أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الكردية - دلور ميقري - سيكولوجيّة الجماهير الأوجلانية 5















المزيد.....

سيكولوجيّة الجماهير الأوجلانية 5


دلور ميقري

الحوار المتمدن-العدد: 3838 - 2012 / 9 / 2 - 10:39
المحور: القضية الكردية
    



1
" المؤامرة الكونية "؛ هذه العبارة، التي ما فتأ أنصار ب ك ك يردّدونها حينما يستعيدون وقائع اعتقال زعيمهم، هيَ نفسها التي يلهج بها الإعلامُ الأسديّ منذ الخامس عشر من آذار 2011 تبريراً للحلّ الأمنيّ والعسكريّ، الإجراميّ. وإذ يُعدّد الأولون، في حميَة وإسهاب، أسماءَ الدول المشتركة في حبك ثوب " المؤامرة "، فإنهم يصرّون على استثناء المعلّم الأسديّ؛ هوَ من لم يكتفِ بطرد زعيمهم أوجلان، بل عمدَ أيضاً ( ظاهرياً على الأقل ) إلى التعاون الأمنيّ الوثيق مع الأتراك بهدف تصفية ب ك ك بشرياً ومالياً وسياسياً. حتى إذا توفيَ رأسُ النظام، بعد اعتقال الزعيم بعام واحدٍ تقريباً، فقد حسرَ حزبُ ب ك ك اللثامَ عن وجهه الحقيقيّ ـ كأداةٍ دائمة، رخِصَة، بيد الأمن البعثيّ: إنّ فضائية الحزب، ويا للمهزلة، كانت هيَ الوحيدة مع الفضائية السورية من نقلت بثاً مباشراً، متواصلاً، لجنازة الرئيس الأسد من لحظة انطلاقتها من ساحة الأمويين بدمشق وحتى وصولها لمسقط رأسه في القرداحة. كما أن ما تبعَ ذلك، من نهج جماعتهم الكردية السورية، يعزز هذه الحقيقة، المخزية.
في القرى الهندية، تجبر التقاليدُ المرأة الأرملة على احراق نفسها حزناً على الزوج، الراحل، دونما أيّ اعتبار لقيمة حياتها ـ كإنسانة ـ أو لمصير أطفالها. ذلك التقليدُ، المفصح عن " العقلية القروية " بأشدّ تجلياتها قسوة وتخلفاً، شاء أوجلان تطبيقه على أنصار ب ك ك، مذ لحظة وصوله إلى روما مُبعداً من حِمَى لينين وستالين. لشهرَيْن متتاليَيْن، كان على وسائل الإعلام المرئية أن تنقلَ للعالم مشاهدَ إحراق أولئك المساكين لأنفسهم، فداءً لسلامة رأس " القائد ". فضائية الحزب، بدورها، كانت تعرض على مدار الساعة صورَ القرابين البشرية جنباً لجنب مع البث المباشر لأحاديث أوجلان مع الوفود المختلفة، التي كانت تتدفق على مقرّه في العاصمة الإيطالية. ولم يتدخلَ الزعيمُ لإيقاف تلك المآسي إلا بعدما اقتنع، على ما يبدو، أنها أعطت نتائجَ معاكسة لما كان يرجوه منها. المدهش هنا، أنّ قيادة ب ك ك ما لبثت أن أشعلت، مُجدداً، أجسادَ أنصارها في الساحات العامّة وأمام السفارات الأوروبية، بعدما تناقلت وكالات الأنباء خبرَ اعتقال أوجلان: هكذا كان تصرّف القيادة، بالرغم من أن الخبرَ كان مُدعماً بفيلم يُظهر زعيمَها في الطائرة المتجهة لتركية، وهوَ يَسترحمُ أفرادَ الكوماندوس بطريقةٍ أقلّ ما يقال عنها أنها مُخجلة.
2
قضية اعتقال أوجلان، تكشف طريقة تفكير هذا الرّجل، والتي استطاع فرضها على قيادة حزبه. فعلاوة على تبرئتها النظامَ السوريّ من تبعات اعتقال الزعيم، فإنّ اليونانيين أضحوا، وفق المنظور البراغماتيّ لهذه القيادة، طرفاً في " المؤامرة الكونية ". إشارتنا إلى البراغماتيّة، مردّه محاولة قياديي ب ك ك استمالة عواطف السلطات التركية، المنتشية بالصّيد الثمين؛ وكأنهم يقولون لأقطابها: " ها انظروا.. نحن نحشد جماهيرَنا للاحتجاج أمام السفارات اليونانية في أوروبة، لا أمام سفاراتكم ". أي أن قيادة الحزب، وبدلاً عما يُفترض بها مبدئياً، وأخلاقياً، من إعلان التبرؤ من أوجلان على خلفيّة استسلامه المُشين للأعداء؛ فإنها لم تفعل أكثرَ من تبرير هذا الاستسلام، بالزعم أن الرّجلَ كان واقعاً تحت تأثير مادة مخدّرة ـ كذا ـ حينما صحا في الطائرة بين أيدي خاطفيه. ولم يتغيّر موقفُ القيادة، حتى لما ظهرَ " القائدُ " بأحسن حالاته الصحيّة في المحكمة، وراحَ يسترحمُ هذه المرّة أمهاتِ الجنود الأتراك القتلى، الحاضرات. في ذلك الوقت، قال لي كادرٌ من أحد الأحزاب الكردية السورية، مبرراً هكذا موقف من قيادة ب ك ك: " باعتقادي انّ أوجلان انتهى، سياسياً. والأفضل أن يبقى رمزاً للكرد، مُطهَّراً، من أن يُصابَ جمهورُهُ الواسع بالإحباط والقنوط، مثلما حصلَ في كردستان العراق في أعقاب نكسة آذار عام 1975 ". لم ينتهِ الزعيمُ المطهّر، لسوء الحظ، بل أصبحت سطوته أشدّ على رفاقه وهوَ وحيدٌ في تلك الجزيرة: إن روبنسون كروزو، على الأرجح، لم يكن مجرّد خرافة لجلب نعاس الأطفال.
