أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دلور ميقري - ذكريات اللاذقية 15: النجيع















المزيد.....

ذكريات اللاذقية 15: النجيع


دلور ميقري

الحوار المتمدن-العدد: 3766 - 2012 / 6 / 22 - 10:08
المحور: الادب والفن
    




التَطفّل؛ مُفردة ذات مَدلوليْن في اللغة العربيّة: الإتكاليّة والحِشَريّة. كلاهما، أخذ مَداهُ في طبْع صَديقي، " آدم "، خصوصاً معَ حلولِهِ لديّ في حُجْرَة الايجار. ثقته بنفسه، المُبالغ فيها كثيراً، أدخلتْ في رَوْعِهِ أنّ هذه الشراكة إن هيَ إلا مَكرُمَةٍ من لدنه ولا مَراء. على ذلك، فإنه إذ لم يَكتفِ بتجاهل تسديد نصف الايجار، المُترتب عليه، فقد ذهَبَ إلى حدّ الاتكال على راتبي، الزهيد أصلاً، في نفقات مَعيشتنا، اليوميّة. على المُنقلب الآخر من مَعنى المفردة تلك، المَوْسومة، أجاز شريكي لنفسه التدخلَ في شأن صداقتي لبعض المُجندين، من مُنتسبي وحدَتنا: " ذاك المَدعو محمّد؛ أتعتبرُهُ من مستواك؟.. خااا "، تساءل ذات مرّة مُتهكّماً. وكان يَقصدُ جارَنا في الشقة، " بوز الكلب "؛ الذي لم يكُ على ما يبدو صَيداً، سهلاً. هذا الأخير، وبغض الطرف عن شذوذ مَسلكه أحياناً، غير أنه كان عزيز النفس، شريفاً، فضلاً عن حفظه عهد الصداقة. وها هوَ، بدَوره، سيُظهِرُ لي في وقتٍ لاحق امتعاضاً بيّناً لاختياري " آدم " كشريكٍ في المَسكن: " لقد ضبطتهُ على الشرفة، أكثر من مرّة، بينما كان يتلاعبُ بعينيْه وشفتيْه على مَرأى من صاحبتكَ "، أخبرَني في شيءٍ من الكدَر. ومن نافل القول، أنه كان يَقصُدُ " مَهِتابَ "؛ التي لم تتجاوز صلتي بها أكثر من بضع رسائل، مُرَيّشة أغلبها من جهةٍ واحدة حَسْب. بيْدَ أنّ حَجَرَ العثرَة، المُتعيّن عليه قصم ظهر بعير شراكتنا، كان مَصدَرَهُ في آخر المطاف صاحبُ المَسكن بالذات.
كان قد مرّ شهرٌ، أو نحوَهُ، على إقامة " آدم " المَيمونة، حينما شاءَ أن يُبشرني بكون بنت المالك، الصغرى، قد أضحَتْ في مَرمى سهامِهِ. " هنيّة " هذه، وكانت لا تتجاوز السادسة عشر من عُمْرها؛ تميّزتْ بحُسْن نادر، فضلاً عن خلقٍ أصيل كأنما تشرّبَ من مَنهل السَّكينة والوداعة. لم أسلُ، أبداً، ذلكَ المَوْقف الطريف، المُبتدِهُ تعارفي بهذه البنت الحسناء، المُفارقة سلوك شقيقتيْها بخِصْلة الخفر، على الأقل. إذ كنتُ في ظهيرة أحد أيام الربيع ثمّة، على الشرفة، حينما أطلّت هيَ من السطح لتطلبَ مني بلطفٍ جَلب غرض من الحمّام، يَخصّ شئون الغسيل. ولكوني، آنذاك، ما أفتأ على جهلٍ بأمور كهذه، فلا غرو أن أجانبَ الصوابَ لمرتيْن مُتتاليتيْن: " ولكن، لِمَ لا تشرّفي بنفسكِ إلى الحمّام للبحث عن مَطلوبك "، خاطبتها أخيراً بلهجةٍ نافدة الصّبر. إذ ذاك، تفاقمَ الحَوَرُ بمُقلتيْها السّود، مع ارتفاع حاجبَيْها الدَقيقيْن، لتتشكّل هكذا نظرةُ اتهام لا محلّ للشك فيها. في اليوم التالي، على الأثر، اصطحَبَها والدُها إلى غرفتي وكأنما في مُحاولةٍ منه لتبديد سوء ظنها فيّ: " ولكْ ابني.. "، استهلّ المالكُ الكلامَ بنبرَة أهل اللاذقية، المُحَبّبة " لماذا أغضبتَ فتاتي، الأثيرَة، يومَ أمس؟ ". وبالرغم من لمْعَة المَرَح في تساؤلِهِ، فإن وجهي تضرّج بالحَرَج والخجل سواءً بسواء. فما كان من " هنيّة "، المُنهمكة بتسويَة الملاءات البيض لسريرَيْ الحجرة، إلا التريّث لوَهلةٍ فيما هيَ تتطلّع نحوي بدهشةٍ مُتواشجة بالتأثر.
