|
التنمية والكهربة الريفية في العراق - القسم الثاني
سلام ابراهيم عطوف كبة
الحوار المتمدن-العدد: 1115 - 2005 / 2 / 20 - 11:07
المحور:
الادارة و الاقتصاد
الطاقة الشمسية *** : يمر خط الاستواء وسط العراق الذي يتمتع بالشمس في معظم فصول السنة . وقلص الجفاف الذي يسود الشرق الأوسط من فترات سقوط الأمطار والثلوج وتلبد السماء بالغيوم . ويبلغ نصيب العراق من الطاقة الشمسية ما يعادل (25) مليار برميل نفط سنويا تحصل كردستان العراق منها مالا يقل عن 15%. وعليه مناخ العراق حصة متواضعة من الموازنة الإشعاعية على سطح الأرض ، أي الفرق بين الجزء الممتص من قبل الغلاف الجوي والأرض من الأشعة الشمسية الساقطة التي تسخن الأرض !… بين هذا الجزء وبين الإشعاعات تحت الحمراء التي ترسلها الأرض والغلاف الجوي باتجاه الفضاء ليفضي ذلك إلى تبريد الأرض . أنها معادلة مفهومة يحتل مناخ العراق حيزه المتواضع فيها. وعند دراسة الخصائص الإشعاعية – الحرارية في العراق يجري التطرق إلى الخصائص الإشعاعية عبر تباين زوايا السقوط ، وطول فترة الإشعاع ، وطول فترة السطوع ، ومقدار الإشعاع الشمسي . وعادة تؤخذ بالحسبان معدلات كمية الأمطار الساقطة وعدد الأيام المطيرة والغائمة ومعدلات درجة الحرارة العظمى والصغرى والمديات على ارتفاعات متباينة. ويتمتع العراق بمدى حراري يومي وسنوي واسع لوقوعه في النطاقات المعتدلة (Temperate Zones) . وبروز ظاهرة الفصول الأربعة وظاهرة الأمطار الفصلية. إن التكاليف الاستثمارية لإنتاج المولدات الشمسية من مرايا عاكسة ومرايا مقعرة وخلايا كهروضوئية والوحدات المدمجة الشمسية – الاحفورية تعتبر الأعلى بين كل أصناف التوليد الأخرى. وهنا تدخل عوامل أخرى أيضا منها مساحة الأرض التي تشغلها معدات التوليد ، المواقع الجغرافية المناسبة التي تتميز بشدة سطوع الشمس ، العوامل الايكولوجية الأخرى . وتشغل بعض الأبراج الشمسية مساحة تفوق كيلومترا مربعا لتضم آلاف المرايا في اصطفافات منظمة لإنتاج مئات الميكاواط من الكهرباء . ان بعض البطاريات السليكونية الضوئية تحتل مساحة (20) مترا مربعا للبطارية الواحدة . الميل نحو انخفاض التكاليف للوحدة الكهربائية الأراضي تحت الطلب مع التباين التوليدي
الشيء الجديد البارز في التوليد الشمسي هو الإدماج التكنولوجي لتوليد الطاقة الشمسية مع وحدات حرارية – غازية كالغلايات والتوربينات في محطات يطلق عليها المحطات المدمجة الشمسية - الاحفورية-Hybrid- لغرض خفض تكلفة الإنتاج إلى النصف تقريبا . ويسهم استخدام الكومبيوتر في التحكم بزوايا عكس المرايا عن بعد - Remote- ولإدارة المسابر(Sensors) وتحسين كفاءة التشغيل . أما الضغط الواطىء فيولد وحدات فوتوفولتائية بسيطة . ولتحسين كفاءة التوليد الشمسي يجري رفع نوعية خصائص صفائح الامتصاص والصفائح العاكسة وآليات خزن ونقل الأشعة الشمسية والتسخين بالأفران الحرارية ... من جهة أخرى تستخدم المصفوفات (الفوتوفولتائية) ذات الضغط المنخفض اليوم في مهام عدة منها الإنارة وتسخين المياه والطبخ وتجفيف الحبوب . كما يدخل التصميم الشمسي في الإسكان الحديث لتقليص التبذير بالكهرباء. يسبب ارتفاع درجة الحرارة (5) درجات مئوية فوق المعدل الاعتيادي ارتفاع في الحمل الكهربائي . ويجري موازنة هذا الحمل بالتوليد الشمسي . وتستخدم هذه الطاقة في الصناعات الغذائية والكيميائية وفي إنتاج الهيدروجين . وتخزن الطاقة الشمسية في سيقان بعض النباتات مثل ( عباد الشمس) ويعتبر توسيع إقامة مزارع عباد الشمس ثروة اقتصادية . ومن المفيد هنا الإشارة إلى الاهتمام المطلوب بالبيوت الزجاجية الاصطناعية (Green Houses) والتكنيك الاروائي(Horticultural). الطاقة الشمسية الصافية- Net- نظيفة غير ملوثة. ولا تمتلك المولدات الشمسية الاجزاء الدوارة او المتحركة ، وهذا ما يميزها عن التوليد التقليدي . وتولد الشمس طاقة الرياح (Wind) وهي طاقة غير مستقرة ومبعثرة .
الرياح :
تمتلك الرياح تأثيرا اقل في ميادين اضطراب المنظومة الايكولوجية والتأثيرات المرئية والضوضاء والمخاطر أثناء العمل. وهي ارخص من الديزل ! ونافعة للبيئة ،إلا إنها معادية للطيور فتقتلها !... إنها سريعة النصب والتشييد وتتحمل معداتها العواصف والغبار والرطوبة ، ويصل قطر بعض الطواحين الهوائية إلى (60) مترا للحصول على سعة (1.5) ميكاواط. وفي عام 1990 فقط تواجد (20) ألف مولد هوائي (توربين) أنتجت (2200) ميكاواط في العالم أي (1/4) السعة المؤسسة الكلية للعراق في ذلك العام. يؤدي توزيع الضغط الجوي إلى وجود نظام خاص للرياح وهو ثابت تقريبا ويتعرض للتغيير تبعا لتغيرات الضغط الجوي ودرجات الحرارة. وتقسم الرياح في العراق إلى دائمية وموسمية ومحلية ونسيم يومي. ويؤثر تباين درجات الحرارة زمانيا ومكانيا في العراق على توزيع نطاقات الضغط الجوي وبالتالي نظم الرياح وسرعتها ونوعيتها واتجاهاتها . وكما يؤكد الأستاذ رايت (E. H. Wright) إن درجة الحرارة تنخفض بمعدل (6.7) درجة مئوية لكل كيلومتر من ارتفاع سطح الأرض. وعموما يتصف العراق بالقارية والتطرف الحراري في الصيف. كما تتأثر اتجاهات وسرعة الرياح في العراق بالأعاصير المتوسطية (Cyclones) والتباين في توزيع نطاقات الضغط الجوي والمنخفضات الجوية . ويزداد التجمع الحراري أي ميل الميزان الحراري إلى اكتساب الحرارة لا فقدانها كلما اتجهنا جنوبا وفي جميع اشهر السنة. تتناسب قوة وطاقة الرياح مع الأس الثالث لسرعتها . لكن التوربينات الهوائية الصغيرة تمتلك كفاءة جيدة لإنتاج قوة (100) كيلوواط ، بينما محطات التوربينات الهوائية الكبيرة لا زالت مكلفة وغير تجارية . وعموما وفرت طاقة الرياح عام 1991 ، من انبعاث (3) مليار رطل من غاز ثاني اوكسيد الكاربون وولدت ما يعادل (4.8) مليون برميل من النفط في أرجاء المعمورة. تولد مولدات الرياح الكبيرة ذات الارتفاع (150) مترا فوق سطح الأرض قرابة (7) ميكاواط ساعة وتكفي أكثر من (10) آلاف مستهلك منزلي . أما مولدات الرياح الصغيرة فتنتج (800) واط/قدم أي حوالي (4) أمبير لكل مستهلك .
