فلورنس غزلان
الحوار المتمدن-العدد: 1116 - 2005 / 2 / 21 - 10:46
المحور:
الادب والفن
كنا صغارا ..نلهو بدمى أسرارنا الصغيرة، ونحلم ببناء ممالكنا الكبيرة..
كنا صغارا ...كبارا بالحب، وأكبر من الخوف ...أكبر من الكراهية القديمة، التي فرقتنا بالحياة...
كنا صغارا ..نلهو ، وننتهك حرمات الهواء المحبوس في أقفاص صدورنا، نجمع محارات حملتها الريح مهاجرة بكثبان الرمال من موطئها فوق السواحل...
ونقرأ التعاويذ المصورة على الصخور النارية فوق قشور الأرض ...
كنا صغارا نهرب من تفحم الصخور في هضاب الموت ، وأودية الحزن التي تركتها طائراتنا الورقية، وحلت مكانها طائرات سوداء تحمل شظايا العتمة
التي اختبأت في بطونها ..عندما كبرنا ، وتلفظ دخان الموت ، ولهاث الحرائق فوق خيم زرعناها في بيادر الهجرة، وغزاها جراد الخراب ، الذي عشش في
مواكب اللعب ، وهوادج الأعراس ...
كنا صغارا ، ومازلنا نعيش في حصون الحظائر السلطانية، ونختبيء خلف متاريس الكتب الصفراء، وتنتظرنا مصائد الموت ..عندما نرتكب هفوات العيش
ونحتقر لغة الكرباج...
مازلنا صغارا ...فأحلامنا الكبيرة ...تصغر مع الأيام، وربما ستضمحل ...فقد خيمت عليها أشباح الأسلاف.....وهاهي ببطء تفترسها أنياب الصحراء، التي تتزحلق باتجاه مرابع طفولتنا، وتنشر فيها ديدان الأرض الغامضة ، والملفعة بثياب الفقــه...
لماذا ....يتحول الجمال في بساتين أرواحنا الى صواعق تنخر شباب الأرواح، وتفض بكارة الطفولة في مجتمعنا البائس؟؟
لماذا ...لا يكبر فينا الصغار ، ويعود الينا حناننا القديم ملفوفا بثياب الطفولة، ويسهر معنا تحت قناديل السماء، وبمحراب صدق البراءة
وشراب امهاتنا في الأمسيات.؟؟
لماذا... نرضع اليوم حليبنا، وننكره غدا ...حين ترسل الرعاة ...ساهريها الليليين يحفون بالطرقات ، ويسلمون حليب أمهاتنا لأسيادهم؟؟؟
لماذا ...تختفي فينا الجسارة، وتنضوي ثياب خوفنا الدفين منذ نصف قرن؟؟؟
لماذا...نصم الآذان في سعينا ، فوق صرخات الأرض ، وتغوص أقدامنا في طينها...رغم شهقات الضحايا الخارجة من كهوف الظلام ....نتعامى ، ونغض الطرف ، ونغوص أكثر، ونغيب في غفوة الصمم، وننفث حشرجاتنا المتعبة ...فوق صياح المحتضرين ..كي ننعم بدفء الضمير الميت فينا؟؟؟
#فلورنس_غزلان (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