هوَ ذا مالكُ المنزل، في يوم تالٍ، يُوافيني إلى الغرفة بسِحْنةٍ كامدَة، هذه المرّة. وإذ كنتُ بمُفردي، فإنه بادرَ بسؤالي عن الشريك، الغائب: " انظرْ، ولكْ ابني. إنني اعتبرُكَ مثل أولادي؛ لأنك شابّ هاديء وعلى خلق. وكما تعلم، فلم أنبس أنا بكلمة اعتراض، عندما أدخلتَ " ذلك الشخص " إلى المَسكن بدون أن تأخذ موافقتي ". قالَ ذلكَ بتعبير سَمِحٍ نوعاً، أبَويّ. ولكنه ما لبثَ، على حين فجأة، أن طالبني في حَسْم بابعاد " آدم " نهائياً عن المَسكن. وإذ لم يَجدَ المالكُ حاجةٍ لذكر أيّ مُسوّغ؛ فإنني، من جهتي، كنتُ على علم مؤكّدٍ بجليّة الأمر: علاوة على لجاجة شريكي فيما يتعلّق بابنة الرّجل، الصغرى، فإنّ حادثاً أكثر جدّة كان قد اتفق حصوله في اليوم السابق. عندئذٍ، وكنتُ عائداً للتوّ من الخدمة، طالعني " آدمُ " على باب المَطبخ بسِحْنتِهِ المُعتادة، الصَّفيقة. كان قد دأبَ على تمرير لسانِهِ فوق شفتيْه الشهوانيتيْن، المُلمَّعتيْن ببريق الدّسَم، للإيحاء بكنهِ ما يَستشعِرُهُ من تلذذ ورضا. فما أن حط بَصري على كومةٍ من ريش دقيق الحَجم، مُبتلّةٍ في النجيع القاني، حتى تساءلتُ بقلق عن مَصْدَرها. وإذا البَطِنُ يُجيبني بنبرَة متفكّهة، مُستهترَة: " إنها إحدى حَماماتِ جارنا؛ ابن صاحب البيت.. ". فيما مَضى، حينما كان هذا المتطفِلُ قد اهتمّ بسِرْب اليَمام، المُتهادي بعضُهُ على شرفتنا ونافذة حجرتنا، فإنني أخذتُ المُسألة من باب الفضول لا غير. المُخزي، بالنسبة لي، هوَ اضطراري للكذب لما قدِمَ ابنُ المالكِ، في عصر اليوم نفسه، كي يستفهمَ عن مَصير حَمامتِهِ، المَبْخوسة الفأل.