مواصفات ومقاييس مولدات الرياح
عموما تفوق معدلات الطاقة التي تصل إلى الأرض من الشمس (1.3) كيلوواط / متر مربع تختزل إلى 75% .بسبب الانعكاس على سطح الأرض .
البايوغازيات – المخلفات العضوية : تستخدم المخلفات العضوية في توفير الحرارة للتدفئة وتوفير البايوغاز للطبخ والتدفئة والإنارة وتسخين المياه والتكييف ... أي الكهربة! وتحويل المخلفات العضوية إلى غاز أسهل من تحويل الوقود الصلب كالفحم وأكثر فائدة أثناء عملية الحرق ! ولم تصبح التصفية التقنية لهذا الغاز مؤثرة إلا في الأعوام المتأخرة مع التحسن التكنولوجي. وتشمل هذه المخلفات النفايات الزراعية والنباتية ومنتجات البساتين والغابات كالأشجار المقطوعة والمكسورة والتالفة واليابسة والمصابة والنفايات الحيوانية ..وحتى فضلات القمامة! وجميعها تعالج أوليا في التصفية والتنقية وتحول إلى وقود تحت الضغط بالتسخين والحرق ( وبدون الأوكسجين) للحصول على غاز الميثان ( CH4)، وبالتخمير الكحولي لإنتاج الميثانول والايثانول أو ما يطلق عليها ( كحول الخشب)... وتستخدم أيضا هنا الأكسدة الجزئية وعمليات كيماوية متطورة... ينتج عن ذلك مواد مثل الكيتون ، التربنتين ، الكحول وإنتاج الهيدروجين... وهذا الخليط (Mixture) يوظف لاستحصال الحرارة والطاقة .. وفي الوحدات البايوغازية يحمل السماد من النيتروجين مرتين بقدر ما تحويه الأراضي الزراعية الخصبة!!. ومثلما ذكرنا عند الحديث عن الطاقة الشمسية فان خزن الأشعة الشمسية وتوفير المخلفات العضوية يتم معا عبر ما نطلق عليه - مزارع الطاقة- وهي حقول عباد الشمس وقصب السكر وسيقان الذرة والنباتات الاصطناعية والتشجير والبستنة الاصطناعية ... هذه المزارع يمكن ان تتحول إلى غاز الميثان وكحول الخشب . إنها ثروة اقتصادية. تغطي الغابات الطبيعية مساحة 65% من مجموع مساحة إقليم كردستان العراق وبالتحديد 17800 كم2 بين خطي الكنتور (500- 200) متر فوق مستوى سطح البحر. وتتواجد الأحراش على ضفاف النهيرات بمساحات تصل إلى 200 كم2 . وتعلوها منطقة المراعي الطبيعية بمساحة حوالي (2.5) ألف كيلومتر مربع بين خطي الكنتور (2000- 3500) متر فوق مستوى سطح البحر. وكثافة الغابات عالية على السفوح الغربية والجنوبية الغربية واقل كثافة على السفوح الشمالية الشرقية التي تقع في ظل المطر . ومن أهم أنواع أشجار الغابات ( البلوط، العفص،الدردار) وهي تكون 85% من الأشجار . وكذلك أشجار العرعر وحبة الخضراء والسماق والاسفندان والزعرور والكمثرى البري والصنوبر والصفصاف والجنار. عموما الغابات البلوطية والصنوبرية يمكن تحويلها إلى غابات اقتصادية لإنتاج الخشب الثمين الصالح لصنع الورق والشخاط وأعمال البناء وإنتاج أخشاب الوقود والفحم وبناء البيوت ...لكنها لا تصلح لانتاج الألواح الخشبية المستعملة في الأثاث. واحتلت تجارة الأخشاب في اقتصاديات كردستان العراق مع إيران المرتبة الأولى بنسبة 58.85% من الحجم الكلي للتجارة عام 1998 وهو تراجع عن نسبة 78.88% عن عام 1997 . وانخفضت كمية الأخشاب المصدرة إلى النصف أي من (300) ألف طن إلى (150) ألف طن . وطابع التجارة هنا غير رسمي حيث تتأثر بعدم الاستقرارية في المناطق الحدودية ومخاطر الطرق التجارية ( طرق المواصلات التجارية) وتذبذب قيمة العملتين الوطنيتين في العراق وإيران. تتوزع المساحات الخضراء داخل المدن بنسب متفاوتة . وفي مدينة اربيل مثلا تبلغ حصة الفرد الواحد منها 0.8 متر مربع بينما تصل عادة في الدول المتقدمة إلى 100 متر مربع. في كردستان العراق تتوزع نباتات عباد الشمس والسمسم والبنجر السكري، وهي من المحاصيل الزيتية ، في صناعات الزيوت النباتية وتوليد الطاقة وإنتاج سكر البنجر ، وفي عام 1976 بدأ مصنع سكر البنجر في السليمانية بالإنتاج وتوقف عن العمل عام 1987. وفي عام 1989 بلغت معدلات محصول عباد الشمس في إقليم كردستان العراق كالآتي:
جدول توزيع المعدلات الكردستانية لمحصول عباد الشمس
وبلغت المساحة المخصصة لزراعة السمسم عام1989في اربيل وحدها 189 دونم . وبلغ الإنتاج 28 طن والغلة حوالي 150 كغم/ دونم. وهذه الحصيلة اقل من إنتاجية محافظة نينوى ومحافظة ديالى عام 1977. جدول يبين توزيع المساحات المخصصة لزراعة السمسم في كردستان ونينوى
