أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - دلور ميقري - سيكولوجيّة الجماهير الأوجلانية 2















المزيد.....

سيكولوجيّة الجماهير الأوجلانية 2


دلور ميقري

الحوار المتمدن-العدد: 3832 - 2012 / 8 / 27 - 02:42
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



1
أن يدفع الآباءُ فلذاتِ أكبادهم إلى محرقة حربٍ عقيمة، عبثيّة ـ كالتي شنها أوجلان على الحكومة التركية ـ لا بدّ أن يكون له دافعٌ مُستطير؛ ونحن هنا، بطبيعة الحال، نتحدّث عن بعض كرد سورية، المورَّطين في هذه الحرب: هوَ ذا مفهوم " العقلية القروية "، الذي تطرقنا إليه في مقالنا الأول، يُمتحَن بقسوة بالغة على مذبح التواطؤ الاقليميّ، الذي لطالما كان الكرد ضحيّته خلال التاريخ الحديث. وكما سبق لنا التأكيد عليه، أن جوّ الارهاب المسلط على السوريين في الثمانينات من القرن المنصرم، قد انعكس في المناطق الكردية على شكل إجبار الناس على الانتساب لتنظيم حزب العمال الكردستاني.
بالنسبة للكثير من الكرد، كان دعم هكذا حزب هوَ أفضل الشرور آنذاك، بالمقارنة مثلاً مع الانتساب للبعث أو لجمعية الإمام المرتضى، الطائفية: فمع ب ك ك، على الأقل، ثمة هدف قوميّ، مهما كانت طوباويته ودوغمائيته، إلا أنه يدعو لتحرير كردستان الشمالية؛ ومع هذا الحزب، يستطيع المرء أن يحظى بغض النظر عنه من لدن الأجهزة الأمنية خلال التعبير بالموسيقى والأغاني الكردية وحتى في إمكانية تزيين المنزل بما تيسّر من أعلام ورموز قومية. حتى إذا شرع الحزب بالكفاح المسلح، العلنيّ، فإنّ أولئك الكرد قد استفاقوا بصبّ من الماء البارد. منذئذٍ، عليهم كان أن يعلنوا ولاءهم للقائد الضرورة، عن طريق ارسال أولادهم وبناتهم للجبال كي يستشهدوا في ساحات الوغى. القرويّ، المعتاد دهراً على شيمة افتداء " ناموس " العائلة عن طريق التضحية بأحد أبنائها الشباب سعياً لثأر أو أشبه؛ هذا القرويّ، سيكون عليه الآن فعل الأمر نفسه، إنما في سبيل القائد والحزب والقضية.
2
إنّ حافظ الأسد، الديكتاتور البعثيّ، في سعيه للحفاظ على الحكم، كان قد وجّه بصره نحوَ دول الجوار لكي يوقظ مشكلات قديمة تتعلق بالحدود وغير ذلك. وهوَ نفسُ الاسلوب، الذي اتبعه لاحقاً رفيقه البعثيّ، اللدود؛ صدّام حسين: كلاهما، كان يريد اشغال شعبه بمشكلات خارجية، بما أن سلطته اعتمدت على هيمنة أقلية طائفية؛ وكلاهما، سعى بهذه التدخلات إلى ابتزاز دول الخليج مادياً، عبرَ اخافتها من تضرر مصالحها أو حتى تهديدها بشكل سافر.
يبدو من دلالات معيّنة، أن الأسد الأبّ حاول أولاً توريط القادة الكردستانيين، العراقيين، المتواجدين في دمشق، إلا أنه لم يحقق النجاح المرجو. ففي أحسن الأحوال، كان تأثير جلال الطالباني على سياسيي كرد سورية محدوداً؛ وربما باستثناء السيّد حميد درويش، الذي وإن كان برنامجه الحزبيّ آنذاك معتدلاً، بيدَ أن البراغماتية المتطبعة بشخصه لم تصل حدّ الارتهان لمشيئة الأجهزة الأمنية. فما أن وقع الانقلاب العسكريّ في تركية، عام 1980، حتى تدفق كردها السياسيون إلى جنوب الخط الحديديّ، طالبين اللجوء في كنف النظام السوريّ. رأس النظام، وجدها سانحة ً مناسبة كي يحقق ما عجز عنه مع حلفائه من القادة الكرد، العراقيين. ولكن، ثمة أكثر من سؤال في هذا الشأن: لمَ تذكّر الأسدُ الأبّ، على حين غرة، قضية لواء اسكندرون التي كانت وقتئذٍ نائمة في سجلات التاريخ منذ حوالي النصف قرن؟.. وهل أن مسألة المياه، هيَ من الأمور المستعصية على المساومة والتفاوض، حدّ المغامرة بنزاع مع دولة قوية مثل تركية؟
3
الحال، أنّ حدثاً لا يقلّ خطورة، كان قد تصادف وقوعه مع الانقلاب العسكريّ في تركية: الحرب العراقية الايرانية. الديكتاتور السوريّ، العلويّ، الغريم القديم والدائب لبعثيي تكريت، السنة، كان قد وثق علاقاته مع نظام الخميني لدرجة أن يجعلها أساساً لاستراتيجيته الاقليمية. وبما أنّ الغربَ، كما هوَ معروف، ساندَ بقوّة صدّام حسين وأمدّه بكل احتياجاته العسكرية منذ اشتعال الحرب، فلا غروَ أن تصبح أنقرة في قلب الصراع، طالما أنها ذراع الناتو العسكرية، الأقوى، في الشرق الأوسط. وربما أن تفكير الأسد بعقد اتفاقية صداقة وتعاون مع الاتحاد السوفييتي، كان من واردات تلك الأحداث المستجدّة، التي أعقبت الحرب العراقية الايرانية. السوفييت، المتورطون للتو في المستنقع الأفغاني، كانوا بدورهم قد أملوا بتخفيف الضغط عن جبهتهم، من خلال انشغال الغرب بالحرب التي أشعلها صدّام. على ذلك، نتفهم اندفاع الدولة السوفييتية المحموم لمساندة النظام السوريّ، عسكرياً واقتصادياً وسياسياً، خصوصاً حينما بدء هذا في التدخل بشؤون الجارة التركيّة: كانت تلك رسالة تحذير للغرب، بأن يخففوا من غلواء دعمهم للثوار الأفغان.
