أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - حسن ميّ النوراني - نبوة محمد وانجراحه وجنسانيته – مقاربة نفسية (4/6)















المزيد.....

نبوة محمد وانجراحه وجنسانيته – مقاربة نفسية (4/6)


حسن ميّ النوراني
الإمام المؤسِّس لِدعوة المَجْد (المَجْدِيَّة)


الحوار المتمدن-العدد: 3818 - 2012 / 8 / 13 - 21:34
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


محمد والنساء:
تلعب علاقة ذكر الإنسان الطفل، منذ ولادته، أو مما قبل، بالأم، دورا تأسيسيا أوليا، في بناء علاقته اللاحقة بالمرأة.
تمنح المرأة الأم الحياة، وتحميها. أم محمد، منحته الحياة الجسدية. ونقلته إلى مرأة أخرى، لم تلده، حافظت على بقائه. بدء الحياة وحفظها، يشكلان وحدة واحدة غير قابلة للانقسام. الولادة خطوة أولى للحياة المستمرة؛ خطوة غير منفصلة عما يليها. وقوع الانفصال المادي، بين البدء والاستمرار، يعني الموت. في حالة النبي محمد، انفصل حفظ الحياة، عن بدء الحياة، انفصالا نفسيا. العلاقة بالأم، جسدية نفسية. محمد انفصل عن أمه، جسديا ونفسيا.
نقل محمد الرضيع، إلى حضانة مرضعته حليمة السعدية، فصلت بدء الحياة عن حفظ استمراريتها، فصلا نفسيا. تتكون علاقة نفسية بين الجنين وأمه، تنمو نموا سويا، مع نمو الوليد في كنف أمه وأبيه. ولد محمد بلا أب. انفصل عن أمه منذ ولادته.
النبوة عوضت محمد عن فقدان الأب. إبراهيم، في إطار نبوة محمد، هو أبوه. وفي عقيدة محمد، كان إبراهيم حنيفا مسلما. والله في التراث الديني المسيحي المعروف لدى العرب، هو أبونا الذي في السماء العليا؛ هو أبو النبي عيسى المباشر؛ وعيسى أخو محمد، وفقا لمروية عن الأخير. لم يوافق النبي محمد على عقيدة أبوة الله للمسيح والناس. قد يعود ذلك، إلى انجراحه باليتم الذي أفقده أبوه، انجراحا ربما نجم عن اعتقاده، بعقل طفولته المنقهرة، أن أبوه، عبد الله، أو عبد المطلب، مسئول عن غيابه بالموت أو بالإنكار والإقصاء. وإذا صح أن أبا محمد هو عبد المطلب، فإن تنكر الأخير لأبوته لمحمد، وإقصاؤه عنه في طفولته المبكرة، قبل أن يدخل محمد تحت رعاية عبد المطلب، ستصيب الطفل بانجراح يتم اضطهادي انقهاري أقسى من اضطهاد انقهاري كان سيصيبه، من موت الأب.
ينزل العقل الطفولي ليستقر في منطقة العقل الباطن، التي توجهنا فيما يلي من حياتنا، نحو مواقف، تنسجم مع مخزون خبرتنا. في عقل محمد الباطن، الأبوة خبرة جارحة، تدفع للهروب منها لدى مواجهتها في وقائع الحياة، أو خلال عملية التطلع، ذات الطبيعة التجاوزية أو النزاعية. غياب الأب في حياة محمد المبكرة، سلبه إمكانية تمثل عوامل الأبوة الإيجابية، وفي مقدمتها، اعتزاز الطفل الذكر بذاته، اعتزازا ينتج من شعوره أنه يمتلك أبا ذا قوة حماية مطلقة، توفر للطفل احتياجاته النفسية والجسدية، بقوة الأب المادية والروحية معا. في المسيحية، عيسى ابن الله، بماديته (تجسد الله فيه) وروحانيته (وجود الله العلوي الحر المحب). الأب لم يتجسد في حياة محمد، بل حضر كخبرة سالبة؛ فنفر من فكرة الرب المتجسد في الابن. لكن الأب ظل حاجة روحية لمحمد، يطلب امتلاكها بوسيلة من ذات طبيعتها الروحية. لذا قبل فكرة الأبوة الروحية لعيسى، ما يعني، بحكم أن عيسى أخوه، قبوله لأبوة الله الروحية له.