ضخ العراق عام 1991 (490000) طن متري من غاز الميثان . (50%)من هذه الكمية بسبب احتراق الوقود الصلب فقط . هذه العملية كانت عفوية – عرضية وهي خسارة اقتصاديـة محسوبة … من هنا تبرز أهمية التشريعات الوطنية لتنظيم قطع الأخشاب وغرس شتلات الغابات لاسيما أشجار السندار، اليوكالبتوس، الكازورينا، الكنير.. ( الغابات الاصطناعية).. يعبأ البايوغاز اسطوانيا تحت ضغط يصل إلى (200) كغم / سنتمتر مربع، ويستخدم هذا الوقود في تشغيل المكائن ومولدات الكهرباء ذات الاحتراق الداخلي ، والأفران ، والغلايات وبذلك يجري توفير آلاف الأطنان من النفط المكافىء سنويا . وتستخدم التكنولوجيا الحديثة في بناء الوحدات المدمجة البايوغازية- الغازية (BIG/CC-Biomass Int.Gasifiers COM. Cycle) وهي وحدات يخلط فيها الغاز الطبيعي والبايوغاز لتقليل التكاليف الاستثمارية ورفع الكفاءة الثرموديناميكية وخفض نسب تلوث الهواء . وبنفس الطريقة تبني الوحدات الديزلية – البايوغازية … عموما تحتاج هذه المشاريع إلى رأسمال مكثف نسبيا . الوحدات البايوغازية البسيطة المنزلية الريفية ذات سعات محدودة وتستخدم في التدفئة والإنارة ... وعموما يستخدم التوليد البايوغازي الحديث الدوائر الميكروالكترونية والحواسيب للتحكم عن بعد ! و يعتبر البايوغاز نظيفا، رخيصا، موثوقا، ويوفر فرص عمل مناسبة للأهالي والفلاحين !. يستهلك الريف العراقي (5.5) مرة بقدر المدينة من الخشب ، وهذا يتطلب دراسة مستفيضة إذا أخذنا بنظر الاعتبار إن المعدل السنوي لصافي تجارة الخشب يميل نحو الهبوط مع تدني مستويات الإنتاج الزراعي والحيواني واضطراب المنظومة الايكولوجية بسبب دمار المساحات الخضراء وارتفاع نسب انبعاث الغازات – غازات البيت الأخضر..... وهي تشكل (40%) من إجمالي الغازات. يوفر الطن الواحد من الورق المصنوع من ورق مدور ( أي الورق المستهلك الذي يعاد تصنيعه واستخراجه) .. (4)متر مكعب من الخشب و (900) متر مكعب من الماء .. ويقلل استهلاك الطاقة الكهربائية إلى النصف ! أي انه ارخص من الورق المنتج في مصانع الورق باستخدام الخامات إذا ما حسبنا كل التكاليف الأجمالية من جني المحاصيل الزراعية وقطع الأخشاب ... وفي غضون ذلك يقل تلوث الجو والماء عدة مرات . ان تجمع القمامة الصلبة على هيئة أكوام جوار المدن يسبب الأضرار الجمة بالصحة العامة ، وهي موقع للحشرات والفئران وتسبب تلويث المياه .اما إحراقها فيعني التلوث الهوائي . وهي تضم الفضلات المنزلية الصلبة وخاصة الزجاجيات والورق والعلب والأواني البلاستيكية والخرق وما نطلق عليه النفايات البلدية وهي نفايات ليست قابلة للفناء ! نسبيا . ألا إن إعادة التدوير هي الانجح فعالية لها عبر الفصل والصهر والتصفية والتنقية وإعادة الصب وتعتبر من اقتصاديات الاستخدام الامثل للموارد...وتستخدم الفضلات البلدية كوقود . فالمحطات البلدية تستعيد المواد القيمية كالورق والألمنيوم والحديد والزجاج وتحول المتبقي إلى وقود قابل للاحتراق . أما عملية الهضم البكتيري اللاهوائي فيولد غاز الميثان -CH4- وهو بدوره يستخدم في عمليات التسخين وإنتاج الكهرباء والعمليات الصناعية. ينتج الطن الواحد من النفايات البلدية أكثر من (15) ألف قدم مكعب من الغاز الصناعي و(135) غالون من الكحولات و (25) باوند من كبريتات الألمنيوم و(2) غالون من الزيت الخفيف و(5) باوند من القار و (230) باوند من البقايا المتفحمة. إن الاستثمار الطاقي لكتلة المادة العضوية يتم بشكل مباشر عن طريق عمليات الحرق في محطات حرق خاصة أو بشكل غير مباشر عن طريق تحويل المادة العضوية إلى غازات، وبناء عليه يمكن التمييز بين الطرق المختلفة : توليد التيار الكهربائي عن طريق حوامل الطاقة الحيوية بالشكل الصلب : مثلاًَ عن طريق حرق الأخشاب.. .... توليد التيار الكهربائي عن طريق حوامل الطاقة الحيوية بالشكل السائل : يتم الحصول على التيار الكهربائي عن طريق عصر ومعالجة النباتات الزيتية وفق خطوات تقنية مدروسة وهذا ما يعرف بإنتاج مواد الاحتراق الحيوية.. إن تكاليف توليد التيار الكهربائي بهذا الإسلوب ما زالت مرتفعة جداً . .... توليد التيار الكهربائي عن طريق حوامل الطاقة الحيوية بالشكل الغازي : إن طريقة تحويل الكتلة العضوية إلى حوامل طاقية بالشكل الغازي تُعتبر التقنية الأساسية للاستثمار المستقبلي للطاقة الحيوية. يتم الحصول على التيار الكهربائي عن طريق تخمير بقايا المواد العضوية (أطعمة، روث، مياه الصرف الصحي، مياه المعالجة الصناعية...