أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عايده بدر - قراءة في نص بيادر الانتظار للمبدع شينوار ابراهيم














المزيد.....

قراءة في نص بيادر الانتظار للمبدع شينوار ابراهيم


عايده بدر
باحثة أكاديمية وكاتبة شاعرة وقاصة

(Ayda Badr)


الحوار المتمدن-العدد: 3817 - 2012 / 8 / 12 - 02:24
المحور: الادب والفن
    


بيادر الانتظار
شمس الصيف تتربع على عرش السماء تجعلني أهطل عرقا في بيادر حقول العدس ....دقات قلبي ترقص حزنا لفراقنا وأنا اعزف سيمفونية الرحيل إلى عالم آخر ...عالم الحرية... عالم الرفاهية ....ربما سيكون غريبا... رسمته في مخيلتي.... رحت أبحر في فضاءات هذا العالم وأنا أتلفت وامتص نظرات عيونها تدمع حزنا وهي تحصد بمنجلها سربا من شتلات العدس... تكاد تبكي... تصرخ... تقول لا لن اسمح لك أن تغادرني.....قالتها وهي تجز بعنف أوراق العدس بذلك المنجل الذي هوّنت من حرارته دموعها التي ذرفت ،تعاود العمل كي تخفي انتكاساتها ولكي لا أحس بكاء قلبها.... دقائق الوداع تقترب.....صمت مع حر الصيف و مطر من عرق جبينها ووجوه ترسم الكلمات دمعا... اقتربت مني .....رمت بمنجلها على الأرض وفتحت ذراعيها .... احتضنتني بكل ما فيها من دفقات رعب الفراق .... وبكت...لا لا لا لن ترحل ستبقى هنا يا ولدي.....بكاء..وصمت يغردان مع حر الشمس و العرق وهي تتهادى وتردد في خلجاتها أغنية الفراق في بيادر العدس....مسحت بيديها العرق المتسرب من جبيني و قالت لي .... اذهب ...ارحل يا ولدي ....فنحن هنا نموت كل يوم .....ارحل كي تعيش وتكبر وتتعلم وتعود إلي.. كنت أحث الخطى وأراقب نظرات عينيها وكأنها تقول هذا هو الوداع الأخير.... غادرت أمي.....غادرت حقل العدس.... غادرت القرية ... و البلد .... وفي ذهني أن أعود لها وأنا محمّل بالعلم والمعرفة رزمت شهاداتي وأوراقي التي كنت احلم بها وارجع إلى أمي لكني لم أوفق في رحلة العودة كونها غادرت بيادر العدس والحياة وعدت ارجم خطاي التي لم تسعفني ولو بنظرة الوداع التي لطالما كانت مناي ، لكن لا بحار أوربا ولا أريج حدائقها سيكون بديلا عن حنانك وعطر قطرات العرق التي ينزفها جسدك في بيادر الزرع....
شينوار ابراهيم
///

القراءة / عايده بدر

" بيادر الانتظار "
شلالات دموع تنهمر تخفيها شتلات العدس و منجل في يد الأم تود لو تحصد به كل تلك الزفرات التي تطبق على صدرها و هي حائرة مترددة أتترك وليدها – كما تراه دائما - لوحش الغربة ينهش في ذاته فلا يبقي منها ما يجعله حريصا على عودته لها و لهذه الأرض التي ترتوي الآن من حبات مزيج من دموع و حبات عرق أشعلتها الشمس التي تشرق في جبينها الآن أم تقسو على حلمه الذي يرفرف له قلبه بأن يبتعد عن مثل هذه الحياة التي تعلم هي كم يموت من يحياها في اليوم ألف مرة و هل بجلوسه بين يديها ما سيشفع لها عندما يفكر بأحلامه و يراها تلوح له من بعيد دون أن يلمس منها شيئا ؟
مع كل ضربة منجل تود لو كانت قادرة على حصد هذا الألم من طريقه .. تود لو روت له بحبات عرقها أرضا تتفتح فيها براعم أحلامه و أن لا يغادر دفء صرها و لكن هيهات تفعل بنا الأيام و هي تأخذ منا أكثر مما تعطينا
كل الأحلام تتراقص في عينيه الآن بقوة ذلك النور الذي يأتيه من على الشاطىء الآخر يلوح له بمستقبل بعيد .. بحياة أخرى يستطيع أن يسافر و أن يحمل وطنه في قلبه .. يستطيع أن يعود محملا بما لم تعد تطرحه أرضه من ثمار الحلم بالنجاح و العلم الحديث .. يستطيع و يستطيع ووو يفيق على حضن أمه يصرخ فيه ألا يغادر فلربما لن تعود مثل هذه الأيام من جديد و يداها تدفع به نحو الغربة ليصنع عالما جديدا .. أي صرخة مكتومة كانت تتأجج في صدرها و أي خفقات ألم كان الكون يسمعها في صدره حين كان الوداع تركها و بيدها منجلها تحصد به بقية لأيام تشابهت في غيابه و شمس تلسع بسياطها نبتات عمرها المتبقية
و ها هو يعود مشرق الوجه حاملا كل الوعود يبحث عن ذات المنجل ليحصد به ألم غربته و عن ذلك الصدر ليطفىء فيه شوق البعد لكن من أسف يبدو أن منجل القدر كان أسبق إليها منه فحصد روحا طاهرة لم تتعطر عيناه بنظرة أخيرة منها و ظل عطر الكون كله في عينيه لا يثمل روحه مثل حبات العرق تلك التي مسحتها ذات وداع بعيد من فوق جبينه ...
" بيادر الانتظار " العنوان يأخذ بلب القارىء فالبيادر حيث ترتبط دائما بالخير الوفير و الاطمئنان مما يعطي ايحاء ضمنيا بالراحة لكن المفاجأة هنا أن البيادر ما هي الا بيادر انتظار ...فهل في الانتظار خير ما ؟ أكوام انتظار نختزنها فكم كان وقع هذا العنوان قاسيا و هذا ما يدفع المتلقي للدخول في حالة مسبقة من الألم ربما هي تمهيد لما سيأتي
رغم أن مفتتح النص يوحي بشيء من الراحة و الدفء يبثها المكان حيث حقول خضراء و ضوء شمس اشتعلت فأوقدت الجبيبن بحبات عرق و دفء يكمل ضوء النهار لكننا نلمح هنا قدرا هائلا من الألم و رغبات الذات و الأحلام التي تسقط تحت منجل الحياة فهذه الأرض لم تعد تطرح إلا موتا يوميا .. شحت فيها بذور الأمل و انقطع عنها نهر الحياة .
الأم / الأرض / الوطن كلها أسماء لذات المعنى هذا الحضن الذي يفتح ذراعيه ليستقبلنا و هو من نرتمي بداخله حين نتعثر بحصى الأيام و أحجار العمر ... جدلية العلاقة بين الأم و الإبن من حيث الارتباط العاطفي بين كائنين تواصلا عبر حبل سري لا ينقطع بانفصال جسدين عن بعضهما البعض فامتداد الأصل للفرع يعني أن أي ألم أو فرح أوووو يشعر به طرف لابد و أن يكون له صداه عند الطرف الأخر فربما يمكننا من هنا أن نفسر حيرة الأم و تردد موقفها بين طلب و رجاء و أمل فما بين أن يعدل عن السفر لخوفها و ادراكها لألام الغربة و محنتها و ما بين دفعها له للسفر تحقيقا لحلم تراه يتراقص في عينيه و هي تدرك جيدا أن هذا الامتداد سيغادرها و لربما تصبح هذه الصورة الكائنة بينهما هي آخر ما تقع عليه أعينهما .
لهذا أرى الكاتب قد نجح في رسم هذا الألم الناتج عن الغربة و الفراق و زرع الحلم في أرض بعيدة بينما تصفر أرض الوطن و تتشقق من هجرة الأبناء كما اصفر قلب الأم من ذلك و فقدان الأحبة في رحلة الاغتراب و عودة ربما تحمل من مباهج الدنيا الكثير لكنها تفتقد لهذا العطر الذي لا يتكرر بعد فقدانه " حبات عرقها " .