كحيلة نفسية دفاعية، نأى محمد بنفسه عن فكرة الله الأب المادي، لتدني قيمة الأبوة المادية في حياته، لغياب الأب البيولوجي الاجتماعي. غياب الأب حرم محمد من اكتساب مشاعر الفخر والاعتزاز بالأبوة. تتدنى مرتبة الأب القيمية أيضا، بعلاقته السلبية مع الأم. في حالة محمد، فهو، بمعاناة طفلية شعورية عقلية، لا تبارحنا آثارها جذريا طوال حياتنا، يعتقد أن ابوه ذهب بإرادته بعيدا عنه وعن أمه.. مما جعل الرابط العاطفي بينه وبين أمه، قويا، في مواجهة موقف الأب الهروبي العدواني. هذا الاعتقاد الطفولي، يدفع فيما بعد، إلى خفض مرتبة الأبوة، في التصور والخيال والواقع. تزيد قوة الدفع السلبية، إذا ما صح أن عبد المطلب، هو الأب الحقيقي لمحمد.
محمد فقد أباه، وهو لا يزال في بطن أمه. وهو فقد أباه بالموت، إن صح أنه ابن عبد الله؛ أو فقده بالإنكار، إذا صح أنه ابن عبد المطلب. تلقى محمد من أمه الأسى الذي أصابها لفقدانها أب جنينها، في مرحلة من واجب المرأة فيها، أن تمنح طاقة الحياة الأمومية الإيجابية الكاملة لطفلها الجنين. لكن محمد ولد أسيانا، بأسى أم ترملت، على الحقيقة أو المجاز.
الولادة الأسيانة لمحمد، ردت على أبوة، يعتقد أنها خذلته، برفض اعتبار الأبوة قيمة تضاف لرب في أعلى مستويات التصور والخيال.
رفض محمد قبول أبوة الله لعيسى، المتجسدة؛ لأن الأبوة، في خبرة محمد، غير ذات قيمة إيجابية فاعلة، بل هي سلبية، فهي خاذلة، عدوانية، أنانية.. ومحمد لا يبحث عن رب غير ذي قيمة إيجابية فاعلة، خاذل له، عدواني معه، ظالم منغلق عليه بأنانيته.. كان محمد، من داخله، وبدفع عقلي باطني، يبحث عن رب سام، يوفر له حاجته من الأمن والكرامة والاستمرارية فيهما.
محمد قبل بأخوة عيسى له، باعتبار عيسى من روح الله. ومحمد بحاجة لروح الله. جبريل الذي رآه محمد في أول نبوته، هو روح الله. عيسى ومحمد نبيان أخوان بروح الله. هما أخوان من غير أبوين: ابو محمد المادي غاب منذ البدء.. وعيسى لا أب ماديا له أصلا.. غياب الأب المادي عامل مشترك في حياتيهما؛ هذا العامل المشترك، دفع محمد لطلب المزيد من تعميق أخوتهما، بمشاركة عيسى في امومة مريم.
الموت سلب من محمد أمه، بعد زمن قصير من عودته من غيبته لدى مرضعته، إلى أمه. عند موت أمه البيولوجي، تفاقمت في نفس محمد خبرة اليتم والانفصال عن الأم. يعادل تفاقم هذه المشكلة النفسية، تعمق انجراحه بفقدان قوة حماية أبوية، مادية وروحية. موت الأبوين يحرمنا من القوة المادية التي يوفراها لنا، وحرماننا منهما يخلق انجراحا روحيا، نداويه بدافعية عقلية باطنة، تتجسد بخلق مصدر روحي، تعويضي، تخلقه قوتنا التخيلية.
الحاح الانجراح، وتعمقه، لدى محمد، خلق في لاوعيه، حاجة عميقة وملحاحة، وظفّت ملكة التخيل، في اتجاه تطوري روحي، توجته رؤية منامية، رآى محمد فيها، جبريل، يأمره أن يقرأ بسم ربه.. الذي اختاره رسولا. أنتجت مكونات محمد لنفسية المعرفية الروحية الاجتماعية، تجسدا لجبريل، سُلّم ارتقائه لمقام رباني سام، يجد فيه عزاءه ودواءه.
وفي طريقه نحو المقام الرباني السامي، خلق محمد بديلا خياليا روحيا، للأم المفقودة، مجسد تاريخيا، وفقا لمخزونه الثقافي، هو مريم، أمه وأم عيسى أخوه. مريم في زمن محمد كيان روحي. تفي كيانية مريم الروحية بحاجة محمد الروحية. لكن حياة الواقع لا تكتفي بالروحي فقط، الواقع مادي روحي. خديجة قدمت لمحمد المادي الروحي الأنثوي، تزوجها وهي تكبره بخمسة عشر عاما، وهي خطبته لنفسها.. خديجة هي بديل الأم المادية العائدة رمزيا من الموت الذي اختطف أمه آمنة.. محمد كان منجرحا باختفاء أبيه، ومنجرحا أشد، بفقدان أمه آمنة، المكلومة باختفاء أب وليدها محمد.. أسى أم منجرحة، تنقل انجراحها لطفلها، بغير وعي منهما، زاد من ارتباط الطفل العاطفي بأمه، فزاد من انجراحه بفقدان أبيه، الذي اصبح أشد وأعتى بفقدانه لأمه..