الخ). تعتمد تقنية إنتاج الغاز الحيوي على تفكك وتحلل المواد العضوية إلى مكوناتها العضوية وذلك بواسطة بكتيريا الميثان الخاصة وهذا ما يعرف بعملية التخمير. هذه العملية يجب أن تتم في ظروف لاهوائية وعند درجات حرارة ملائمة للعمليات الحيوية التي تقوم بها البكتيريا المتواجدة في مفاعل الغاز الحيوي (حوض التخمير). بشكل عام هناك ثلاث مجالات حرارية والتي يتم عندها توليد الغاز الحيوي وهي: التخمير على البارد وذلك ضمن مجال حراري بين 15 إلى 20 درجة مئوية، وفيه تكون مدة بقاء المادة العضوية في المخمِّر طويلة نسبياً وكمية الناتج الغازي لكل متر مكعب من حجم المخمِّر قليلة..... التخمير على الساخن وذلك ضمن مجال حراري بين 25 إلى 40 درجة مئوية، وفيه تكون مدة بقاء المادة العضوية في المخمِّر متوسطة وكمية الناتج الغازي لكل متر مكعب من حجم المخمِّر متوسطة..... التخمير الحار في مجال حراري بين 40 إلى 65 درجة مئوية، وفيه تبقى المادة العضوية في المخمِّر لوقت قصير وكمية الناتج الغازي لكل متر مكعب من حجم المخمِّر كبيرة.... إن عملية التحلل اللاهوائي والتي تحدث عادةً بشكل طبيعي في أعماق البحيرات والتجمعات المائية وأعماق التربة وفي مكبات النفايات تتم في المخمِّر بمراحل متعددة. المرحلة الأخيرة في سلسلة التفكك العضوي هي غازات الميتان والتي تنتج بنسبة 55% إلى 65% وغاز ثاني أكسيد الكربون بنسبة 35% إلى 45% مع نسب ضئيلة جداً من الهيدروجين والأوكسجين والنتروجين ونترات الأمونيوم وكذلك من كبريتيد الهيدروجين (H2S)..... ومن أشكال منشآت توليد الغاز الحيوي: المنشآت التي تستعمل فقط المنتجات الزراعية وبقايا الانتاج الزراعي.....المنشآت التي تستخدم المنتجات الزراعية بالإضافة إلى الفضلات العضوية من المنازل و المطاعم. هذا و ينبغي التمييز بين المنشآت الريفية والمنشآت في المدن الكبيرة والصغيرة. .... إن منشآت الغاز الحيوي المتواجدة في القطاع الزراعي تستخدم روث وفضلات حظائرالجواميس والأبقار والعجول والاغنام والماعز ، الخنازير والمداجن كمادة أساسية. كذلك هناك حوالي 93% من المنشآت تعتمد على دمج المواد العضوية وتخميرها، و من الجدير ذكره هنا أن كلاً من بقايا الحصاد والفضلات النباتية، الخبز اليابس، بقايا الأطعمة، المخلفات العضوية، الحشائش وبقايا الأعلاف، بقايا معامل الأغذية، بقايا الخضار والفواكه، بقايا مصانع الألبان والأجبان و فضلات مصانع معالجة السكر والشوندر السكري تعتبر جميعها مواد قابلة للدمج. ان المنشآت الصغيرة والمتوسطة هي الأكثر انتشاراً في القطاع الزراعي حيث تنخفض تكاليف انشائها مقارنة بالمردود الاقتصادي. إن اقتصادية وتكاليف استثمار توليد الغاز الحيوي (مقاسةً بالاستطاعة الكهربائية أو بحجم المخمِّر) تتعلق بعوامل متعددة منها: جودة ونوعية المادة المراد تخميرها، المجال الحراري المراد التخمير ضمنه ، درجة جفافية المادة العضوية ، مقدار الناتج الغازي (الاستطاعة الكهربائية والحرارية) من المادة العضوية. مع ازدياد الاستطاعة المراد بلوغها تنخفض التكاليف وتصبح المنشأة أكثر اقتصادية. و ما يزيد من تكاليف المنشأة هو محاولة أتمتة عملها باضافة تجهيزات أخرى، وكما هو معروف أن أجهزة التحكم والقيادة و القياس وجملة التجهيزات الإلكترونية الأخرى مكلفة وذات أسعار عالية.
جدليات الكهربة الريفية
تستلزم الكهربة الريفية الشروع بتشريع القوانين التي تسهم في فك عقدة الأوضاع الاجتمااقتصادية والحد من هيمنة العقلية القبلية والعلاقات شبه الإقطاعية والكومبرادورية من قبيل تقليص الحد الأعلى للملكية الزراعية ، واشاعة التعاون الزراعي الحديث بين الفلاحين ، وتطهير الجهاز الإداري بتطعيمه بالعناصر النزيهة ، وإعادة تشغيل مشاريع البنية التحتية ، وتوفير العمل للغالبية العظمى من العاطلين والراغبين في العمل.. وحماية الرأسمال وسوقه من المنافسة الأجنبية… ودعم القطاع العام في حماية المجالات الاقتصادية الاستراتيجية والتوزيع الأكثر عدلا للثروة .. وتبني فكرة (التعددية الاقتصادية). واليقظة إزاء خطر سيطرة الأجنبي على مؤسسات القطاع العام مقابل مبادلة الديون الخارجية بأصول هذه المؤسسات. ومعروف إن سفسطة الرأسمالية الليبرالية تتجسد في جعل الخصخصة من مستلزمات الدمقرطة والتأسيس المدني .. ومن المهم الحذر بالمزج بين العرف القبلي والعشائري وبين احدث النظريات في سيادة الدولة ومن جعل مرافقها موالية طيعة لتأمين سلامة المجموع وحريته وسعادته كما تدعي … فقطع الماء والكهرباء والمشتقات النفطية والحصص التموينية وتجويع الناس والضغط عليهم تعمدا إجراءا عقابيا هو درس الديمقراطية الأمثل والأسلوب المتجدد في فهم واجبات الدولة والسلطات الكومبرادورية وتوجيهها يستمد أصوله من التقاليد العشائرية والأخذ بأسوأ ما في مظاهر الحضارة العصرية. وهو يضعف الروح الوطنية والقومية والثورية ويخلق الحاجة الى الاحتماء المتخلف المصطنع في هذا العصر بالعشيرة. والتنمية عند العشائر ادارة بدوقراطية أو عشائرقراطية تحل المعضلات من زوايا تقليدية وحتى سلفية ونفعية انتقائية وتوفيقية غير بعيدة عن الحكم الثيوقراطي وليسود الفساد - الوجه الثاني للقبلية. ... والذهنية الشمولية القومانية والدينية الطائفية تجعل الفرد في اعلى درجات العقلانية منكفيء الى عشائره وهوياته تحت الوطنية.
