أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - دلور ميقري - سيكولوجيّة الجماهير الأوجلانية















المزيد.....

سيكولوجيّة الجماهير الأوجلانية


دلور ميقري

الحوار المتمدن-العدد: 3830 - 2012 / 8 / 25 - 11:24
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



1
اعتاد عبد الله أوجلان، مؤسس حزب العمال الكردستاني، أن ينعت كلّ من يغضب عليه من رفاقه بـ " صاحب العقلية القروية "، دونما أن يستثني شقيقه نفسه؛ الذي شغل فيما مضى منصب القائد العسكري لقوات " الكَريلا ". وبغض الطرف عن المنبت الريفيّ لأوجلان الزعيم، فإنّ هذه البيئة هيَ في الواقع من أمّنت الأنصارَ والمؤيدين، المخلصين لحزبه وشخصه. إن أوجلان، كما يلاحظ المرءُ من سيرته المدوّنة، كان يفتخرُ كثيراً بمسقط رأسه وذكريات طفولته وفتوّته هناك. وليسَ ثمّة مفارقة في الأمر، على رأيي البسيط، طالما أن " القرويّة " ـ كمصطلح سسيولوجيّ ـ إنما تعني العقليّة لا الانتماء للمكان: فمن الممكن أن يكون شخصٌ ما، ينتمي أصلاً للقرية، أكثر تمدناً من ابن المدينة من ناحية الانفتاح على الآخر واحترام المرأة وتقبل الحداثة والتطور والتقدم.
أوجلان، من ناحيته، يؤمن بكونه قد انفصل عن عقليّة بيئته الريفيّة، الشديدة التخلّف، حالما اعتنق فكرَ الطبقة البروليتاريّة، وخصوصاً مع تأسيسه لحزب يوحي اسمه بالانتماء لهذه الطبقة العتيدة. بيْدَ أننا هنا، سنحاولُ الاستدلالَ ببعض القرائن والأمثلة، لكي نرى ما إذا كانت عقليّة أوجلان قد نأت بنفسها، فعلاً، عن شيمة بيئته الأولى، أم أن هذه البيئة ما فتأت مغروسة بقوّة في أعماقه وتحكّمت دوماً بفكره ومسلكه على حدّ سواء.
2
عندما أكّد ماركس على طليعيّة البروليتاريا، وضرورة قيادتها للنضال في سبيل اسقاط النظام الرأسمالي، فإنه لم يتطرّق للمفاضلة بين هذه الطبقة وشقيقتها، الفلاحيّة؛ طالما أنّ أوروبة الغربيّة كانت وقتذاك تعيش في أوج ثورتها الصناعيّة. في المقابل، كان على التلميذ الأمين للماركسيّة، لينين، أن يُسهب في مؤلفاته بأحقيّة الطبقة العاملة على قيادة الفئات الكادحة، والفلاحيّة بشكل أساس؛ بما أنّ روسية القيصريّة كانت ما تزال آنذاك بلداً ريفياً متخلفاً يلعب فيها الاقطاع دوراً سيادياً، رئيساً. على ذلك، فإن لينين رصفَ الفلاحين ضمن الطبقة البرجوازية الصغيرة، التي هيَ برأيه انتهازيّة في بنيتها ونمط تفكيرها سواءً بسواء. فالفلاح، بحسب المباديء اللينينية، يُشبه في تقلّبه مناخ موسمه الزراعيّ: إذا كان مُزدهراً، وغلته وفيرة، فإنّ حماس هذا الفلاح للتغيير السياسيّ يفتر ويخمد. أما لو كان الأمرُ خلاف ذلك، فلا غرو أن يتأجج صاحبنا بالثورة على الواقع. بكلمة أخرى، ونقلاً عن ماركس: " لكل نمطٍ من الانتاج نمط من التفكير ".
هذا المرور، الخاطف، على النظرية الماركسيّة وأهلها، كان له ضرورة هنا، بالنظر لتعلق بحثنا بمباديء حزب العمال الكردستاني؛ هذه المباديء، المتناقضة على طول الخط لا مع منهج الحزب ومسلكه حسب، بل وأيضاً مع حقيقة بسيطة: أنّ من المستحيل، إن لم نقل من الخفة بمكان، أن نفترض النضال في سبيل الاشتراكية وديكتاتوريّة البروليتاريا لكردستان الشماليّة، طالما أن الحزب قد تخلى تماماً عن مبدأ حق تقرير المصير واكتفى بما يسميه " الادارة الذاتية الديمقراطية ". إنّ الصين، على سبيل المثال ( وأوجلان معجبٌ جداً بتجربة حزبها الشيوعي، الستاليني )، كانت قد حققت، شكلياً على الأقل، نجاحاً في تطبيق مقولة زعيمها ماو عن تلازم الكفاح في سبيل التحرر الوطني من الهيمنة اليابانيّة جنباً لجنب مع السعي لإقامة ديكتاتوريّة الطبقة العاملة. ولكن زعيمنا الكرديّ، لسوء الحظ، لم يستطع أن يحقق لحزبه وجماهيره بعد أكثر من ثلاثة عقود سوى الديكتاتوريّة بمعناها الفج، العاري، المتمثل بعبادة الفرد.
3