عطفاً على مثال التبرير المُتهافت، الذي أشرنا إليه آنفاً؛ يجدر بنا التأكيد على أنّ الحركة الكردية، في سورية، تتحمّل من جهتها وزراً ثقيلاً فيما يخصّ الوجود الأوجلانيّ على ما يُفترض أنه ساحتها السياسية، الوطنية . فمنذ مستهلّ الثمانينات، ونتيجة لعقلية الكيد والمنافسة، فإن بعض الأحزاب الكردية احتضنت تنظيم ب ك ك ودعمته بين جماهيرها سواءً في سورية أو لبنان. لم يقتصر الأمرُ عند هذا الحدّ، خصوصاً مع تمدد ب ك ك في المناطق الكردية وعلى حساب تلك الأحزاب بالدرجة الأولى. إذ صمتت الحركة الكردية السورية على جرائم هذا الحزب بحق كلّ من رفض سياسته، والتي وصلت درجة الاعتقال والتعذيب على الطريقة الصدّامية بجدع الآذان وقطع الأنوف وغير ذلك من فظاعات. ثمّ تناهت فرعنة أنصار ب ك ك، لتشملَ التدخل في قمع المعارضة السورية خدمة للمعلّم الأسديّ؛ مثلما جرى في دمشق عام 1986 ، إثرَ نوروز الدامي، حينما أصدرَ هؤلاء بياناً يتهمون فيه " عناصر دخيلة " من حزب العمل الشيوعيّ بالتسبّب في الصدامات بين المحتفلين ورجال الأمن. اليوم، في خضمّ ثورة الحرية والكرامة، يكرر حزبُ ب ك ك ـ وهوَ الشبّيحُ والدخيلُ فعلاً على الساحة السورية ـ نفسَ العبارات بحق المكونات العربية والآشورية السريانية، المتعايشة مع الكرد في الجزيرة وكوباني وعفرين.
3
من جهتي، أعترفُ بأنني كنت على شيء من السذاجة، حينما تساءلت أمام أحد أصدقائي عن استنكاف أعضاء حزب أوجلان، من الكرد السوريين، عن حشد المظاهرات والمسيرات في أوروبة دعماً لثورة الحرية والكرامة؛ هم من سبق وأحرقوا أنفسهم حتى الموت من أجل رأس " القائد "؟.. علامة استفهامي تلك، كانت في بداية اشتعال الثورة؛ أي بعدما هرع مسؤولُ ما يسمى بحزب " الاتحاد الديمقراطي " من موقعه في جبل قنديل إلى داخل المناطق الكردية، خضوعاً لأمر الأجهزة الأمنية، الأسدية. الآن أيضاً، ندركُ يقيناً أن ب ك ك لم يفصم عرى علاقته المصيرية مع تلك الأجهزة، بل كان عبارة عن " خلايا نائمة " تنتظر السانحة المناسبة للتحرّك. على ذلك، فإن وجود هذا الحزب، المسلح، في كردستان العراق تحديداً، إنما هوَ خدمة لاستراتيجية أعداء الشعب الكرديّ لا خدمة لاستراتيجيّته الخاصّة في حربه على الدولة التركية. وإلا، فكيف يمكن تفسير تعاون ب ك ك مع النظام الإيرانيّ، مباشرة ً بعيدَ اشتعال الثورة السورية؛ وهوَ الحزب، الذي كان يتبجّح حتى الأمس القريب بأنه الوحيد على ساحة كردستان ايران من يقاتل النظام..؟
في دراسة سيكولوجية، شهيرة، قام بها أخصائيون في قطاع غزة ( قبل سيطرة حماس عليه بقوّة السلاح )، تبيّن أن معظمَ الذين نفذوا عملياتٍ انتحارية قد تمّ اختيارهم من صفوف الفتيَة، المرضى النفسيين. هذه الحقيقة، تحيلنا إلى أختها؛ المتمثلة في الدافع السيكولوجي، المحتمل، للنصير الأوجلانيّ الذي قام بحرق نفسه من أجل " القائد ". الأفدح، أن يكون هذا النصيرُ كردياً سورياً، طالما أننا صرنا على بيّنة من سياسة هذا الحزب الخاضعة كلياً لإمرة الأجهزة الأمنية، الأسدية. ولكن، في هذا الشأن، علينا ألا نغض البصرَ عن حقيقة أخرى؛ وهيَ أن بضعة أشخاص حَسْب، هم من ضحوا بحياتهم حرقاً في تلك الوليمة الأوجلانية. كذلك، فالملتحق بصفوف الكَريلا، مهما كانت خلفيته وظروفه النفسية والاجتماعية، فإنه لا يذهب إلى ساحة القتال رغبة ً بالموت المجانيّ. إنّ المستوى العالي التعليميّ، والثقافيّ أيضاً، لآلاف الشباب من كرد سورية الذين استشهدوا في كردستان، لتحيلنا إلى بنية حزب ب ك ك: كان ضحايا المحرقة هؤلاء، كما ورفاقهم من القرابين البشرية عشيّة اعتقال أوجلان، متشابهين في ناحية واحدة على الأقل؛ وهيَ أنهم يمثلون استثناءً في القاعدة الجماهيريّة للحزب. لقد تمت التضحية بهذه النخبة ـ والحبل على الجرار ـ بنفس الطريقة التي عمدَ فيها أوجلان إلى تصفية رفاقه من الكوادر خلال ثلاثة عقود من الزمن؛ إن كان بدفع بعضهم للموت حرقاً في سجن ديار بكر، أو اتهام الآخرين بالخيانة والعمالة والتحريفية.
[email protected]