تقع العشائرياتية على الضد من الحداثة _ حداثة المجتمع المدني والدولة الحديثة المعاصرة ! وهي تلتقي مع الإرهاب وتتقاطع معه في اكثر من نقطة... ليس مع الإرهاب فحسب بل مع الرجعية . وهي عائق في طريق التحرر الوطني والتنمية ومصدر للاضطراب السياسي المزمن واللااستقرارية . وتلعب القبائل والعشائر دورا سلبيا على صعيد التنمية السياسية والإدارية والحضارية وتشيع النظام الأبوي الذي يشدد على الطاعة والخنوع والاستسلام وتقبل الشيء دون نقاش . فهي نظام اوامرياتي مركزي يجمع السلطات بيد شخص واحد هو شيخ العشيرة وبطانته . وهنا تصبح التنمية والاعمار إدارة عشائرقراطية _ بدوقراطية او حكم العشائر تحل المعضلات القائمة من زوايا تقليدية وحتى سلفية نفعية انتقائية توفيقية وغير بعيدة عن الحكم الثيوقراطي … وتسود هنا المحسوبية والوساطة والرشوة والمزاجية أي الفساد ... وهو الوجه الثاني للعشائرياتية . وتنتهز الدكتاتوريات المبادئ النبيلة السامية للعشيرة مثل الشجاعة والإقدام والتكافل لاستنهاض همم المشيخات العربية والكردية والاثنية الأخرى لاحياء العشائرياتية وبرقعتها بلبوس حضاري عصبوي لتكون سندها وظهيرها في الريف والقصبات وحتى المدن . وهنا تظهر العشائر عصابات حماية وانتقام ويقودها العرابون .. على طريقة المافيا … فيتجسد الإرهاب وتسود العقلية التآمرية الانتقامية بأسطع الصور . فالعشائرياتية والتعشير والعشرنة أي أحياء العشائرية والتعويل عليها سيف يمتلك اكثر من حد محصلته الإرهاب والرجعية ! ويطغي الولاء العشائري في العقلية العشائرية على الولاء للأهداف الاستراتيجية للسلطات الوطنية . اما إصلاحية العشائرياتية او الدور الهامشي الإصلاحي لها ، فيندرج فقط في إطار سيناريوهات التوقع والتحدي وخاصة في البلدان الخليجية . وتشيع العشائرياتية الشهوة الجامحة للاستهلاك والقيم والنزعات الفردية والأنانية والاهتمامات الضيقة والجري اللاهث وراء تحسين الدخل والأعمال الاقتصادية غير المشروعة وخصوصا التهريب وكل قيم وأخلاقيات المجتمع الاستهلاكي _ الطفيلي !… ويسهم تمزق النسيج الاجتماعي العام في تحفيز العروق العراقية النافرة بالشحن والعصبية والإقليمية والطائفية، وهي عصبية عشائرية موسعة قليلا ، والأصولية. . ولازال العقل الطائفي يؤرخ ويعيد كتابة التاريخ واستحضار مأزقه وفق أسس وتصورات ومقاصد أضيق مما كان في الماضي وبالأخص السياسي، في سبيل تهيئة فرص البقاء والتحكم في رقاب الناس ، والنهج الطائفي من شأنه تمزيق الوحدة الاجتماعية ، بل تمزيق الهوية الثقافية للشعب العراقي. والطائفية كتعدد ديني تتداخل فيها إضافة الى الدين العصبية القبلية أو الجهوية وبذلك تتحول الى عصبية اجتماعية موجودة في لعبة الولاء والسلطة. إن الطائفية علاقة تاريخية للتراتب الاجتماعي المركب وانتظامه المتجدد على الصعيدين السياسي والأيديولوجي وفق الآلية الداخلية الخاصة بالنظام المركزي القائم.اما الأصولية فهي نهج يبرر النكوص الى الماضي وتقديسه ونفيه وتفريغه من محتواه بدعوى تجاوزه والانتقال من أصولية مقنعة الى أصولية سافرة وهي تعبير عن الموقف الجامد الآيديولوجي الرجعي والذي يتحجم مع إطلاق العنان للفكر وتحريره من اسر الادلجة والسير الواقعي بعيدا عن التصورات السابقة، وهي تطرف ديني يستقطب من سدت طرق حراكه الاجتماعي وأحبطت آماله في مسعى للعودة الى طريق الحياة الطهرانية المساواتية وتخفيف الآلام والمرارات وتقليص الفجوة الاجتماعية بالأخذ من الثري واعطاء الفقير ! وكانت السلطات السياسية دوما المصدر الرئيسي للتطرف. وعليه ابتلى الريف العراقي بالعشائرية والطائفية والاصولية وجميعها من مخلفات العهر الشمولي والاسلاموي والشيعي الارثوذكسي . لم يخضع توليد الكهرباء ونقله وتوزيعه لخطط ملموسة ومنهجية واضحة تلبي حاجة البلاد بألويتها المختلفة قبل عام 1958 ، حيث استهلك (90%) من الكهرباء في الألوية الكبرى بغداد ، البصرة ، الموصل ، كركوك ، بينما ولدت محطات الشركات النفطية ومحطات الضخ التابعة لها قرابة نصف السعة المؤسسة الإجمالية في حينه ، وفي عام 1965 بني مركز السيطرة الوطني في بغداد . واستقر رأي الخبراء والمهندسين الأجانب والعراقيين منذ الخمسينات على بناء محطات الكهرباء الكبيرة لان نفقات إنتاج الوحدة الكهربائية منها اقل ويجري تيسير تزويد البيوت والمصانع بالكهرباء الرخيصة ، واعتبر الخبراء إن بناء المحطات الكهرومائية غير اقتصادي لأنها تحتاج إلى استثمارات رأسمالية أعلى رغم كفاءتها ومرونتها العالية التي تفوق الحرارية ألا إن ما أطلق عليه في السبعينات بالتنمية الانفجارية وقانون مشاريع التنمية الكبرى ومشاريع البناء الجاهز وتسليم المفتاح عجل من نصب الشبكة الوطنية للكهرباء ولم يكن يقصد منها تلبية الحاجات المتنامية للشعب العراقي ، بل استراتيجي بحت لخدمة أهداف النظام في العسكرة والحرب وضمن قوالب براغماتية صرفة . ولما كان من المتعذر قيام شركات أهلية خارج المدن العراقية الكبيرة أو في الريف للحاجة إلى الكهرباء ووسائط النقل والإسكان والخدمات لعامليها وقوة العمل الضرورية لها اضطرت بعض الورش الصغيرة إلى نصب مولداتها الخاصة ، كما استخدم القطاع العام هذه المولدات مؤقتا في مشاريعه خارج المدن وفي المناطق التي لا يصلها كهرباء الشبكة الوطنية لحين إيصال الكهرباء إليها. في النصف الثاني من السبعينات نمت الارباح الطفيلية لمقاولات الكهرباء المحلية والاجنبية ضمن ارتفاع ملموس في معدلات ارباح عموم المقاولات العراقية والغربية العاملة في العراق . وشكل ذلك عبئا ثقيلا على كلفة عموم مشاريع الكهرباء الحكومية ليزيد من الكلفة الحقيقية لمنتجاتها وخدماتها ، وبالحقيقة عرقل نشاط المقاولات والذي ساهم القطاع الخاص فيه بنسبة وصلت إلى معدلات عالية ... عرقل نشاط قطاع الدولة والقطاع التعاوني فراكم ارباحا طائلة ، وظهرت إلى الوجود شركات خاصة وليدة جديدة . اما عقد