أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - علي الأسدي - الحرب العالمية الثانية ... درس لا ينبغي أن ينسى ...(2)...؛؛















المزيد.....

الحرب العالمية الثانية ... درس لا ينبغي أن ينسى ...(2)...؛؛


علي الأسدي

الحوار المتمدن-العدد: 3793 - 2012 / 7 / 19 - 19:44
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    


وفي قاعة الاجتماع بالكريملن بموسكو المطلة على النهر التقى ونستون جرجيل ستالين لأول مرة وجها لوجه ، وقد تحدثا في جو من الصراحة ، وبحسب تعبير جرجيل كانت لقاءاته مع ستالين تعبيرا عن رغبة ونوايا حسنة. كان الروس قد حثوا حلفائهم الغربيين على ضرورة فتح جبهة ثانية ضد الألمان في الغرب لتخفيف الضغط عن روسيا التي تحتدم قواتها مع الجيوش النازية بمعارك ضارية في عدة مناطق داخل روسيا. خلال ذلك الاجتماع لم يسمع الروس ما كانوا ينتظرونه ، فما جاء جرجيل من أجله هو أخبارا سيئة ردا على المقترح الروسي بفتح الجبهة الغربية وجاء فيه : " ان أية محاولة من هذا النوع ستكون محدودة ولن تخدم روسيا كثيرا".
وفي اجتماعه الثاني وجها لوجه مع ستالين يروي جرجيل ، انه في محادثاته معه كنت اصغي لما يقول بعناية ، وفي أثناء ذلك كان ينفث دخان غليونه باسترخاء تام وعيناه نصف مغمضتان. خلال ذلك كان يعيره ويعنفه ، ولا علم لجرجيل بالأسباب التي تدعو ستالين للتعبير عن غضبه واستيائه منه. لكن لستالين اسبابه للغضب على جرجيل ، فعبر جواسيسه في لندن من أمثال كيم فلبي وأنتوني بلث كان الكرملين محاطا علما مقدما بسياسات ومواقف البريطانيين وما كانوا يحاولون تحقيقه خلالها. فقد كان ستالين قادرا على لعب دوره بدقة متناهية منذ البداية وحتى النهاية وفي كل تهكمه وتعنيفه لجرجيل.
ترك جرجيل الاجتماع غاضبا ، وفي جلساته الخاصة مع مساعديه كان يتفجر غضبا كفقاعة حول السوفييت ، متذكرا كيف يتعامل معه قائدهم الذي قبل ثمانية عشر شهرا تواطء مع هتلر لاغتصاب أوربا. في ذلك المساء اقيمت حفلة شراب حضرها الزعيمان ، وقد استهلكوا من الكحول كميات كبيرة بنفس الوقت الذي كانت تناقش فيه مختلف المواضيع ، وعند الحديث عنها يكون الكحول قد تبخر ويصبح كالماء ، وجميع الرؤوس تكون عندها صافية بما فيها رأس ستالين. وفي ساعة متأخرة من مساء ذلك اليوم دعى ستالين جرجيل الى مقره الخاص للراحة والاسترخاء وللحديث بين رجل ورجل. بعد عدة ساعات من المناقشات خرج جرجيل بشعور بانه قادر دائما على كسب المحادثات بفضل قوة شخصيته التي تكسب الطرف الآخر الى جانبه ، وكان واثقا بانه حقق نجاحا. ترك جرجيل موسكو في اليوم التالي وكله شعور بكونه حقق أكثر ما يمكن تحقيقه في ظل الظروف البائسة ، وقد قدم نفسه كحائز على أعلى جائزة في ظروف حرجة ولم يتراجع او يجفل عندما كان مضيفه يوجه له الصفعات.
لقد كتب عنه أحد مساعديه ، قائلا: " لا أحد غير رئيس الوزراء كان قادرا أن يذهب هذا البعد مع ستالين ". كان كل شيئ مشوشا في تلك الفترة ، وشعور جرجيل بقوة شخصيته للتأثير فيما سيحدث ، فيه بعض الصحة في مناسبات معينة مع الرئيس فرانكلن روسفلت ، لكنه لم يستطع ذلك مع ستالين مطلقا. كان جرجيل يردد دائما مع نفسه وأمام مساعديه " لقد كانت لي محادثات جميلة مع الدب الهرم ." وفي رسائله الى زوجته كليمنتين كان يقول : " بعد كل لقاء وجها لوجه مع ستالين في موسكو يزداد اعجابي به." وكتب أيضا " يزداد اعجابي به كلما ازدادت مقابلاتي له ، انهم يحترموننا هنا ، وانا متأكد بانهم يرغبون العمل معنا." لكن لو أظهر ستالين عدم المرونة فان المشاعر الدافئة ستتغير.
الظروف العسكرية قد تغيرت في عام 1944، فالجيش الألماني يتراجع في كلا الجبهتين الشرقية والغربية ، وستالين يعزز نفوذه في الشرق ، فالجيش الأحمر فرض هيمنته على رومانيا وهنغاريا وبلغاريا ، وهو في طريقه للدخول الى ألمانيا عبر بولندا. لم يأخذ بالتعهدات التي اعطاها بعدم الدخول الى هذه الدول بالحسبان ، وكل ما أراده ستالين قد حصل عليه ، ولم يكن جرجيل قادرا على عمل أي شيئ. كان يمكن لستالين حينها أن يقول من مقر عمله كما كان يقول دائما ، هل قمنا بـ ( f…ed ..England )
