أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - نادية الشربيني - وغاب الرئيس














المزيد.....

وغاب الرئيس


نادية الشربيني

الحوار المتمدن-العدد: 3813 - 2012 / 8 / 8 - 02:21
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان
    


مرسي لم يشارك شعب مصر حزنه ولوعته على شهداء الغدر. مرسي غائب وبعيد كالعادة، وكالعادة كذلك يهب ياسر علي لنجدته، وكالعادة يخونه التوفيق عند التبرير ويتحجج بأزمة مرورية. والضحك هنا كالبكاء لأن الأزمة المرورية التي احتج بها الرئيس "المنتخب" تخرج لسانها لبرنامجه العجائبي ذي المائة يوم، الذي طال وسيطول ما دام هناك ياسر علي وما دام هناك لجان إلكترونية تترصد مرتادي الفيسبوك لتلاحقهم بالشتائم واللعنات، أو على أفضل تقدير، بدعوات الهداية واتباع الحق الآتي من مكتب الإرشاد.
مرسي لم يلبس بدلة الرئيس بعد، ويبدو أنه لا ينوي فعل ذلك. وهو الرجل الذي تفاخر بعدم ارتدائه قميصا واقيا من الرصاص، في حركة عاطفية ملتهبة بميدان التحرير، مستعرضا شجاعة، لم يطلبها أحد منه، مثل كل وعوده الانتخابية التي تطوع بنثرها بين يدي من تمنى عليهم منحه وجماعته أصواتهم. مرسي لا يعرف كيف يستيقظ مبكرا ولا يعرف كيف لا يؤجل عمل اليوم إلى الغد. تلك الإرشادات التي اعتدنا تلقينها للصغار كي يكونوا نساء ورجالا صالحين ينفعون أمتهم. لذلك كان رد فعله بطيئا وخاملا وخاليا من أي قيمة تذكر، ولم يتجاوز عقول أعضاء جماعته. حتى التيار الإسلامي من خارج الإخوان وجد نفسه في وضع حرج. فمن ناحية، هو متهم بشكل غير مباشر، بسبب طبيعة العملية الجهادية، ومن ناحية أخرى، لم تنقذه ردة فعل الرئيس من هذا الحرج. لقد طالت المسافة بين الرئيس وسيناء، ولم تكن قد طالت، قبلها، بينه وبين حماس الجاثمة على صدر غزة. ولم يتحرك الرئيس، رغم تقدم وسائل المواصلات الحديثة، إلى موقع الحادث، إلا بعد نشر صورة نتنياهو وباراك أمام المدرعة المصرية المحترقة. قطعة من قلب جيش مصر سلبت منه غدرا وانتهت قطعة من الخردة عند قدمي إسرائيل. ولم يكلف الرئيس ولا وزير دفاعه، الذي عينه مرسي هذه المرة ولم يخالف عهده معه، نفسيهما عناء التقدم بتفسير، بمؤتمر صحفي، ببيان على الصفحة الرسمية. وكان على المصريين الاعتماد على كشف إسرائيل عن خبر المجزرة. لم يتحرك أحد قبل ساعات، ربما رغبة في عدم إفساد الإفطار وصلاة التراويح على السيد الرئيس الحريص كل الحرص على أداء العبادات أمام الكاميرات وعدسات التلفزيون. وعندما وصل مرسي إلى سيناء، لم يقطع عادته في إحباط المصريين، فلم تطاوعه قدماه على الذهاب إلى رفح، واكتفى بزيارة قصيرة للعريش. ربما، هذه المرة كذلك، لعدم الإخلال ببرنامجه الرمضاني اليومي.
وها هو يتغيب عن جنازة الشهداء، ويكتفي بتوعد فارغ للجناة، وكأنه يشير إلى شبح، إلى طيف في خياله، لا ندري من هو وما هو. عندما ينعت الشعب رئيسه بالجبن يزيد عمق الهوة بين الاثنين. والرئيس يتجنب الالتصاق الجماهيري، والشعب يريد غضبه وحنقه. والرئيس لا يكف عن إرسال رسائل القلق وعدم الطمأنة إلى الشعب. يحاول جاهدا أن يملأ الفراغ فيزيد الطين بلة. يرسل النور إلى غزة ويظلم مصر، ويضج الشعب بالشكوى. ويخلق قطع الكهرباء مآس جديدة في حياة أناس أنهكهم طول المعاناة. فيطلب من الشعب الامتناع عن استهلاك الكهرباء، متجاهلا أنات المرضى في المستشفيات، ومتعاميا عن خسائر الناس من جراء هذا الإظلام. ويطل عليهم بتصريحات في غاية العبثية متحدثا عن حل أزمة الطاقة في غزة وأمنياته بإرسال وجبات ساخنة لأهلها. ويحار المصريون في أمر رئيسهم الذي يبدو ضئيلا متواضعا بجانب هنية الذي يتقدمه في القصر الرئاسي ويتقدمه كذلك تنظيميا في الجماعة. الناس لا يفهمون هذه الضبابية التي تمزج غزة بمصر في عقل الرئيس وتصريحاته وأحاديثه. ثم يصدمهم واقع الضربة الغادرة القادمة من غزة. فيكيلون اللكمات لغزة ولوزارتها المقالة ولفلسطين كلها. ويكتشفون واقعا مريرا، أن أولادهم يرسلوا إلى الحدود كي يلقوا حتفهم. يرمون بهم في صحراء فسيحة بلا واق من هجير الحر أو من جحيم الموت. يلقون بهم إلى مذلة العسكرية التي لا تبني جنديا، بل تخلق مرماطونا، دمه رخيص عند من يلقون به في الفيافي، كي يغدر به ساعة إفطار، بعد يوم كان، ولا شك، طويلا، انتهى بـ"أخدونا على خوانة". عبارة استعدت جرحا وطنيا لا زال محفورا في ذاكرة الكثيرين، جرح النكسة. ولأن الشعب لم يخرج من أزمة هزيمته بعد، بل هو يجددها ويعيد تدوير طغاته، فقد فتح حادث رفح الجرح على مصراعية ونكأ كل الآلام.
وبعد أن خذلنا أهالي كل شهدائنا، أضفنا إليهم المزيد أمس كي نزيد في خذلانهم. بعد أن أذلتهم قوات أمننا أثناء ما سمي بمحاكمة المخلوع، وبعد أن تحملوا بذاءات يتامى المخلوع، عادوا مرة أخرى كي يتحملوا صورة ابتسامة مرسي وقنديل العريضة في أيام الحداد الرسمية. عادوا يتحملون صفعات اللامبالاة ورخاوة الدولة المثقلة بالفساد الذي أمات روحها وقتل مروءتها. إن هتافهم ضد قنديل، التابع للتابع، وضد بكار، الصوت السلفي، وأبو الفتوح، الإخواني المطرود من جنة الإخوان، هي صرخة رفض وإنكار لما يمكن أن يكون خطيئة التيار السياسي الإسلامي في حق مصر. إن الإرهاب الذي صوب إلى صدر جنود الحدود "العزل" إلا من بضعة ملاعق وأطباق على مائدة إفطار لم يقدر لها أن تتم، يبدأ لديهم في مجالس دروسهم وبرامج تلفزيوناتهم ومدارسهم وبيوتهم. يبدأ حين يتعظم شعور الأنا، حين يقصى الآخر، حين تستباح الحرمات، ويصبح ضرب شاب وفتاة في الشارع أمرا مرضيا لله. هذا الإرهاب رآه الناس في وجوههم، فأطلقوا صرخاتهم وتضرعاتهم إلى الله علهم يضعون نهاية لألم فقد الضنا الغالي.

وانتهى المشهد المهيب الحزين الذي غاب عنه الرئيس. الرئيس الذي لا يستوعب طبيعة منصبه، لأنه مبرمج على أداء مهامه في الجماعة وكفى. دوره هو احتلال منصب الرئيس كيلا يشغله آخر. ومرسي ليس رئيسا حقيقيا، بل هو عضو في جماعة الإخوان التي تمد أيديها وأرجلها إلى كل مفاتيح التحكم في مصر، لا لكي تحكمها، وإنما لكي تمتطيها وصولا إلى الخلافة الإخوانية.



#نادية_الشربيني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أبو إسماعيل نموذجا للسلفية السياسية
- لماذا يتمسك الإخوان والسلفيون بكتابة الدستور منفردين؟
- دستور وصاحبه غائب
- مرحبا بكم في دولة الإخوان الفاشية
- القاهرة وواشنطن متلبستان بالجرم المشهود
- جحافل الظلام تغزو التحرير
- الدم المصري
- الدولة الجلاد
- من يقطع أوصال الوطن؟
- طرائف رمضانية
- الثورة القادمة لن تأتي من التحرير


المزيد.....




- أثار مخاوف من استخدامه -سلاح حرب-.. كلب آلي ينفث اللهب حوالي ...
- كاميرا CNN داخل قاعات مخبّأة منذ فترة طويلة في -القصر الكبير ...
- جهاز التلقين وما قرأه بايدن خلال خطاب يثير تفاعلا
- الأثر الليبي في نشيد مشاة البحرية الأمريكية!
- الفاشر، مدينة محاصرة وتحذيرات من كارثة وشيكة
- احتجاجات حرب غزة: ماذا تعني الانتفاضة؟
- شاهد: دمار في إحدى محطات الطاقة الأوكرانية بسبب القصف الروسي ...
- نفوق 26 حوتا على الساحل الغربي لأستراليا
- تركيا .. ثاني أكبر جيش في الناتو ولا يمكن التنبؤ بها
- الجيش الأمريكي يختبر مسيّرة على هيئة طائرة تزود برشاشات سريع ...


المزيد.....

- كراسات التحالف الشعبي الاشتراكي (11) التعليم بين مطرقة التسل ... / حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
- ثورات منسية.. الصورة الأخرى لتاريخ السودان / سيد صديق
- تساؤلات حول فلسفة العلم و دوره في ثورة الوعي - السودان أنموذ ... / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- المثقف العضوي و الثورة / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- الناصرية فى الثورة المضادة / عادل العمري
- العوامل المباشرة لهزيمة مصر في 1967 / عادل العمري
- المراكز التجارية، الثقافة الاستهلاكية وإعادة صياغة الفضاء ال ... / منى أباظة
- لماذا لم تسقط بعد؟ مراجعة لدروس الثورة السودانية / مزن النّيل
- عن أصول الوضع الراهن وآفاق الحراك الثوري في مصر / مجموعة النداء بالتغيير
- قرار رفع أسعار الكهرباء في مصر ( 2 ) ابحث عن الديون وشروط ال ... / إلهامي الميرغني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - نادية الشربيني - وغاب الرئيس