|
حشيش هندي
باسل سليم
الحوار المتمدن-العدد: 1118 - 2005 / 2 / 23 - 11:27
المحور:
الادب والفن
الى "س.ز" مع الحب والكثير من الاعتذار قلتي انك لم تفهمي علي اليوم ، وقلت لك أنني سهرت مع عصابة من الطلبة الاشقياء ،متى فهمت علي من قبل أنا المتناقض مثل بياعي الخضار في سوق الحسين ، والسهرة كانت ذهبية ، تبادينا الحديث و "متت " من الضحك على رأي صديقنا المواطن جهاد العامري ، كم مرة مات جهاد من الضحك ، يبدو أن جهاد من كثرة الموت من الضحك تحول الى عنقاء رماد آخر أو طير نار ... وكان صديقي الليتواني يحتفل بعمره القصير ، اطول من عمر الانهيار الكبير ، هل تعرفين عن أي انهيار اتحدث ، ثم فاجئتنا فتاة هندية مسلمة بنوع جديد من الدخان ، قالت أن الطبقة العاملة في الهند تدخنه كي يعينها على العمل ، ودخنا اوراق الشجر الملفوفة بعناية والمربوطة بخيط زهري اللون كما ندخن الحشيش ، وضحكنا حتى مات البعض منا ضحكا ، حاولت أن اوضح للندماء كيف نموت من الضحك في بلادنا ، لم يصدقني احدهم لأنه يعرف أن الاردن بلد محاصر بين حربين ، أما البقية فلا يعرفون أين يقع الأردن ، هل تعرفين أين تقع ليتوانيا ؟ وكم عدد سكانها البالغين ثلاثة ملايين ونصف أي مثل عدد سكان الاردن قبل حرب الخليج الثانية (اصبح لدينا حروب اولى وثانية وثالثة ) ؟ هل سمعت بالباهاما ؟ طبعا ؟ تتخيلين أنها جزر مأهولة بالسكان ؟ وهي جزر متناثرة مثل أمتنا العربية والكثير من الجزر فيها لم يطأها انسان وما زالت القرود فيها هي الكائنات الاكثر ذكاءا ... المهم دخنا الورق الاخضر نصف الناشف ونشفت عقولنا فارويناها بكؤوس من الشاي الذهبي مثل غسق في البحر الميت ، لم يكن الشاي بالنعناع ولم يسمعوا بالنعناع ، والبنت الهندية هربت من الجلسة لأنها مسلمة ولا تريد أن تسكر ، لا بأس عند مسلمي الهند بقليل من الخمر وهي مسلمة حقيقية لا تصوم ولا تصلي ولكن تمتنع عن أكل لحم الخنزير مثلي ، لا احب اللحوم عموما ... المهم ، احد المدعوين الصينيين اخبرني أن المحافظة التي يعيش فيها يبلغ عدد سكانها عشرة ملايين واعتبرها محافظة صغيرة ، رد علي بذلك عندما ابديت استغرابي لعدم معرفته اين تقع الاردن ، وضحك مني بخبث صيني ، هل تعرفين الخبث الصيني ؟ الليلة كانت باردة وتوقعوا وجود صقيع ، لا يوجد "غور" هنا ولا يوجد مزارعين مساكين يخافون على محصول البندورة من الصقيع ويطالبون الحكومة بتعويضات لا تساوي حبتي بندورة وحبتي كوسا من المحصول التالف ، الليلة باردة بجدارة وخرجنا للتشرد في الشوارع ليلة الاثنين ، تخيلي ، ليلة الاثنين والكل "مضبوب" في الدار ، لا يلتفون حول "الصوبا الفوجيكا الحمراء" او "علاء الدين الخضراء" في هذه البلاد ، في هذه البلاد لا يلتفون حول شيء ، يعيشون كأفراد مستقلين ، ونحن نلتف حول اشياء كثيرا بدءا من القيادة الحكيمة ، نلتف حول القانون واشارة المرور ، ونلتف حول الصوبة الفوجيكا لكثرة البرد وقلة التدفئة ، هل كان شتاء عمان قاسيا هذه المرة ؟ وهل خرج العشاق في عيد الحب لابسين البلايز الحمراء ، في هذه البلاد لا يلبسون بلايز حمراء في عيد الحب، ولا يلتفون حول الصوبات في الصقيع ، ولا يقفون على الدور لشراء "الكاز" من "الكازية" ولا يخزنون الطعام تخوفا من انقطاع الطرق وموت الاطفال من الجوع ، ولا يعرفون الزحاليق ، يرشون الارض بملح يكفي لتمليح "مقلوبة" اكبر من البحر الميت ، ولا ينزل الثلج ، واذا نزل لا يعدون قنابل ثلجية محشية احيانا بالحجارة ولا يرشقون المارة ويتطاولون على الفتيات بنكت ثلجية من النوع الثقيل ... وكانت ليلة باردة والمشردين المساكين يطلبون "الفراطة" التي يحملها المارة المتثاقلين بكل أدب ، اعطيت الفتاة التي كانت تحمل مظلة ما معي من بنسات قليلة ، قالت لي : شكرا بأدب جم دفعني حد البكاء ، صديقها كان ينظر إلي بفرح وانا اناولها النقود وعلق بكلمتين ثم التفت الى صديقي الليتواني الذي قال له انه نسي المحفظة بالبيت ، حجة أكثر ادبا من الطلب نفسه ..ومشينا كثيرا .. ثم نمت وكانت السجائر تتطاير وكان لا بد لي من كتابة الاحرف الاولى من اسمك خوف أن تزعلي ، وخوفا من غضب ابناء عمومتك الذين اعتقد ان معظمهم لم يقرأوا جريدة إلا للبحث في صفحة الموتى عن أرث مرتقب ، لكنني اخترع الحجج وكان يمكن لي أن اسميك "سامية زكي" " س.ز" ولا تستطيعين مقاضاتي أمام أي قاض بتهمة التشهير ، كنا تحدثنا الليلة الماضية عن علاقة صديقي مع فتاة في الخامسة عشرة وحاولت أن اوضح له كيف لو أنه كان على علاقة في بلدي مع فتاة بهذا العمر فانه قد يتهم بتضليل قاصر وكيف أنه قد يجبر على الزواج منها اذا فعل فعلا مشينا!!! ولم يفهم لماذا نفعل ذلك... وكان لحم البقر مثل الفستق كما يقولون ، والرز الذي طبخه الصيني مائع بدون ملح ، تخيلي رزا بدون ملح و"شوربة ماجي" على اقل القليل ، وكنت اقول لك هذا الصباح كيف انني لا افهم ما تقولين وكنت تحاولين أن تشرحي لي كيف أن الليلة الفائتة كانت من ابرد الليالي في العمر وكيف انها كانت صاخبة ومليئة بالاوغاد الدوليين الذين لا يعرفون أين تقع الاردن ولا يعرفون اسم عاصمتها ويعتقد البعض منهم أن الملك الحسين الراحل هو الملك الحالي ، وكيف أنه كان عليك أن تشرحي لهم بدون جدوى ، فالرؤوس مثقلة "بالشاي" الذهبي المثلج والمخلوط مع الكولا ، والجميع كان تحت تأثير شجرة خضراء تنبت في الهند وسجائر رخيصة يدخنها العمال كي يستطيعوا الصبر على العمل ، وكنت اتذكر "القات" ، و"الشيشة " المصرية التي زارها صديقي الليتواني الذي لا اعرف اسم عاصمة بلاده ، وكنت تتحدثين عن الارجيلة ومقهى بشجر ليمون كثيف في العبدلي ، وكعك ب "بيض" وجبنة وزعتر مغشوش ، استمع لك وجهاد يموت من الضحك ويعود الى الحياة لينبت كشجرة خضراء تنبت في الهند ولفائف ورق شجر نصف خضراء يدخنها العمال الهنود كي يتبخر جهاد ويموت من الضحك ، وانام من جديد ، احلم بك وبشجرة خضراء تنبت في الهند وشاي بنعناع ولغة ولكنة لطالما احببتها قد تنفع في سكب قليل من الاعتذار في كأس شاي مترعة بالضوء والثلج وليلة دافئة وياسمين .