#حسن_ميّ_النوراني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نبوة محمد وانجراحه وجنسانيته – مقاربة نفسية (3/6)
- نبوة محمد وانجراحه وجنسانيته – مقاربة نفسية (2/6)
- نبوة محمد وانجراحه وجنسانيته – مقاربة نفسية (1/6)
- اجتهاد نوراني: إفطار رمضان مباح في الحر الشاق
- الحب أنا ربك نورك أيها الحرّ المجد الكريم.. فابتهج وانطلق!
- رسالة ال 68: الحب أنا ربك نورك أيها الحرّ المجد الكريم.. فاب ...
- الدين والنورانية
- خاب فيه رجاء مواطني غزة.. مرسي يتوج هنية زعيما لفلسطين!
- أحبب نفسك والشياطين.. الحب بين الإسلام والنورانية
- رسالة النورانية
- صيام المسلمين فسق وجوع وعطش وخمول وجشع!
- هل أهل الجنة مصابون بالتهاب المفاصل وارتفاع ضغط الدم والكولس ...
- الله يخبز لأهل الجنة بيديه الأرض رغيفا.. والبؤساء يموتون تعا ...
- سها وموت عرفات وشقيقته والجزيرة وعين الهوى والرغبة!
- هاني الحسن وفاطمة البدوية وعرفات يعين الكذابين وزراء!
- الدين والعقل والجامعة الإسلامية بغزة ويحيى رباح في صنعاء
- هل خطباء المساجد، عميان وبهم صمم؟! نهاية القذافي نصر من الله ...
- الإفراج عن الأسرى الفلسطينيين انتصار للإنسان
- خطباء المساجد والوعي الضال - تحرير الأسرى أهم من تحرير القدس ...
- الرئيس يقترف الخطيئة.. ويحمل العار مختالا!


المزيد.....




- أول مرة في التاريخ.. رفع الأذان في بيت هذا الوزير!
- أول مرة في تاريخ الـ-بوت هاوس-.. رفع الأذان في بيت الوزير ال ...
- قصة تعود إلى 2015.. علاقة -داعش- و-الإخوان- بهجوم موسكو
- صلاة الجمعة الثالثة من شهر رمضان.. الاحتلال يعيق وصول المواط ...
- السعودية.. الأمن العام يوجه دعوة للمواطنين والمقيمين بشأن ال ...
- صلاة راهبة مسيحية في لبنان من أجل مقاتلي حزب الله تٌثير ضجة ...
- الإفتاء المصرية تحسم الجدل حول فيديو إمام مسجد يتفحّص هاتفه ...
- كيف يؤثر التهديد الإرهابي المتزايد لتنظيم الدولة الإسلامية ع ...
- دولة إسلامية تفتتح مسجدا للمتحولين جنسيا
- فيديو البابا فرانسيس يغسل أقدام سيدات فقط ويكسر تقاليد طقوس ...


المزيد.....

- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود
- فصول من فصلات التاريخ : الدول العلمانية والدين والإرهاب. / يوسف هشام محمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - حسن ميّ النوراني - نبوة محمد وانجراحه وجنسانيته – مقاربة نفسية (4/6)