" المكر القرويّ "؛ هذا أيضاً من التعبيرات الأثيرة على قلب أوجلان، والتي دأبَ على وَصم البعض بها، ممن حق عليهم غضبه. إن أولئك المعنيين، المبخوسي الفأل، من الممكن أن يكونوا رفاق حزبه في القواعد أو القيادة، بل قد يكون أحدهم الشقيق أو ربما الزوجة أو حتى الأمّ نفسها. هذه الأخيرة، الراحلة، اكتفى زعيمنا بالتنكيل في ذكراها من خلال سيرته المدوّنة، وبالتالي، فقد كانت هيَ أفضل حظاً من الآخرين، الذين نالهم جنون ريبته ونزعته الانتقاميّة، المتصفة بهما شخصيّته: إنهما صفتان، ويا للمفارقة، يَسِمان مَسلك الفلاح بشكل خاص.
" الأرض هيَ العرض "؛ إنه مثلٌ بليغ يُلخص سيكولوجيّة الشخص القرويّ. وغنيّ عن البيان، أن الأرض هنا تعني وسيلة الانتاج، المُتيحة لصاحبها أن يسّد بها حاجاته الاقتصاديّة. هذه الوسيلة، الخاصّة، تجعلُ خلقَ مالكها يميل دوماً للريبة والحذر و المكر والأثرة والحسد، وأحياناً للبغض والعدوانية والانتقام. فالمعروف، بحَسَب شواهد خالدة من الأدب والتراث، أنّ الكرى يُجافي عينيّ الفلاح فيما لو أن غلة جاره أوفر من غلته، كما أنه لا يستطيع أن يطيق عرساً بهيجاً يبذلُ أصحابه ما يدلّ على سعة حالهم وكرمهم. إنّ الكيدَ، يستطيع أن يدفع القرويّ لإغراق محصول خصمه بماء الساقية، أو لسرقة دجاجاته. وبما أنّ المرأة سلعة، في بيئة كهذه، فمن الممكن أن نتخيّل ثورة الأبّ فيما لو أنّ إحدى بناته قد فرّت مع شخص تحبّه؛ كأن يكون ابن الجيران أو ما أشبه: إنّ المهرَ، المُحوّط بهالة من القداسة في القرية، هوَ المشكلُ هنا. لأن الخطف، في غالب الأحيان، مردّه عجز الشاب عن تأمين المبلغ المطلوب، المتوجّب دفعه لوالد الفتاة كصداق صوريّ لا تستفيد هيَ منه في شيء على الاطلاق. وإذن، فالخطف كفيلٌ بأن يجعل الدم يجري كساقية القرية. والأب، في هذه الحالة، لديه سلطة " الناموس " على أشقاء الفتاة، بأن يدفع أحدهم لارتكاب جريمة قتل دونما أن يكترث لضياع مستقبل هذا الفتى. بل إنّ الأمرَ قد يتطوّر، حدّ أن يتبادل الطرفان الثأرَ لسنوات وعقود.
4
أوجلان الزعيم، المُشنِع على بعض أتباعه بصفة " المكر القرويّ "، لم يُغرق أرضَ جاره بالماء، بل " أغرق " شعباً كاملاً بالدماء. ولم يسرق زعيمنا الدجاجَ، بل " سرق " أفكار الآخرين من كلاسيكيّ الماركسيّة؛ كما فعلَ في كتابه " حول مسألة الشخصية في كردستان " ـ على سبيل المثال لا الحصر. كذلك انتحلَ أوجلان بشكل سافر اسمَ حزبه نفسه؛ وهوَ الاسم، الذي كان يطلق في السبعينات من القرن الماضي على تنظيم كرديّ ماركسيّ أسّسه وتزعّمه عمر شتين؛ أي حزب عمال كردستان، الذي التجأ زعيمه والعديد من رفاقه لسورية ولبنان في أعقاب الانقلاب العسكريّ في تركية عام 1980.
وعودة إلى الزعيم أوجلان، كي نلاحظ من وقائع كثيرة، معروفة، كيف أن المكر، علاوة على الريبة والحذر والحسد والأنانية، جعلت أيّ كادر في حزب العمال الكردستاني هدفاً محتملاً لانتقام هذا الزعيم وغدره، حتى لم يسلم من ذلك زوجته وشقيقه وأخلص رفاقه.
أوجلان، الذي رأينا سخريته من " أصحاب العقلية القروية "، كان هوَ المستفيد الأكبر من هذه العقليّة. فإنّ قرويي المناطق الكردية في شمالي سورية ( التي صارت، على حين فجأة، تسمى بغرب كردستان من لدن فرع حزبه نفسه، السوريّ، المفتقد حتى لكلمة " الكرديّ " في نسبته )، كانوا قد دفعوا أولادهم وبناتهم للانخراط في صفوف " الكَريلا " ليقتلوا مجاناً في ما وراء الخط الحديديّ: لقد فعل أولئك الآباء ذلك تحت وطأة الارهاب والعسف والضغط، الذي أخذوا ينالونه على يد الأجهزة الأمنية منذ أن قرر الطاغية المقبور، الأسد الأب، التضحية بأجيال كاملة من أبنائهم خدمة لمطامعه الاقليمية وكي يغذي تعطشه العنصريّ، الطائفيّ، لدم الكرد المستباح؛ وأيضاً، وخصوصاً، مذ أن قبلَ أوجلان أن يصبح أحدَ بيادق الديكتاتور البعثيّ، منفذاً خطته الجهنمية في ابادة أجيال الشباب المثقف، وأغلبهم من دارسي أو خريجي الجامعات والمعاهد.
للبحث صلة..
[email protected]