أوجلان، من ناحيته، قبلَ على ما يبدو بيسر وطواعية العرضَ المُقدّم له من جانب النظام السوريّ. إنّ قائداً سياسياً مثله، ذا تجربة سياسية محدودة وغير ناضجة بعدُ، كان الخيار الأفضل لسَدَنة هذا النظام. والمؤكّد بأن هؤلاء حينما اختاروه، هوَ بالذات، فإنهم كانوا يملكون معلومات وفيرة عن شخصه ومسلكه وطريقة تفكيره. فالتنظيم الحزبيّ، شبه العسكريّ ( وعُرف أولاً بـ " الطلبة " بين الناس )، الذي أسسه أوجلان في منتصف السبعينات، كان قد سبق له وروّع الحياة السياسية في تركية عن طريق الاغتيالات والاعتداءات والتهديدات: كان مما له مغزاه، برأينا، أن يعمد المتشددون الاسلاميون في أفغانستان، بعد حوالي العقدين، إلى تسمية تنظيمهم بـ " طالبان "، المشتق أيضاً من الكلمة العربية، " الطلبة "؛ طالما أنهم صاروا بدورهم رمزاً للإرهاب والتطرف والاستبداد والوحشية.
4
أربعة أعوام، تفصلُ بين حلول أوجلان بضيافة النظام السوريّ وبين إعلانه الحربَ على الدولة التركية في منتصف شهر آب 1984 ( والتي احتفل ب ك ك في الأمس بذكراها 28 في مدينة القامشلي " المحررة "، باحتفال غنائيّ صاخب ). قديمة هيَ الشكوك، بشأن العلاقة الخفيّة بين مؤسس حزب ب ك ك وأجهزة الأمن التركية؛ وهيَ الشكوك، التي أضحَت يقيناً في الآونة الأخيرة، مع فضح موثق في الصحافة المحلية. لم تقابل تلك المعلومات، عن عمالة ب ك ك للأجهزة السرية التركية، بأيّ نفي جديّ من لدن الحزب، اللهم سوى المقالات التهريجية عن مهارة قيادته في " اختراق " تلك الأجهزة.
وربما أن ما سبق من انخراط الحزب الأوجلاني في الارهاب الداخليّ، كان بإيعاز من تلك الأجهزة، والتي كان يحركها الجنرالات أنفسهم؛ الذين ما لبثوا أن نفذوا انقلابهم العسكريّ عام 1980 بحجة حماية البلاد من خطر التمزق والحرب الأهلية. من جهته، فإنّ أوجلان كان أوّل من وَضعَ دليلَ إدانته بين يديّ رفاق ب ك ك، حينما بادرَ منذ فترة مبكرة لاتهام زوجته بالتعاون مع الأمن التركيّ. إلا أن أولئك الرفاق كانوا، وما يزالون، في وضع يُشبه، مجازاً، ذلك المريد لإلهٍ وثنيّ على شكل تمثال من الفخار: فمهما سقط التمثال وتهشم، فإن صاحبَنا المريدَ سيقوم بترميمه كي يُعاود تقديم فروض الطاعة والولاء له.
قلنا، أن الأجهزة الأمنية السورية لا بدّ وامتلكت، منذ البداية، معلومات مطلوبة عن شخص صنيعتها؛ أوجلان. وإذن، ألا يبدو ثمة تناقض، في نظر القاريء، عما ذهبنا إليه بخصوص ارتباط الرّجل سابقاً مع جهاز الاستخبارات التركيّ؟.. ثمّ كيف سيطارد الأتراكُ، خلل قاراتٍ ثلاث، من اعتبروه " العدوّ الأول " لدولتهم، كي يقبضوا عليه فيزجوه في سجن منعزل ضمن أسوار جزيرة مهجورة، جزاءً لتعاونه مع استخباراتهم؟
يبدو لي أن السؤال الأول هوَ، بمعنىً ما، جوابٌ للسؤال الثاني. ولنقل، بدءاً، أنّ الأجهزة الأمنية السورية كانت، فعلياً ومنطقياً، تبحث آنذاك بين اللاجئين الكرد، الهاربين من تركية، عن شخص قد سبق ورهن نفسه لخدمة أعداء شعبه. هكذا شخص، بعقلية أوجلان، كان مهيئاً سيكولوجياً لتبديل خندقه؛ أو هوَ قد فعل ذلك حقيقة ً منذ أن شعرَ بتخلي الأمن التركيّ عن خدماته بعدما انتهت صلاحيته بنجاح الانقلاب العسكريّ عام 1980. بالمقابل، فإنّ وقوع أوجلان عام 1999 في فخ من كان ربيباً لهم، وإحضاره إلى تركية بتلك الطريقة المهينة، قد دفعه مجدداً لمحاولة تغيير خندقه. ولكن، في هذه المرة، سيكون على الزعيم، ذليلاً مهاناً، أن يَستجدي الرحمة لا أكثر ولا أقل كي يبقيه الكوماندوس التركيّ على قيد الحياة؛ أن يواصل بعدئذٍ فعل ما يطلبه منه سجانوه ( بمساندة قويّة من رفاق الحزب... ويا للمهزلة )، لمحاولة الحصول على حريّته الشخصيّة والتي أضحت أغلى من حريّة شعبه : ألا يُذكرنا هذا بمصير الجنرال نورييغا، ديكتاتور بنما السابق، الذي كان خلال نهاية الحرب الباردة من أخلص عملاء الاستخبارات المركزية الأمريكية، ثمّ انتفى مجال الاستفادة منه لاحقاً وصار عبئاً على سمعتها بسبب تورّطه بتجارة المخدرات، مما دفعها لاختطافه وجلبه مقيداً إلى الولايات المتحدة ومن ثمّ إدانته بحكم السجن المؤبد..؟
للبحث صلة..
[email protected]



