية
- المثقف العربي في الميزان
- سايكولوجية الجماهير(قراءة علمية في النفس الجمهورية)


المزيد.....




- الصليب الأحمر الدولي يؤكد استمرار وجوده في الميدان رغم رغم ا ...
- حذر وتوعد.. تركي الدخيل يقر بارتكابه مخالفات في -السوق المال ...
- إذا هوجمت رفح، لن يكون لدى نتنياهو ما يقدمه في إدارته للحرب ...
- لقطات -لم تُشاهد سابقا- لجسم غامض ظهر في سماء ولايات أمريكية ...
- هنغاريا تحذر دول الناتو وبريطانيا من الغرق في وهم هزيمة روسي ...
- إستونيا تستدعي القائم بالأعمال الروسي بسبب حالات تشويش على ن ...
- القوات الجوفضائية الروسية تتسلم دفعة جديدة من مقاتلات -سو- 3 ...
- تونس.. طعن محام أثناء خروجه من قاعة الجلسة
- كشف وثائق سرية وزواج غير قانوني.. نقل زوجة رئيس الوزراء البا ...
- أزمة أوكرانيا.. ضرب رأس النازية الجديدة


المزيد.....

- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص
- آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس ... / سجاد حسن عواد
- معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة / حسني البشبيشي
- علم الآثار الإسلامي: البدايات والتبعات / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - سيدة عشتار بن علي - من جنون نيرون الى فلسفة ميكيافيلي