الانتصار في المعارك سجل اعادة تشكيل العالم ، أما جرجيل فقد حقق نجاحا واحدا ، حيث تمكن من اقناع ستالين بترك اليونان خارج نظره ، لكن اخفاقه الواضح كان بولندا. فبريطانيا دخلت الحرب بسبب بولندا عام 1939 عندما غزاها هتلر. وخلال الحرب كانت لبولندا حكومة بولندية مؤقتة في المنفى مقرها في بريطانيا ، وتحت تصرفها ربع مليون عسكري وعددا كبيرا من الطيارين حاربوا الى جانب الحلفاء ، وكان جرجيل قد تعهد بأن تحكم بولندا من قبل حلفائه في وارسو. كان ذلك خيبة أمل لأولئك الذين أعلنت الحرب على هتلر من أجلهم. لقد بدا بالنسبة لجرجيل كارثة يصعب احتمالها من قبل البولنديين الذين حاربوا الى جانبه عندما اعلن الحرب على ألمانيا ، وهذا ما حصل.
في أكتوبر من عام 1944 كانت زيارة جرجيل لموسكوقد اقتصرت على حفلة تحدث فيها الزعيمان بحرية. وكان ستالين قد ذهب الى القاعدة حيث يقيم جرجيل وسط أمطار غزيرة تحولت الطرق بسببها الى أوحال ، وقد جرت اللقاءات بدون أية مجاملات.
ومع دخول الحرب شهورها الأخيرة كان مؤتمر يالطا في شباط 1945 الفرصة الأخيرة لجرجيل للحصول على بعض التنازلات من الدب الروسي. انها التوافقات النهائية لما بعد الحرب في أوربا التي سيتم الاتفاق عليها مرة والى الأبد ، وان رئيس الوزراء البريطاني ما يزال له الأمل بان يكون له النفوذ في الشئون الدولية. وصوله مع الرئيس الأمريكي فرانكلين روسفلت الى مقر المؤتمر على البحر الأسود كان مشئوما. فالرئيس روسفلت كان مريضا جدا حيث كان يحتاج للمساعدة ليرتقي الى سيارة الجيب ليستعرض حرس الشرف هو وجرجيل بجانبه. بعد ذلك انتقلت الوفود عبر طريق وعر أخذ منهم ستة ساعات وسط الأوحال. قال جرجيل معلقا على وعورة الطريق ، ماهذه الحفرة واصفا الطريق " بنهر الجحيم ".
ومع ستالين المحاط بحرسه الذين لا يزرعون الثقة في النفس ، وروسفلت المريض المعاق كان جرجيل يتحرك بحيوية ونشاط ، وكما وصفه صحفي أمريكي ، بأنه بدا اكثر ذكاء من روسفلت وستالين. كان جرجيل سعيدا مع نفسه ولسان حاله يقول ، ههنا يجتمع أقوى ثلاثة في العالم وحيث الأرض كلها تحت اقدامنا ، و25 مليون رجل يتحركون بناء على أوامرنا على الأرض وفي البحار.
عند بدء المؤتمر أعلن رئيس الوزراء البريطاني ملاحظة زائفة قصد بها التملق للروس طالبا رأيهم في عبور نهر الراين كما يخطط الأمريكيون والبريطانيون للعبور الى ألمانيا. ستالين من جانبه سأل روسفلت وجرجيل عما يطلبانه من الجيش الأحمر على أمل أن يبدي الزعيمان أي ملاحظة قد تغير التوزيع المخطط لعمليات الجيش الأحمر. رد جرجيل قائلا : " بأن على الجيش الأحمر أن يمضي قدما في عملياته." كان السوفييت على علم دائما بألاعيب البريطانيين ونفاقهم للتغطية على أهدافهم الأساسية التي تشكل تهديدا للمصالح السوفييتية.
كان ستالين خلال الاجتماعات ودودا جدا ، فمركزه باعتباره المستفيد الأكبر من الحرب يسمح له بذلك. فرانكلين روسفلت المريض كان يحاول أن يبعد نفسه ما يستطيع عن جرجيل ليعطي الانطباع بأنه مختلف عنه لأجل الوصول الى ستالين. ومرة وأخرى وجد البريطانيون أنفسهم معزولين. فجرجيل أبدى معارضته بأن تكون المانيا منزوعة السلاح في حين كان ستالين يلح على تجريدها منه. وقد اتفق الأمريكان وروسيا على مساعدات مقدارها 20بليون دولار يكون نصفها لروسيا. كانت بريطانيا تركز اهتمامها على المؤتمر على أمل حصولها على ضمانات تتيح لبولندا ولو جزء يسيرا من الديمقراطية في نظامها القادم. ستالين من جانبه أجبره على السكوت بطريقته الخاصة واعدا باجراء انتخابات فيها وليس شيئ غير ذلك. وبذلك أقنع جرجيل نفسه بأن اتفاقا قد حصل حول بولندا اذا مالتزم ستالين بكلمته بخصوص الديمقراطية فيها.
بعد عودته الى بريطانيا استقبل كما لو أنه بطلا. وقد ذكر صديقه المقرب لورد بيفربروك قوله لجرجيل بعد عودته قائلا : " أنت الآن بالنسبة لمواطني بلدك كأعظم رجل دولة ، وفي الوقت نفسه أعظم محارب ". لكنه في البرلمان قوبل بالشكوك لما تمخض عنه مؤتمر يالطا ، وخاصة بالنسبة لبولندا. وقال في رده على تلك الشكوك قائلا: " أنا أرفض أي افتراض بأننا ساومنا أو خضعنا للقوة أو الخوف " وقال أيضا : " سيكون للبولنديين مستقبلهم بايديهم مع شرط وحيد بانه يجب عليهم اتباع سياسة صداقة مع روسيا ، وهذا بالتأكيد مفهوم وواضح ، وأنا أعرف بأنه لا توجد حكومة تلتزم بتعهداتها أكثر من روسيا السوفييتية." كما كرر ذلك امام مجلس وزرائه بالقول : " انه واثق تمام الثقة بأن ستالين سيلتزم بكلمته للعالم وللبولنديين."



#علي_الأسدي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الحرب العالمية الثانية ... درس لا ينبغي أن ينسى....(1) ..؛؛؛
- السباق الرئاسي في الولايات المتحدة ... بين السيئ والأسوء ..( ...
- السباق الرئاسي في الولايات المتحدة ... بين السيئ والأسوء ... ...
- كيف تكون كاتبا مذموما .. في هذا الزمان النحس...؛؛
- في يوم الأب ...؛؛
- الشيوعيون اليونانيون... وآفاق التغيير بعد انتخابات الأحد الق ...
- الاغتصاب ... والزواج بالاكراه ..
- رسالة إلى أبيها..
- عندما أحببتِ غيري ..؛
- انهيار اليورو.... أم إفلاس اليونان ...أم كليهما...؟....(الأخ ...
- انهيار اليورو.... أم إفلاس اليونان ...أم كليهما...؟....(4).. ...
- انهيار اليورو.... أم إفلاس اليونان ...أم كليهما...؟....( 3). ...
- انهيار اليورو.... أم إفلاس اليونان ...أم كليهما...؟....(2).. ...
- انهيار اليورو.... أم إفلاس اليونان ...أم كليهما...؟....(1)
- الصين والغرب .... في القرن الحادي والعشرين ...( الجزء الأخير ...
- الصين والغرب .... في القرن الحادي والعشرين ...( الجزء الثاني ...
- الصين والغرب ... في القرن الحادي والعشرين .....الجزء الأول
- دروس من ثورتي أكتوبر 1917 وكومونة باريس عام 1871
- اليسار الشيوعي ... ورأسمالية الدولة والاشتراكية ....( الجزء ...
- اليسار الشيوعي .... ورأسمالية الدولة والاشتراكية ..(. الخامس ...


المزيد.....




- مصدر التهديد بحرب شاملة: سياسة إسرائيل الإجرامية وإفلاتها من ...
- م.م.ن.ص// تصريح بنشوة الفرح
- م.م.ن.ص// طبول الحرب العالمية تتصاعد، امريكا تزيد الزيت في ...
- ضد تصعيد القمع، وتضامناً مع فلسطين، دعونا نقف معاً الآن!
- التضامن مع الشعب الفلسطيني، وضد التطبيع بالمغرب
- شاهد.. مبادرة طبية لمعالجة الفقراء في جنوب غرب إيران
- بالفيديو.. اتساع نطاق التظاهرات المطالبة بوقف العدوان على غز ...
- الاحتجاجات بالجامعات الأميركية تتوسع ومنظمات تندد بانتهاكات ...
- بعد اعتقال متظاهرين داعمين للفلسطينيين.. شكوى اتحادية ضد جام ...
- كاميرا CNN تُظهر استخدام الشرطة القوة في اعتقال متظاهرين مؤي ...


المزيد.....

- مساهمة في تقييم التجربة الاشتراكية السوفياتية (حوصلة كتاب صا ... / جيلاني الهمامي
- كراسات شيوعية:الفاشية منذ النشأة إلى تأسيس النظام (الذراع ال ... / عبدالرؤوف بطيخ
- lمواجهة الشيوعيّين الحقيقيّين عالميّا الإنقلاب التحريفي و إع ... / شادي الشماوي
- حول الجوهري والثانوي في دراسة الدين / مالك ابوعليا
- بيان الأممية الشيوعية الثورية / التيار الماركسي الأممي
- بمناسبة الذكرى المئوية لوفاة ف. آي. لينين (النص كاملا) / مرتضى العبيدي
- من خيمة النزوح ، حديث حول مفهوم الأخلاق وتطوره الفلسفي والتا ... / غازي الصوراني
- لينين، الشيوعية وتحرر النساء / ماري فريدريكسن
- تحديد اضطهادي: النيوليبرالية ومطالب الضحية / تشي-تشي شي
- مقالات بوب أفاكيان 2022 – الجزء الأوّل من كتاب : مقالات بوب ... / شادي الشماوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - علي الأسدي - الحرب العالمية الثانية ... درس لا ينبغي أن ينسى ...(2)...؛؛