#دلور_ميقري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سيكولوجيّة الجماهير الأوجلانية 4
- سيكولوجيّة الجماهير الأوجلانية 3
- سيكولوجيّة الجماهير الأوجلانية 2
- سيكولوجيّة الجماهير الأوجلانية
- المجلس الأخواني والطرطور الكردي
- الشيخ الكردي
- فريد الأطرش 3؛ الجذور والتغرّب
- فريد الأطرش 2؛ أنشودة الرومانسية
- الشيوعيّ شبّيحاً
- فريد الأطرش؛ أورفيوس الشرق
- ذكريات اللاذقية: النهاية
- ذكريات اللاذقية 15: النجيع
- ذكريات اللاذقية 14: الجراد
- ذكريات اللاذقية 13: الأجساد
- جمعة ابن بلدتنا، البار
- ذكريات اللاذقية 12: الجنون
- مرشح اخوان سورية
- ذكريات اللاذقية 11: الجَوى
- ذكريات اللاذقية 10: الجائحَة
- ذكريات اللاذقية 9: المَسْغبة


المزيد.....




- بدء أعمال لجنة الميثاق العربي لحقوق الإنسان بمقر الجامعة الع ...
- مفوض الأمم المتحدة لحقوق الإنسان: نشعر بالذعر من تقارير وجود ...
- اعتقالات جماعية في جامعات أمريكية بسبب مظاهرات مناهضة لحرب غ ...
- ثورات في الجامعات الأمريكية.. اعتقالات وإغلاقات وسط تصاعد ال ...
- بعد قانون ترحيل لاجئين إلى رواندا.. وزير داخلية بريطانيا يوج ...
- تقرير أممي مستقل: إسرائيل لم تقدم حتى الآن أي دليل على ارتبا ...
- الأمم المتحدة تدعو بريطانيا إلى مراجعة قرار ترحيل المهاجرين ...
- إغلاقات واعتقالات في الجامعات الأميركية بسبب الحرب على غزة
- مراجعات وتوصيات تقرير عمل الأونروا في غزة
- كاريس بشار لـCNN: العنصرية ضد السوريين في لبنان موجودة لدى ا ...


المزيد.....

- سعید بارودو. حیاتي الحزبیة / ابو داستان
- العنصرية في النظرية والممارسة أو حملات مذابح الأنفال في كردس ... / كاظم حبيب
- *الحياة الحزبية السرية في كوردستان – سوريا * *1898- 2008 * / حواس محمود
- افيستا _ الكتاب المقدس للزرداشتيين_ / د. خليل عبدالرحمن
- عفرين نجمة في سماء كردستان - الجزء الأول / بير رستم
- كردستان مستعمرة أم مستعبدة دولية؟ / بير رستم
- الكرد وخارطة الصراعات الإقليمية / بير رستم
- الأحزاب الكردية والصراعات القبلية / بير رستم
- المسألة الكردية ومشروع الأمة الديمقراطية / بير رستم
- الكرد في المعادلات السياسية / بير رستم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الكردية - دلور ميقري - سيكولوجيّة الجماهير الأوجلانية 5