#باسل_سليم (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
مقاربة بشرية حيوانية
-
تأملات في كتاب الحريري
-
الله أم اللاة ،الاضطهاد معكوسا : في الرد على وجيهة الحويدر
-
عن الدين والدين السياسي
-
لا تقتلونا باسم الحضارة : تعقيب على تعقيب
-
الاستاذ حسقيل قوجمان نموذجا : تعقيب على موقف الشيوعيين من قر
...
-
كيف تصبح كاتبا في خمسة أيام
-
ليس بالكره وحده يحيا العراق - رسالة عتب إلى حوارنا المتمدن
-
حوار سريع مع الموت
-
أحزاب و عشائر
-
عن الداخلية والنقابات
-
ليس بالكره وحده يحيا الانسان
-
تبت يدا أبي لهب وتب
-
كيف يخرج الفلسطينيون من الرماد 2-2
-
كيف يخرج الفلسطينيون من الرماد
-
قتلانا وقتلاهم
-
عن المقاومة التي نريد
-
رسالة مفتوحة إلى خوسيه ساراماغو
-
أبو مازن والركض وراء الجزرة
-
كي لا نضل الطريق - إلى الشبيبة الشيوعية
المزيد.....
-
اندمج في تصوير مشهد حب ونسي المخرج.. لحظة محرجة لأندرو غارفي
...
-
تردد قناة روتانا سينما 2024 الجديد على نايل سات وعرب سات.. ن
...
-
الممثل الخاص لوزير الخارجية الايراني يبحث مع نبيه بري قضايا
...
-
سيدني سويني وأماندا سيفريد تلعبان دور البطولة في فيلم مقتبس
...
-
فشلت في العثور على والدتها وأختها تزوجت من طليقها.. الممثلة
...
-
-دبلوماسية الأفلام-.. روسيا تطور صناعة الأفلام بالتعاون مع ب
...
-
كريستوفر نولان يستعد للعودة بفيلم جديد ومات ديمون مرشح للبطو
...
-
بيسكوف: الإهانات الموجهة لبوتين -جزء من الثقافة الأمريكية-
-
تفجير برايتون: مؤامرة تصفية تاتشر
-
وُصفت بأنها الأكبر في الشرق الأوسط..نظرة داخل دار أوبرا العا
...
المزيد.....
-
إيقاعات متفردة على هامش روايات الكاتب السيد حافظ
/ منى عارف
-
الخلاص - يا زمن الكلمة... الخوف الكلمة... الموت يا زمن ال
...
/ السيد حافظ
-
والله زمان يامصر من المسرح السياسي تأليف السيد حافظ
/ السيد حافظ
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل مسرحية "سندريلا و ال
...
/ مفيدةبودهوس - ريما بلفريطس
-
المهاجـــر إلــى الــغــد السيد حافظ خمسون عاما من التجر
...
/ أحمد محمد الشريف
-
مختارات أنخيل غونزاليس مونييز الشعرية
/ أكد الجبوري
-
هندسة الشخصيات في رواية "وهمت به" للسيد حافظ
/ آيةسلي - نُسيبة بربيش لجنة المناقشة
-
توظيف التراث في مسرحيات السيد حافظ
/ وحيدة بلقفصي - إيمان عبد لاوي
-
مذكرات السيد حافظ الجزء الرابع بين عبقرية الإبداع وتهمي
...
/ د. ياسر جابر الجمال
-
الحبكة الفنية و الدرامية في المسرحية العربية " الخادمة وال
...
/ إيـــمـــان جــبــــــارى
المزيد.....
|