***
لكأنما هيَ " حَمامة السلام "؛ تلك المَذبوحة بدَم المُتطفل، البارد. فما انقضى شهرٌ على الحَدَث، حتى رأيتَ الدماء تبقِعُ شوارع وأزقة اللاذقية. قبل ذلك، كان على جثث ثلاثين شاباً، من ريف المُحافظة، أن تشيَّعَ جنباً لجَنب مع ما بدا أنها جثة السلام الأهليّ: إنهم قتلى مجزرة مدرسة المدفعية، في مدينة حلب، المُرتكبة من لدن جماعة أصوليّة؛ والتي ستهز أفئدة أهالي ريف الساحل، العلويّ، حدّ أن تطلق الدعوات الغاضبَة، العلنيّة، للانتقام والثأر. من جهتي، كنتُ شاهداً على جوّ الضغينة، المُستفحِل، حينما اشتركتُ بمواكبة جنازة أحد أولئك الضحايا. ولمَحض الصّدفة، كان القتيلُ من قريَة في قلب الجبل، المُهيمن على المدينة؛ قرية، شهدَتْ فيما مَضى حضوري في مناسبة مُشابهة، حزينة: إنّ مُساعد ديوان المُستوصف، كان رجلاً مُسناً نوعاً، يُعرف خلقه بالمُساهلة في أمور الاجازات الطبيّة. في أحد أيام المُناوبة، كنتُ أشرفُ على توزيع وَجبة الغداء للمُجندين، حينما راحَ أحدُهُم يُزاحم الآخرين بفظاظة. " هيه؟.. أنتَ تخدُم في المستوصف، وهناكَ جميعُ المُجندين مُبْدَلون "، خاطبتُ ذلكَ العسكريّ المُشاغب. فما هيَ إلا لحظات وظهرَ مُعلّمُهُ، المساعدُ، ليوَبخني على ردّ الطبق فارغاً من الأرز والدجاج. ولا أدري، حقاً، كيفَ خرَجتُ عن كياستي، المَألوفة، قدّام هذا الشخص الطيّب: " لو أنني أخبِرْتُ من قبل الحاجب، بأن الطبق يخصّك أنتَ، لكنتُ قد تصرّفتُ بشكل آخر ولا ريب "، قلتُ له بنبرَة ساخرَة.
" آه، يا عيب الشوم.. "، ندّتْ عن المُساعد بحُزن ومَوْجدَة. بعدَ سويعة، عندما مَرّ من أمامي وهوَ راكبٌ الموتورسيكل في طريقه للمَبيت، فإنه رَشقني بنظرَةٍ فيها ما فيها من عتاب وأسف. وإذا كنتُ قد بقيتُ، عُمْراً، مُحتفظاً في ذاكرتي بالمَشهد ذاك، الطاريء، فبسبب فكرة غريبة كانت قد دهمَتني لحظتئذٍ؛ وهيَ أنني لن أرى الرّجلَ مرة أخرى. فما انقضى النهارُ، حتى انتشرَ في المُعسكر نبأ وفاة مُساعد ديوان المستوصف في حادث سير. ثمّة، كان زميلٌ لنا، رقيبٌ مُجند، هوَ من تلقاني بخبر البرقية، المُستعجلة، التي كانت قد وصَلت تواً من المَشفى العسكريّ. " ميَسْرَة " هذا، كان بنفسِهِ صِلة الوَصل بيننا وبين ذاك المُساعد، الراحل، في الأمور المُتعلقة بإجازة النقاهة. وكان بمَعيّتنا، حينما شاركنا معاً في اليوم التالي بتشييع جنازة مُعلّمه. وبينما كان بقيّة زملائنا، من مراتب صف الضباط المُنتمين للمحافظات السنيّة، يَتبادلون ابتساماتٍ هازئة، خفيّة، مُتندِّرة بطقوس الدّفن لدى هؤلاء العلويين؛ فإنني و" ميسرة " لم تكُ دموعنا تكفّ عن المَسيل. بيْدَ أنّ زميلنا هذا، ذا البشرة النحاسيّة والعينيْن الفاحمَتيْن، قد سبق وفاجأ نفس من كانوا في صحبته ذلك يوم. كان قد اقترحَ علينا زيارة مُخيّم الغجَر، الكائنة مضاربُهُ بمحاذاة طريق الشام، ليسَ ببعيدٍ عن مَضارب مُعسكرنا. وأتذكرُ، أنه تناهى بنا التجوالُ، في ذلك العصر من أوان الربيع، المُتأخر، خلل بساتين البرتقال اليانعة، المُزدهرَة، عندما التقينا بامرأة خارجة للحظتها من المخيّم. إذ ذاك، شرَع " ميسرة " بالتكلّم مع الغجريّة بلغتها، الغريبة. وهكذا علينا كان أن نعرفَ سرّ شعر زميلنا، الطويل؛ طالما أنه كان يُغطي أذنيْه المُزينتيْن بالحَلق، على العُرْف المُميّز قومِهِ، الغجَر.