#دلور_ميقري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سيكولوجيّة الجماهير الأوجلانية
- المجلس الأخواني والطرطور الكردي
- الشيخ الكردي
- فريد الأطرش 3؛ الجذور والتغرّب
- فريد الأطرش 2؛ أنشودة الرومانسية
- الشيوعيّ شبّيحاً
- فريد الأطرش؛ أورفيوس الشرق
- ذكريات اللاذقية: النهاية
- ذكريات اللاذقية 15: النجيع
- ذكريات اللاذقية 14: الجراد
- ذكريات اللاذقية 13: الأجساد
- جمعة ابن بلدتنا، البار
- ذكريات اللاذقية 12: الجنون
- مرشح اخوان سورية
- ذكريات اللاذقية 11: الجَوى
- ذكريات اللاذقية 10: الجائحَة
- ذكريات اللاذقية 9: المَسْغبة
- ذكريات اللاذقية 8: الجَماعة
- ذكريات اللاذقية 7: المُسخَرون
- ذكريات اللاذقية 6: بهاليل وأبالسة


المزيد.....




- فيديو كلاب ضالة في مدرج مطار.. الجزائر أم العراق؟
- الناتو يقرر تزويد أوكرانيا بمزيد من أنظمة الدفاع الجوي
- طهران: لا أضرار عقب الهجوم الإسرائيلي
- آبل تسحب تطبيقات من متجرها الافتراضي بناء على طلب من السلطات ...
- RT ترصد الدمار الذي طال مستشفى الأمل
- نجم فرنسا يأفل في إفريقيا
- البيت الأبيض: توريدات الأسلحة لأوكرانيا ستستأنف فورا بعد مصا ...
- إشكال كبير بين لبنانيين وسوريين في بيروت والجيش اللبناني يتد ...
- تونس.. الزيارة السنوية لكنيس الغريبة في جربة ستكون محدودة بس ...
- مصر.. شقيقتان تحتالان على 1000 فتاة والمبالغ تصل إلى 300 ملي ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - دلور ميقري - سيكولوجيّة الجماهير الأوجلانية 2