الثمانينات فكان قاسيا لم تشهد البلاد مثيلا له في تاريخها المعاصر جراء ارهاب وشوفينية ودكتاتورية ولصوصية النظام ... وبعد تشكيل وزارة الصناعة والتصنيع العسكري واقحام مؤسسات الكهرباء الوطنية في عسكرة النظام للمجتمع العراقي والاقتصاد الوطني برمته وتوجيه الموارد البشرية والمالية لانجاز هذه المهمة واستخدام كردستان ساحة حرب لخدمة مآرب النظام ضد ايران واضفاء الطابع القانوني على الغزوات التركية للشمال العراقي انتصبت ارباح مقاولات الكهرباء والقطاع الخاص الكهربائي في بناء واعادة بناء آلاف القرى الكردستانية عدة مرات بعد هدم بيوتها ومسحها بالارض في حروب النظام ضد الشعب الكردي وهجمات القوات التركية والاحتراب الكردي – الكردي ، وارتبطت مشاريع ومؤسسات الكهرباء بعلاقات فنية – تقنية مع مؤسسات التصنيع العسكري والمقاولين الاهليين ومرتزقة النظام ومكاتب التعهدات والمقاولات التجارية والهندسية وتجار الادوات الكهربائية . باختصار جر التطور الراسمالي في بلادنا الريف والقرية إلى دائرة العلاقات الراسمالية الصاعدة وزاد من فرص المكننة الريفية ... وانعكس فتات التطور الراسمالي على الريف العراقي والكردستاني المتضرر الاول من السياسات الاقتصادية والعسكرية المغامرة للنظام . وقد تعذر ادخال الانتاج الآلي الكبير في كل الريف والزراعة العراقية لحاجتها كما هو معروف إلى الكهربة والتكنيك العالي ، فابقى ذلك على نسب كبيرة من سكان الريف العراقي والريف الكردستاني تؤدي اعمالا ثانوية ، مع ان النظام كان المبادر لكسر الاطار التعاوني والتحريض على حل التعاونيات الزراعية لانه اراد تذليل الازمة الزراعية بالزراعة الراسمالية الكبيرة واليد العاملة الزراعية الاجنبية واستغلال اليد العاملة الريفية العربية بدل الكردية المهجرة قسرا من اراضيها حيث ضاعف من امتيازاتها بالقروض الحكومية لاسيما قروض المصرف التعاوني الزراعي لابتياع المكائن والآلات الزراعية وتطوير البساتين ومشاريع الدواجن وتربية الثروة الحيوانية وبناء المطاحن والمخابز الآلية ... وقد بذلت الادارات الكردية منذ عام 1992 جهودا حثيثة في تفادي مظاهر واجراءات النظام الزراعية طيلة الثمانينات فقد اضفى النظام الشرعية على سياسته الزراعية الرجعية باجازته قانون رقم (35) لسنة 1985 والذي سمح بتاجير اراضي الاصلاح الزراعي إلى المستثمرين الافراد ومنحهم التسهيلات والقروض . واصبح قانون رقم (90) لسنة 1975 الخاص بالريف الكردستاني في خبر كان ، وعموما فان كردستان ومن السبعينات تميزت بهشاشة مساهمة القطاع العام في الزراعة . لقد توفرت حتى عام 1990 المياه الصالحة للشرب والكهربة إلى حوالي (90%) من الاحياء الحضرية والمدنية بينما لم تتجاوز هذه الكمية (41%) في الارياف ، ويتسع هذا الفارق في كل الخدمات الاخرى التي توفرت إلى (95%) من سكان المدن العراقية و(18%) فقط من سكان الريف العراقي فيما عدا الخدمات الطبية حيث يضيق الفارق ، وتنعكس هذه النسب بحدة على ريف كردستان العراق . و يتألف الشعب العراقي اليوم من : • سكان المدن حوالي 76% من إجمالي السكان. • سكان الريف والبادية حوالي 24% من إجمالي السكان. هذا يعني انقلابا في النسبة تقريباً بين عامي 1919 و 2004 لا ينفي استمرار وجود علاقة متينة بين نسبة عالية من سكان المدن بسكان الريف…( كان سكان البوادي في كردستان يشكلون عام 1905 28% من المجموع وسكان الأرياف 47% ) وأن هذه النسبة العالية تتصرف في المدينة وفق عادات وتقاليد الريف والحياة العشائرية، وخاصة في المناطق الكادحة والفقيرة وأولئك الذين هجروا الريف خلال العشرين سنة الأخيرة وسكنوا في أطراف المدن أو المدن البائسة الجديدة… وهناك مساحات واسعة من الريف العراقي والكردستاني لا تصلها الكهرباء وهي تشمل آلاف القرى الحدودية بسبب التهجيرالقسري والحملات العسكرية المتتالية وما شهدته المناطق الكردية من مآسي وكوارث جعلت الفلاح الكردي لا يأمل في جني ثمار الطاقة يوما لانه وضع في اولوياته الحفاظ على حياته وادنى مستوى معيشي ممكن وعلى ارضه وكرامته. وينتهز المنتفعون والشيوخ هذا الواقع لأيراد المولدات صغيرة الحجم وتنوير القرى بعيدا عن اعين الرقابة الشعبية وبالتعاون مع القوى المتنفذة . وتستثمر القوى الاقليميةهذا الواقع المرير لتسريب الكهرباء الى البلاد وفق حساباتها هي ومطامعها . ويتحمل الفلاحون عبء الضرائب الاساسية وبالاخص ضريبة الكهرباء المفروصة من لدن اصحاب المولدات. وهم مجبرون على تسديدها لتشغيل المضخات والآلات الزراعية . ويسبب تذبذب السياسة الضرائبية الكهربائية عبئا اضافيا على المواطنين والفلاحين والميل يشير الى زيادة ارباح فئات التجار والاغوات والشيوخ من المولدات الخاصة. هكذا كان الريف والمناطق الشعبية والآهلة بالسكان في المدن دائما ضحية أزمات الكهرباء التي تفرغ شحناتها عادة هناك لانعدام التوازن بين القدرات الفعلية والطلب والضعف الكبير الذي تعاني منه التأسيسات والتسليك الكهربائي وبسبب تقصير الإدارات والبلديات . وتتواجد اليوم وفي مطلع القرن ال (21) قرى عراقية وكردستانية حدودية لا تصلها طرق المواصلات والطاقة الكهربائية ولم تسمع حتى بالمذياع والتلفون بسبب وعورة المناطق الجبلية والصحراوية ، والجهل ، واهمال النظم الشمولية . لا زال التوليد الكهربائي الاحفوري والكهرومائي الكبير يشكل قاعدة الطاقة الكهربائية العراقية والكردستانية ، وهو من نصيب القطاع العام الذي تعرض للامتهان والمذلة بفوضى السياسة والقيم الدكتاتورية وجراء حروب النظام الكارثية والحصار الاقتصادي والاحتلال . العراق بلد نفطي . والمحطات الكهروحرارية التي تعتمد على النفط والغاز الطبيعي ذات مردود اقتصادي . والعراق يمتلك ثروة مائية تجعل من المحطات الكهرومائية الكبيرة والصغيرة تحتل موقعها المتميز في الإنتاج الكهربائي. اما التوليد غير التقليدي فهو ليس علاجا لمأزق الكهرباء في العراق لكنه