أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - علي الأسدي - في يوم الأب ...؛؛














المزيد.....

في يوم الأب ...؛؛


علي الأسدي

الحوار المتمدن-العدد: 3766 - 2012 / 6 / 22 - 02:23
المحور: الادب والفن
    


في يوم الأب ...؛؛
علي ألأسدي
كنتُ متهيأة للخروج كعادتي في مثل هذا اليوم من كل عام لزيارة ضريح والدها بمناسبة يوم الأب ،
ناديتها كي تستعد للخروج لنذهب سويا كما اعتدنا.
لم تُجِب.
أثار فضولي بقاءها في غرفتها حتى هذا الوقت من الصباح.
نقرتُ باب غرفتها بهدوء ثم دلفت.
كانت مستلقية في سريرها ، متكئة على يدها اليسرى ، باسطة يدها اليمنى على بطنها ، هادئة على غير عادتها.
كنتُ على وشك أن أقول ، هيا ، لقد تأخرنا ، لكني تراجعت أمام صمتها الغريب ،
بادرتها متسائِلة ، ما بكِ ياصغيرتي ..؟
تبدين شاحبة وحزينة..،
لم أرَكِ بهذا الشحوب من قبل ياحبيبتي ..،
أتشكين من ألم في معدتك ، أراك تضغطين بيدك علىيها.
ما بك لا تتكلمي ..؟
قولي شيئا ، فقد تحتاجين لزيارة الطبيب يا أبنتي ..؟
هل أتصل بالطبيب الآن..؟
ردت بصوت مكتوم :
لا يا أمي ، لا أحتاج لطبيب ، إنه مجرد ألم بسيط أستطيع تحمله وسيزول من ذاته.
أمتاكدة أنتِ مما تقولين.؟
لكنك تبدين متعبة ، وهذا يقلقني .. يا إبنتي..،
ألا تصارحين أمكِ بما تشعرين ..؟
لاذت بالصمت للحظات ، أدارت بوجهها عني ثم انكفأت على وسادتها وأجهشت بالبكاء. بكت بمرارة المفجوعين لشدة تأثرها والألم الدفين الذي يتفجر في داخلها ، لم أرَها بهذا الحال منذ فقدنا والدها وهي في الرابعة عشرة من عمرها ، عشرة أعوام مضت.
أكاد أعرِف الآن ما يبكيها ، وهو أشدُ ما كنتُ أخشاه عليها وعلينا.
لاشك مرت بحالة ضعف ، وهذه هي اللحظة التي لا خيار لي فيها غير الوقوف بجانبها لأجعل منها قوية مرة أخرى ، فمن منا نحن النساء من لم تضعف أمام رجل أحبته ..؟
جلستُ بجانبها والألم يهز كياني خوفا وأسفا عليها ، سحبتها نحوي ليستقر رأسها الدافئ على صدري ، مسحتُ وجهها المبلل بالدموع براحة يدي ، وقبلتها مرارا بصمت.
لقد خانتني الكلمات ، وعبثا حاولتُ منع نفسي من البكاء ، فاختلطت دموعها بدموعي.
لم أنبس بكلمة واحدة لدقائق ، وكذلك هي ، لكن للدموع لغتها ، فهي تشي بمعان يصعب على القلم وريشة الرسم التعبيرعنها. بعدها قلت :
إسمعيني ياحبيبتي ، ليس أسهل عليَ من العتاب في حالتك ، فأنا أعرِف هذا وكذلك أنتِ ، لم يخفف العتاب من معاناة أحد ، ولن يأتِ بأي حلول. يهمني يا ابنتي استعادتك معنوياتك لتعودي قوية واثقة بنفسك من جديد. كلنا نقع في الاخطاء ، وكلنا نمر بلحظات ضعف. أنت محظوظة يا ابنتي ، فلكِ من يقف الى جانبك ويتفهم معاناتك ، لكن كثيرات من سيئات الحظ ممن وقعن بمثل مشكلتك لن يجدن من يقف الى جانبهن. ففي مجتمع يعود القهقرى الى عصر ما قبل الحضارات لا يرى في المرأة أكثر من سلعة ينتقيها الرجل متى يشاء ، وسواء قل أو عظم ثمنها تبقى سلعة وتنتفي الحاجة اليها في أي وقت يشاء مالكها ، برغم كونها الجدة والأم والأخت والإبنة والخالة والعمة والمربية والمرضعة والطبيبة و المعلمة.
بينما كنت ابحث عن الكلمات للتخفيف عن أزمتها كانت هي هادئة طوال الوقت ، حاولت مداعبتها لاشجعها على الحديث معي ، لكنها لم تستجب ، وبصوت خافت كالهمس تمتمت قائلة:
أشكرك يا أمي ،
سامحيني على كل شيئ.
تلك كانت أخر كلماتها لي ، لقد غادرت بصمت خشية أن تلوث سمعتي ، لكنها لم تدرك حجم الوجع الذي سأواجهه بدونها.
علي ألأسدي



#علي_الأسدي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الشيوعيون اليونانيون... وآفاق التغيير بعد انتخابات الأحد الق ...
- الاغتصاب ... والزواج بالاكراه ..
- رسالة إلى أبيها..
- عندما أحببتِ غيري ..؛
- انهيار اليورو.... أم إفلاس اليونان ...أم كليهما...؟....(الأخ ...
- انهيار اليورو.... أم إفلاس اليونان ...أم كليهما...؟....(4).. ...
- انهيار اليورو.... أم إفلاس اليونان ...أم كليهما...؟....( 3). ...
- انهيار اليورو.... أم إفلاس اليونان ...أم كليهما...؟....(2).. ...
- انهيار اليورو.... أم إفلاس اليونان ...أم كليهما...؟....(1)
- الصين والغرب .... في القرن الحادي والعشرين ...( الجزء الأخير ...
- الصين والغرب .... في القرن الحادي والعشرين ...( الجزء الثاني ...
- الصين والغرب ... في القرن الحادي والعشرين .....الجزء الأول
- دروس من ثورتي أكتوبر 1917 وكومونة باريس عام 1871
- اليسار الشيوعي ... ورأسمالية الدولة والاشتراكية ....( الجزء ...
- اليسار الشيوعي .... ورأسمالية الدولة والاشتراكية ..(. الخامس ...
- اليسار الشيوعي ..... ورأسمالية الدولة والاشتراكية ..... (4)
- اليسار الشيوعي ... ورأسمالية الدولة والاشتراكية .....(3)
- اليسار الشيوعي .... ورأسمالية الدولة والاشتراكية .....(2)
- اليسار الشيوعي .. ورأسمالية الدولة والاشتراكية .. (1)..
- مهمة الرئيس جلال الطلباني .. و بيضة القبان .. ؛؛


المزيد.....




- فنانة مصرية شهيرة: سعاد حسني لم تنتحر (فيديو)
- وفاة المخرج ميشائيل فيرهوفن وساسة ألمانيا يشيدون بأعماله الف ...
- -الماتريكس 5-.. حكاية المصفوفة التي قلبت موازين سينما الخيال ...
- -باهبل مكة-.. سيرة مكة روائيا في حكايات عائلة السردار
- فنان خليجي شهير يتعرض لجلطة في الدماغ
- مقدّمة في فلسفة البلاغة عند العرب
- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - علي الأسدي - في يوم الأب ...؛؛