على تلك السجيّة، المُحالة للغرابَة، كان على ليلتي مع " آدم "، الأخيرة، أن يَكتمِلَ حَظها. وإذن، كانت الساعة قد تجاوزت التاسعة، حينما حَضَرَ هوَ من الخارج. فما أن عَلِمَ بقرار مالك المَسكن، حتى اربدّتْ سِحْنتهُ وما عتمَ أن أخذ يَهذي بكلماتٍ جارحَة، تتهمُني بكيت وكيت. طبعي العَصَبيّ، الناريّ، فاقمَ ولا غرو من حَرَج المَوْقف. ولكن صاحبنا، وعلى غرّة، هدأ تماماً: " لن أنتظرَ هنا، إلى يوم الغد.. "، خاطبني دونما أن يَتطلع فيّ. وبالرغم من إلحافي، كي يبيتَ ليلته في الغرفة، فإنه شاءَ أن يركبَ رأسَهُ فيُغادرَ الدار لا يلوي على شيء. أخيراً، عندما اعولّتْ ساعة الحائط، مُشيرة ً إلى تمام الحادية عشرة، فإنني أشفقتُ على حقيقة كون " آدم " بلا أيّ مَعارف في هذه المدينة. عندئذٍ، تناهضتُ على الفور وقد قرّ لديّ أن أبحثَ عن ذلكَ الخائل، كي أردّهُ إلى صَوابِهِ. هكذا توجهتُ، ودونما تردّد، إلى جهة حديقة المَنشيّة، بما أنه سبقَ ومَكثَ ليلة فيها، سالفة، على أثر خصام مُماثل. كانت هذه ليلة مُقمِرَة، جدّ حارّة، من ليالي أواخر الصّيف. ثمّة، وفيما كنتُ أحاذي فندق " الكازينو "، المُختتم دربَ الكورنيش، إذا بي ألتقي وجهاً لوَجه مع " آدم ". ولم يكُ هوَ وحيداً، على أيّ حال: امرأتان بمُقتبل العُمْر، أوربيتان شكلاً وهيئة، كانتا تسيران بالمَعيّة، وفي مَشهَدٍ لا يوحي سوى بالانسجام والعذوبة.
***
" آآآ.. هذا صَديقي فلان "، نطقها بانكليزيّةٍ، ركيكة، وهوَ يقدّمني لتلك الغريبَتيْن. إحداهما، كانت ترتدي قميصاً أحمر اللون، بلا أكمام، يَنسدلُ على بنطالها الأسوَد، المَشدود على ردفيْها، الفارهَيْن. فما أن تمّ التعارف، حتى رأيتني محلّ اهتمام هذه الفتاة، المُتوجة بالشعر القاني المُنسدل على قسماتها البديعة، المُتناسقة: " اسمي كريستينا؛ من سكوتلاند. أما صديقتي هذه، ذات الشعر البني، فهيَ انكليزيّة مُتوَحشة "، قالت لي وهيَ تضحك بصَخب. من ناحيتي، كنتُ أقادُ طائعاً، وبلا أيّ نأمةٍ ـ كحصان مُروّض، قد شدّ لجامه جيّداً. وأكادُ لا أتذكّرُ، الآن، الكيفيّة التي مَرَقنا فيها آنئذٍ خللَ بوابة الفندق؛ اللهمّ سوى سِحَن المَوظفين، العابسَة، التي شيّعت خطواتنا المُتجهة إلى أحد الأدوار العليا. هناك، في حجرة جدّ أنيقة، تحلّق جَمْعُنا حولَ طاولة صغيرة، واطئة، ما لبثت أن ازدحَمَتْ بآنيَة الشراب والمازة. الفتاة المُلتصقة فيّ، إذ لحَظتْ صَمْتي، وتهيّبي، فإنها سرعان ما أخذتْ ترفعُ كأسَها نخباً تلوَ النخب. ولكنها رفيقة " آدم "، هيَ من كان عليها أن تبَدّد وجومي، حينما قامتْ إلى جهاز مُسجّل، صغير ومُتقن الصنع، فأدارته على إحدى النغمات الغربيّة، الخفيفة. فما أن رَفعتُ عينيّ لأعاين تمايلها، الراقص، حتى رَشقتني بطرْف عينها الداكن الزرقة في حينٍ امتدّتْ فيه يدَيْها إلى الكنزة الرقيقة لتنتزعها بلمْحَة واحدة. في اللحظة التالية، كنتُ في طريقي إلى الحمّام كي أداري رعشة يديّ، التي لم أعُدْ لأستطيع كبْحَها.