يبقى بلسما شافيا لتوفير الكهرباء في بعض الأحياء المدينية والريف . والسبب الرئيسي هو سعته الإجمالية الواطئة وغير التجارية ويتطلب تكاليف استثمارية مرتفعة. التوليد غير التقليدي مكمل للتوليد التقليدي واحتياطي له ، ويشكل أساس الاحتياجات الكهربائية في المناطق التي لاتصلها الشبكة العامة وفي فترات العجز الكهربائي والارتفاع بالطلب ، ويصلح لكهربة أجزاء من الريف العراقي والكردستاني. ويعتبر تشييد مراكز بحوث للوقود والتوليد الكهربائي غير التقليدي وأقسام التخطيط والبرمجة والاعمار والتنمية في الوزارات ذات العلاقة ، وكذلك الدوائر التقنية – الفنية فيها الخطوات الأولى على طريق نصب هذه الوحدات . الا إن الواقع يصطدم باللاابالية والبرقرطة والجهل ... وكلها تعيق أي عارض تكنولوجي جديد دخيل. ويبقى أساس الأعمار والتصنيع والكهربة ونصب الوحدات الكهربائية غير التقليدية هو الاستقرار والأمن والسلام ومؤسسات المجتمع المدني ... وبدونها تنصب الوحدات اليوم وتنهب غدا! .... فاقم استخدام الكهرباء سلاحا سياسيا من تدهور أوضاع المواطنين والفلاحين . وأسهم ضعف التنسيق وتعدد منابر اتخاذ القرار وضعف القيادات في دوائر الكهرباء في انتعاش الروتين الإداري ، والبيروقراطية ، وبروز الأرستقراطيات الإدارية في أعمال المقاولات والتعهدات ... مما ذلل من التجاوزات الإدارية واللاابالية والإشكالية في العمل ووسع من حجم البطالة ... وعبد الدرب أمام الفساد الإداري بواجهاته العلنية والمستترة . وتداخل عمل مجالات إدارية مختلفة فعرقل ذلك من الجدية والمثابرة والإخلاص . تحتاج الخصخصة ويستلزم القطاع الأهلي الشروط الموضوعية لانجاح نشاطاته وليتحول الى مكسب داخلي بينما تتطلب إدارة القطاع العام كي يتحول الى ملكية عامة السلطات التمثيلية والدستورية والمؤسساتية المدنية والإعلام الجاد . والمهم في جوهر العملية الاجتمااقتصادية هو تحديد حقوق الملكية وطبيعتها واتباع الإجراءات اللازمة وعبر الدولة والمؤسساتية المدنية لحماية حقوق الملكية والعناصر الاقتصادية وتسهيل مهمتها وخلق التوافق والانسجام بينها وسد نواقص وثغرات العملية الاقتصادية . وهذا يستلزم في المقدمة إقامة المؤسساتية المدنية لأنها ليست بالبدعة الغربية واللعبة او دليل الإحباط ومجرد قصور في الفهم . فالمجتمع المدني ضرورة لا يمكن اعتراضها إلا إذا أردنا الإطاحة بالدولة والسلطات الاقليمية في صيرورة تكونها الى سلطات قبلية بين أحضان الفساد والطفيلية! ولا يعني اعتماد آليات السوق إطلاقا خصخصة او تأجير القطاع العام او الخضوع لوصفات البنك الدولي والمؤسسات الرديفة .. بل هو اعتماد آلية العرض والطلب لتحديد قيم السوق والخدمات المتبادلة في السوق وتوزيع الموارد المتاحة بين القطاعات الاقتصادية . ولا يلغي اعتماد آليات السوق وظيفة الدولة والسلطات الإقليمية التي تتحكم بالسياسة النقدية والمالية وتحد من تقلبات الأسعار في سبيل مرونة السوق ، وتأمين توازن ميزان المدفوعات ، واليقظة من التوغل الاحتكاري ، وتأمين مستلزمات المنافسة الاقتصادية المشروعة … ، وبسط سيادة القانون في حسم النزاعات التعاقدية . لا تعتبر الخصخصة الحل البلسمي أو نهاية المطاف لمعضلات القطاع العام العراقي في شأن المشاريع ذات العلاقة ومنها الصناعة الكهربائية، وهي معضلات الدولة الكومبرادورية - الوليد المسخ للزواج الكاثوليكي اللامقدس بين البورجوازية الطفيلية العراقية والأحتكارات الرأسمالية. وتواجه الدولة العراقية الأقتصاديات الأستهلاكية ، والأختلالات الهيكلية ، والعجز في الموازنة الحكومية العامة.. في ذات الوقت الذي يشهد فيه قطاع الكهرباء ظاهرة توسع التوليد التجاري والأهلي دون حسيب أو رقيب وولادة التوليد الخاص المتوسط للكهرباء. يتمحور جشع التوليد الأهلي والتجاري في رفع سعر الأمبير الواحد المنتج من الكهرباء ،وخفض القوة، وتحميل الماكينات اكثر من طاقتها،وتجاوز القانون فيما يخص التشغيل،والتناغم مع القطع المبرمج الذي ابتكرته النخب الحاكمة والعقول التبريرية المريضة …رغم رداءة نوعية معظم المولدات العاملة لأنها لا تخضع لضوابط الصيانة والرقابة المطلوبة ،وتشيخ مبكرا بسبب الحمل العالي .والتوليد الأهلي قليل المناورة والإتاحة (Availability) وضعيف الموثوقية ( Reliability ) وذو رسملة واطئة لا تتيح له نصب الوحدات الكبيرة أو الإنتاج واسع النطاق .وقد وفر الأحتلال الأميركي وانهيار الدولة وفوضى السوق والسياسة غير الحازمة لمجلس الحكم المعين والحكومة المؤقتة .. وفر المناخ المؤاتي لبعض القطط السمان لإغراق السوق بالسلع الكهربائية والمولدات وادارة تشغيلها على شاكلة شركات متواضعة وهيئات رجال أعمال حيث ينتظر الجميع استغلال الفرص التالية وفق قوانين الغاب المنافسة والاحتكار. تؤدي خصخصة الخدمات العامة الى تضييق قاعدة ملكيتها ضمن دائرة الربح القسري الضيق واقتصاد السوق. و تستلزم الكهربة الريفية اتخاذ الإجراءات الكفيلة بتلافي الأخطاء والثغرات في اداء منشآت ومديريات ودوائر وزارة الكهرباء وبالأخص ذات العلاقة بالكهربة الريفية لتخفيف الروتين وسحب البساط من تحت البيروقراطية الإدارية والشرائح الطفيلية والتعقيدات وامراض الماضي التي يواجهها المواطن ، لاسيما في قطاع التوزيع وضرورة بذل كل الجهود لخدمة المجتمع من خلال توزيع الكهرباء بعدالة. قد يتفهم الفلاحون شحة الكهرباء ولكنهم لا يتقبلون أبدا عدم العدالة في توزيعه . ولا بديل عن تطهير إدارات ومنشآت الكهرباء من مرتزقة البعث التي باتت بؤر صارخة للفساد واتباع نهجا عقلانيا موضوعيا لمعالجة أزمة انقطاعات التيار الكهربائي . لقد طردت قوى التحرير والاحتلال الدكتاتورية في العراق وتقدم مجموعة من رؤوسه الى المحاكم لكنها تغمض عيونها عن الهاربين وتُعيد الاعتبار لبعض البعثيين حسب اتفاقيات سرية لا أحد يعرف محتواها ، وتقوم بمنح بعضهم مسؤوليات كبيرة في العراق المُحرر.
