أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - سامر أبوالقاسم - الكرامة مفهوم إنساني














المزيد.....

الكرامة مفهوم إنساني


سامر أبوالقاسم

الحوار المتمدن-العدد: 3812 - 2012 / 8 / 7 - 17:45
المحور: حقوق الانسان
    


عادة ما يقترن مفهوم الكرامة لدى العديد من المتأسلمين في أن الإسلام جاء ليرفع من كرامة الإنسان، فكرم الله الإنسان منذ الخلق بالعقل وكفل له الرزق والطيبات، وحقق له الأفضلية على كثير من المخلوقات، ويستشهد على هذا بالآية: (وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آَدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا).

والحال أن مفهوم الكرامة غير مرتبط لا بخلق ولا بنشأة، لا بحق إلهي ولا برعاية إلهية، بل الإشكال كامن في مدى توفق الكتل البشرية التي يجمعها عيش مشترك في مدار إقليمي ما من هذه الكرة الأرضية في أن تضمن لكافة أفرادها وجماعاتها كرامتهم الإنسانية، عبر التوفق في إقامة أسس ومقومات عيش مشترك مبني على الحرية والمساواة والتضامن والتسامح، دون أن يحس أي أحد من هذه الكتلة البشرية بالظلم والغبن، أو أن يشعر بفقدان كرامته جراء غياب العدالة الاجتماعية وليس العدالة الإلهية.

فالقضية إذا، سواء من حيث المبدأ أو من الناحية العملية، لا علاقة لها بالاعتقاد في وجود الله أو عدم وجوده، ولا صلة لها بقوة الإيمان أو ضعفه، ولا ارتباط لها بالإكثار من أعمال الجوارح أو التقليل منها أو إهمالها حتى، كما أن القضية لا علاقة لها بشهادة أو صلاة أو صيام أو زكاة أو حج، ولا بتصديق قلبي أو إقرار لساني أو عمل بالجوارح، إنما القضية على علاقة وطيدة بطرق وكيفيات تدبير وتسيير عيشنا المشترك، دون المساس بكرامة أي كان، ودون إقامة جواسيس وشرطة أخلاق على الناس، أو محاولة الانتصاب في موقع الوصاية على الدولة والمجتمع.

وعلى هذا الأساس، فمشكلتنا اليوم في الاتفاق على إعطاء مفهوم لهذا الاصطلاح، لا تكمن في مدى ما وصلت إليه البشرية من درجات السمو في ربط علاقتها بالإله، كل من موقع اعتقاده طبعا، بل هي على صلة وثيقة بمدى ما وصلنا إليه من مستويات الارتقاء في سلم جودة تدبير وتسيير أمور علاقاتنا. وهنا مربط الفرس.

فالمسلمون اليوم، لا هم وجدوا أجدادهم وآباءهم قد طوروا وقدموا طرق وأساليب عيشهم المشترك، حيث ظلوا غارقين في العديد من المشاكل المرتبطة بطبيعة ميلهم إلى البداوة والنفور من التمدن، واتجاههم نحو العِرْق والقبيلة والشرف والهروب من كل أشكال التعامل المبنية على الحرية والمساواة. ولا هم عقدوا العزم على الاستفادة من التراكمات الإيجابية التي حققتها الشعوب والأمم والحضارات الأخرى في إطار الدورات التاريخية للرغبة في تحسين عيش البشرية.

المدافعون من المسلمين اليوم على نظرية الحق الإلهي أو نظرية العناية الإلهية، ينسون أو يتناسون كلية أن الدين الإسلامي لم يضع نهائيا مقومات وأسس التخلص من نظام الرق والعبودية، وعمل على التعايش مع أسلوب استعباد الإنسان لأخيه الإنسان، وإلا لكان نظام الرق قد انتهى مع مجيء الإسلام.

وهو ما أدى في نهاية المطاف إلى ترسيخ اعتقاد جازم لدى عدد كبير من المسلمين بأن الإسلام لا يقر بالمساواة، خاصة وأنهم يلتفون على الموضوع حين يستشهدون بالآية: (إن أكرمكم عند الله أتقاكم)، ليغضوا الطرف على الفوارق الاجتماعية الحاصلة، وليخفوا كل أشكال التفاضلات التي كانت موجودة آنذاك، والتي كانت تلعب أدوارا كبيرة في شقاء الإنسان، وهي التي قد تكون مفسرة للعديد من التغيرات والتحولات والثورات التي جرت على مر التاريخ.