/
عايده بدر
1/3/2011



#عايده_بدر (هاشتاغ)       Ayda_Badr#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- فوق وجه الماء
- و ماذا بعد ؟؟؟ قطرات من دم مسفوك غدرا
- حديث عابر ،،، / عايده بدر
- يا أنتَ ،،، / عايده بدر
- قراءة في قصيدة - إليها - للمبدع جوتيار تمر / عايده بدر
- قراءة في نص ذاكرة العسل المر للمبدعة القديرة هيام مصطفى قبلا ...
- في ذاكرة العشب ،،،
- بعضاً من حكايا : *الجبل
- حصار ...
- قراءة الناقد المبدع عبد الحافظ بخيت متولي على قصيدة - يوسف - ...
- - حبك - / مسعود فردمنش / عايده بدر
- قراءة في نص - أفزعتني - للمبدع جوتيار تمر / عايده بدر
- قراءة في نص - شاهد قبر - للمبدع جوتيار تمر / عايده بدر
- قراءة في نص - أنا وليلى ... والذئبة بطبيعة الحال- / محمد الب ...
- قراءة في قصيدة خيام الريح للمبدعة منية الحسين / عايده بدر
- ما حيلتي ،،، ؟
- قراءة في قصيدة خلف ستار الأسود للمبدعة شيرين كامل / عايده بد ...
- هذياااان ،،،، / عايده بدر
- اتركوها يرحمنا و يرحمكم الله
- نَهْرٌوَ بَحْرٌ ،،، يَلْتَقِيَان / عايده بدر


المزيد.....




- إندبندنت: غزة تلاحق إسرائيل في ساحات الرياضة والثقافة العالم ...
- مسرح الحرية.. حين يتجسد النزوح في أعمال فنية
- مسرح الحرية.. حين يتجسد النزوح في أعمال فنية
- أبحث عن الشعر: مروان ياسين الدليمي وصوت الشعر في ذروته
- ما قصة السوار الفرعوني الذي اختفى إلى الأبد من المتحف المصري ...
- الوزير الفلسطيني أحمد عساف: حريصون على نقل الرواية الفلسطيني ...
- فيلم -ذا روزز- كوميديا سوداء تكشف ثنائية الحب والكراهية
- فيلم -البحر- عن طفل فلسطيني يفوز بـ-الأوسكار الإسرائيلي- ووز ...
- كيف تراجع ويجز عن مساره الموسيقي في ألبومه الجديد -عقارب-؟
- فرنسا تختار فيلم -مجرد حادث- للإيراني بناهي لتمثيلها في الأو ...


المزيد.....

- الرملة 4000 / رانية مرجية
- هبنّقة / كمال التاغوتي
- يوميات رجل متشائل رواية شعرية مكثفة. الجزء الثالث 2025 / السيد حافظ
- للجرح شكل الوتر / د. خالد زغريت
- الثريا في ليالينا نائمة / د. خالد زغريت
- حوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الأول / السيد حافظ
- يوميات رجل غير مهزوم. عما يشبه الشعر / السيد حافظ
- نقوش على الجدار الحزين / مأمون أحمد مصطفى زيدان
- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى
- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عايده بدر - قراءة في نص بيادر الانتظار للمبدع شينوار ابراهيم