أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - نادية الشربيني - من يقطع أوصال الوطن؟














المزيد.....

من يقطع أوصال الوطن؟


نادية الشربيني

الحوار المتمدن-العدد: 3514 - 2011 / 10 / 12 - 21:05
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان
    


بعد أن فعل المجلس أفاعيله الدستورية التشريعية لقطع طريق البناء الديمقراطي على مصر، إذا به يتناول موضوع الفرقة الدينية بجدية أكثر، فبعد حوادث متفرقة ظهرت بعد الثورة وبدت في البداية كبثور على وجه الثورة الناصع البياض التي أتت كدليل على أننا شعب متحضر متجانس نعرف كيف نتعايش رغم اختلافاتنا، وقد أبهرنا أنفسنا قبل الآخرين بتحفة ميدان التحرير الحضارية، صدمنا بوقوع مذبحة مدبرة بخسة ضد المتظاهرين العزل الذين خرجوا في مسيرة سلمية مطالبين بدولة القانون والمساواة. المجلس العسكري، الذي لا يسميه الكثيرون اليوم وقد عادوا إلى وجلهم وهلعهم من صاحب السلطان، هو المسؤول الأول والرئيسي عن مذبحة ماسبيرو، التي تصنف دوليا كجريمة ضد الإنسانية. لقد حاول الكثيرون طمأنة أنفسهم أن الأمور لم تصل إلى هذا الحد بعد، وأخذوا يلوذون بتشريعات تحقق المساواة مثل قانون دور العبادة الموحد، وعقوبات رادعة ضد الأداء الحكومي الهزلي مثل المطالبة برأس محافظ أسوان، والحمل بعنف على التلفزيون الرسمي الذي بعد عهر الثمانية عشر يوما للثورة، عاود ممارسة العهر الإعلامي، لكن بطريقة فاضحة خالعا كل برقع للحياء يمكن أن يستعمل لتغطية سوئاته، وذلك بعد أن تعسكر على يد اللواء هيكل الذي أدخلنا ظلمات الدول القمعية باقتدار. كل هذه المحاولات المستميتة للخروج من مأزق الدولة الواقفة على مفترق طرق، ما هي إلا التفاف ودوران حول حلقة مفرغة. فمحافظ أسوان ما هو إلا نتاج لعسكرة الحياة المدنية منذ انقلاب يوليو وما هو أيضا إلا نتاج لسياسات كرست في عهد المخلوع تقضي بمنح المناصب العليا في الدولة بكوتا مخصصة للجيش والداخلية ورؤوساء الجامعات وما إلى ذلك. لا يمكنني أن ألوم المحافظ المنفلت لسانيا دون أن ألوم من ولاه على المحافظة، حتى المتطرفين المعتدين على كنيسة المريناب الأسوانية ليسوا هم الطرف الرئيسي في هذه المأساة، رغم الجرم الذي ارتكبوه. فمنذ إنهاء حكم المخلوع على يد الشعب المصري الشجاع، عمل المجلس العسكري بهمة مع الداخلية لنشر الترويع بالبلطجة في جميع أنحاء البلاد، ويتم تنفيذ هذه الخطة بشكل متواز مع فتح الأبواب الخلفية لكل فاسد ومرتش ولص من النظام البائد كي يعيد ترتيب أوراقه للظهور على المسرح، بطريقة يتم فيها السيطرة على الشعب من ناحيتين: الأمن ولقمة العيش، والتحضير لطبقة حاكمة قديمة-جديدة تسمح بأمرين هي الأخرى: مساعدة الصف الأول من رجال المخلوع في الإفلات من العقاب، أو نيل عقاب شكلي طفيف، والحفاظ على الثروات التي نهبوها طوال ثلاثين عاما، وتمكين طبقة حاكمة جديدة تضخ الدماء في شرايين الفساد التي هددتها ثورة يناير بالانسداد.
وعلى خطى المخلوع وجهاز أمن دولته البائدة، قام صانعو القرار بإمساك مصر من يدها التي تؤلمها: الدين. ولأن خيوط اللعبة ما زالت في يد مخابرات سليمان وأمن دولة العادلي، كان من السهل توجيه السهام إلى قلب الوطن من باب "عايز اختي" أو "كنسية مبنية بدون ترخيص". ورغم رداءة الطرح وسخافة التفاصيل التي سئمنا سماعها ومشاهدة أبطالها، إلا أن هناك من يدفع حياته كلها ثمنا لهذا السيناريو المريض الرديء مع شديد الأسف. ولا يجب أن ننسى أن الجيش قد توجه، بعد الثورة بقليل، لهدم أحد الأديرة في الصحراء، ورغم عدم وقوع ضحايا، إلا أن السقوط في بئر مواجهة المدنيين العزل كان صادما للشعب الذي كان يعيش نشوة انتصار ثورته وتأييد الجيش المزعوم لها.
واليوم سقط الجيش سقطة أخرى وعبر الخط الفاصل بين الجيش الوطني وجيش الحاكم أو جيش المرتزقة. في ماسبيرو تم تلويث الجيش المصري عندما وجه نيرانه إلى صدور المصريين ودهست مدرعته أجسادهم. نفس مشهد مدرعة الأمن المركزي أثناء الثورة وهي تدهس المتظاهرين. مشهد يراد به تمزيق أوصال الوطن إلى فرق وشيع متناحرة. مشهد مقصود ومدبر تماما مثل النواح على "المدرعة المحروقة"، الورقة "المحروقة" التي يلاعب بها قادة الجيش الشعب المصري، بحثا عن تعاطف يجعل من حرق مدرعة فعلا مساويا في المقدار لدهس وقتل وإصابة آلاف المتظاهرين العزل. إن حادثة دنشواي، التي نعلمها لأولادنا في المدارس دليلا على وحشية وظلم المستعمر، تظهر بجوار مذبحة ماسبيرو على أنها فعل حضاري! باختصار إن لم نقر، أن حياة الإنسان أغلى من قيمة مدرعة قادها همجي أعمى القلب والبصيرة على أجساد بني وطنه، فإننا، بصراحة، لا نستحق هذا الوطن.
أما عن مهزلة الجيش الذي طلب حماية المسلمين من هجوم المسيحيين، فهي، وإن كانت نوعا من اللامعقوليزم، إلا أنها تكشف حجم المأساة التي نحن بصددها. ربما يمضي هذا في نفس سياق الهراء الإعلامي الرسمي، فمنذ "تامر بتاع غمرة" مرورا بوجبات كنتاكي وهذيان فناني القائمة السوداء، عرفنا أن التلفزيون الرسمي قد سقط في بئر الخطيئة التي لا تغتفر، أما استعداء الشعب على الشعب، فهذا هو التجديد الذي قدمه لنا تلفزيون الدولة المؤتمر بأوامر جوبلز مصر. فالجيش هو مرتكب الجرم. وعندما أذكر الجيش أعني المسؤولية المباشرة الواقعة أولا على كاهل المجلس العسكري الحاكم بجميع أعضائه وعلى الرتب الأدنى المشتركة في عملية فض المظاهرة، وأعني بها كذلك المسؤولية التضامنية لكل من ظل صامتا على هذه الجريمة التي لم أسمع بمثلها من قبل وقد أكون جاهلة بتاريخ جيشي.
لقد أساوا اختيار المكان والزمان. فقد احتفلنا بنصر أكتوبر من أيام وكنا نستعيد أمجادنا العسكرية، فأبوا إلا أن يلطخوا التاريخ كله لأنهم لم يكونوا يوما أبطالا ولا حماة للوطن، أولئك الذين استباحوا أرواح أبناء الوطن.



#نادية_الشربيني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- طرائف رمضانية
- الثورة القادمة لن تأتي من التحرير


المزيد.....




- تمساح ضخم يقتحم قاعدة قوات جوية وينام تحت طائرة.. شاهد ما حد ...
- وزير خارجية إيران -قلق- من تعامل الشرطة الأمريكية مع المحتجي ...
- -رخصة ذهبية وميناء ومنطقة حرة-.. قرارات حكومية لتسهيل مشروع ...
- هل تحمي الملاجئ في إسرائيل من إصابات الصواريخ؟
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- البرلمان اللبناني يؤجل الانتخابات البلدية على وقع التصعيد جن ...
- بوتين: الناتج الإجمالي الروسي يسجّل معدلات جيدة
- صحة غزة تحذر من توقف مولدات الكهرباء بالمستشفيات
- عبد اللهيان يوجه رسالة إلى البيت الأبيض ويرفقها بفيديو للشرط ...
- 8 عادات سيئة عليك التخلص منها لإبطاء الشيخوخة


المزيد.....

- كراسات التحالف الشعبي الاشتراكي (11) التعليم بين مطرقة التسل ... / حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
- ثورات منسية.. الصورة الأخرى لتاريخ السودان / سيد صديق
- تساؤلات حول فلسفة العلم و دوره في ثورة الوعي - السودان أنموذ ... / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- المثقف العضوي و الثورة / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- الناصرية فى الثورة المضادة / عادل العمري
- العوامل المباشرة لهزيمة مصر في 1967 / عادل العمري
- المراكز التجارية، الثقافة الاستهلاكية وإعادة صياغة الفضاء ال ... / منى أباظة
- لماذا لم تسقط بعد؟ مراجعة لدروس الثورة السودانية / مزن النّيل
- عن أصول الوضع الراهن وآفاق الحراك الثوري في مصر / مجموعة النداء بالتغيير
- قرار رفع أسعار الكهرباء في مصر ( 2 ) ابحث عن الديون وشروط ال ... / إلهامي الميرغني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - نادية الشربيني - من يقطع أوصال الوطن؟