كارثة النشر الخاص

هدى توفيق

الحوار المتمدن-العدد: 3843 - 2012 / 9 / 7 - 14:19
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    

كارثة النشر الخــــــاص
عادة ما يحدث فى مصر مأساة النشر الخاص . فعلى سبيل المثال انتشرتْ فى مصر ظاهرة الناشرين (قطاع خاص) فيأخذ الناشر النقود من الشاب المبدع مقدمًا نظير نشر إبداعه. وعادة ما تكون نسخ محدودة. فالمبدع يكتب ويبذل أقصى ما فى جهده ، ويدفع من حر ماله وبحرمانه وحرمان أسرته من عائد دخله حتى يتمكن من نشر كتابه. وهذا فى حد ذاته قضية مهمة فى الواقع الثقافى المصرى . فالمبدع يعانى معاناة الكتابة ومرارة النشر. ولأنّ البشر متباينون فبعض من هؤلاء الناشرين يفوقون فى نصبهم واحتيالهم ، أشرس عتاة النصابين فى مجال التجارة . وقد تعرّضتُ لهذه التجربة المريرة : فشاء قدرى التعس أنْ أقع فى شرك أحدهم . إذْ ذهبتُ إلى صاحب دار نشر(الدار) السيد محمد صلاح مراد (بعد إلحاح منه) للموافقة على النشر عنده . كانت البداية مُبشرة عندما ردّ علىّ فى الليلة التالية بعد إرسالى النص الإبداعى على إيميل دار النشر، أنه قرأ النص بل وناقشنى فى بعض القصص وأبدى بعض الملاحظات خاصة بالنص . وكنصاب محترف طلب مقابلتى مباشرة لكتابة العقد مع ضرورة أنْ يتسلم نصف المبلغ مُقدمًا وهو (ألف ومائة وخمسون جنيهًا) وبالفعل ذهبتُ وسلمته المبلغ الذى طلبه وكتب لى العقد فى مقابل الحصول على 220(مائتان وعشرون نسخة) على أنْ يعطينى النسخ بعد أنْ يستلم باقى المبلغ المماثل للنصف الأول. وقد نص العقد (الموقع من الطرفين) على أنْ يكون تسليم نسخ الكتاب بعد شهرين من تاريخ توقيع العقد. ومرّ عام ولم أتسلم النسخ ، وعندما طالبته بالالتزام بالتاريخ لتسليم كتابى ، احتج ببعض الأعذار. فصدقت حججه ، ولكنه ظلّ يُماطل لعدة شهور، فطالبته بنقودى طالما أنه لن يستطيع تنفيذ اتفاقه. ومنذ ذاك الوقت أغلق تليفوناته ، حتى تقابلتُ بالصدفة مع الصديق الكاتب عمرو العادلى فى إحدى الندوات ، وأخبرنى أنه أيضًا يعيش نفس المأساة مع نفس دار النشرالتى يمتلكها السيد محمد صلاح مراد وذلك منذ عام ونصف . وأنه ذهب مرارًا إلى مقهى (زهرة البستان) التى يجلس عليها محمد صلاح مراد ، حتى حصل على رقم تليفونه فأعطاه لى . فاتصلتُ به وطالبته بنقودى وأننى أرفض النشر عنده ، خاصة أنّ العقد المحرر بيننا يُتيح لى ذلك . والكارثة الأخطر أننى دخلتُ مصيدته عندما طالبنى بإلحاح ببقية المبلغ المتبقى مع وعد منه أنه سوف يُسلمنى كامل النسخ بعد أسبوع واحد ، وبالفعل قمتُ (بسذاجة منى لأننى صدّقته) بتسليمه باقى المبلغ . وبالرغم من ذلك لم يف بوعده. وظل يماطلنى.
عندما ذهبتُ إلى أحد المحامين المشهورين وقدّمتُ له العقد ، قالى لى بالحرف الواحد : العقد دا بليه وإشربى ميته. وعندما سألته عن السبب قال لى : أنّ العقد حتى يصير قانونيًا لابد من تسجيله فى الشهر العقارى من الطرفين . وعندما طالبتْ من الناشر الذهاب معى إلى الشهر العقارى ، رفض بإصرار، بحجج واهية مثل أننا نتعامل بشرف إلخ .
قرّرتُ أنْ أطبع كتابى ، فذهبتُ إلى إحدى مطابع القطاع الخاص ، فاكتشفتُ أنّ الأمر سهل جدًا وأكثر بساطة مما يدّعيه الناشرون المحترفون فى النصب على المبدعين . أخذ صاحب المطبعة العربون والنص والغلاف ، وحدّد لى موعدًا لتسليم الكتاب . وبالفعل التزم الرجل بالموعد الذى لم يتعد عشرة أيام .
إننى أذكر هذه الوقائع لكشف حجم المأساة التى يتعرض لها المبدع فى مصر، على أيدى ناشرى القطاع الخاص ، الذين تبين أنّ أغلبهم يستغلون طموح المبدع ولهفته على نشر إبداعه. وهنا لنا أنْ نتساءل : لو أنّ مؤسسات الدولة تتبنى المبدعين وتساعدهم على النشر، لما اضطر الشباب للجوء إلى النصابين من ناشرى القطاع الخاص . فهل ينتبه المسئولون إلى هذه الكارثة وذلك بفتح الأبواب أمام كل مبدع صادق .
وبهذه المناسبة : هل يقوم إتحاد الناشرين المصريين بدوره فى حماية المبدع . وتلك الحماية لا تتأتى إلاّ إذا كان الإتحاد يُتابع كل دور النشر الخاصة. فعلى سبيل المثال فإنّ دار(الدار) التى يمتلكها السيد محمد صلاح مراد الذى نصب علىّ وعلى آخرين ، هل مُسجلة كعضو فى إتحاد الناشرين المصريين ؟ وإذا كانت غير مسجلة ، فكيف سمح أعضاء الاتحاد لتلك الدار (وغيرها) بالنصب على المبدعين ؟ وهل يستطيع أعضاء إتحاد الناشرين التدخل القانونى حتى أتمكن من استرداد نقودى التى أخذها منى السيد محمد صلاح مراد ؟ وإذا لم يفعل إتحاد الناشرين ذلك ويقوم بدوره القانونى ، فإنّ السؤال الموضوعى هو: ما أهمية هذا الاتحاد فى حياتنا الثقافية؟
وفى الختام فإننى أوجه خطابى إلى السيد محمد صلاح مراد لاسترداد نقودى ، بمراعاة أنه لم يلتزم بنصوص العقد الموقع بينى وبينه. وإذا لم يلتزم برد مستحقاتى المالية فسوف أقاضيه قانونًا بإقامة دعوى قضائية بموجب العقد الموقع بيننا ، خاصة ومعى عدد كبير من المبدعين على استعداد للشهادة معى فى المحكمة عما فعله معهم السيد محمد صلاح مراد صاحب دار نشر(الدار)
***

#هدى_توفيق (هاشتاغ)      

---

ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل