أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - هدى توفيق - عيسى الدباغ والثورة المضادة















المزيد.....

عيسى الدباغ والثورة المضادة


هدى توفيق

الحوار المتمدن-العدد: 3801 - 2012 / 7 / 27 - 02:35
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


عيسى الدباغ والثورة المضادة
رواية الخريف والسمان لنجيب محفوظ
هدى توفيق

ونحن نعيش ونستقبل بقلوب مفتوحة ورغبة عارمة ثورات الربيع العربى التى تشملنا من كل ناحية كالرياح العاصفة ضد كل الحقب الماضية من القمع والاستبداد ،الذى ساد عقود تحت جنح الظلام والخوف والفساد الذى نبت وعاش وتمدد كالسرطان المزمن جاثمًا على صدورنا بكل اجحاف وقسوة مريرة وشديدة الوطأة على نفوسنا، التى تاقت إلى الحرية والعيش والكرامة رافعة أعلام الوطن الذى رحل بعيدً ا دون أن ندرى كيف يعود إلينا ونعود إليه ونحن نواجه أ لسنة الفساد والنظام القديم اللاهبة بكل ضراوة حتى تخمد وهج النفوس الثائرة لتسترجع سابق عهدها ولكن هذه مقولة التاريخ . ان التاريخ والزمن لن يعودا الى الوراء ابدا مهما فعلوا امام من يؤمنون ان الثورة مستمرة مستمرة الى النهاية .
فى تلك الرواية التى أظنهاالى حد كبير مختلفة عما سبق انتاجه للكاتب الكبير فى تلك الفترة حيث نجد فيها رؤية ذات طابع فلسفى وجودى واقعى يغوص فى عمق الانسان الحائر والواقع الشائك والمشتعل بنيران التغيير دونما التغلغل فى التفاصيل والأوصاف ،كما اعتادنا فى الكتابات السابقة لتجيب محفوظ، وإنما أشعر أن الكتابة هنا من أجل الاهم والمحورى الذى يدور فى عقل الأديب ويطرحة بقوة من خلال نظرة تأملية فلسفية وجوديه لسبر اغوار هذا الانسان العجيب الذى يبحث ويدور فى فلك الفكرة الاعظم وهو مغزى وجوده فى هذا العالم الواقعى المحيط به ،كالحلقة المفرغة ولا مخرج له غير العذاب والحيرة والألم والبحث مرة ثانية وثالثة فى متاهة الحياة التى تأخذنا الى مصائر مخبية لكل أمالنا وطموحنا وأحلامنا التى كنا تعتقدأنها راسخة وقابلة للتحقق فى وقت ماض و ذهب عنا تماما .
فى تلك الرواية السمان والخريف التى نشرت عام 1962 أجد فيها تعبيرا قويا وواقعيًا الى حد ما يتشابه مع ما يحدث الأن فى مصر والوطن العربى مع اختلاف الظرف التاريخى والمكانى عما يحدث لنا فى بدايات الفرن الحادى والعشرين من خلال نموذج عيسى الدباغ بطل تلك الرواية ، هذا الوفدى القديم الذى شارك وناضل وأدار فى سياسات بلده كعضو ناشط ومؤثر فى حزبة حتى اعتلى تقريبا أعلى المناصب رغم صغر سنة حتى جاء حريق القاهرة والمعركة الشرسة بين الفدائيين المتظاهرين والحكومة والانجليز من اجل الأستقلال والغاء المعاهدة فيقول عيسى بصوت فاترمنهزم ..
المرة الثانية من هذا اليوم اتذكر أقوال الشيخ عبد التواب السلهوبى إثر الغاء المعاهدة "انتهينا والامر لله "
ويفيق عيسى من وهجة الساطع كسياسي محنك وعضو مغوار فى حزبه على نقلة الى قسم المحفوظات، وحل الأحزاب وفناء حزبه وخروجة بتاتا من دائرة الاشتعال السياسى الذى كرس له حياتة وتسقط كل الاقنعة من كل الوجوه سواء الحقيقية أو المزيفة، الكل يسقط حتى أصحاب النوايا الطبية والحسنة، ويسقط عيسى فى بئر السلم بعد أن صعد درجاتة بكل اخلاص وانتهازية فى آن واحد فلولا حريق القاهرة والمظاهرات الضارية واشتباكات الحكومة والانجليز الدامية وبزوغ العالم الجديد وقيام الثورة أى ثورة (1952 ) لكان عيسى فى صعودة لينال أعلى منصب فى وزارتة وهذه الصدمة المروعة التى سقطت ككرة نارية من السماء على رأسة أفقدته توازنة ولم يعرف ماذا يحدث بالضبط من بدء الرواية0وقف القطار ولكنة لم يجد احد فى انتظارة أين السكرتير؟ أين موظفوا المكتب أين السعاة..... ماذا جرى ؟ ))
وتتوالى على عيسى الدباغ الضربات المتوالية التى تنهى بكل تاريخه السياسى ونضاله الذى كان يفخر به ويشعرة كالملك المتوج بتاج النضال والكفاح السياسى ولا يجد أى وجود له آخر الامن خلاله وعندما سقط هذا التاج وتكسر،تهشم معه عيسى الدباغ بكل كيانه وأصبح حطام انسان مع اندثار ماضيه الى غير عودة بل الى نهاية بائسة للغاية وخاصةأن هذاالماضى ملوث الى حد كبير بعد أن أثبتت حملة التطهير التى قامت بها ثورة 1952 ذلك ودونت التحقيقات استغلال نفوذة السياسى فى الرشاوى وتقاضى أموال وهدايا على تعينات وخدمات قام بها لأخرين من عمد لمعارفة وأقربائه الأعيان مما أصدر قرار باحالتة على المعاش براتب اثنى عشر جنيهات وتقاضاه مقد ما لفترة عامين كامليين .
رغم اعتراف عيسى وأصدقاءه الذى نال بعضهم ضرر من التغيير الجديد الذى جاء بعد الثورة بضرورة وأهمية ما يحدث فى الوطن من ثورةوتغييروالفرحة الغامرة بالأستقلال وخروج الانجليز وحاشية الملك وتأميم قناة السويس وصد العدوان الثلاثى على مصر سنة 1956 بدافع الأنتماء وحب الوطن المغزوز فى قلوبهم ودافعهم الاساسى فى النضال والكفاح فى الحزب والسياسه ، من اجل الاستقلال والحرية ، رغم كل هذا من احداث تاريخية هامة فى تاريخ مصر، هم لا يشاركون أو يتفاعلون بشكل ايجابى فى أى شىء يحدث فى الشارع المصرى بل وأحيانا لايبالون بما تمر به البلاد وينصرفون الى شئونهم الخاصة تحت زعم غائر بكل عبث ولا مبالاة شديدة وكان ما شىء يحدث لما فى أعمق اعماقهم ومسيطر على افكارهم بهوس أنهم ظلموا أشد الظلم ، وما كان هذا الواجب المفروض بعد الكفاح والنضال فيقول عيسى فى فتور0{ من العجيب اننا لانكاد نستقر فى الحكم عاما حتى يقذف بنا خارجة أربعا ونحن الحكام الشرعيون ولا حكام شرعيين غيرنا فى البلد ))
ان نموذج عيسى الواقعى والوجودى المعقد بفلسفة أطاحت به الى قتامة ويأس شديد أوقعته فى أخطاء جسيمة تخص ليس فقط واقعه، الذى أبرزه بكل طموح وجموح ليثبت أقدامه على أرض الحياة، من خلال عالم السياسة والنضال وانما هذا ايضا انعكس على كيانة ووجوده الشخصى والذاتى الى حد بعيد لا يرى فى ذاتة الا وجه واحد ولا يتحرك أو يحيا ،الامن خلاله. وعندما سقط هذا الجدار الصلب الذى أفنى فيه حياته ، رغم أنه لايزال فى عنفوان شبابه فهو لم يتخط الخامسة والثلاثين من عمره الا انة شــُل تماما وانفصل عن الواقع كله وتقوقع فى أحزانه وبرجه الذى انهار فى غمضة عين بمجرد أن ترك منصبه فى الوزارة بل وأحيل الى المعاش وفرت منه السلطة ، فقد أحيل الى المعاش مهنيا واجتماعيا واقتصاديا ونفسيا وانتهت حياتة وكأنها لم تكن، رغم التغبير الشامل الذى يسير ويتحرك من حوله، والجميع يلهث ويسعى الى المجتمع الجديد والحياة المليئة بالأفكار الحرة والبناء
وهدم كل قديم حتى لو كان حزبة وأخيرا يقع عيسى الدباغ فى براثن السخط والحقد والملل أولا بالرذيلة مع ريرى التى تنجب له بنتا أنكرته وعاملته كالغريب ،وخافت منه وذهبت بعيدا عنه، وهذا طبيعى من اب لم تره منذ رأت عيونها وجه الحياة ،ثم ثانيا زواجة من قدريه العاقرالثرية دون حب او أمل فى أى حياة حقيقية معها وكأن الثورة بكل معانيها النبيلة وأهدافها العظيمة، كانت كالثورة المضادة لعيسى أطاحت بكل حياته المهنية بل بوجوده كاملا وبترت شخصيته وتحول الى شخص معذب صدامى عنيد ،وهو يتمسك بتلابيب الماضى الذى رحل وزال الى الأبد وفعليا توفقت عنه الحياة ،من نقطة خروجة المزرى من الوزارة وإحالتة على المعاش فى سنه المبكر وانطفأ التوقد السياسى فى حزبه وعملة المرتبط بالقوانين واللوائح وكل تلك الحياة العملية التى مارسها وعاشها بكل اخلاص وتفان، ولكن أيضا إذا أمعنا النظر نرى أن عيسى الدباغ بكل هذه التوجهات العمليه والأفكارالسياسيه المنظمة البحته تغمره روح رومانتيكية، فهو الشاب الحبيب المغرم بالزواج من حلم عمره سلوى بنت على بك سليمان، وقد اخذ الوعد من أبيه بالزواج منها اذا اجتهد وأصبح شابا ناجحا ومرموقا، الا ان الهزيمة الكبرى تمت بوقعها الكامل عندما أغلقت سلوى سماعة التلفيون وانتهت أى علاقة بينهما وخابت أمال عيسى للنهاية، حين ذهب عنه أخر خيط من الأمل لمحاولة ان يستعيد حياتة السابقة التى تمناها وسعى اليها بكل مجهود وكفاءة لديه وأظن ان تلك الواقعة كانت الضربة القاضية لحياة عيسى الدباغ ،وأتمها حسن الدباغ ابن عمه بالزواج من حبيبة عمرة سلوى بعد أن تبدلت الأمور الى الضد وأصبح لحسن ابن عمه مركز وثراء بعد الثورة ،مما دفع عيسى للتقزم والانغلاق داخل نفسه المنكسرة ،والمهزومة وأحلامه المجهضه ،يعيش فى أوهام الماضى الذى خذله، من الحزب والمنصب والزواج ليتحول الى ما هو أشبه بحيوان انساني أنانى لا يفكر الا فى شىء واحد ،كيف يحافظ على استقراره المادى ونزواته الشخصيه والهروب من كل هؤلاء الاوغاد بقدر المستطاع، فيقرر بطيش ورعونة أن يترك حى الدقى الذى يحبه بشدة ويهجر أمه التى تحبه وتموت كمدا وحسرة على أحواله وتصرفاته الجنونيه التى أطاحت بكل شىء،بل ويرفض العمل ويهرب الى الاسكندرية وهو غير قادر على مواجهة أحد ليبحث عن ذاته الضائعة والحائرة والمتشككة فى كل أمر وشخص ويرفض الاستسلام والتفاعل مع الواقع الجديد بنظرته الثابتة لنفسه ولمجده القديم ،وهو فى كل مرة يؤمن بان هذا الوجود القديم هو ما أراده وحققه ولا يريد غيره ،ولن يبحث ويتغير مثل الاخرين مهما تغيرت ا لأحوال والناس والوطن كاملا ليفقد انتماءه لاى كائن أوشىء ويشعر بالوحدة والغربة والملل ويسقط الجميع من حساباتة، ويتعامل مع الاخرين حتى اقرب الناس الية كوسائل لتحقيق اغراضه ومآربه الشخصية دون التفكير فيهم أو فيهن بسبب شخصه الأنانى للغاية ،وقدأصبح عبدا لنزواته وملذاته وهو يندفع اندفاعا لا اراديا الى كل ما يتمم دماره وعذابة بلا أى قدرة داخله على صده أو مقاومته كالعربة التى فقدت الفرامل وسارت الى الهاوية لامناص من ذلك .
ان عيسى يفعل هذا بوعي داخلى، وإن كان مشوشا، تنبعث أولا من روح ذى طابع فلسفى فى تحليل الأمور وتبرير الأسباب، تلك الفلسفة التى تؤدى الى التشاؤم وفقد الأمل بالطبع، وهذا جانب يخص عيسى الدباغ لوحده ،والجانب الاخر هو الأخذ بالثار من المجتمع الجديد والثورة المضادة التى أطاحت بة وهزمته ونفته عن الواقع وأخرجته بكل قسوة من دائرة النور التى كافح كثيرا من أجل أن، يظل داخلهاعلى ظلام حالك ، وازادته روحه المعقدة تعقيدا بالغاافىأن تخمد أى أمل أو بادرة منة للاستهاض بنفسه واحياء وجوده مرة أخرى لكى يتلاقى مع الثورة الجديدة وليس الثورة المضادة 0 .
ان الطرح الروائي الذى أختاره للكتابة عنة بالتحديد،هو نموذج عيسى الدباغ وثورتة المضادة بعد ثورة 1952، كما يحدث الأن بعد ثورة 25 يناير 2011 والثورة المضادة لكل من أعوان الحاكم الذى انخلع عنوة من ثوار ميدان التحرير وشرعية الثورة العظيمة ،وأيضا الثوارالجدد الذين يواجهون بكل استماتة الثورة المضادة 0.
لا شك أيضا أن الرواية ببنائها المحكم، والرصين تطرح العديد من الوجوه سواء من الحكاية الواقعة باحداث تاريخية هامة ،فى تاريخ الوطن مصر من حريق القاهرة ،وحل الأحزاب، واعلان الأحكام العرفية واشتباكات الشرطة العنيفة، بين المتظاهرين والحكومة، والانجليز وثورة 1952 ،وحملة التطهير،التى اخذت فى طريقها الفاسد، والبرئ والمخلص ،والانتهازى وجاء بوطن جديد يواجة تحديات عديدة من أجل الاستقلال والحرية والعدالة الاجتماعية ليرفع قوائم الشعب اليائس بدرجات متقاربه، وتأميم قناة السويس وصد العدوان الثلاثى على مصر عام1956
أيضا هذا الطرح تشاركه نظرة فلسفية وجودية عميقة، تتسرب فى ثنايا السرد ،بكل مهارة بواسطة شخص عيسى الدباغ ،الذى يمتلىء عقله بذلك التأمل الغاثر فى مغزى الأمور والحياة ووجوده المرتبط، فقط بمافات وانتهى انها نظرة فلسفية للغاية،أن يحكم ويقرر وينفذ هذه النظرة، وان تم ذلك بشكل سلبى فى حياتة كلها، سلبية ضارة أضرت الاخرين ،دون أى ذنب لهم غير اقترانهم بعيسى الدباغ وهذا حظهم العاثر ليس إلا ،وهذا الطرح وان اختلف بعض الشىء فى مضمونة يتشابه الى حد التماثل مع ما نعيشة فى الفترة الحالية بعد ثورة 25 يناير 2011، وسقوط النظام القديم دون أعوانه ومؤسساتة التى يحتكرها فيما يطلق عليهم (الفلول ( وهو يواجه بكل ضراوة التغيير الجديد والثورة العظيمة التى أشاد بها العالم ليخمدها ويدفعها، الى الوراء حيث يسخر كل آلياته ونفوذه وسلطانه القديم بأن يحول تلك الثورة المجيدة الى ثورة مضادة يكفربها أبناء الشعب المضطهد لأكثر من ثلاثة عقود، وهو صابر ومستعينا بانتظار الفرج، لتنزاح هذه الغشاوة القاتمة عن عيونهم التى تاقت أن تبصر لون الحرية الناصع، والمبهج، بينماالوجوه العفنة والأرواح الفاسدة تقاوم من أجل البقاء والأستمرارفى الحكم وأيضا الطرف الأخر، وهم ثوار مصر وشعبها يكافح ويناضل ويدفع شبابة أغلى مالدية من روحه ودمه من أجل قلع جذور هذا النظام القديم المستبد بكل ضراوة وشجاعة لترسخ معايير الثورة الجديدة من حرية ،وعيش ،وكرامة انسانية للكل على السواء ،فجيل الثورة يعانى ألام المخاص، لولادة هذا الجنين الحر بأى ثمن وأغلى تضحية وهى دمائهم وأرواحهم فداءً للوطن الغالى والحرية المنشودة ليصلوا بنا الى أخر المطاف والطريق الوعر، فماذا بعد أن فقدوا أرواحهم وباتو شهداء وضحوا بأغلى ما لديهم من أجل الثورة والحرية فكاد بعضهم أو تم فعلا أن يكفروا بتلك الثورة وما جلبته من اعتصامات واضرابات مستمرة وبلطجية الطرف الاخر ،يهدد أمنهم ويسرقون وينهبون فى وضح النهار، وغلاء فاحش وعيشة صعبة وأزمات طاحنة تنهش فى قوت يومهم وحياتهم التى تبدو فى كل الأحوال السيئة مستحيلة لكثيرين من طبقات الشعب المصرى الذى يعيش قطاع كبير منهم تحت خط الفقر وزاد تعداد ه بعد الثورة مع قلة الموارد واضمحلال المؤسسات الباقية من عهد الفساد السابق .
الطرفان يعانون بصرف النظر عن الصحيح والمفروض كلاهما يعيشان الثورة المضادة ليثبت وجوده، وبقاءه واستمراره سواء النظام القديم، وابناء الشعب الغلبان الناشدين العدالة الاجتماعية ،وان كان عيسى الدباغ حسم موقفه بنظرتة الفلسفية المتشائمة واستسلم تماما لثورتة المضادة وأصبح كالنار المتأججة تحرق وتأذى كل من يقترب منه، وذاتة المعذبة تتعمق فى الانهزاهية والانكسار بداية من رفض عرض ابن عمه حسن العمل معه موظف فى الحسابات وهو نائب المدير )أى حسن ( فى شركة جديدة للسينما كبرياءً وغضبا وحقدًا، شملهأن يكون ذلك الشخص بالذات رئيسة بعد أن كان فى أقل مقام قبل ثورة 1952، شاملا العرض الزواج من ابنة عمه ،دون ذنب لها غير أنها أخت حسن الذى يباريه فى الكفاح والنضال والنظرة المغايرة له بالتفاؤل والسير فى ركب المتغيرات الجديدة والحياة الرغدة وهوأحد الفائزين من مكتسبات الثورة العظيمة التى أطاحت بكل قديم حتى ولو كان نبيلا .
ثم هروبة الى الاسكندرية المفاجىء والتخلى عن أعز ما يملك وبقى له أمه الحبيبة ليتقابل، ويفعل علاقة مع فتاةالليل ريرى التى شاركتة الملل والرذيلة رقم الرغبة من جانبها فى التغير واقامة حياة نظيفة ومستقرة وبقائها الى جانبة على الدوام بقرار الحمل المفاجىء، الذى أنكرة عيسى بوقاحة وقسوة وطردها أشر طردة، دون أى شعور بالذنب او الندم الا متأخرا وقد جاء صدفة بعد سنوات، كعقاباالهيااطاح به تماما عندما رأى ابنتة الطفلة الجميلة وأيقن مدى غباءه وأنانيته المفرطة، ثم زواجه من قدرية المتعددة الزيجات العاقر لتحمية من تصاريف الزمن ،وتؤمن الحياة الزوجية بمالها نهاية الى جلسة الاصدقاء ولعب القماروحمى اللعب ،الذى أوصله الى خسارة مادية رغم خوفه وحرصة الشديد على المال ،الذى جناه
من بيع منزل الأسرة ،ثم طرده من بيت الزوجية والعودة اليه على مضض ، وهو غير مقتنع بتلك الحياة العابثة الاهية، دون أى معنى حقيقى أوهدف ولا يبحث الا عن اللهووالنظرفى الفراغ، وقد مات لديه أى رغبة فى الصعود من هذا الوحل البين ،حتى تهبط عليه معجزة من السماءلتستنهضه حين راى ابنته التى هجرها وتخلى عنها، لتزيد عذابة وألامه وموته الداخلى وأيضا من حيث لانعلم يأتيه المناضل السياسى ليشاركة الحديث ويبعث فيه الأمل وترك الماضى بأوهامة والنظرالى الأمام بابتسامة دائمة .