" انتظرْ هنا قليلاً، لو سَمَحْتَ، حتى أنهي دُشّي.. "، قالت لي " كريستينا " فيما قامتها الفارعة تسدّ بابَ الحمّام. كانت عندئذٍ مُنتصبة ً ثمّة، ببدنها الرشيق والمُكتنز في آن، العاري تماماً إلا من السوتيان المُرهف، المُرقط اللون. حينما انحَنتْ بجذعها، لكي تعاين أنبوبة الشامبو، فإنّ صراخ مؤخرتها الرائعة، المُعجِّزة، عليه كان أن يَتماهى مع صراخ داخلي. غير أنها، إذ بَدَتْ مُتثاقلة الحرَكة وغير مُتعجّلة، فإنها ما عتمَتْ أن عادَتْ لتستند بعجيزتها إلى طرف حوض الاستحمام: " أنت تعجبني كثيراً، وخاصة عينيكَ "، وعلى هذا المنوال من الكلام، الذي كنتُ أفهمُهُ بالاشارة أكثر منه بالصوت. وكنتُ أريدُ، بدَوري، أن أعبّرَ لها عن اعجابي بجملة جَمالها، الوافرة؛ عن عَجَبي من لون زغب عانتها الكثيف، الأحمر كلون شعر رأسها. على ذلك، فإنّ هذا الزغب لا بدّ وأنه جعلني أستعيدُ منظرَ كومة ريش الحمامة تلك، الذبيح؛ التي كانت غارقة بنجيعها، القاني. بالمُقابل، فهيَ ذي الأجنبيّة، الجَميلة، التي التقيتها بلا أيّ ميعاد، تكادُ أن تنسيني جارَتي، " مَهِتاب ": هذه الحَبيبة، التي فشلتْ كلّ خططي، الساذجة ولا شك، للتحايل على لقاءٍ يَجمَعُني مَعها في مكان عامّ؛ في الحديقة أو على الكورنيش.
لاحقاً، مع الركون للمَزيد من تجارب الجَسَد، أدركتُ لِمَ احتجزتني " كريستينا " في الحمّام: لقد فهِمَتْ هيَ بفطنتها، ولاغرو، أنه من المُحال على فتىً حسّاس، خجولٍ، أن يَتجاوبَ مع شريكة الفراش، في حجرَةٍ واحدة تضمّ عاشقيْن آخرَيْن. وإذن، كنتُ أنالُ حصّتي من الحمّام، مُتوحّداً أخيراً، حينما طرَق " آدمُ " البابَ بلجاجَتِهِ، المَعهودَة. فما أن جَمَعتني حجرَة النوم، مُجدّداً، مع الحسناء التي كانت ما تفتأ على عرْيها، الساطِع، حتى فارقني تحفظي تقريباً. أفانينُ الباه، المُبتدَهَة برَشف الاحليل، كان عليها ان تنسيني مُلابسات تجربتي الجنسيّة، الأولى. وربما عليّ كان، أيضاً، ألا أسلوَ مُقارنة هذا الجَسَد الضاج بالفتنة مع مَثيله ذاك: جَسَدُ " أم فريد "، الذي كان مُبتدأ فتوحاتي، النسويّة. سنوات ثلاث، كانت تفصلني آنذاك عن تجربة جسدي، البدائية. على الطريق بين هاتيْن الليلتيْن، اللاهبتيْن، كانت واضحة ً آثارُ مَواطيء أقدام الخيبة والقنوط والخواء.
[email protected]



#دلور_ميقري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ذكريات اللاذقية 14: الجراد
- ذكريات اللاذقية 13: الأجساد
- جمعة ابن بلدتنا، البار
- ذكريات اللاذقية 12: الجنون
- مرشح اخوان سورية
- ذكريات اللاذقية 11: الجَوى
- ذكريات اللاذقية 10: الجائحَة
- ذكريات اللاذقية 9: المَسْغبة
- ذكريات اللاذقية 8: الجَماعة
- ذكريات اللاذقية 7: المُسخَرون
- ذكريات اللاذقية 6: بهاليل وأبالسة
- ذكريات اللاذقية 5: مَراتب وحجّاب
- ذكريات اللاذقية 4: الطريقُ الخَطِر
- ذكريات اللاذقية 3: مدير الندوة
- أوديب على أبواب دمشق
- حكاية كتاب 3: التجربة
- حكاية كتاب 2: الرّحلة
- حكاية كتاب: الاكتشاف
- طيورُ الظلام: اسلامٌ مُسيّس وفساد سلطويّ
- فيلمُ الغموض والغرابة


المزيد.....




- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دلور ميقري - ذكريات اللاذقية 15: النجيع