#دلور_ميقري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المجلس الأخواني والطرطور الكردي
- الشيخ الكردي
- فريد الأطرش 3؛ الجذور والتغرّب
- فريد الأطرش 2؛ أنشودة الرومانسية
- الشيوعيّ شبّيحاً
- فريد الأطرش؛ أورفيوس الشرق
- ذكريات اللاذقية: النهاية
- ذكريات اللاذقية 15: النجيع
- ذكريات اللاذقية 14: الجراد
- ذكريات اللاذقية 13: الأجساد
- جمعة ابن بلدتنا، البار
- ذكريات اللاذقية 12: الجنون
- مرشح اخوان سورية
- ذكريات اللاذقية 11: الجَوى
- ذكريات اللاذقية 10: الجائحَة
- ذكريات اللاذقية 9: المَسْغبة
- ذكريات اللاذقية 8: الجَماعة
- ذكريات اللاذقية 7: المُسخَرون
- ذكريات اللاذقية 6: بهاليل وأبالسة
- ذكريات اللاذقية 5: مَراتب وحجّاب


المزيد.....




- هل تتعاطي هي أيضا؟ زاخاروفا تسخر من -زهوة- نائبة رئيس الوزرا ...
- مصريان يخدعان المواطنين ببيعهم لحوم الخيل
- رئيس مجلس الشورى الإيراني يستقبل هنية في طهران (صور)
- الحكومة الفرنسية تقاضي تلميذة بسبب الحجاب
- -على إسرائيل أن تنصاع لأمريكا.. الآن- - صحيفة هآرتس
- شاهد: تحت وقع الصدمة.. شهادات فرق طبية دولية زارت مستشفى شهد ...
- ساكنو مبنى دمرته غارة روسية في أوديسا يجتمعون لتأبين الضحايا ...
- مصر تجدد تحذيرها لإسرائيل
- مقتل 30 شخصا بقصف إسرائيلي لشرق غزة
- تمهيدا للانتخابات الرئاسية الأمريكية...بايدن في حفل تبرع وتر ...


المزيد.....

- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل
- شئ ما عن ألأخلاق / علي عبد الواحد محمد
- تحرير المرأة من منظور علم الثورة البروليتاريّة العالميّة : ا ... / شادي الشماوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - دلور ميقري - سيكولوجيّة الجماهير الأوجلانية