ورغم الثورة المضادة التى يعانيها عيسى الدباغ، كما يشعر بها شعبناالقوى فى الوقت الحالى ،حتى يتلمس طريقه الى الحرية اللازمة للعيش بكرامة ،فى مواجهة الطرف الأخر من الفلول أ والنظام القديم، فإن ثمة أمل كما أخبرنا المناضل السياسى، وكما يحدثنا تاريخ الشعوب عن الكفاح والنضال، يخبرنا أيضا عن الأخطاء الجسيمة التى تحدث عادة لتمرير تجربة ديمقراطية حقه، بدأها فعلا شعبنا بكسر حاجز الخوف من الحكام على الاطلاق ،لتعبر بنا إلى شواطىء ا لأمان لنواجه بكل جرأة وشجاعة واستماتة اى ظلم او فساد او استبداد ،من خلال جبهة وطنية موحدة وشباب ثائر لاينتمى الاللوطن لأن الوطن للجميع، وقد بدأ الوعى السياسى وان اختلف وتعدد وتنوع، يدب بقوة فى الشارع المصرى، بين الشباب المتعلم والبسطاء وجميع الطوائف، التى لا شك يعيشون تجربة كاملة بها أخطاء فادحة ولكن عاجلاأوأجلا، ستطرح ثمار الوعى والتبصر بحقائق الأمور، بعد تخلف حاد ونظرات ضيقة، فلابد فى النهاية سيبصرون الحق ،والاصح ،والأفضل، لهم وسيختارون ما هو مفيد لهم ،وللوطن، لا شك فى ذلك 0
وأشعر وهذا ادعاء يحضنى أننا جميعا مثل عيسى الدباغ وثورتة المضادة فى تلك اللحظة الفارقة التى يغادر جلسته على أريكته تحت تمثال سعد زغلول وقد انتفض ،قائما فى نشوة حماس مفاجئة ، ومضى فى طريق الشاب بخطى واسعة تاركا وراء ظهره مجلسة الغارق فى الوحدة والظلام وهذا ما سوف تفعلة بنا ثورة 25 يناير 2011 رغم الثورة المضادة وعوائقها أمامنا فلا بد أن نلتصق مثل مناضلنا اليسارى بالابتسامة الدائمة فى أى الأحوال الخسارة والنجاح فالثورة مستمرة ،تواجة وتقاوم الثورة المضادة الغاشمة، ولن تفارقنا الابتسامة الدائمة، ما دمنا نقاوم ونناضل من أجل ،أعز، وأغلى ما نسعى الية جميعا وهى الحرية ***
رواية الخريف والسمان : مكتبة مصر بالفجالة –نجيب محفوظ



#هدى_توفيق (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مجموعة أرنى الله لتوفيق الحكيم
- خلوة الكاتب النبيل
- حاذث النصف متر تجاوزكل الأمتار
- العداء العبرى لمصر وفلسطين
- مقال عن أكابيلا ايدا وماهى
- إلى زكي مراد


المزيد.....




- “خليهم يتعلموا ويغنوا ” نزل تردد قناة طيور الجنة للأطفال وأم ...
- فيديو خاص عيد الفصح العبري واقتحامات اليهود للمسجد الأقصى
- “ثبتها الآن” تردد قناة طيور الجنة 2024 Toyor Aljanah لمشاهدة ...
- بعد اقتحامات الأقصى بسببه.. ماذا نعرف عن عيد الفصح اليهودي ا ...
- ما جدية واشنطن في معاقبة كتيبة -نيتسح يهودا- الإسرائيلية؟
- بالفيديو.. مستوطنون يقتحمون الأقصى بثاني أيام الفصح اليهودي ...
- مصر.. شائعة تتسبب في معركة دامية وحرق منازل للأقباط والأمن ي ...
- مسئول فلسطيني: القوات الإسرائيلية تغلق الحرم الإبراهيمي بحجة ...
- بينهم طلاب يهود.. احتجاجات مؤيدة للفلسطينيين تهز جامعات أمري ...
- أسعدي ودلعي طفلك بأغاني البيبي..تردد قناة طيور الجنة بيبي عل ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - هدى توفيق - عيسى الدباغ والثورة المضادة