لقد ساهم هذا كله في جعل عدد كبير من المسلمين مؤيدين للاسترقاق ومحبذين له، فليس الناس في اعتقادهم سواسية في الحقوق والواجبات، بل هم متمايزون، (فالعبد وما مَلَكَ هو مِلْكٌ لسيده) وينبغي في نظرهم أن يكون في البلد أحرار وعبيد، وهؤلاء العبيد غير جديرين بالمساهمة في إدارة الحكم، وفي انتخاب من يلي الأمر؛ لأنهم بطبيعتهم كالحيوانات، مهمتهم خدمة الأحرار يزرعون ويحصدون، ويعملون لمن يَمْلِكُونهم، وليس لهم أي حق من حقوق المواطنة.

فلو أن الإسلام حرم الرق بقرار حاسم وحكم شرعي قطعي الثبوت والدلالة، لاهتزت كل الأطروحات المعادية لثقافة حقوق الإنسان ومنظومتها القيمية، بل ولانهار بناء كافة التحليلات والتأويلات المحافظة عبر التاريخ، ولكنا اليوم في حل من هذا الثقل الثقافي والحضاري المتخلف، فجملة التعاليم التي بين أيدينا من القرآن والسنة تشهد بأن الإسلام لم يمنع الرق، ولم يعدم مصارفه كي يجعلها تجف بمنظور إنساني يضع الكرامة الإنسانية في صلب أي رأي أو موقف أو حكم شرعي.



#سامر_أبوالقاسم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أسباب ومظاهر قصور المنظومة التربوية حسب تقرير الخمسينية
- الكرامة ليست شعارا ولا مطية ولا قضية للمزايدة
- المزيد من إضعاف المدرسة العمومية
- المغاربة وتحدي الحد من إضعاف المدرسة العمومية
- الحرية وأكذوبة التمييع
- المؤسسات التمثيلية وإشكال الديمقراطية
- ضرورة ارتباط الزواج بسن الرشد أو سن الترشيد
- اختلال التوازن وفقدان الثقة وقود تجدر حكومة الإسلاميين
- المرأة وفقدان مقوم تقدير الذات واحترامها (الطفلة أمينة نموذج ...
- توظيف المقدس الديني من موقع قيادة العمل الحكومي
- هل يقبل حزب العدالة والتنمية الاحتكام للقواعد الديمقراطية؟
- هل لحزب العدالة والتنمية رغبة في بناء مغرب ديمقراطي متنوع وم ...
- واجهة التعاطف الإنساني مع مسلك النبل في الأداء السياسي
- حزب التقدم والاشتراكية والسلوكات الانتهازية واللاديمقراطية
- منظور حزب الأصالة والمعاصرة للتغيير
- دسائس حزب التقدم والاشتراكية ما عادت تنطلي على مكونات المشهد ...
- العدالة والتنمية ومعاداة كل الأحزاب السياسية
- شرط التواجد السياسي وتنامي الاهتمام بالبعد الإنساني
- عن حزب العدالة والتنمية والابتزاز والتعنيف السياسي وأشياء أخ ...
- العدالة والتنمية في رئاسة الحكومة المقبلة؟؟؟


المزيد.....




- الأمم المتحدة: لم يبق شيء تقريبا لتوزيعه في غزة
- المغرب.. هيئات تطالب بإلغاء عقوبة الإعدام بعد 30 عاما من وقف ...
- الأمم المتحدة تعرب عن الفزع من تصاعد العنف في الفاشر بالسودا ...
- برنامج الأغذية العالمي: توسيع العملية العسكرية في رفح سيكون ...
- نشطاء حقوق الإنسان يطالبون وزارة العدل الأمريكية بإسقاط الته ...
- قبرص: 8 دول أوروبية تؤيد خطة لإعادة اللاجئين السوريين
- ثماني دول بالاتحاد الأوروبي تدعم إعادة اللاجئين السوريين
- قبرص تقود تحركا أوروبيا لإعادة اللاجئين السوريين لبلادهم
- الأمم المتحدة تحيي ذكرى النكبة الفلسطينية للعام الثاني على ا ...
- قبرص ضمن 8 دول أوروبية تدعم خطة لإعادة اللاجئين السوريين


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - سامر أبوالقاسم - الكرامة مفهوم إنساني