ملاحظة : الجداول في
http://www.iraqihome.com/salam-koba8.htm http://www.sotaliraq.com/articles-iraq/nieuws.php?id=914 http://www.iraqipapers.com/2_18_salam.pdf
* كبة مهندس استشاري في الطاقة الكهربائية وباحث علمي وكاتب وصحفي . وهو عضو في 6- نقابة المهندسين في كردستان العراق 7- جمعية المهندسين العراقية 8- نقابة الصحفيين في كردستان العراق 9- جمعية اصدقاء المجتمع المدني 10- جمعية البيشمركة القدامى
وقد نشر العشرات من دراساته في الصحف والمجلات والمواقع الالكترونية داخل العراق وخارجه .
*** - مادة الدراسة هي مضمون تقريرين فنيين رفعهما الكاتب للمهندس ( مأمون نور البريفكاني ) وزير الصناعة والطاقة في اربيل سابقا. التقرير الأول بتاريخ 12/12/1999 ، تحت عنوان ( التكنيك البايوغازي). التقرير الثاني بتاريخ 19/12/ 1999 ، تحت عنوان ( الشمس والرياح مصدران للطاقة) .
المصادر : انظر: سلام كبة - مشاريع كهربة ريف كردستان العراق / كولان العربي / العدد (80) / 2003 - التوليد الكهربائي غير التقليدي في كردستان العراق / الفكر الجديد / العدد ( 10) / 2003 - الطاقة والتنمية الريفية والزراعية الكردستانية / ريكاي كردستان / العدد (163) /1998 - المجتمع المدني والمؤسسة العشائرية/ http://www.rezgar.com/debat/show.art.asp?aid=28150 http://www.rezgar.com/debat/show.art.asp?aid=28278 - الخصخصة والبحث عن الحل البلسمي لمعضلات قطاع الكهرباء الوطني - العراقي والكردستاني/ http://www.dasin.org/alxasxasa%20wa%20alba7eth%203an%207al.html - التشيع البعثي وقرصنة التوليد التجاري/
http://www.alhalem.net/New13/altasheaaalbathi.htm - الطاقة الكهربائية في عراق القرن العشرين/ http://www.iraqihome.com/salam-koba7.htm
- الخصخصة ونظم الشركات والسلطة الرابعة في عراق صدام حسين _ الطاقة الكهربائية نموذجا _/ http://www.iraqiwriter.com/disc0/General_Articles/bbb/aaa_iraqi_writer_general_article_get801.htm - الفساد والافساد في العراق : من يدفع الثمن ؟!/ http://www.almadapaper.com/sub/10-237/p18.htm
#سلام_ابراهيم_عطوف_كبة (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
السنة الدولية للجبال تقليد يجب الحفاظ على مغزاه في كردستان ا
...
-
الهجرة والتهجير واللجوء سياسة غدر الطغم- النخب الحاكمة في ال
...
-
لا تعتبر الخصخصة الحل البلسمي لمعضلات قطاع الكهرباء الوطني -
...
-
ذكرى تأسيس الجيش العراقي _ ملحمة 14 تموز بين التأسيس المدني
...
-
التشيع البعثي وقرصنة التوليد التجاري
-
الطاقة الكهربائية في عراق القرن العشرين
-
المجتمع المدني والمؤسسة العشائرية_ كردستان العراق نموذجا_ ال
...
-
صناعة الترجمة الآلية واللغة الكردية
-
المجتمع المدني والمؤسسة العشائرية_ كردستان العراق نموذجا_ ال
...
-
العمل النقابي الهندسي في العراق وكردستان
-
تداعيات الربط الكهربائي العراقي - التركي
-
العراق : النقابات والقانون
-
العراق والامم المتحدة
-
نحو اكاديمية كردستانية
-
ائمة جوامع بعض احياء بغداد ولا شرقية ..لا غربية
-
الخصخصة ونظم الشركات والسلطة الرابعة في عراق صدام حسين _الطا
...
-
النفط والطاقة الكهربائية في العراق
-
السايكولوجيا والتقنيات الحديثة والوعي السائد في العراق المعا
...
-
صيانة البيئة مهمة وطنية ملحة
-
صناعة الهندسة الوراثية وجرائم دكتاتورية صدام ضد الانسانية
المزيد.....
-
قانون تعدين العملات المشفرة يدخل حيز التنفيذ في روسيا
-
الاقتصاد وأوضاع المعيشة.. أبرز اهتمامات الناخب الأميركي
-
جلفار تبيع صيدليات زهرة الروضة في السعودية بـ444 مليون ريال
...
-
مؤشر الأسهم الأوروبية يسجل أسوأ أداء شهري في عام
-
السعودية توقع مذكرات تفاهم بـ51 مليار دولار مع بنوك يابانية
...
-
موديز: الاستثمارات الحالية غير كافية لتحقيق الأهداف المناخية
...
-
منها حضارة متعددة الكواكب.. ما أسباب دعم ماسك ترامب بملايين
...
-
هاتف شبيه الآيفون.. مواصفات وسعر هاتف Realme C53 الجديد.. مل
...
-
القضاء الفرنسي يبطل منع مشاركة شركات إسرائيلية في معرض يورون
...
-
لامين جمال يوجه سؤالا مثيرا لنجمة برشلونة بعد تتويجها بالكرة
...
المزيد.....
-
الاقتصاد المصري في نصف قرن.. منذ ثورة يوليو حتى نهاية الألفي
...
/ مجدى عبد الهادى
-
الاقتصاد الإفريقي في سياق التنافس الدولي.. الواقع والآفاق
/ مجدى عبد الهادى
-
الإشكالات التكوينية في برامج صندوق النقد المصرية.. قراءة اقت
...
/ مجدى عبد الهادى
-
ثمن الاستبداد.. في الاقتصاد السياسي لانهيار الجنيه المصري
/ مجدى عبد الهادى
-
تنمية الوعى الاقتصادى لطلاب مدارس التعليم الثانوى الفنى بمصر
...
/ محمد امين حسن عثمان
-
إشكالات الضريبة العقارية في مصر.. بين حاجات التمويل والتنمية
...
/ مجدى عبد الهادى
-
التنمية العربية الممنوعة_علي القادري، ترجمة مجدي عبد الهادي
/ مجدى عبد الهادى
-
نظرية القيمة في عصر الرأسمالية الاحتكارية_سمير أمين، ترجمة م
...
/ مجدى عبد الهادى
-
دور ادارة الموارد البشرية في تعزيز اسس المواطنة التنظيمية في
...
/ سمية سعيد صديق جبارة
-
الطبقات الهيكلية للتضخم في اقتصاد ريعي تابع.. إيران أنموذجًا
/ مجدى عبد الهادى
المزيد.....
|